-A +A
ياسر سلامة
ما أجمل فرحة أهل حي بحديقة جديدة بين بيوتهم يجتمعون فيها وتأوي إليها العوائل والأطفال في العصاري بفرحة وبهجة على دلة قهوة أو (براد) شاي، هذه الفرحة التي عاشها أهالي العديد من أحياء جدة في الشهور أو السنوات القليلة الماضية مع الاهتمام بالكثير من الأراضي البيضاء وسط الأحياء المعدة تنظيميا لتكون حدائق، وقد كان ما انتظره الناس سنوات طويلة بترصيف وإنارة وتشجير بعض هذه الأراضي التي أضافت جوا وروحا كانت تفتقدهما أحياؤنا، هذه الفرحة لأهالي الأحياء ــ للأسف ــ مهددة بإهمال الكثير من الحدائق التي لم يمض على إنشائها وتجهيزها سوى سنوات قليلة، فعندما يموت الزرع ويتحول العشب الأخضر الحي إلى لون أصفر باهت وورق ناشف ميت وتتكاثر معه الأوساخ في بعض هذه الحدائق لا شك حينها سيفقد الناس الفرحة والبهجة والمتنفس الذي انتظروه سنوات طويلة.
لا أعلم سببا واحدا مقنعا يجعل حديقة في شارع ما في رغد و(مدد) بالاهتمام بأنجيلتها وأشجارها وأرصفتها وإنارتها وألعابها ولسنوات طويلة، وكأن الزمن لا يمر عليها، بينما حديقة في شارع آخر تهمل وتترك ليعبث بها الناس والأيام والسنوات (القليلة)، لا أعلم لذلك سببا وجيها ومقنعا؛ لأن المدير والمراقب واحد، والزارع والراعي أيضا واحد، إذن أين المشكلة؟ وهل في السؤال عن لماذا حدائق في شوارع تظل في كامل (الأوبهة) ولعشرات السنين، وحدائق في شوارع أخرى تندثر وتصاب بجميع أعراض عوامل التعرية، وفي سنوات عددها أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، هل في هذا السؤال تجن أو تجاوز، ولا سيما والأمثلة كثيرة يوثقها وبالصور الأهالي لطرحها إعلاميا، هذه الصور لحدائق في أحياء شمال غرب جدة كالنعيم والنهضة والزهراء كلفت الدولة الكثير لإنشائها وتجهيزها وإهمالها بقصد أو بغير قصد، ومن ثم إعادة تأهيلها سيكلف أضعاف تكلفة إنشائها، لأن الزمن غير الزمن، والشركات غير، والعمالة اليوم مع التنظيمات الجديدة أصبحت عملة نادرة وأغلى، والمقاول كعادته مصر على هوامش الربح التي تعود عليه... وإلى آخره من الاستنزاف الذي من الممكن الاستغناء عنه باهتمام الناس اولا بهذه الحدائق واهتمام ومتابعة الجهات المختصة.