-A +A
منصور الطبيقي
كنت أتجاذب مع صديق لي أطراف الحديث حول ما يجري في سوريا الجريحة. وتطرقنا لبعض الأحلام التي شاهدها النائمون وفسرها المفسرون قبل سنتين بقرب رحيل النظام الظالم في دمشق، وبعضهم حينها قال بسقوط دمشق بين أيدي الثوار في أشهر قليلة وحتى أسابيع، ثم بادرني صديقي بسؤالي بتعجب: هل تعلم أنه في وقت من الأوقات كان الجميع يلهج بالدعاء سرا وجهرا في المساجد أن يفرج الله على إخوتنا في سوريا ماهم فيه، أليس فينا رجل صالح قد يستجيب الله دعوته ويخلص أهلنا من هذا البلاء العظيم!؟.
قلت لصديقي هون على نفسك وأبعد عنك وساوس الشيطان، ألا تعلم أن عدم استجابة هذه الدعوات من البلاء أيضا كما أخبر ابن الجوزي يرحمه الله في كتابه صيد الخاطر، والدعاء من أعظم العبادات، وسهامه ــ خاصة ــ في جوف الليل لاتخطئ ولكن لها أمد وللأمد انقضاء.

والدعاء المستجاب له شروط كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها المطعم والمشرب والمكسب الحلال فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. كما من شروط استجابته الإخلاص والإلحاح في الدعاء والثقة بالله عز وجل واليقين بنصره ووعده لعباده المؤمنين.
فالله سبحانه وتعالى استجاب لدعاء الأنبياء والصالحين كما أخبر في كتابه الحكيم في محن عظيمة، فهذا نوح عليه السلام نجاه الله من ظلم قومه، وأيوب أكرمه الله بالشفاء بعد أن أنهكه المرض لسنوات عديدة، ويونس عليه السلام أخرجه الله من بطن الحوت وظلمات ثلاث. كان السر في إجابة هذه الدعوات هو المسارعة في الخير مرضاة لله عز وجل والإقبال إلى الله بالدعاء بخوف شديد ورغبة ورهبة وخشوع كما أخبر عز وجل في كتابه الكريم عن إجابته دعوة نبيه زكريا بأن وهبه يحيى (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين).
وإن تأخير إجابة الدعاء قد يكون لحكمة يعلمها الله عز وجل فهو الله الخبير العليم، وتمييزا للخبيث من الطيب، وصار واضحا جليا اصطفاف أهل البغي والإلحاد الذين يدعمون نظام الطاغية في سوريا بأحدث الأسلحة في فيلق خبيث مع جنود مرتزقة أوغاد ضلوا الوجهة ومواطنين سوريين أعمى قلوبهم الكره والحقد الدفين.
ومع الدعاء يجب أيضا الأخذ بالأسباب حتى بلوغ المرام، ومن أهمها في نظري هو إمداد الأبطال الأحرار بالأسلحة المتطورة الفتاكة حتى تتغير موازين القوى، ولملمة جراح أهلنا في المخيمات وتقديم كل سبل الدعم لهم، وهذه التباشير تأتي بالسماح بإمدادهم بالسلاح، ولكن كان ذلك بعد شهور طويلة وبعد ما بلغ القتلى في سوريا مائة ألف وأعداد المشردين مايقارب ثلاثة ملايين. ولو أيقنا حق اليقين بنصر الله وأخذنا جميع الأسباب لأستجيب لنا ولإخوتنا ولغيـر الله أحوالهم ونصرهم على عدوهم.
وفي الختام.. أقول لشامنا العزيـزة لا تحزني..، فدماء أبنائك المدافعين عن دينهم وأرضهم وحريتهم وكرامتهم لن تذهب هدرا، وسيهزم على أرضك جحافل الأوغاد الذين يوجهون من أعداء الدين وسيعلى في جامعك الأموي التكبير والتهليل والحمد لنصر الله الذي وعد به المتقين... اللهم يا ذا الجلال والإكرام انصر إخواننا في سوريا على عدوك وعدوهم، اللهم أذق الطغاة والمعتدين في سوريا الخزي ومرارة الهزيمة، وأصلح حال المسلمين واحفظ بلادنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ومواطنينا من كل سوء ومكروه... اللهم آمين.