تمثل الموسيقى كفن قائم أهمية بالغة تجاه النفس البشرية.. ولها تأثيراتها المختلفة، سواء كانت تلك التأثيرات إيجابية أو سلبية.. والحديث عن الموسيقى سيقودنا إلى مسارات كثيرة، لكنني سأحاول تناول البعد الجمالي والإيجابي في تأثير تلك الموسيقى على النفس كي تنطلق وتعمل وتبني وتخرج من انكساراتها.. اليوم نجد البحوث العلمية تؤكد حضور هذا التأثير على الإنسان وحتى على الكائنات الأخرى.. وجاءت لنا كتب التراث بمرويات وآراء كثيرة عن الموسيقى، وهي متعددة ومتنوعة ومتناقضة أيضا.. ونعثر كذلك على كثير من الدراسات والمؤلفات الخاصة بهذا الفن من داخل الثقافة العربية والإسلامية، فهذا الفيلسوف المسلم الشهير (أبو نصر الفارابي) كان بارعا في الموسيقى كفن وكعلم أيضا، فألف كتابه المعروف الموسيقى الكبير. وهو الذي قدم في بلاط سيف الدولة ثلاثة ألحان مختلفة، فأضحك الحاضرين ثم أبكاهم ثم تركهم نياما، فأضحكهم بجمل موسيقية قادرة على صناعة الفرح، ثم قدم أخرى أكثر حزنا فبكوا متأثرين.. ثم قدم تلك الألحان الهادئة التي تسكب كميات من النعاس والارتخاء، فمضوا إلى النوم هكذا هي قدرة الموسيقى والفن على التأثير.. وقسم الفارابي الموسيقى باعتبار غايتها إلى ثلاثة أقسام.
رحم الله العالم الفارابي الذي أدرك مبكرا دلالات الموسيقى وأبعادها على النفس البشرية.. أما الشيخ الرئيس (ابن سينا )، فيرى أن بعض النغمات يجب أن تخصص لفترات معينة من النهار والليل.. فللصبح إيقاع ولحن خاص، وللظهيرة موسيقى تناسبها، وكذلك في العصر وفي المساء.. وهكذا تجيء كل فترة زمنية لتبحث عما يناسبها.. وعندما يكون الحديث عن العلاج الروحي للنفس البشرية، فلا شيء يعدل كلام الله الفصيح البليغ القرآن الكريم، ففيه شفاء لما في الصدور، وفيه الدواء لكل هم وألم، وفيه النجاة من كل شر.. ولكن الطب حديثه وقديمه عرف العلاج بالموسيقى، فتؤكد إحدى الدراسات العلمية أن (الشخصيات العصابية بحاجة أكثر للموسيقى من الشخصيات المعتلة نفسيا، فالشخص العصابي قلق وكئيب ومضطرب وموسوس، ولذلك فهو بحاجة إلى الموسيقى كوسيلة لتخفيف قلقه والتخلص من خوفه ومسح حزنه عن طريق الدخول إلى عالم البكاء).
وتمضي الدراسة إلى القول «أما الشخصيات الأخرى، فهي تحتاج في بعض الأحيان إلى الموسيقى الهادئة جدا والكلاسيكية، لكي تستطيع التعايش مع الموسيقى الداخلية النابعة من الحوار الذاتي والتفكير الانطوائي».
إن الموسيقى حينما تكون نتاج تجربة فنية عالية المستوى وتقدم جملها الموسيقية في مستويات متعددة وتكون بعيدة عن الصخب والضجيج وترسم لوحاتها المدهشة في فضاء الروح، فإنها توقظ في النفس طاقات مخبوءة، إنها تصبح محفزة ومؤثرة وتستدعي الكائن الجمالي الذي يغيب عنا في كثير من حياتنا وفي كثير من آلامنا وأوجاعنا وحتى في صراعاتنا التي تفرض أحيانا علينا عنوة ونحن لا نبحث عنها حينها تكون الموسيقى حاجة للخروج من تلك الدوائر الضيقة، فتعيد ترتيب النفس من جديد وتخلع عنها بعض الوعثاء الذي يعتريها فتنمو الذائقة إلى الجمال بعيدا..
وسأكمل ما تبقى في المقال القادم ــ بإذن الله.
رحم الله العالم الفارابي الذي أدرك مبكرا دلالات الموسيقى وأبعادها على النفس البشرية.. أما الشيخ الرئيس (ابن سينا )، فيرى أن بعض النغمات يجب أن تخصص لفترات معينة من النهار والليل.. فللصبح إيقاع ولحن خاص، وللظهيرة موسيقى تناسبها، وكذلك في العصر وفي المساء.. وهكذا تجيء كل فترة زمنية لتبحث عما يناسبها.. وعندما يكون الحديث عن العلاج الروحي للنفس البشرية، فلا شيء يعدل كلام الله الفصيح البليغ القرآن الكريم، ففيه شفاء لما في الصدور، وفيه الدواء لكل هم وألم، وفيه النجاة من كل شر.. ولكن الطب حديثه وقديمه عرف العلاج بالموسيقى، فتؤكد إحدى الدراسات العلمية أن (الشخصيات العصابية بحاجة أكثر للموسيقى من الشخصيات المعتلة نفسيا، فالشخص العصابي قلق وكئيب ومضطرب وموسوس، ولذلك فهو بحاجة إلى الموسيقى كوسيلة لتخفيف قلقه والتخلص من خوفه ومسح حزنه عن طريق الدخول إلى عالم البكاء).
وتمضي الدراسة إلى القول «أما الشخصيات الأخرى، فهي تحتاج في بعض الأحيان إلى الموسيقى الهادئة جدا والكلاسيكية، لكي تستطيع التعايش مع الموسيقى الداخلية النابعة من الحوار الذاتي والتفكير الانطوائي».
إن الموسيقى حينما تكون نتاج تجربة فنية عالية المستوى وتقدم جملها الموسيقية في مستويات متعددة وتكون بعيدة عن الصخب والضجيج وترسم لوحاتها المدهشة في فضاء الروح، فإنها توقظ في النفس طاقات مخبوءة، إنها تصبح محفزة ومؤثرة وتستدعي الكائن الجمالي الذي يغيب عنا في كثير من حياتنا وفي كثير من آلامنا وأوجاعنا وحتى في صراعاتنا التي تفرض أحيانا علينا عنوة ونحن لا نبحث عنها حينها تكون الموسيقى حاجة للخروج من تلك الدوائر الضيقة، فتعيد ترتيب النفس من جديد وتخلع عنها بعض الوعثاء الذي يعتريها فتنمو الذائقة إلى الجمال بعيدا..
وسأكمل ما تبقى في المقال القادم ــ بإذن الله.