-A +A
خالد عباس طاشكندي
تشير البيانات الإحصائية للمرافق العامة في المملكة حتى نهاية العام 1433هـ ــ بحسب تقرير رسمي صادر عن وزارة الشؤون البلدية والقروية ــ إلى أن حدائق مدينة جدة (عروس البحر الأحمر) ومنتزهاتها الخضراء المقدرة بـ 555 حديقة ومنتزها وبمساحة تشارف على الـ 2.5 مليون متر مربع لا يوجد بها سوى 15 دورة مياه فقط، وهي «أقل» نسبة في أعداد دورات المياه في الحدائق العامة على مستوى المملكة، وهو أمر يثير الدهشة ويبعث على العديد من التساؤلات، فكيف لمدينة ندعي بأنها من أهم الواجهات السياحية في المملكة ولا تحظى بأبسط مقومات السياحة من مرافق أساسية مثل دورات المياه، وكيف نحفز المصطافين للسياحة الداخلية وزيارة الحدائق والمنتزهات الخضراء التي صرف عليها مئات الملايين من دون أن يحظوا بدورات مياه لقضاء حوائجهم؟!
وأذكر قبل ثلاثة أعوام، وتحديدا في 12 شعبان 1432هـ، انفردت الزميلة «الشرق الأوسط» في عددها رقم 11561 بنشر مطالبة أعضاء المجلس البلدي بجدة ــ آنذاك ــ بإقامة دورات مياه في الحدائق العامة التي يجري إعادة تطويرها قبل فتحها للجمهور، وجاءت تلك المطالبة خلال اجتماع مشترك عقدته لجنتا النقل والحدائق بالمجلس البلدي حينها، بحضور المهندس علي العاشق مدير عام محفظة المشاريع بأمانة جدة، واقترح الأعضاء ــ في ذلك الوقت ــ إقامة حمامات عامة في الحدائق الجديدة التي يجري تطويرها، مع ضرورة أن تتحول الحديقة إلى واحة خضراء جاذبة للسكان، وتصبح متنفسا للأسرة من خلال توفير أماكن الجلوس وألعاب الأطفال، وعلق ــ خلال الاجتماع ــ الدكتور بهجت حمو مدير عام الحدائق والتشجير في أمانة جدة سابقا بالرفع باقتراح في هذا الشأن لإضافة الخدمات والمرافق لجميع الحدائق الكبيرة، وشدد أيضا ــ خلال ذلك الاجتماع ــ أعضاء المجلس البلدي على ضرورة التوسع في إنشاء المسطحات الخضراء التي تعتبر المتنفس الرئيسي لمدينة جدة.

ومنذ ذلك الحين، أنشئت 105 حدائق إضافية ليبلغ إجمالي الحدائق العامة في جدة 555 حديقة، من دون الأخذ في الاعتبار بتوفير أي دورات مياه لهذه الحدائق، على الرغم من إغداق الصرف على هذه الحدائق التي كلفت الأمانة مئات الملايين من الريالات.
ويتضح مما سبق ذكره أن إنشاء الحدائق العامة في جدة يعتمد على اجتهادات شخصية، وتفتقد الاستراتيجيات المعتمدة في هذا الشأن إلى المعايير والجهات الرقابية التي من المفترض أن يوكل لها وضع هذه المعايير الأساسية.
وتصحيح المسار في هذه المسألة يتطلب إقحام هيئة السياحة والآثار لتكون جهة رقابية ومشرعة لمعايير إنشاء الحدائق والمنتزهات العامة؛ لأنها الجهة المختصة التي تدرك المتطلبات الأساسية التي يجب أن تتوفر لزوار الحدائق العامة، عدا ذلك، فإن حدائق منتزهات جدة الخضراء على وجه الخصوص مجرد منظر و«غير طبيعي».
@TrueFact76