شاع في الأعراف العامة أن يوم الوزارة بسنة، وذلك إشارة للروتين الإداري الذي يأخذ مسارات غير متوقعة في تأخير إنجاز المعاملات. إن السمة الغالبة للتأخير تعود لعدم التنظيم الجيد، وعدم تقدير مصلحة المواطن. ولذلك ضاقت صدور الناس بهذا البطء في الإنجاز الذي قد يأخذ شهورا في المحاكم، أو في مواعيد المستشفيات، أو في استحصال أمور مالية وغيرها من المعاملات التي يفضي بعضها لبعض في دوائر معقدة.
يوم الوزارة بسنة ذهب مثلا على خلفية النزعة الرعوية التي تمثلها الحكومة في مجتمعات عالمنا العربي. فالحكومة هي التي تعرف، وهي التي تدير، وهي التي تراقب، وهي التي تنجز. فالمصالح، كل المصالح بيدها. من هنا فالاحتياج إليها أصبح ضرورة إنسانية لا فكاك منها. وعليه استشعر الموظف مهما صغر شأنه أهميته في إدارة شأن المواطن. المواطن بدوره لا يجادل في هذا الاستشعار، لأنه يريد إنجاز مصلحته، وهو كذلك أسد في إدارة حكومية أخرى. لديه الاستشعار نفسه ويرجو الهيبة نفسها. أما من لم يكن له حظ في التربع في إدارة تشعره بأهميته فعليه أن يسلك مسارا آخر لتذليل عقبة التأخير وبطء الإنجاز.
ترتب على مقولة يوم الوزارة بسنة سلوكيات اجتماعية خاطئة منها الواسطة. فبسبب تأخير إنجاز المعاملات إما لضغط العمل، أو لقلة الموظفين مقابل ما يطلب منهم إنجازه، ظهر سلوك الواسطة. ولكن أمر الواسطة تطور ليصل للحصول على مميزات غير مستحقه مثل طلب أسبقية في الإنجاز، أو تمـريـر معاملة غير مستوفية الشروط، وهذا فتح باب الفساد على مصراعيه. ووصل أمر الواسطة ليبحث المواطن عمن يسهل أمره قبل أن يراجع أي إدارة حكومية، وهو تصرف استباقي قد لا يكون مبررا، لكن هيبة المقام والمعرفة المسبقة بمآلات الأمور تجعله يحتاط لنفسه.
وإذا كان أثر الواسطة يمكن تفهمه، فإن الرشوة هي القاتل الصامت الذي نشأ من رحم هذه الظواهر. فالرشوة أحيانا ابن شرعي للتأخير في الإنجاز، وخاصة عندما يكون التأخير لعدم اكتمال معاملة ما، أو لعدم سلامتها الإجرائية. فمقابل الإنجاز يتم شراء تجاوز سلامة الإجراء.
في بعض الجهات الخدمية يصطف المراجعون منذ ساعات ما قبل الفجر أمام الإدارة انتظارا لتفتح أبوابها في الساعة الثامنة صباحا. وفي مسلكيات استثنائية يوثق المراجعون أسبقية وصولهم في قوائم تحفظ حقهم في إنجاز معاملاتهم. وقد تكون القوائم المعدة من قبل المراجعين أكبر من طاقة الإدارة على الإنجاز في يوم واحد. ولأن ذلك اجتهاد صرف من المراجعين فقد لا تأخذ به الإدارة، فمن المسؤول عن إهدار وقت المراجعين؟.
ويظهر الإحساس بتمدد يوم الوزارة أكثر في تنفيذ المشاريع، فالمشروع المجدول لسنتين على سبيل المثل قد يمتد لخمس سنوات مع تبريـرات مهما كانت منطقية إلا أنها تؤكد نظرة المواطن في إشكالية الإنجاز. وفي بعض المشاريع أقدمت بعض الإدارات الخدمية على وضع عدادات إلكترونية تحسب المدة المتبقية للإنجاز. المفارقة أن هذه الإدارات خسرت الرهان واضطرت لإيقافها، ثم لإلغائها بعد ذلك. والسبب تداخل الإجراءات التي لا تسير بوتيرة واحدة. فتنفيذ جسر أو نفق يلزم مشاركة العديد من الجهات التي تحمل كل جهة أجندتها الخاصة. ولغياب التنسيق يحدث التأخير الذي يؤثر على مدة التنفيذ المعتمدة. المهم أن الـتأخير هو السمة التي تعلق في ذهن المواطن، ويحصل معها تبخر لا إرادي لفرحته عند إنجاز المشروع..
هذه السمعة الإدارية من الصعب تغيير مسلكياتها إلا بعمل جاد، وتفعيل الحكومة الإلكترونية بشكل يسهل مهمة المواطن. فيمكن إنجاز الكثير من المعاملات دون حضور المواطن، فلماذا لا بد أن يحضر، هل هناك اشتياق لرؤية طلته البهية، أم لعدم الثقة في مدخلاته الإلكترونية، هذه مسؤوليته، فكل ما يدخل من بيانات سيكون تحت هويته الوطنية. لقد نجحت البنوك وشركات الاتصالات، وشركات الطيران وغيرها من الجهات ذات السمة غير الحكومية في نقل إنجاز المعاملات للمواطن دون الاضطرار لمراجعتها شخصيا إلا في الحالات الاستثنائية. وهناك جهود ملموسة في بعض القطاعات الحكومية كالجامعات لتفعيل الخدمات الإلكترونية. في زمن ثورة الاتصالات والإنترنت، ينبغي تغيير مفهوم الحكومة من الإدارة إلى الإشراف، ونقل سلطة الموظف إلى سلطة المواطن، ويتحول دور الموظف للمصادقة على صحة البيانات، وقانونية المطلب.
يوم الوزارة بسنة ذهب مثلا على خلفية النزعة الرعوية التي تمثلها الحكومة في مجتمعات عالمنا العربي. فالحكومة هي التي تعرف، وهي التي تدير، وهي التي تراقب، وهي التي تنجز. فالمصالح، كل المصالح بيدها. من هنا فالاحتياج إليها أصبح ضرورة إنسانية لا فكاك منها. وعليه استشعر الموظف مهما صغر شأنه أهميته في إدارة شأن المواطن. المواطن بدوره لا يجادل في هذا الاستشعار، لأنه يريد إنجاز مصلحته، وهو كذلك أسد في إدارة حكومية أخرى. لديه الاستشعار نفسه ويرجو الهيبة نفسها. أما من لم يكن له حظ في التربع في إدارة تشعره بأهميته فعليه أن يسلك مسارا آخر لتذليل عقبة التأخير وبطء الإنجاز.
ترتب على مقولة يوم الوزارة بسنة سلوكيات اجتماعية خاطئة منها الواسطة. فبسبب تأخير إنجاز المعاملات إما لضغط العمل، أو لقلة الموظفين مقابل ما يطلب منهم إنجازه، ظهر سلوك الواسطة. ولكن أمر الواسطة تطور ليصل للحصول على مميزات غير مستحقه مثل طلب أسبقية في الإنجاز، أو تمـريـر معاملة غير مستوفية الشروط، وهذا فتح باب الفساد على مصراعيه. ووصل أمر الواسطة ليبحث المواطن عمن يسهل أمره قبل أن يراجع أي إدارة حكومية، وهو تصرف استباقي قد لا يكون مبررا، لكن هيبة المقام والمعرفة المسبقة بمآلات الأمور تجعله يحتاط لنفسه.
وإذا كان أثر الواسطة يمكن تفهمه، فإن الرشوة هي القاتل الصامت الذي نشأ من رحم هذه الظواهر. فالرشوة أحيانا ابن شرعي للتأخير في الإنجاز، وخاصة عندما يكون التأخير لعدم اكتمال معاملة ما، أو لعدم سلامتها الإجرائية. فمقابل الإنجاز يتم شراء تجاوز سلامة الإجراء.
في بعض الجهات الخدمية يصطف المراجعون منذ ساعات ما قبل الفجر أمام الإدارة انتظارا لتفتح أبوابها في الساعة الثامنة صباحا. وفي مسلكيات استثنائية يوثق المراجعون أسبقية وصولهم في قوائم تحفظ حقهم في إنجاز معاملاتهم. وقد تكون القوائم المعدة من قبل المراجعين أكبر من طاقة الإدارة على الإنجاز في يوم واحد. ولأن ذلك اجتهاد صرف من المراجعين فقد لا تأخذ به الإدارة، فمن المسؤول عن إهدار وقت المراجعين؟.
ويظهر الإحساس بتمدد يوم الوزارة أكثر في تنفيذ المشاريع، فالمشروع المجدول لسنتين على سبيل المثل قد يمتد لخمس سنوات مع تبريـرات مهما كانت منطقية إلا أنها تؤكد نظرة المواطن في إشكالية الإنجاز. وفي بعض المشاريع أقدمت بعض الإدارات الخدمية على وضع عدادات إلكترونية تحسب المدة المتبقية للإنجاز. المفارقة أن هذه الإدارات خسرت الرهان واضطرت لإيقافها، ثم لإلغائها بعد ذلك. والسبب تداخل الإجراءات التي لا تسير بوتيرة واحدة. فتنفيذ جسر أو نفق يلزم مشاركة العديد من الجهات التي تحمل كل جهة أجندتها الخاصة. ولغياب التنسيق يحدث التأخير الذي يؤثر على مدة التنفيذ المعتمدة. المهم أن الـتأخير هو السمة التي تعلق في ذهن المواطن، ويحصل معها تبخر لا إرادي لفرحته عند إنجاز المشروع..
هذه السمعة الإدارية من الصعب تغيير مسلكياتها إلا بعمل جاد، وتفعيل الحكومة الإلكترونية بشكل يسهل مهمة المواطن. فيمكن إنجاز الكثير من المعاملات دون حضور المواطن، فلماذا لا بد أن يحضر، هل هناك اشتياق لرؤية طلته البهية، أم لعدم الثقة في مدخلاته الإلكترونية، هذه مسؤوليته، فكل ما يدخل من بيانات سيكون تحت هويته الوطنية. لقد نجحت البنوك وشركات الاتصالات، وشركات الطيران وغيرها من الجهات ذات السمة غير الحكومية في نقل إنجاز المعاملات للمواطن دون الاضطرار لمراجعتها شخصيا إلا في الحالات الاستثنائية. وهناك جهود ملموسة في بعض القطاعات الحكومية كالجامعات لتفعيل الخدمات الإلكترونية. في زمن ثورة الاتصالات والإنترنت، ينبغي تغيير مفهوم الحكومة من الإدارة إلى الإشراف، ونقل سلطة الموظف إلى سلطة المواطن، ويتحول دور الموظف للمصادقة على صحة البيانات، وقانونية المطلب.