-A +A
عكاظ «المكاتب»

تعد ظاهرة التسول إحدى وسائل التكسب البغيضة والسهلة وغير المشروعة التي تفرز أفرادا من مختلف الفئات العمرية يمثلون عالة أو حالة غير صحية على المجتمع ويسهمون في ضعفه وهوانه وتقديم صورة سيئة له.

فمع بداية شهر الصيام، تبدأ حرب كر وفر بين فرق المكافحة والمتسولين، حرب استعادة مواقع، وجوه غاضبة سرعان ما تبتسم للطرف المحايد، هذا ما تشهده ساحات المساجد والشوارع وإشارات المرور وحتى الميادين العامة في مختلف مناطق المملكة خلال الشهر الفضيل.

وينشط المتسولون عادة وهم غالبا من الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين وأصحاب عاهات جسدية بعضها مفتعل، يلجؤون لأساليب وطرق متنوعة وملتوية مستغلين التكافل والبر والرحمة التي يحض عليها الدين الإسلامي لاستدرار عطف الناس، إن صور التسول وأشكاله تزداد في مواسم الحج والعمرة وتنتشر أكثر في المناطق التي يرتادها الزائرون للأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فضلاً عن استغلالهم أيضاً لشهر رمضان المبارك وزيادة نشاطهم، ولا يعمل هؤلاء بمفردهم ولأنفسهم، بل يجري استغلالهم من قبل أفراد وعصابات منظمة تقدم لهم التسهيلات والمأوى والحماية وتنشط أكثر في شهر رمضان من كل عام.



ورصدت مكاتب مكافحة التسول ومكاتب المتابعة الاجتماعية التابعة للشؤون الاجتماعية العام الماضي 18233 متسولا، وبلغ عدد المتسولات السعوديات 2171 والمتسولين 588 متسولا، والذكور من الأجانب والمقيمين 10821 والإناث 4653 وتصدرت الرياض أكبر نسبة في عدد الحالات المقبوض عليها على مستوى المملكة بعدد 10641متسولا ومتسولة، ومحافظة جدة ثانيا بـ 3002 حالة، وأبها ثالثا 1341.

وأوضحت لـ «عكاظ» مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية، أن مكاتب المكافحة أوجدت للتصدي لظاهرة وضبط المتسولين وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية، مشيراً إلى دراسة وبحث حالات المتسولين من المواطنين للوقوف على أسباب تسولهم وتوجيههم إلى الجهات الخدمية ذات العلاقة للاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة، وذلك على ضوء ما يسفر عنه البحث الاجتماعي من نتائج، مؤكدة أن مسؤولية الوزارة تنحصر في أوضاع المتسول السعودي، أما بالنسبة للأجانب فيتم ترحيلهم لخارج المملكة عن طريق وزارة الداخلية.

صورة سيئة

وبينت الشؤون الاجتماعية، أن التسول يعد وسيلة غير مشروعة للتكسب وتفرز أفراداً من مختلف الفئات العمرية، يكونون عالة على المجتمع ويسهمون في ضعفه وهوانه وتقديم صورة سيئة له، وتنظر المملكة بعين العطف والرحمة عند تعاملها مع ذوي الحاجات، وبما يحقق التواد والتراحم والتكافل بكافة صوره وفق ما تدعو إليه رسالة الإسلام الخالدة، والجميع يدرك في الوقت نفسه أن العقيدة الإسلامية تدعو إلى العمل والكسب المشروع وتنهى عن التسول وتربية اليد السفلى وتمقت من يمد يده دون حاجة ماسة لما تقدم.

ومع زيادة عدد ممتهني التسول سعت المملكة جاهدة للقضاء على هذه الظاهرة التي أوضحت الدراسات والمسوح الإحصائية بشكل جلي أن نسبة عالية من ممارسيها هم من الأجانب وصدرت التعليمات والإجراءات المنظمة لتحقيق هذا الهدف في عام 1393هـ عندما صدرت موافقة رئيس مجلس الوزراء المبلغة لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية برقم 3/4763/ ك في 28/2/1393هـ على المحضر المعد عن ظاهرة التسول والإجراءات التي تضمن حل هذه المشكلة التي لا يتناسب وجودها مع ما من الله به على المملكة من الرخاء والاستقرار وتوفر مجالات العمل وأنواع الرعاية المختلفة.

الأجانب أكثر

وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم هم من الأجانب، في إشارة واضحة للنسبة العالية التي يمثلها المتسولون الأجانب، إذ يستغلون التكافل والبر والرحمة التي يحض عليها الدين الإسلامي في استدرار العطف وأوضحت أن صور التسول وأشكاله تزداد في مواسم الحج والعمرة وتنتشر أكثر في المناطق التي يرتادها الزائرون للأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فضلاً عن استغلالهم أيضاً لشهر رمضان المبارك وزيادة نشاطهم في هذا الشهر الكريم وتهدف إدارة مكافحة التسول إلى تحقيق أسس التوجيه والإصلاح السليمة للمتسولين السعوديين حيث يوجه ذوو العاهات والعجزة مثلا إلى دور الرعاية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، ويحال المرضى إلى المستشفيات المتخصصة حيث تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة دون مقابل أما المحتاجون ماديا فتصرف لهم المساعدات المالية من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية، كما يحال الصغار والأيتام الذين تنطبق عليهم لوائح دور التربية الاجتماعية، أما المتسولون الأجانب الذين يشكلون نسبة عالية من المتسولين فإن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية المختصة.

يذكر أن مكاتب مكافحة التسول ومكاتب المتابعة الاجتماعية تعمل على دراسة الحالات الاجتماعية التي ترعاها الوزارة ومتابعة أوضاعها لدى أسرها الطبيعية أو الحاضنة أو البديلة وتوجد المكاتب في: مكة المكرمة، القصيم، المدينة المنورة، الرياض، الخرج، جدة، الأحساء، الطائف، أبها، الدمام، تبوك وحائل.

شكل مريب

وفي محافظة جدة، انتشرت ظاهرة التسول بشكل مريب ومخيف خاصة في شهر رمضان المبارك الذي تكثر فيه الصدقة والزكاة ، الأمر الذي دعا المتسولين إلى اصطناع العاهات الجسدية.

عدسة «عكاظ» رصدت بعض هذه الحالات في شوارع جدة وفي بعض المساجد وأماكن تواجد المستولين.

بداية التقينا الوافد اليمني عبده علي الذي تواجد في شارع التحلية وسألناه منذ متى وانت تمارس هذه الظاهرة فقال «انا هنا منذ خمس سنوات أو اكثر أمارس مهنتي التي أكسب منها رزقي وقوتي اليومي خاصة وأنني أعول عائلة كاملة ولا دخل لنا سوى التسول ومساعدة الناس» وعند سؤاله هل هناك أناس وراء انتشار ظاهرة التسول أشار عبده كثيرا ما أسمع عن هذا، وقد لاحظت في بعض الأوقات سيارات تحمل بعض الاطفال والشباب وتقوم بتوزيعهم على الاماكن التي يكثر بها الناس والتحايل عليهم بأنهم ذوو اعاقات جسدية ولا يستطيعون العمل في أي مكان غير أن يقوموا بجمع المال عن طريق «الشحاتة». وبين عبده بأن دخله اليومي قد يصل إلى 1000 ريال في بعض الأحيان.

عقد اتفاق

اما الطفل الأفغاني اسماعيل (12 عاماً) الذي تصادف وجوده بجوار أحد المحال التجارية الكبيرة، فقد بين بعد شرائنا كامل ما لديه من مناديل وعلكة، أنه يبيع بالتعاون مع اخوته بعض الأشياء الخفيفة والشخص الذي لم يشتر منه أقوم بمتابعته حتى يعطيني ريالا بدلاً من الشراء، وحول مكان سكنه ومن يقوم بإيصالهم إلى هذا المكان قال: نسكن في حي البخارية ويقوم شخص بإيصالنا إلى هنا وإلى أماكن مختلفة مع مجموعة كبيرة من جنسيات أخرى، ثم يعود إلينا في آخر الليل لا عادتنا إلى المنزل الذي يؤوينا. وأوضح أن السكن الذي ينامون فيه هو عبارة عن غرفة كبيرة تحتضن أكثر من 20 شخصا.

وقال: في بداية الأمر كنت كل ما أحصل عليه أقوم بتسليمه للشخص الذي يوظفنا، وفق الاتفاق المبرم بينه وبين اسرتي، لكن بعد مرور الوقت استوعبت هذه الظاهرة وأصبحت أنا وإخوتي الستة نخفي نصف ما نجنيه من أموال، والحمد لله الآن أصبحنا نعمل لوحدنا ولصالحنا ونصرف على عائلتنا.

أشرطة دينية

أما عبدالمجيد (هندي) ، الأنيق في لبسه وطريقة حديثه مع الناس وطريقة تسوله، عبر بيعه الاسطوانات المدمجة الاسلامية سألناه عن طريقته التي تعتبر ضحكا على الذقون كما وصفها هو لكنها بطريقة جميلة ومهذبة، قال: أولاً أنا لا أتواجد في الأماكن والشوارع الفخمة بل دائما ما أفضل الأماكن التي تكثر بها المحلات الرخيصة والشعبية المزدحمة، وقال: «أقوم ببيع الأشرطة الدينية مثل تلاوة القرآن الكريم والمحاضرات والأناشيد ، وأحياناً أبيعهم شرائط خالية من التسجيلات فاضية من أجل كسب المال».

شحاذ مثقف

وفي مشهد ليس مغايرا عما ذكرناه، لكن هذه المرة بطلنا شاب سعودي يحمل شهادة جامعية، لكنه امتهن ظاهرة التسول بطريقة فيها الكثير من الحياء والاسلوب الجميل والحديث المرتب، استوقفناه بعد أن قام بطلب المساعدة منا من أجل عائلته الكبيرة والتي لا يوجد لهم دخل بعد أن أنفصل والداهم وتركوه وأخوته وحيدين بين أربعة جدران متهالكة.

وأشار إلى أن الظروف الصعبة التي يعيشونها في ظل غلاء المعيشة هي من أجبرته لا متهان التسول قالها بكل حرقة وألم، ويضيف «الحمد لله على كل حال لأنني لم أتجه إلى بيع المخدرات والطريق غير المستقيم».

ويسرد الشحاذ المثقف حديثه بالمقول «طرقت ابواب الكثير من الشركات لطلب الوظيفة، لكن هذا قدري ونصيبي من عند الله سبحانه وتعالى».

وبسؤالنا له عن السبب في عدم ايجاد وظيفة أفضل من التسول قال «عندما كنت في المرحلة المتوسطة حدثت مشاجرة بيني وبين احد أبناء الحارة التي كنا نسكن فيها قبل أن ينفصل أبي عن أمي وتسببت في ضربه وفقأ عينه، الأمر الذي جعله يتقدم بشكوى ضدي لدى الجهات الأمنية وأودعت بسببها السجن، واصبحت صاحب سابقة جنائية، وهذا سبب لي الكثير من المتاعب في حياتي».

نزاع صامت

وفي الطائف، تشهد الاسواق، نزاعا صامت حول تقاسم النفوذ والاستراتيجيات بين عمال النظافة من البنجلادشيين، والعمالة اليمنية اذ يحاول كل طرف احتلال المراكز الهامة التي تدر ارباحا وتبرعات وافرة من جيوب المتصدقين، «عكاظ» رصدت في جولة ميدانية، التحركات والتهديدات الحادة التي تطلقها نظرات المتنافسين، كما رصدت مكامن القوة والضعف في كلا الطرفين، اذ ان العمالة اليمنية المنتشرة تعتمد غالبا في التسول واستعطاف اهل القلوب الرحيمة بعدة اساليب منها صكوك الفقر والعوز واصطناع الاعاقات، بينما عمال النظافة الذين يعوقهم لباس العمل يبقى كيس النفايات معهم طيلة اليوم دون ان يمتلئ مستخدمين تكرار التحايا والسلام والابتسامات الصفراء للمتصدق كأحد الاساليب التي تجذب الاهتمام اليهم.

وهنا اكد لـ «عكاظ» مدير المتابعة للشؤن الاجتماعية بالطائف جزاء العصيمي، انهم يقبضون بصفة مستمرة ومتكررة على عمال نظافة بلباس العمل عند الاشارات والمطاعم ويتم تسليمهم للشرطة، وكذلك على اعداد كبيرة من العمالة اليمنية.

وبين عدد من المواطنين ان ما يشاهد اليوم يعد ظاهرة بدأت تتشكل وتأخذ موقعها بصوره منضبطة امام الاشارات وساحات المطاعم، وقال ناهض العتيبي ان عمال النظافة بدأوا ينافسون العمالة اليمنية في احتلال المواقع المميزة عند الاشارات التي تشهد حركة مرورية كثيفة، خصوصا اشارة الحرس الوطني بالحوية واشارة الستين، وشبرا وفي شارع الستين فضلا عن اشارة تويوتا وجبرا وغيرها من المواقع، وكذلك عدد من المطاعم مستغرباً امتهان عمال النظافة التسول بلباسهم المعروف دون ان تردعهم امانة المنطقة المسؤولة عن تشغيلهم.

صك مستنسخ

ولفت وليد الزهراني، ان العمالة اليمنية تستخدم غالبا صكاً واحدا مستنسخا عليه اختام ينسبونها لمحاكم شرعية في دولتهم، هذا بخلاف اصطناع اعداد ليست بالقليلة منهم للإعاقة لاستجداء الناس عند الاشارات المرورية والطرقات وهؤلاء يستاؤون كثيراً عند مشاهدتهم عمال النظافة يحدقون بنظرات حادة تحمل الكثير من المعاني والإشارات الدالة.

اشتباكات دامية

وطالب كل من فهد السناني وسلطان الوادعي، بضرورة كبح جماح هذه الظاهر لاسيما انها قد تفجر في تداعياتها اشتباكات دامية بين القطبين، فيما اكد لـ «عكاظ» مواطنون ان مشاعرهم لا تصمد كثيرا عند استعطاف هذه الفئات وهم يحاولون الاستضعاف فيبادرون بتقديم ما تجود به انفسهم من نقود بحثا عن الاجر، فيما اكد آخرون انهم يعون خطورة اغداق المال على المتسولين وما له من تبعات سلبية وعادة ما يذهبون للجمعيات ودور الايتام لتقديم الدعم والمساعدات بصور رسمية وتتسق مع توجيهات وزارة الشؤون الاجتماعية.

وبالعودة لمدير المتابعة الاجتماعية بالطائف جزاء العصيمي، لفت ان المقبوض عليهم يسلمون حاليا الى الشرطة للتحقيق معهم واتخاذ ما يلزم امنياً، ومن ثم يسلمون عن طريق الشرطة للجوازات لإنهاء اجراءات ترحيلهم خارج البلاد.

ميثاق وعرف

وفي مكة المكرمة ومع بدء شهر رمضان المبارك، يتسابق الكثير من المتسولين لجمع أكبر قدر من المال بطرق غير شرعية، وتتم عملياتهم بعيدا عن أعين الجهات الأمنية، ورغم جهود لجان مكافحة التسول إلا أن التسول في الوقت الحالي تطور وأصبح لعصابات التسول مناطقها وأفرادها و أعضائها وهناك ميثاق وعرف يحترم عمل كل عصابة وقد يكون هناك أحياناً اختلاف فيما بينها، وتستخدم هذه العصابات طرقاً للكسب السريع وذلك باستخدام الاطفال لجذب استعطاف المارة و قاصدي بيت الله الحرام لجمع أكبر قدر من الأموال في أسرع وقت، و لم تقتصر اساليب التسول على المنطقة المركزية فحسب، فالإشارات المرورية أصبحت أحيانا مرتبطة بمتسول معين تكون الإشارة له ولا يجاريه أي متسول آخر في الوقوف والتسول عندها، كما يتواجد المتسولون أمام المساجد و المحلات التجارية ومحطات الوقود والمطاعم، بل أن بعض العصابات وصل بها الأمر إلى استغلال قصور الافراح بدفع بالأطفال أو الشباب بين «المعازيم» للتسول، و بين هذا وذاك «عكاظ» تكشف أساليب المتسولين في استعطاف المارة و قاصدي بيت الله الحرام.

متسولو الإشارات

لكل اشارة متسولوها الذين ارتبطت بهم، و بالرغم التشديد الامني في القضاء على ظاهرة التسول، إلا ان أعين المتسولين أيضا تكون بالمرصاد لمن يقترب من موقعهم الذي يرابطون به، ويرصدون ما يقترب من سيارات الامن أو رجالاتها، في حين انه من الملاحظات التي رصدتها «عكاظ» في اشارة جسر طريق الإسكان المؤدي إلى الخالدية، وهذا الموقع يخص متسولا يتكئ على عكاز ويتناوب على التواجد بالقرب مع آخر على فترتين حيث يظهر الاول في فترة الصباح وحتى الظهر، بعدها يظهر الآخر وبنفس العكاز في فترة العصر والمساء وأواخر الليل يختفون بعدها كما أتوا.

شجار واختلاف

فيما كان احد المتسولين يمارس التسول أمام احد المراكز التجارية في الشرائع بمكة المكرمة فوجئ المتسوقون بمشادة كلامية بين متسول كان يقف امام باب المركز التجاري ومتسول آخر يدعي أن المكان الذي يجلس فيه منطقته وأن عليه الرحيل، بينما رفض الأول التحرك من موقعه رغم أنه كان يحمل بين يديه طفلا، ومع احتدام المشادة وضع الطفل جانباً تمهيداً للشجار ووسط هذا الجدل أنهت مكالمة هاتفية عندما أمر المتصل المتسول الأول بترك المكان للمتسول الآخر ، وهو ما أصاب دهشة الحاضرين وتعالي اصواتهم (هؤلاء عصابة نصابين)..

رصد التحايل

كانت «عكاظ» كشفت في تقرير سابق الأساليب التي يتبعها المتسولون في كسب عطف قاصدي بيت الله بادعاء عاهات وهمية لإيهام الحجيج بإخفاء اليد داخل الملابس، كما أشار التقرير من جولة ميدانية في الحج إلى أطفال مستولين أوهموا الحجاج بأنهم يعانون من عاهات مزمنة، إلا الكاميرا كشفت زيفها.

كما رصد موظفون موسمون في مراكز الارشاد التابعة لوزارة الحج، حركة مريبة بشكل يومي وذلك أمام مركز بير بليلة بشارع أجياد، ويروي لـ «عكاظ» عبد الوهاب البلوشين، أنه رصد وزملاؤه في شهر رمضان الماضي ست افريقيات بصحبة ثمانية أطفال يجلسون على الرصيف وسط الطريق يستعطفون الحجاج بكلمات حفظوها من رؤساؤهم «سبيل الله» ويضيف «رصدنا كيف يتم التنسيق وتوزيع الأماكن في شارع أجياد وكذلك وسائل المراقبة خوفا من اي تواجد أمني مرتقب وهذا الأمر يتكرر ايضا في جبل الكعبة و شارع إبراهيم الخليل».

استدرار العطف

ولأئمة المساجد دور مهم في الكشف عن المتسولين. «عكاظ» رصدت في وقت سابق قضية الكشف عن متسول من قبل إمام المسجد ، حيث كان لإمام أحد المساجد في حي الشرائع دور في الكشف عن خدعة متسول استطاع إيهام المصلين لفترة طويلة بأنه محتاج للمال، إلا أن الإمام شاهد بعد فراغه من صلاة العشاء في أحد الايام نفس المتسول يسير سليما في الشوارع بينما يجلس أمام بوابة المسجد بطريقة محزنة رافعا يديه لطلب المال ما دفع بالإمام إلى مخاطبته أمام المصلين أن يتقي الله فيما يفعل، الأمر الذي أثار غضب المصلين ودفعهم للقبض عليه وتسليمه للجهات الأمنية.

عريضة الاسترحام

من المشاهد المألوفة في قصور الافراح في مكة المكرمة، رؤية طفل أو شاب يلبس ثوبا رثا وبيده ورقة يوزعها على الحضور طلبا للمساعد، إلا أن الحظ العاثر كان نصيب احد المتسولين في احد قصور الافراح على طريق المدينة حيث وقعت عريضة الاسترحام بيد أحد رجالات الأمن الذي اخذ المتسول على جنب وأخذ يتقصى الحقائق فيما حاول المتسول التهرب، لكن رجل الأمن كان صارما معه و خيره بين أن يقول الحقيقة له و يتركه يذهب و لا يعيد الكرة أو يأخذه إلى الجهات المختصة «لمساعدته طبعا» و لكنه فضل أن يعترف بالحقيقة و اعترف لرجل الأمن الذي تركه يذهب في حال سبيله بناء على الوعد الذي قطعه له.

التصدي للظاهرة

من جهة أخرى كان لـ «عكاظ» لقاء مع مدير مكتب مكافحة التسول بمكة المكرمة موسى المالكي الذي أكد تواجد مكتب مكافحة التسول في المنطقة المركزية للقضاء على الظواهر السلبية بالإضافة إلى التنسيق بين عدة لجان من أجل التصدي لهذه الظاهرة في شهر رمضان المبارك.

وقال المالكي «مكتب مكافحة التسول يشارك مع اللجان من الدوائر الحكومية الاخرى كالإمارة والجهات الأمنية للقضاء على ظواهر التسول، وقال دور مكتب مكافحة التسول هو دراسة حالات التسول فضلا عن استقبال حالات التسول، ففي مكتب مكة نستقبل الأطفال والسعوديين الذين يتسولون، أما الاجانب المتسولين والذين يتم القبض عليهم من قبل الجهات الامنية فيتم ترحيلهم دون الرجوع إلينا».

وعن الإجراءات المتبعة عند وصول اي طفل إلى مكتب مكافحة التسول قال المالكي «نوفر في مكتب مكافحة التسول بمكة البيئة الصحية يوجد لدينا مركز ايواء لهذه الفئة، مجهز بكل ما يحتاجه الطفل من معيشة وإعانة ففي البداية يتم استلام الاطفال المتسولين الاجانب من لجنة مكافحة الظواهر السلبية و تحويلهم بعد ذلك عند انتهاء إجراءاتهم لدى الجهات المختصة».

وأضاف «بالنسبة للسعودي يبحث المكتب الحالة ويدرس جميع جوانبه لمعرفة أسباب ممارسة التسول ومساعدته من خلال تحويله للجهات المعنية كالضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية أو مكتب العمل».

عاهات ودموع

وفي مثل هذه الأيام من شهر رمضان المبارك، تصل أفواج من المتسولين إلى منطقة جازان من مختلف الفئات العمرية بينهم أطفال وكبار السن ويتخذون من الطرقات والمساجد والميادين العامة والمراكز التجارية والأسواق وإشارات المرور، أماكن للاسترزاق، فيما يتخذون من الأماكن المهجورة والمزارع القريبة مأوى لهم، وهؤلاء يدخلون البلاد بطريقة غير مشروعة عبر الطرقات الوعرة، منهم من يبرز في المساجد تقارير طبية مزورة تبين إعاقته أو عجزه و منهم من يدعي المرض، يحتالون بها على المواطنين من اجل استدرار عطفهم مستغلين في نفس الوقت نفسه عدم وجود فرق لمكافحة التسول، والملفت للنظر بأن هناك أطفالا يجيدون البكاء المزيف وإلقاء الكلمات العاطفية بسلاسة.

أمراض مختلفة

وتسعى مكاتب مكافحة التسول المنتشرة في المملكة بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى للقضاء على هذه الظاهرة، إلا أن غياب هذه المكاتب في بعض المحافظات ومن ضمنها محافظة ضمد، له دور في زيادة أعداد المتسولين الذين يستغلون هذا الغياب للتحرك بكل حرية في كل مكان حاملين معهم الأمراض المختلفة. وتجد المحترفين من المتسولين يهيمون في كل مكان في الشوارع والمساجد والمحلات، أما اختصاص النساء هو استدرار عواطف ربات البيوت حتى ان هناك سرقات عديدة حدثت كان أبطالها النساء المتسولات وأطفالهن بسبب خلو المنازل في بعض الوقت من أصحابها، ومن الملفت اجتماعهم في المساجد مع أذان المغرب على سفرة الإفطار بحجة أنهم صائمون ولكن العدد الأكبر لا يعرفون الصوم، ومنهم من لا يؤدي الصلاة إلا في صلاة المغرب، مما يدل على ضعف إيمانهم.

قصص ومشاهد

قصص كثيرة حدثت كان أبطالها المتسولون والمتسولات، ومن هذه القصص قصة متسول في عقده الخامس يدعي الإعاقة ويتحرك بصعوبة أمام المواطنين لاستدرار عواطفهم حتى يعطوه وعندما شاهد سيارة الدوريات انطلق ليسابق الريح وسط دهشة من كان حوله.

ومشهد آخر، تمثل في دخول متسولة أحد المنازل من أجل الحصول على الصدقة وعندما لفت انتباهها بأن المنزل خاو من اصحابه، بدأت بالبحث في أركانه مع أطفالها بغرض السرقة، وعند دخول أحد أفراد الأسرة المنزل تم القبض عليها وبعد تفتيشها اتضح أن بحوزتها بعض المشغولات الذهبية والنقود.

طفل متسول من احدى الدول المجاورة، عندما سئل عن كيفية الوصول إلى المنطقة، ومن يعوله أجاب بعد صعوبة وانتظار طويل «أنا وحدي وهناك مجموعة من الأطفال وكبار السن والشباب وكذلك معوقون ومنهم من يصطنعون الإعاقة من مختلف الأعمار يقوم أحد الاشخاص بترتيب دخولنا ومتابعتنا وتوزيعنا على مواقع معينة وفي نهاية كل يوم يستلم المحصول ونحصل نحن على راتب شهري متفق عليه قبل وصولنا المملكة».

وتقول المتسولة صالحة، من احدى الجنسيات العربية انها تسكن في المنطقة منذ عامين وتمتهن التسول لتأمين حاجة اسرتها حيث كشفت انها تجمع مبلغا لا يقل عن 1500 ريال يوميا وفي بعض الاوقات تتجاوز الحصيلة هذا المبلغ.

موهبة التمثيل

إلى ذلك، انتقد المواطن احمد عبدالله الجهات المعنية لغياب دورها في المكافأة واحذ الحيطة المسبقة، موضحا ان هناك متسولين ينتحلون صفات المواطنين لإجادتهم اللهجة، وآخرين يجيدون الفصاحة في التحدث كما يستخدمون موهبتهم في التمثيل، فيما بين امين يحيى ان ظاهرة التسول سببها كون المنطقة حدودية، وقال للظاهرة اثار اجتماعية واقتصادية وأمنية، مطالبا بفتح ادارة لمكافحة التسول في المنطقة للقضاء على الظاهرة والحد منها خاصة وأن المنطقة تشهد تدفقا كثيفا من قبل المتسولين.

357 متسولا

من جهته، أكد الناطق الإعلامي بشرطة منطقة جازان العقيد عوض القحطاني، أن شرطة المنطقة كثفت دورياتها للقبض على المتسولين في الأحياء العشوائية وأمام بوابات المساجد والأسواق وإشارات المرور في شهر رمضان، وقبضت على عدد من المتسولين رجالا ونساء واطفالا منهم سعوديون ومن جنسيات أجنبية، تم تحويل المواطنين إلى الجمعيات الخيرية لسد حاجاتهم، فيما تم إحالة الأجانب وعددهم 357 بينهم نساء واطفال إلى الترحيل ليرحلوا إلى بلادهم.

أوقاف جازان

وأشار الناطق الإعلامي بفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة جازان محمد كريري، أن إدارته تتبع التعليمات والتنظيمات، وأن التعامل مع المتسولين يتم بطرق نظامية، لكننا لا نستطيع منعهم عن تأدية صلاتهم بالمساجد، أما فيما يتعلق بالنوم أمام وداخل المساجد خصوصا بعد صلاة الفجر، فيرجع إلى استمرار فتح المساجد بعد صلاة الفجر لمن حب الاعتكاف بتوجيهات صريحة بشرط أن تؤخذ هوية المواطن أو الإقامة للمقيم إلى أن تنتهي فترة الاعتكاف.

وما يتعلق بالمخالفين خلال أوقات الصلاة فهذا راجع لأمرين، الأول لا يمكن الاعتراض على وجودهم داخل المساجد في أوقات الصلاة وأيضا في حال تواجدهم في المساجد من أجل إفطار صائم، وهنا يتم التعامل معهم كأي مواطن إلا أنه لا يمكن السماح لهم بالعبث داخل المساجد.

أسليب التخفي

لم تكن ظاهرة التسول من الظواهر أو البدع الحديثة في المدينة المنورة ، إلا ان الجديد هو تنوع المتسولين، ويلحظ المتابعون لهذه الظاهرة تغير «أشكال المتسولين» حسب الزمان والمكان ، والجديد أيضاً هو تحول هذه الظاهرة الى ظاهرة أكثر تنظيما عما كانت عليه من قبل، والذي يدل على ذلك هو الأوقات التي يخرج بها المتسول بالإضافة الى الهيئة التي تتغير من زمن الى زمن آخر، وبات المتسولون يتجولون من مكان الى آخر، لجمع المال مستخدمين جميع الوسائل المتاحة، كما يستخدمون التسول غطاء لأعمال أخرى بعضها يصنف بالأعمال المشبوهة.

ويحسب المتسولين لشهر رمضان المبارك ألف حساب، كيف لا وهو الشهر الذي يحقق لهم مكاسب مالية تعادل الأشهر التي تسبق الشهر الكريم، ومن ينتقل في أماكن مختلفة من المدينة المنورة يجدهم قد انتشروا في ساحات المسجد النبوي الشريف، وأمام الكثير من بوابات مساجد المدينة المنورة، وعند الإشارات المرورية في مختلف الطرق الرئيسية والفرعية، وعند المحال التجارية المعروفة ، وبات التسول وظيفة يمتهنها البعض في أوقات محدودة من العام، وتجارة رابحة في ظل التنظيم الذي يسلكه المتسولون، فهناك هيكل وظيفي يبدأ من المتسول في الميدان الى المراقب عن بعد والذي يتواصل مع السائق والذي غالبا ما يكون هو المحصل المالي في نهاية الأمر، ويحرص المتسولون في مضاعفة ساعات العمل في رمضان متناسين درجات الحرارة العالية وساعات الصيام الطويلة ، حيث يعتمدون على حرص الأفراد على الصدقات في هذا الشهر الكريم.

الأطفال والنساء

من يتابع ظاهرة التسول في المدينة يجد تركيز القائمين على توزيع المتسولين على استخدام الاطفال والنساء بشكل كبير، وذلك بعد ان وجدوا فيهم ضالتهم ، وقد يتم استخدام الاطفال بشكل مستقل وكذلك النساء ، وفي أوقات أخرى يتم جمعهم مع بعضهم البعض وذلك من خلال استخدام النساء الأكبر سنا مع الاطفال الأصغر سنا او الرضع ان توفروا ، ولا يقف عند التوزيع فقط بل يتم تدريبهم على طرق التسول والاستعطاف مستغلين عطف وتسامح المجتمع، وكذلك المقيمون على أرض المملكة.

وسائل حديثة

المتابع لظاهرة التسول في المدينة المنورة ، يجد تعمد المتسولين إلى استخدام طرق وأساليب تبتعد عن العشوائية والفوضى، بل ويغلب عليها التنظيم، وهو ما يؤكد أن خلفهم هيكلا تنظيميا يهتم بتوزيعهم في الأماكن الاستراتيجية، مع إعطائهم حوافز نظير عملهم، وذلك باستخدام وسائل جديدة تجاوزت الطرق التقليدية من الوقوف على أبواب المساجد والمستشفيات، أو حمل أوراق وصكوك ديون مزورة، إلى استخدام التقنية المعلوماتية فامتدت أيديهم للتسول إلكترونياً، من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك او توتير او الواتس اب).

التظاهر بالمرض

بالرغم من أن التظاهر بالمرض هو إحدى الطرق التقليدية عند المتسولين، إلا أنها أثبتت جدواها كذلك من خلال الربح المالي الكبير الذي يحققه المتسول، حيث تجد أن بعضهم يتظاهر بعدم مقدرته على المشي والآخر يقوم بحلق رأسه ووضع بعض الرسومات القريبة من الحقيقة والتظاهر بالحرق او ادعائه بعدم قدرته على الكلام ، واحيانا يقومون بتمثيل دور الأعمى يساعده في ذلك طفل يكون بجواره.

حمل الأكياس

تعمد بعض النساء في حمل طفل رضيع والتوجه الى أبواب المساجد الرئيسية وتحديدا بعد صلاة التراويح ، ويقمن بحمل أكياس ملونة وفتحها ، حيث يقوم المصلون برمي الأموال في تلك الأكياس ، بالرغم من علم الكثير منهم بأن أكثرهم متسولون، وباتت هذه الطريقة إحدى الطرق المفضلة عند المتسولين حيث أنها لا تكلف سوى «أكياس ملونة».



جدولة المعززات

وللخبراء والإخصائيين النفسيين رأي في القضية، إذ ذكر لـ«عكاظ» الأخصائي النفسي عبدالعزيز الغامدي، ان أفراد المجتمع يلعبون دورا مهما في تزايد ظاهرة التسول، وذلك من خلال تقديمهم المساعدات لأي شخص يدعي الحاجة، معتمدين على هيئة الشخص الماثل أمامهم، سواء في الزي الرث أو الإعاقات الجسدية، ما يوحي لهم بأنهم فعلا بحاجة ماسة للمساعدة، غير مستشعرين بأن مثل هذا الفعل يعزز لدى المتسولين الرغبة بالمواصلة.

وأضاف «المساعدة التي يتحصل عليها هذا الشخص تعتبر مكافأة مغرية معززة لهذا النمط، مشيراً إلى أن المتسولين لا يجدون حرجاً عندما يتم رفضهم من شخص وآخر، لمعرفتهم أن الثالث سيقدم لهم المال، وهو ما يعرف بعلم النفس بـ «جدولة المعززات»، والتي تكون فورية أو نسبية في كثير من الأحيان، وهو ما يوضح تحملهم وصبرهم على أشعة الشمس الحارقة.

من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة لـ «عكاظ الأسبوعية» أن 5 جهات حكومية (الجوازات، العمل، مكافحة التسول، وزارة الشوؤن الاجتماعية، الشرطة) تدرس تفعيل دورها بشكل كبير وحيوي لقضاء على التسول من خلال القبض على المتسولين وترحيلة، وترحيل كافة أسرتة بما فيهم الزوج أو الزوجه حتى لو كانوا بإقامة نظامية، وضع حد أدني وأعلي لمن تم القبض عليهم بدفع غرمة تصل إلى 20 ألف ريال، تكثيف الجهات الخمس فى مواقع تواجد المتسولين خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر تبدأ من شهر رمضان المقبل، غرامة من يأوي المتسولين بمبلغ 50 ألف ريال وسجن شهرا كاملا.

فيما أوضح مصدر فى مكافحة التسول أن المناطق الأكثر ظاهرة فى التسول جيزان وعسير ومكة وجدة، وتعتبر الجنسية اليمنية من أكثر الجنسيات انتشار فى ظاهرة التسول، فيما أوضح المصدر أن هناك أكثر من 14400 طفل تم القبض عليهم خلال الثمانية أشهر الماضية تم دخولهم على الحدود بطرق غير شرعية لغرض التسول.

فيما تشير الدراسات والتى قدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية أن هناك نحو 50600 طفل متسول فى العام الواحد يقومون بالتسول فى الطرقات والمساجد والأماكن العامة ومواقع الترفية.

وشددت الدراسة على غياب الوعي لمتسول وافتقاده لنقطة رئيسية والتى تكمن فى التعليم ، وبينت الدراسة أن الأطفال يتلقون كيفية التسول والطرق الكفيلة لحصول على المال، وأشارت أن أعداد الأطفال من الجنسيتين الأفريقية واليمنية.

وأكد الناطق الإعلامي لشرطة جدة الملازم أول نواف البوق أن مجموع المقبوض عليهم من المتسولين خلال شهر شعبان هو (1749) ما بين رجال ونساء وأطفال بلغ عدد النساء بهم (829) امرأة وعدد الأطفال (759) طفل وعدد الرجال (161) رجل جميعهم أجانب من جنسيات متعددة.