-A +A
عبدالعزيز الربيعي، عبدالكريم الذيابي (الطائف)
الأبواب المغلقة والهدوء الذي يكتنف المكان لأكثر من 10 أشهر في العام سرعان ما يتحول إلى حركة وضجيج ينتشر في أرجاء السوق، حيث يلف رداء النسيان «سوق عكاظ» من كل عام عدى الشهرين الأخرين التي تسبق فعالياته السنوية.
مؤلمة فترة النسيان لعشاق التراث والأدب والثقافة وهم يشاهدون إطلالة خاوية على عروشها طيلة هذه الفترة، مطالبين أن يكون له آليه تنتشله وتفعله في مضمار الحراك اليومي الأدبي والثقافي، ليس للمملكة وحسب بل للوطن العربي والإسلامي، حيث هويته الممتدة إلى أصقاع الأدب من العصر الجاهلي إلى عصرنا هذا تحتاج لاستمرار.

ولعل الفضل بعد الله لسواعد وفكر الأمير خالد الفيصل في إحياء السوق وإعادة الحياة إليه في بداية انطلاقته، وقد لا تكون آلية تفعليه غائبه عن سموه ليكون ملتقى للناس من المهتمين بالأدب والثقافة والاقتصاد طيلة العام، على أن تكون الاحتفالية في نهاية العام.
فرغم الإمكانيات التي حضي بها السوق، والاهتمام اللامحدود، يظل السؤال الكبير عالقا في أذهان المهتمين: لماذا لا يستفاد منه في تفعيل الحراك الأدبي والثقافي والاقتصادي والسياحي طوال العام، قياسا على الإقبال المنقطع النظير خلال فترة احياؤه، والذين يعدون بالآلاف في هذا السوق من مختلف المناطق.
وفيما ذكر مدير سوق عكاظ الدكتور راشد الغامدي، عن أن القادم هو الأفضل وسيتم الاعلان عنه قريبا، وقفت «عكاظ» في جولة ميدانية على اطلال السوق وأبيات فطاحلة الشعر الجاهلي والإسلامي، والتي نحتت على الصخور، وكيف كان مسرح الشارع يمثل إشعاعا متوهجا لجوانب الحياة والأنشطة قديما وتؤدي باللغة العربية الفصحى، وزارت معارض العلم المغلقة، وأركان الحرف اليدوية والتي عاشت فصولا من المتعة وإطلاع الكثيرين عليها من زوار السوق في نسخته السابقة، حيث تحول السوق من موقع لا يهتم به الكثير من المواطنين وعشاق الشعر إلى مكان يتمنى كل شخص أن يعطى الفرصة للحصول على شرف الحضور في هذا السوق.
وتوقفت صحيفة «عكاظ» كثيرا وعادت للوراء قليلا لتعيد المشاهد التاريخية التي لازالت تعطر ذاكرة الأدب والتاريخ عندما دشن «الفيصل» افتتاح «خيمة عكاظ» والعرض الموسيقي، وفقرات الحفل إلى أن عصف موجة التصفيق الحارة عندما قلد سموه «بردة عكاظ» للشاعرة السودانية روضه الحاج، ثم قلد بردة شاعر «شباب عكاظ» للشاعر السعودي إياد حكمي.
وكيف استمتع بعدها الحضور بالعرض المسرحي «العكاضيون الجدد» عندما جسد واقع الشعر العربي الفصيح بين الماضي والحاضر في حوار درامي جمع شعراء «سوق عكاظ» قديما ويمثلهم النابغة الذبياني والأعشى، مع شعراء السوق حديثا ممثلين في الراحل الدكتور غازي القصيبي، فضلا عن عرض مسرحية عنترة بن شداد.
غادرة صحيفة «عكاظ» والاشتياق يلف بعنق العودة إليه بعد الحاح الحراس بالخروج لها رغم خلوة المكان من الناس، فلا يوجد في زواياه غير الطيور التي تقيم أعشاشها في بعض المواقع والرياح التي نقلت بعض الاكياس والكراتين.
وأكد عدد من المواطنين ضرورة الاستفادة من السوق بعد توفر الامكانيات فيه والمشاريع التي دشنت منها الخيمة التي تبرعت مجموعة ابن لادن وقدرت قيمتها بــ 40 مليون ريال.
وأوضح عبدالله الحجي ومحمد العتيبي وسعود المقبل أن إغلاق «سوق عكاظ» على مدار السنه بخلاف أسبوعي الفعاليات غير مجد، وكان الأولى الاستفادة منه وتفعيل الجوانب الثقافية والأدبية والاقتصادية، وطالبوا هيئة السياحة أن يكون لها الدور البارز أيضا في تفعيل الجذب السياحي فيه على مدار العام والإجازات، ودعوا أن يكون فيه ندوات شعرية ولقاءات تزيد من ارتباط الناس بموروثهم الأدبي والمعرفي.
فيما أشاروا إلى أن المشاهد لحال السوق وهو مغلق يشعر بالحنين إلى العهد القديم والشعر العربي الذي يصدحون به الفرسان في الجادة، وكيف كانت الحياة وجوانبها القديمة، لافتين إلى أن السوق يجب أن يفعل على مدار الـ 360 يوما.
وفي خط موازي، كشف لـ «عكاظ» رئيس النادي الادبي بالطائف عطاالله الجعيد أن الجميع يتطلع للاستفادة من «سوق عكاظ» على مدار العام كاملا بدلا من إغلاقه بخلاف الأسبوعين التي تقام فيها الفعاليات، موضحا أن الفائدة المرجوة من فتحه طوال السنه قد ظهرت جليا عندما أقامت محافظة الطائف احتفالات اليوم الوطني الأخيرة داخله، وقال الجعيد: "إن إعادة إحياء سوق عكاظ يعد مكسبا للطائف وللأدب والثقافة بشكل عام، وقد لاحضنا أن هناك تطورا في كل عام عن العام الذي يسبقه في فترة إقامة السوق خلال الاسبوعين التي تكثف فيها البرامج والفعاليات المصاحبة.
ولفت الجعيد إلى أن الاستفادة من الإمكانيات الموجودة في السوق تكون من خلال تفعيل البرامج المختلفة؛ الثقافية والاقتصادية والسياحية، ونتمنى اهتماما أكبر من الهيئة العامة للسياحة والاثار، وهي الجهة التي تقوم على السوق بأن يدرج «سوق عكاظ» ضمن المواقع التي ترتادها الوفود الأجنبية والتي تقوم بزيارات على مناطق عديدة في المملكة بين الحين والاخر، وأن يكون السوق موقع جذب سياحي للزوار والسياح، مضيفا أن من الأفكار والمقترحات التي لا تغيب عن مؤسسة الفكر العربي إمكانية الاستفادة من موقع السوق في عمل اللقاءات والندوات والمؤتمرات الكبيرة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي متسائلا: ما المانع من استضافتها في السوق الذي يضرب بجذوره في عمق الادب والثقافة العربية؟!، وهذا سيكون له تأثيرا في الجانب الاقتصادي والثقافي، داعيا أن يكون من ضمن تفعيل «سوق عكاظ» ايضا على مدار السنه أن يستفيد أبناؤنا الطلاب والطالبات في التعليم العام أو العالي من زيارات ميدانية على الموقع والاطلاع عليه.