هاتفني الدكتور عاصم حمدان بعد أن قرأ مقالة رمضان في المدينة المنورة أيام زمان، وهأنذا ونحن على مشارف يوم العيد أذكره من جديد بيوم مشهود، وأقول له: أتذكر يوم أن كانت البيوت متلاصقة والقلوب متقاربة والحارات متداخلة والنفوس متعانقة، وكان العيد قريبا وفي متناول الجميع، يخرج الناس فيه زرافات ووحدانا يحثون الخطى من جميع أطراف المدينة متجهين إلى المسجد النبوي الشريف بلباس جديد، كل شيء جديد من الرأس الذي تزينه الكوفية (الطاقية) والبعض عليه غترة وعقال مقصب ومشلح مقصب (الصغار)، والشباب كاشخ بالشماغ المنشى والعقال الأسود، والثوب جديد والحذاء جديد، والناس أيام زمان لا تعرف الجديد إلا من السنة إلى السنة، وكبير العائلة يرتدي المشلح وعليه الوقار ومنه تؤخذ التوجيهات، فالكبير في العائلة هو أبوها والناس تغذ السير قادمة من بعيد وهي تردد «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد»، لا يبقى أحد في البيت إلا ويشهد صلاة المشهد، خصوصا النساء، والبنات الصغيرات قد تزين بفساتين العيد وفي أيديهن شنط العيد يسرن بمعية الأب والأم والإخوان والأخوات، ولا تزال مكبرات الحرم تنادي بصوت شجي يطرب سامعيه «الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا»، تجتمع القلوب عند الحبيب محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ وبالقرب من روضته، وعند الحصوة وفي الرواق تستمتع الأنظار بجمال القبة الخضراء على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وهناك من يوزع التمر أو الحلوى على المصلين اتباعا للسنة النبوية إلى أن يحين وقت صلاة العيد، فينادى المؤذن «الصلاة» ويؤم المصلين فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح ــ رحمه الله ــ ثم الخطبة، وبعد الصلاة يتجه البعض إلى البقيع، حيث زيارة الأقارب من الموتى في مشهد «إنساني» بالغ الأثر على النفس لتذكر الأحياء للأموات، وعادة ما يسلك الناس طريقا جديدا للعودة للبيت اتباعا للسنة النبوية، وفي البيوت بعد العودة من الصلاة تتلاقى العوائل والقرابات والأسر عند كبير العائلة للفطور وأثناء اللقاء تتم المعايدة وتوزيع العيدية ريالا واحدا للصغار وخمسة ريالات للكبار، وفي ضحى ذلك اليوم المشهود تكون الأهازيج والأناشيد والأغاني خاصة التلفزيون السعودي الذي يصدح بصوت محمد عبده: ومن العايدين إن شاء الله ومن الفايزين إن شاء الله.
Prof.skarim@gmail.com
Prof.skarim@gmail.com