-A +A
قراءة: هشام لاشين (القاهرة)
لم يتطرق مسلسل مصري من قبل لعالم تجارة الآثار كما فعل مسلسل (العقرب) الذي يقدم هذه التجارة الرائجة رغم عدم مشروعيتها، مستخدما الخلفية الاجتماعية لعالم الطبقات الفقيرة من المجتمع، والتي تسعى بشتى الطرق إلى حياة أفضل بغض النظر عن وسيلة تحقيق هذا الهدف.
تبدأ أحداث مسلسل (العقرب) مع شخصية جابر الهجام، وهو شاب نراه في بداية الأحداث يقوم بسرقة إحدى الشقق والعودة حيث يقطن في منطقة عشوائية مع والدته وأخته وأخوه المعاق ذهنيا، ونرى أن العلاقة بينه وبين والدته متوترة نظرا لأنها لا ترضي عن أفعاله الإجرامية، في مقابل تعاطف واضح من أخته أشجان، كما نلمح عمق العلاقة والحب الذي يجمع جابر بأخيه المعاق ذهنيا، ورغم القبض على جابر ومحاكمته كمسجل خطر، إلا أنه ينجح في اختراق كواليس عالم ومافيا تجارة الآثار ويسافر إلى الخارج أكثر من مرة وسط مجموعة من المغامرات وحوادث مدبرة لا تتضح في حينها، ولكننا نتابع بعد ذلك حكاية من حكايات العصابات المعروفة في أفلامنا المصرية مثل (الرجل الثاني) و(سمارة) و(سوق السلاح) وغيرها، وتختلط بأجواء قصص حب محرمة وحكايات الرجل الكبير الغامض دائما، ويبدو أن باقي أحداث المسلسل سوف تكشف عن مفاجأة مؤداها أن جابر يفعل كل ذلك بترتيب مع الشرطة، وهو أمر غير مستبعد في ذلك النوع من الدراما، وإن كانت المصداقية تتطلب عدم حدوث ذلك، فالشر موجود مثل الخير، وكذلك الصراع الذي سيظل باقيا طالما هناك حياة؟ كما يكشف المسلسل عن اختلاط هذا العالم المافياوي بتجارة المخدرات، فكمية قليلة منها يمكن أن تحقق ما يحققه أي تمثال صغير يتم تهريبه، كما أن الإشارة واضحة لفكرة التجارة غير المشروعة والاستحلال الذي يستشعره هذه النوعية من البشر.

وبالتوازي، نتابع خطا آخر لصديق جابر أو (منذر رياحنة)، وهو هنا سعيد (محمد لطفي) الذي يوصيه عند سفره بأسرته فتكون النتيجة وقوع سعيد في حب شقيقة جابر أشجان (ريم البارودي)، وهو ما أثار غيرة وحقد صديقهما الثالث عفيفي (شريف صبحي)، وأصبح يكره سعيد لتتشابك العلاقات أكثر وتصبح مهددة بالانفجار في الحلقات الباقية.
المسلسل هو العمل الثاني على التوالي للنجم الأردني منذر رياحنة بعد مسلسل «خطوط حمراء».. ويشاركه البطولة محمد لطفي ولقاء الخميسي وحجاج عبدالعظيم وهالة فاخر وريم البارودي وأميرة العايدي ومايسة الرباط وعادل فؤاد، وهو من تأليف حسام موسى وإخراج نادر جلال.
يغلب علي الحلقات التكرار رغم محاولات التشويق، وهي آفة معظم المسلسلات المصرية، ويمكن اختزال الخمس حلقات الأولى في حلقة واحدة دون أن يشعر المشاهد بأي نقصان، وقد اجتهد المخرج في نقل أجواء الحارة الشعبية بمتغيراتها المادية والاجتماعية، في حين كشف النجم الأردني منذر رياحنة عن موهبة استطاع بها رغم عدم إجادة اللهجة المصرية حتى الآن أن يؤكد وجوده بين نجوم الدراما المصرية الكبار، كما أن اختياره جاء مناسبا للدور من حيث قامته الفارعة وبنيته القوية، بما يلائم شخصية هجام أو مسجل خطر، وبرع محمد لطفي المنتشر في عدة مسلسلات هذا العام بتقديم نمط آخر لشخصية من قاع المجتمع تلجأ للطرق غير المشروعة لتحقيق أحلامها مع الاحتفاظ ببكارة ابن البلد الجدع الذي يتمسك بالمرأة التي تربطه بهذا العالم، وتبقي التجربة محاولة أخرى لسبر أغوار تحولات اجتماعية طارئة ومثيرة في مجتمع يحتاج عشرات الأعمال لاكتشاف تحولاته الدراماتيكية السريعة في العقدين الأخيرين.