-A +A
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
قرأت وسمعت بأن النية تتجه للإعلان عن قيام رابطة للكتاب السعوديين، وأنه قد بدأ استقبال أو تسجيل أعضائها كمؤسسة مجتمع مدني تمهيدا للحصول على الموافقة الرسمية اللازمة. وشاهدت بعض البرامج الثقافية المتلفزة وهي تشير إلى هذا الموضوع. وقرأت قبل نحو شهر أن معالي وزير الثقافة والإعلام قد التقى مجموعة من الكتاب وقدموا له طلبا بهذا المعنى.. وأنه رحب بهم وبارك خطواتهم ووعدهم بأن يدعم فكرتهم، وكما قرأت للكاتب دحام العنزي في الشرق ــ وأعتقد أنه أحد المؤسسين ــ إذ قال في مقاله: «.. تهدف الرابطة لجمع الكتاب السعوديين تحت سقف واحد لبحث همومهم الثقافية وكل ما يستجد في الساحة وتكوين جماعة مترابطة بين جميع مناطق المملكة، ليكونوا داخل دائرة التوافق والتواصل الثقافي، ورؤيتها أيضا الوقوف على ما يتعرض له الكتاب من مشكلات اجتماعية (جهات وأفرادا) ..».
وفي الوقت الذي أستبشر فيه كغيري ممن يهمهم أمر هذا الوليد الجديد أو الأمل المنتظر، ليسرني أن أذكر بأن مثل هذه الدعوة أو الفكرة ليست جديدة علينا وفي مجتمعنا.. فقد بدأها فيما أذكر أول رئيس تحرير لصحيفة (صوت الحجاز) الأستاذ عبدالوهاب إبراهيم آشي ــ رحمه الله ــ عند صدور أول عدد بتاريخ 27 ذي القعدة 1350هـ (14 أبريل 1932م)، أي قبل 85 عاما بالتمام والكمال، إذ أورد في افتتاحية العدد الأول هذه الفكرة أو هذا الأمل قائلا: «.. لذلك ولما أحسسنا به من وجوب إيجاد رابطة أدبية بيننا نحن أبناء هذه البلاد توحد بين أفكارنا وميولنا وثقافتنا، لنسعى متكاتفين ومتعاضدين نحو منفعتنا ورقينا، ولما علمناه من تشوف أدبائنا الفضلاء ومواطنينا النبلاء إلى وجود صحيفة وطنية تجول فيها أقلامهم بالأفكار القيمة والآراء السديدة في مصالح بلادنا وأمتنا وللإهابة بالهمم الراكدة والعزائم المسترخية إلى طروق أبواب الحياة العملية التي تنشلنا من وهدة هذا التأخر الفاضح والجمود المشين (...)»، وقال: «.. فليس لرجالنا اليوم عذر، ولا لأدبائنا مندوحة عن أداء الواجب الوطني، بإبراز ما تكنه ضمائرهم من حب للخير والمنفعة لهذه البلاد، والدعوة إلى الفضيلة والمكارم، والأخذ بيد الأمة إلى ما يرفع مستواها العلمي والأدبي والسياسي..».

وغير هذا ما أشارت إليه جريدة (الندوة)، وشكوى رئيس تحرير جريدة (البلاد)، وكلمة رئيس تحرير جريدة (اليمامة) والتي افتتح بها العدد (199) بتاريخ 6/6/1379هـ (6/11/1959م)، يعلق فيها على ما سبق نشره في الندوة والبلاد وغيرهما ويؤيد ما طالبتا به.
وقبل ذلك لو نلقي نظرة سريعة على جريدة (البلاد السعودية) العدد (2752) في 1/1/1377هـ، والذي كتب به رئيس تحريرها (عين) ــ عبدالله عريف ــ تحت عنوان: (نريد .. رابطة أدبية)، معلقا فيه على دعوة جاءتهم من المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون بمصر.. ودعا وطالب بتأسيس «.. رابطة أدبية تعنى بنشر أخبار الأدب والأدباء وتهتم بإبراز إنتاجهم.. وتسعى لإيجاد الروابط الوثيقة بينهم وبين أدباء العالم.. وتنسق الجهود.. وتعمل على رفع مستواهم المادي والأدبي حتى ينهض الفن.. وتزدهر الحياة الاجتماعية أسوة ببقية الروابط الأدبية الأخرى المنتشرة في عواصم البلدان العربية..».
وختاما، لعلي أقترح أن يتزامن الإعلان عن ولادة الرابطة مع يوم 27 ذي القعدة القادم لتتناسب ومرور خمسة وثمانين عاما على ما طالبت به جريدة (صوت الحجاز)، ومن سار على الدرب وصل.