-A +A
رصد ومتابعة: نبيل الأسيدي
في مدينة جارواي من على بعد 750 كلم من العاصمة الصومالية مقديشو اكد رئيس ولاية بونت لاند الفيدرالية عدي محمد موسى حرسي ان أمن الصومال يبدأ بأمن عاصمته مقديشو وان آمال الصوماليين معلقة على الحكومة المؤقتة في الوقت الحالي . قال عدي في حديثه لموفد عكاظ ان ولايته تدعم وتساند حكومة الرئيس عبدالله يوسف واعتبرها خلاصا للصوماليين للخروج من دائرة العنف مشيرا الى ان ولايته التي كان يترأسها الرئيس الصومالي الحالي عبدالله يوسف تسير في إطار الميثاق الوطني الانتقالي الصومالي في انسجام وتوافق وقال ان هناك القوانين والأطر التي تنظم هذه العلاقة طبقاً للنظام الفيدرالي للحكومة الصومالية المؤقتة .
وكشف رئيس ولاية بونت لاند عن محاولات المحاكم الاسلامية اثناء سيطرتها على العاصمة مقديشو انشاء محاكم مماثلة في عدد من مدن الولاية وان هدف المحاكم الإسلامية كان هو الإستيلاء على الحكم في الصومال كلها .

واسم “عدي” للجنرال الذي تجاوز السبعين من عمره ليس بداية لأسمه بل كنية لصقت به منذ أن كان جنرالاً على جبهات المواجهة والتصدي الداخلية والخارجية وهي تعني الرجل الصريح والواضح وينتسب لقبيلة الطارود اكبر القبائل الصومالية وجده “بغر عثمان” كان شيخاً لمشايخ جميع القبائل والعشائر في بونت لاند كلها.
ورغم أنه ترعرع في مقديشو حيث مازالت ذاكرته تختزن سنواته المبكرة من طفولته، إلا أن آخر لقاء جمعه مع مقديشو كان قبل (26)سنة:”كم أشتاق لرؤية مقديشو .. إنني أراها الآن فقط من شاشات التلفزيون”.
كيف تصف علاقتكم بالحكومة الفيدرالية في مقديشو؟
- علاقتنا جيدة.. ونحن نؤيد ونساند هذه الحكومة ونقف معها وإلى جانبها ونراها الخلاص لخروج الشعب الصومالي من دوامة العنف إلى مرحلة الاستقرار وبناء الدولة وقد بذلنا جهوداً كبيرة في ولاية بونت لاند من أجل خروج هذه الحكومة إلى النور .. وحتى رئيسها عبدالله يوسف فإنه كان قبل ذلك رئيساً لولاية بونت لاند وقد بذل جهوداً كبيرة من أجل إقامتها وترتيبها مع باقي العشائر في الولاية.
وماذا عن اعلانكم النظام الفيدرالي ؟
ونحن في ولاية بونت لاند نسير في إطار الميثاق الوطني الانتقالي الصومالي في انسجام وتوافق وهنالك القوانين والأطر التي تنظم هذه العلاقة طبقاً للنظام الفيدرالي كما ان النظام الذي قامت عليه الحكومة المؤقتة هو النظام الفيدرالي وتسميتها الحكومة الصومالية الفيدرالية المؤقتة وقد اختار البرلمان دستورا فيدراليا ولذا نحن ضمن هذه الحكومة ولسنا منفصلين عنها كما في الشمال والنظام الفيدرالي في الصومال يصبح معمولاً به قانونياً ونافذاً بعد سنتين ونصف من تشكيل حكومة مركزية، وهذا أمر يحدده الدستور المؤقت والذي ينظم ايضا أي استثمارات ستتم في داخل الولاية سواء في الأسماك أو في المعادن وغيرها فإن الأرباح سيتم توزيعها حسب ما تحدده اللوائح لدينا إلى ثلاثة أقسام وهي ثلث للمنطقة التي تم الاستخراج منها وثلث للولاية والثلث الأخير للحكومة المركزية .. وبهذا تكون المناطق في الولاية لها حصة تستطيع الاستفادة منها في تنفيذ مشاريع تنموية مختلفة.. وحكومة الولاية لها حصة كذلك لدعم موازنتها السنوية وتوفير رواتب واحتياجات الموظفين في الولايات .. ثم الحكومة المركزية كذلك.
وهل تعتقدون ان الحكومة المؤقتة ستنجح خاصة وانها تتعرض لهجمات بين فينة واخرى ؟
- جميع ابناء الصومال يعلقون الآمال عليها، وهي الآن قد وصلت إلى مقديشو وقد بدأت بعمل الكثير وأعتقد أنها ستنجح وتحقق آمال الصوماليين بقيام دولة وإنهاء أبشع فصول المأساة التي تجسدت بعد انهيار الدولة .. وأملنا بذلك كبير جداً ..
متى كانت آخر زيارة لك إلى مقديشو؟
- قبل (26)سنة، أنا ترعرعت في مقديشو وقبل ان تصل الحكومة المؤقتة اليها كنت لا أستطيع زيارتها ولا حتى تذكر سنوات طفولتي الأولى فيها ولا أرى مقديشو إلا من خلال التلفزيون .. وأنا أؤمن أنه عندما تكون مقديشو آمنة تكون الصومال كلها آمنة.
كيف هي علاقتكم بأرض الصومال خاصة بعد الأخبار عن مواجهات في منطقتي صول وسناج على الحدود؟
- ليس لدينا أية مشكلة، ومنطقتا صول وسناج تحت سيطرة حكومة بونت لاند .. هم اختاروا الانفصال ومن حق الشعب هناك أن يقرر ما يريد، أما نحن فنؤمن بالفيدرالية.
هل تعتقد أن أرض الصومال تتلقى دعماً وممن إن وجد؟
- ليس لدينا تقارير أكيدة عن الجهات التي تقدم المساعدات لأرض الصومال، لكننا متأكدون أن أرض الصومال تحصل على مساعدات كثيرة فلديهم وسائل نقل وذخائر وأسلحة لا يمكن أن تكون من أرض الصومال فقط بل جاءت كدعم خارجي.
ماذا بشأن أمن البحر ومشاكل الصيد والتهريب وخاصة من ميناء بصاصو الذي يتبعكم؟
- تمتلك الصومال ساحلاً طويلاً يمتد لأكثر من (3300) كيلو متر ومع غياب الدولة لسنوات طوال أصبح غير مستبعد حدوث عمليات تهريب وقرصنة ودخول سلاح، لذا فإن هذا الأمر لا يمكن حصره على ميناء بصاصو دون غيرها .. لكني أؤكد لك أنه حالياً قمنا بالتعاون مع جهات أجنبية بإيقاف الكثير من عمليات النزوح التي غالباً ماكانت تأتي من العاصمة ومناطق الجنوب بسبب الحرب الأهلية هناك .. وقد منعنا ألافا عديدة من التسلل عبر سواحلنا سواء التي تتجه إلى اليمن أو أثيوبيا.
إن هذا الأمر يثير قلقنا باستمرار .. والجميع يسمع ويرى يومياً غرق العشرات من الصوماليين جراء هذا التسلل .. وقد حاولنا التواصل مع منظمات عالمية ودول الجوار كاليمن وأثيوبيا باعتبار الغالبية العظمى قادمة من (أثيوبيا) (ارمو) ـ لعقد لقاء تشاوري بهذا الخصوص وتدارس السبل الكفيلة بوقف هذه المآسي الإنسانية وعمليات التهريب التي تتفاقم يوماً بعد آخر على مسمع ومرأى العالم..
كيف تقيم الدور العربي من الأزمة الصومالية؟
- لم يقم بالدور الذي يجب أن يقوم به،.. الحكومة اليمنية فقط هي من تقف إلى جانب الشعب الصومالي ،، ونحن نرى مؤتمرات متتالية للجامعة لا تفرز أية نتائج إيجابية بالنسبة للصوماليين، كما لا توجد أية مساندة مالية وإذا قامت بعض الدول بدفع أموال فإنها غالباً ما تقدمها عبر منظمات وهيئات دولية ونحن عاتبون على الدور العربي الغائب في الصومال عموماً ..
حاولت المحاكم الاسلامية اثناء سيطرتها على السلطة في مقديشو التوغل في حدود الولايات من ناحية مدينة (كالكاعيو) ..
كيف تمت مواجهتهم، وكيف تقيم تجربة المحاكم الإسلامية؟
- لقد كان هدف المحاكم الإسلامية هو الاستيلاء على الحكم في الصومال كلها.. وقد كان لديها غرور بأنها تستطيع الدخول والسيطرة على كل الصومال لكن في الحقيقة هذه المحاكم لم تكن أكثر من تشكيل لقبيلة (الهوية) التي تسيطر على العاصمة القومية مقديشو. ومهما حاولت التخفي وراء مصطلحات ودعايات إعلامية فإنها لا تبدو غير ذلك. لذلك كانت محاولاتها اليائسة بمهاجمتنا والاستيلاء على ولايتنا .. غير أننا كنا لها بالمرصاد .. وقد تم صدها ولم تستطع التوغل حتى متر واحد .. رغم أننا لم نكن قد بدأنا ضدها.. بل أن أمير الحرب (قبديد) هو من واجهها في بلدة (بندي ردلي) وقد ساندناه لدحر فلولها التي ارتدت خائبة باتجاه مدينة (بلدوين) .
غير هذا لقد حاولت مرات عدة إنشاء محاكم إسلامية في ولايتنا، لكنها فشلت في تحقيق ذلك.. كما حاولت القيام بأعمال إرهابية لكنها أيضاً فشلت أما ما يخص تقييم تجربتها فإني أؤكد أنها كانت تفتقد للخبرة السياسية ولم ينظر لها الشعب الصومالي كمشروع لبناء الدولة في المستقبل. لقد أرادوا التوسع في إطار القبيلة فقط .. حتى في حربهم ضد أمراء الحرب لم يقوموا بمحاربة جميع أمراء الحرب.. فمثلاً فقد تم استثناء يوسف سياد وهو أمير حرب معروف ومتحكم بميناء (مركا) ويسخرها لصالحه والسبب أنه ينتمي إلى عشيرة (العير) الذي ينتمي إليها رئيس مجلس شورى المحاكم العقيد حسن طه أويس . والحديث عن تحقيقهم الاستقرار في العاصمة لا يبدو عملاً خارقاً فأمراء الحرب الذين ينتمون إلى نفس القبيلة فقدوا الدعم القبلي بسبب تواطئهم وإتهامهم بالعمالة مع الولايات المتحدة وغيرها ومعلوم أن العاصمة القومية مقديشو أصبحت تسكنها قبيلة واحدة هي (الهوية) لذلك هي من تستطيع خلق المشاكل فيها وهي من تستطيع إنهاء الخلافات فيما بينها، فبعد أن كانت العاصمة القومية مقديشو مكاناً لسكن مختلف العشائر والقبائل الصومالية ..اليوم أصبحت مكانا لقبيلة واحدة بل لعشيرة في إطار قبيلة (الهوية) (الهبرجدر) .. وقد تم بالفعل تهجير للعشائر الأخرى بعد انهيار نظام سياد بري مطلع التسعينيات وخصوصاً قبيلة (الطارود). كما تمت السيطرة على الممتلكات والمزارع التي أصبحت اليوم بيد مستفيدين في إطار هذا التشكيل العشائري للمدينة لذلك هم يعارضون قيام أي دولة لأنهم يعتقدون أنها ستعيد الممتلكات لأصحابها وسيفقدون حينها ـ الكثير من مصالحهم .
كيف تقيم مسيرة الولاية منذ تأسيسها وحتى الآن؟
- تعيش ولاية بونت لاند الفيدرالية بأمن واستقرار وهذا يعود إلى طريقتها في تنظيم شئونها، فمنذ تأسيسها وترتيبها كان الرئيس الحالي للحكومة الفيدرالية هو أول رئيس لها وصاحب اليد التي عملت من أجل استقرار الولايات وترتيبها بالتشاور والحوار مع قادة العشائر.
وقد أجرت الولاية انتخابات بلدية ومحلية وبرلمانية ولديها ممثلون من الحكومة الفيدرالية الإنتقالية وهي تمضي في طريقها بثبات وعزم فأملهم هو أن استقرارها كان العامل الأهم لتطلعها إلى المستقبل وبناء ذاتها بعيداً عن الثارات والحروب والفتن التي احتقنت في الصومال وخصوصاًُ في العاصمة القومية مقديشو لهذا نستطيع النظر لتجربتنا بما تم تحقيقها من إنشاء الوزارات والإدارات المحلية وللخطط التي تم وضعها من أجل تنمية الأرياف وتشغيل الموانئ والمطارات وغيرها من المنشآت الحيوية وفتح أبواب الاستثمارات لشركات أجنبية بموجب ما يحدده الميثاق الوطني الإنتقالي.