ثمن مسؤولون ودبلوماسيون وخبراء مصريون الدعم السعودي والتحركات النشطة على كافة الأصعدة إقليميا ودوليا لمساندة مصر خلال هذه المرحلة الصعبة والتحولات التي تمر بها.
وأجمعوا في تصريحاتهم لـ «عكاظ» على أن مصر وشعبها عهدوا دوما مواقف المملكة التاريخية وأنها تنحاز إليهم في أوقات المحن والشدائد، وتتصدر الصفوف لتثبت أنها الشقيق الوفي، معتبرين أن هذه المواقف ليست غريبة ولا جديدة ولا ينبغي أن تثير الدهشة لأن هذه هي أخلاق الأشقاء.. ورأوا أنها دائما ما تترجم ما جرت العادة على اعتبارها بالعلاقات الخاصة التي تجمع الشعبين والقيادتين، وأشادوا بما أسفر عن اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الأول من ضرورة المضي في خارطة المستقبل في مصر.. واعتبروها المراقبون دلالة على بداية تغير الموقف الأوروبي مما يحدث في مصر..
أصالة وبعد نظر
•• في البداية قال السفير ناصر كامل مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية أن موقف المملكة ليس بالجديد ولا بالغريب على مصر، إذ طالما عهدناها دوما تبادر وتنحاز إلى جانب الحق خاصة في وقت الشدائد والمحن..
وأكد مساعد وزير الخارجية أن حرص المملكة على التحرك الدولي لدعم مصر خلال هذه الفترة التاريخية المهمة يعكس مدى أصالة الأشقاء السعوديين تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز..
•• في ذات السياق يقول السفير هاني خلاف -مساعد وزير الخارجية السابق ومندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية- أنه لم يستغرب التحرك الذي تقوم به المملكة تجاه مصر، بعد مبادرة خادم الحرمين الشريفين يوم 14 أغسطس بعد ساعات من أحداث فض الاعتصام، التي انحاز من خلالها إلى جانب مصر وأذهلت العالم لكنها لم تذهلنا نحن المصريين طالما عهدنا هذه المواقف الكريمة من الأشقاء بالمملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين..
جولات داعمة لمصر
•• ويقول الدكتور محمد مجاهد الزيات -مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط- إن اضطلاع وزير الخارجية سمو الأمير سعود الفيصل بهذا الدور والتحركات التي قام ويقوم بها أنها لن تقتصر على فرنسا وحدها وإنما ستشمل دولا غربية عديدة بجانب الولايات المتحدة..
ويري الدكتور الزيات أن هذه التحركات تعكس وجود تكليفات من جانب خادم الحرمين الشريفين وإلقاء الدبلوماسية السعودية بثقلها ليس وراء مصر كما يحلو للبعض القول، وإنما أمامها لكي تثبت للعالم أن ما يشغل مصر ويؤلمها هو شأن سعودي أيضا بالدرجة الأولى..
•• ويؤكد السفير جمال بيومي -مساعد وزير الخارجية السابق والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب- أنه بدوره لم يندهش لموقف خادم الحرمين الشريفين الكريم تجاه مصر..
ويعتبر السفير جمال بيومي زيارة وزير الخارجية السعودي سمو الأمير سعود الفيصل لباريس وقيامه بهذه المهمة تأكيدا جديدا على مدى وحجم الروابط بين البلدين ليثبت للعالم أجمع وليس للفرنسيين فقط على عمق العلاقة المصرية ـــ السعودية ومدى انشغال المملكة وعلى كافة المستويات بالهم العربي والمصري على وجه الخصوص وحرصها على أن تكون في المقدمة دوما..
ويقول السفير بيومي ينبغي أن نتذكر دوما حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والمملكة التي كانت وستظل تحتل المرتبة الأولى بجانب حجم الاستثمارات السعودية في مصر والمصرية بالمملكة، وهو أمر يبرهن على أن هذه العلاقة من العمق والتداخل بحيث لا نستغرب أو نندهش حين نرى رئيس الدبلوماسية السعودية يتولى بنفسه القيام بمهام خارجية من أجل توفير السند والدعم لمصر، خاصة حين تأتي هذه المهمة بعد الخطوة والمبادرة التاريخية من جانب خادم الحرمين الشريفين..
ويرى بيومي أن هذه التحركات تؤكد أن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل يتحدث إلى العالم والمسؤولين الفرنسيين باسم خادم الحرمين الشريفين ما يعطي مهمته الثقل الذي يبرهن على وقوف المملكة على كافة المستويات إلى جانب مصر وانحيازها التام للشرعية التي تمخضت عن ثورة 30 يونيو كما تعكس دعم المملكة لخارطة الطريق التي تلتزم بها الحكومة حتى يتحقق لشعب مصر تطلعاته وطموحاته في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم التي عبر عنها في 25 يناير.. بعد سعت هذه جماعة «الإخوان» لاختطاف هذه الثورة.. على مدى عام مضى..
دبلوماسية سعودية مؤثرة
•• ويؤكد الدكتور على الصاوي -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن الدبلوماسية السعودية تعمل بخطى مدروسة عبرت عنها رسالة خادم الحرمين الشريفين التي وجهها إلى كل دول العالم، ويضيف لذلك لا نستغرب هذا التحرك الذي يقوم به الأمير سعود الفيصل لدى دول العالم، والذي استهله بفرنسا ونثق أنه سيشمل دولا أخرى غربية «أوروبية وأمريكية» ليؤكد أن المملكة تقف إلى جانب الشعب المصري وتنحاز إلى إرادته الحرة تماما تلك التي عبر عنها خلال ثورة 30 يونيو..
كما أن الأمر لن يقتصر على مبادرة خادم الحرمين ورسالته التي وصلت سائر دول العالم، وإنما سيتواصل من خلال التحرك والدعم السعودي عبر الاتصالات الثنائية ومن خلال المحافل الدولية، ليؤكد أن المملكة ستظل تقف إلى جانب هذا الشعب الشقيق حتى يعبر الأزمة الحالية ويتم تنفيذ خريطة الطريق ما يؤكد ثقة المملكة ووقوفها بقوة وراء الشرعية المصرية الجديدة التي أتت على إثر ثورة 30 يونيو، وكذا المساندة الكاملة للتحرك المصري المشروع للقضاء على كل بؤر الإرهاب واستعادة هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار لشعبها.
•• ويضيف هشام سعيد أبوالسعد مساعد رئيس حزب الجبهة الديموقراطية وعضو المكتب السياسي للحزب التحرك السعودي بأنه دور مشكور للمملكة ويقول نحن نشعر بالامتنان ونذكر جهود المملكة وموقف وزير خاجية المملكة المشرف للغاية الذي كانت مصر في أشد الاحتياج له وهو نجاح كبير للدبلوماسية السعودية لأنه سوف يؤثر تماما على الاتحاد الأوروبي وبالفعل هناك بوادر على تغير الموقف الغربي بفضل النجاح الهائل الذي تحققه الدبلوماسية السعودية، وأضاف في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ بلادنا، وعلى مدار الأيام الماضية منذ أن بدأت قوات الأمن في فض الاعتصامات التخريبية في ميدان النهضة بالجيزة ورابعة العدوية بالقاهرة، ومصر تتعرض لحملة غير مسبوقة لزعزعة استقرارها وللنيل من وحدتها وتماسكها من الداخل ومن الخارج، وها هو الموقف السعودي يأتي ليدعم جهودنا لعودة الأمن والاستقرار.
ففي الداخل تكالبت علينا عصابات الإرهاب الإجرامية التي أسفرت عن وجهها القبيح وراحت تعيث فسادا في الأرض وتحاول إحراق الأخضر واليابس وتصوير الأمر على أنه الحرب الأهلية وإظهار الشعب المصري في حالة انقسام، وتواكب مع هؤلاء بعض الشخصيات المرتعشة من أصحاب المصالح الخاصة والتي تعمل من أجل ذاتها فقط، وأساءت إلى البلاد أيما إساءة.
وزن المملكة الأوروبي
•• ومن جانبه رحب بشدة رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في باريس الدكتور صالح بكر الطيار بجهود الدبلوماسية السعودية، وقال لـ «عكاظ» في القاهرة: إن الموقف الأوروبي لم يتشكل بعد حتى اللحظة الجارية، ولابد أن نفصل بين ما يذاع في الإعلام الأوروبي وبين مواقف الدول الأوروبية منفردة أو الاتحاد الأوروبي بشكل عام، ونظرا لما تحظى به الدبلوماسية السعودية ومواقفها المعتدلة والعاقلة صدر بيان عن اجتماع الأمير سعود الفيصل والرئيس الفرنسي يؤكد منح الفرصة لمصر لتطبيق خارطة المستقبل المصرية، وتابع قائلا «إن كلمة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وما تبعه من تأكيد بيان من دولة الإمارات حرك الموقف الأوروبي بفضل الثقل الإقليمي للمملكة وأنها العاصمة الثقافية والدينية في المنطقة إضافة إلى النفط أيضا»، وحول تأثير فرض العقوبات على مصر، قال الطيار وهو الأمين العام لغرفة التجارة العربية الفرنسية: التأثير لن يكون إلا بعد عدة أشهر، وقد تصل إلى ستة أشهر لو اتخذ القرار، مضيفاً بالقول: «أعتقد أن التعامل مع مصر سيكون مختلفا لأن الثمن الإقليمي لهذا سيكون باهظاً، وذلك لأن مصر حجر الزاوية وهو ما أكده الملك عبدالله في كلمته».
أهمية التحرك السعودي
•• من جانبه، أكد السفير حسين شكري، مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق في سورية، أن موقف وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والاتفاق معا على منح خارطة الطريق في مصر فرصة لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، هي جهود دبلوماسية تقوم بها المملكة العربية السعودية لإحساسها بالضرورة بأن تسترد مصر عافيتها وضرورة توقف العنف والإرهاب بسرعة خلال الفترة القادمة، وأشار شكري إلى أن هناك حملة دبلوماسية تريد أن تظهر للعالم ما يحدث في مصر لمواجهة الإرهاب على غير حقيقته، وبالتالي لابد أن يكون لمصر شبكة أمان عربية تستند إليها في مثل هذه المواقف العصيبة، ويجب علىنا أن نحافظ على صلابة الموقف العربي وضرورة رسم خارطة المستقبل وأن نستمر في تعريف العالم الخارجي أننا نواجه الإرهاب الداخلي الذي يعمل على زعزعة الأمور وعدم النهوض بمستقبل مصر المقبل.
•• وأشاد السفير حسين شكري بموقف المملكة واصفا إياها بأنها دولة شقيقة وساعدت مصر ووقفت إلى جوارها دوما، وأن التاريخ سيسجل هذا الموقف بجانب مواقف المملكة السابقة من مصر، فضلا عن رفضها تدخل العالم الغربي في شؤون مصر ودعم الإرهاب الذى يعتدي على الممتلكات والمؤسسات لتحقيق مطامعهم، متمنيا من كل الدول العربية أن تسير على نهج موقف المملكة وأن تدعم مصر في الظروف الراهنة.
تغيير ملموس للموقف الفرنسي
•• وتوجه محمد الأشقر، عضو المكتب التنفيذي لشباب جبهة الإنقاذ، بالتحية للمملكة والأمير سعود الفيصل على المجهود الذي قام به، ومحاولاته لإقناعه الأطراف الأوروبية التي لم تصلها الصورة كاملة عما يحدث في مصر، الأمر الذي أدى إلى تغيير الموقف الفرنسي، وإعلان خارجية باريس الترحيب بخارطة طريق المستقبل، لافتاً إلى أن مجهودات المملكة في الملف المصري تشعرنا بأنها تتعامل مع ملف سعودي خالص.
امتنان الأحزاب
•• وأعرب شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، عن امتنان الحزب وكل أعضائه وقياداته بموقف المملكة العربية السعودية الداعم لمصر في حربها ضد الإرهاب، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها. وأضاف لطالما كانت العلاقة المصرية ـــ السعودية تاريخية ومتميزة، والموقف السعودي في هذه اللحظات الحاسمة يبين المعدن الحقيقي للأشقاء المحبين للشعب المصري، بعيدا عن الساعين لتحقيق مصالحهم على حساب سيادة الدولة المصرية.
•• وأعرب حزب التجمع في بيان صادر عنه عن شكره للمملكة والإمارات على وقفتهم الشجاعة إلى جانب مصر وشعبها، قائلا إن الشعب المصري لن ينسى هذا الموقف الشجاع للعاهل السعودي ووزير خارجية المملكة والإخوة الإماراتيين، وعدد من الحكام وجميع الشعوب العربية، ومستمدا من هذا الدعم طاقة جديدة سيمضي شعبنا وجيشنا وشرطتنا إلى الأمام في بناء وطن وديمقراطية حقيقية، متمتعا بالعدل الاجتماعي، وسيركل كل الضغوط الإمبريالية التي تحاول عبثا مساندة الإرهاب الوحشي لجماعات التأسلم.
ترجمة التصريحات السعودية إلى فعل
•• واعتبر حسين هريدي مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، أن تحركات سمو الأمير سعود الفيصل، هي ترجمة فعلىة، لتصريحات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي غطى فيها ثلاثة محاور رئيسية أولاها دعوة الدول العربية لدعم ومساندة مصر في أزمتها الحالية، وثانيها توجيه رسالة واضحة محذرة للولايات المتحدة الأمريكية، التي جاءت عقب خطاب باراك أوباما الرئيس الأمريكي بيوم واحد والذي ألغي فيه مناورات النجم الساطع، حيث تضمن خطاب العاهل السعودي رفضا للتدخل الخارجي في الشؤون المصرية الداخلية والذي وصفة بأنه تدخل «يوقد الفتنة»، أما المحور الثالث في خطاب العاهل السعودي، فهو تأكيد على الوقوف بجانب مصر في أزمتها الراهنة بشكل واضح، قائلا: «الرياض ساندت مصر على امتداد أربعة عقود، تحديدا بعد الأزمتين وقت الحرب وبعد النكسة، أو بشكل غير مباشر في شكل مساعدات اقتصادية وسياسية وترسيخ الاستثمارات السعودية في مصر، فموقف السعودية الآن يتسق مع مواقفها التاريخية».
•• كما رحب الدكتور حلمي شعراوي، الخبير السياسي مدير مركز الدراسات العربية والأفريقية، بالخطوة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ودولة فرنسا بمنح خارطة الطريق في مصر فرصة لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، متوقعا أن يكون لتلك الخطوة تأثير على دول العالم التي تتخذ مواقف مناوئة للإرادة الشعبية المصرية.
نفوذ سعودي متزايد في العالم
•• وأكد شعراوي أن المملكة لها نفوذ قوي في دوائر عالمية كثيرة من ضمنها دول الاتحاد الأوروبي، متوقعا أن قرار المملكة بمنح خارطة الطريق في مصر فرصة سيكون له رد فعل عالمي يثني على أهداف ومطالب ثورة 30 يونيو.
•• وقال الدكتور عزازي علي عزازي، عضو مجلس أمناء التيار الشعبي المصري، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني، إن المملكة العربية السعودية لم تكتف بدعمها لمصر الدولة ضد الإرهاب، ولم تكتف بموقفها الداعم اقتصاديا لمصر في هذه المرحلة الصعبة، بل تخطت ذلك إلى مسار دبلوماسي مكثف في الدوائر الغربية مساندة للموقف المصري.
وأضاف عضو مجلس أمناء التيار الشعبي أن موقف السعودية من دعم مصر على كافة الأصعدة هو موقف مشرف وقوي وشجاع يليق بالمملكة والعاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وأوضح عزازي أن التحرك السعودي جاء تنفيذا لتوجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز الواضحة والقوية لدرجة لا تحمل شكا، خاصة أن خطاب خادم الحرمين جاء مبنيا على ثلاثة محاور رئيسية، الأول دعوته للدول العربية للوقوف بجانب مصر، الثانية توجيه رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي جاءت عقب خطاب باراك أوباما وبيان الخارجية الأمريكية، مؤكدا بأن تدخلها في الشؤون المصرية الداخلية، والتي وصفها بأنه تدخل «يوقد الفتنة»، المحور الثالث هو استعداده للوقوف بجانب الأزمة المصرية بشكل واضح ضد ما سماه «الإرهاب»، بعدما صرح أن استقرار مصر يتعرض لمحاولة فاشلة لضرب وحدته واستقراره وهو ما يؤكد دعم خادم الحرمين الشريفين بكل قوة لمصر في هذه المرحلة الخطيرة.
وأجمعوا في تصريحاتهم لـ «عكاظ» على أن مصر وشعبها عهدوا دوما مواقف المملكة التاريخية وأنها تنحاز إليهم في أوقات المحن والشدائد، وتتصدر الصفوف لتثبت أنها الشقيق الوفي، معتبرين أن هذه المواقف ليست غريبة ولا جديدة ولا ينبغي أن تثير الدهشة لأن هذه هي أخلاق الأشقاء.. ورأوا أنها دائما ما تترجم ما جرت العادة على اعتبارها بالعلاقات الخاصة التي تجمع الشعبين والقيادتين، وأشادوا بما أسفر عن اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الأول من ضرورة المضي في خارطة المستقبل في مصر.. واعتبروها المراقبون دلالة على بداية تغير الموقف الأوروبي مما يحدث في مصر..
أصالة وبعد نظر
•• في البداية قال السفير ناصر كامل مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية أن موقف المملكة ليس بالجديد ولا بالغريب على مصر، إذ طالما عهدناها دوما تبادر وتنحاز إلى جانب الحق خاصة في وقت الشدائد والمحن..
وأكد مساعد وزير الخارجية أن حرص المملكة على التحرك الدولي لدعم مصر خلال هذه الفترة التاريخية المهمة يعكس مدى أصالة الأشقاء السعوديين تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز..
•• في ذات السياق يقول السفير هاني خلاف -مساعد وزير الخارجية السابق ومندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية- أنه لم يستغرب التحرك الذي تقوم به المملكة تجاه مصر، بعد مبادرة خادم الحرمين الشريفين يوم 14 أغسطس بعد ساعات من أحداث فض الاعتصام، التي انحاز من خلالها إلى جانب مصر وأذهلت العالم لكنها لم تذهلنا نحن المصريين طالما عهدنا هذه المواقف الكريمة من الأشقاء بالمملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين..
جولات داعمة لمصر
•• ويقول الدكتور محمد مجاهد الزيات -مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط- إن اضطلاع وزير الخارجية سمو الأمير سعود الفيصل بهذا الدور والتحركات التي قام ويقوم بها أنها لن تقتصر على فرنسا وحدها وإنما ستشمل دولا غربية عديدة بجانب الولايات المتحدة..
ويري الدكتور الزيات أن هذه التحركات تعكس وجود تكليفات من جانب خادم الحرمين الشريفين وإلقاء الدبلوماسية السعودية بثقلها ليس وراء مصر كما يحلو للبعض القول، وإنما أمامها لكي تثبت للعالم أن ما يشغل مصر ويؤلمها هو شأن سعودي أيضا بالدرجة الأولى..
•• ويؤكد السفير جمال بيومي -مساعد وزير الخارجية السابق والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب- أنه بدوره لم يندهش لموقف خادم الحرمين الشريفين الكريم تجاه مصر..
ويعتبر السفير جمال بيومي زيارة وزير الخارجية السعودي سمو الأمير سعود الفيصل لباريس وقيامه بهذه المهمة تأكيدا جديدا على مدى وحجم الروابط بين البلدين ليثبت للعالم أجمع وليس للفرنسيين فقط على عمق العلاقة المصرية ـــ السعودية ومدى انشغال المملكة وعلى كافة المستويات بالهم العربي والمصري على وجه الخصوص وحرصها على أن تكون في المقدمة دوما..
ويقول السفير بيومي ينبغي أن نتذكر دوما حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والمملكة التي كانت وستظل تحتل المرتبة الأولى بجانب حجم الاستثمارات السعودية في مصر والمصرية بالمملكة، وهو أمر يبرهن على أن هذه العلاقة من العمق والتداخل بحيث لا نستغرب أو نندهش حين نرى رئيس الدبلوماسية السعودية يتولى بنفسه القيام بمهام خارجية من أجل توفير السند والدعم لمصر، خاصة حين تأتي هذه المهمة بعد الخطوة والمبادرة التاريخية من جانب خادم الحرمين الشريفين..
ويرى بيومي أن هذه التحركات تؤكد أن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل يتحدث إلى العالم والمسؤولين الفرنسيين باسم خادم الحرمين الشريفين ما يعطي مهمته الثقل الذي يبرهن على وقوف المملكة على كافة المستويات إلى جانب مصر وانحيازها التام للشرعية التي تمخضت عن ثورة 30 يونيو كما تعكس دعم المملكة لخارطة الطريق التي تلتزم بها الحكومة حتى يتحقق لشعب مصر تطلعاته وطموحاته في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم التي عبر عنها في 25 يناير.. بعد سعت هذه جماعة «الإخوان» لاختطاف هذه الثورة.. على مدى عام مضى..
دبلوماسية سعودية مؤثرة
•• ويؤكد الدكتور على الصاوي -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن الدبلوماسية السعودية تعمل بخطى مدروسة عبرت عنها رسالة خادم الحرمين الشريفين التي وجهها إلى كل دول العالم، ويضيف لذلك لا نستغرب هذا التحرك الذي يقوم به الأمير سعود الفيصل لدى دول العالم، والذي استهله بفرنسا ونثق أنه سيشمل دولا أخرى غربية «أوروبية وأمريكية» ليؤكد أن المملكة تقف إلى جانب الشعب المصري وتنحاز إلى إرادته الحرة تماما تلك التي عبر عنها خلال ثورة 30 يونيو..
كما أن الأمر لن يقتصر على مبادرة خادم الحرمين ورسالته التي وصلت سائر دول العالم، وإنما سيتواصل من خلال التحرك والدعم السعودي عبر الاتصالات الثنائية ومن خلال المحافل الدولية، ليؤكد أن المملكة ستظل تقف إلى جانب هذا الشعب الشقيق حتى يعبر الأزمة الحالية ويتم تنفيذ خريطة الطريق ما يؤكد ثقة المملكة ووقوفها بقوة وراء الشرعية المصرية الجديدة التي أتت على إثر ثورة 30 يونيو، وكذا المساندة الكاملة للتحرك المصري المشروع للقضاء على كل بؤر الإرهاب واستعادة هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار لشعبها.
•• ويضيف هشام سعيد أبوالسعد مساعد رئيس حزب الجبهة الديموقراطية وعضو المكتب السياسي للحزب التحرك السعودي بأنه دور مشكور للمملكة ويقول نحن نشعر بالامتنان ونذكر جهود المملكة وموقف وزير خاجية المملكة المشرف للغاية الذي كانت مصر في أشد الاحتياج له وهو نجاح كبير للدبلوماسية السعودية لأنه سوف يؤثر تماما على الاتحاد الأوروبي وبالفعل هناك بوادر على تغير الموقف الغربي بفضل النجاح الهائل الذي تحققه الدبلوماسية السعودية، وأضاف في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ بلادنا، وعلى مدار الأيام الماضية منذ أن بدأت قوات الأمن في فض الاعتصامات التخريبية في ميدان النهضة بالجيزة ورابعة العدوية بالقاهرة، ومصر تتعرض لحملة غير مسبوقة لزعزعة استقرارها وللنيل من وحدتها وتماسكها من الداخل ومن الخارج، وها هو الموقف السعودي يأتي ليدعم جهودنا لعودة الأمن والاستقرار.
ففي الداخل تكالبت علينا عصابات الإرهاب الإجرامية التي أسفرت عن وجهها القبيح وراحت تعيث فسادا في الأرض وتحاول إحراق الأخضر واليابس وتصوير الأمر على أنه الحرب الأهلية وإظهار الشعب المصري في حالة انقسام، وتواكب مع هؤلاء بعض الشخصيات المرتعشة من أصحاب المصالح الخاصة والتي تعمل من أجل ذاتها فقط، وأساءت إلى البلاد أيما إساءة.
وزن المملكة الأوروبي
•• ومن جانبه رحب بشدة رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في باريس الدكتور صالح بكر الطيار بجهود الدبلوماسية السعودية، وقال لـ «عكاظ» في القاهرة: إن الموقف الأوروبي لم يتشكل بعد حتى اللحظة الجارية، ولابد أن نفصل بين ما يذاع في الإعلام الأوروبي وبين مواقف الدول الأوروبية منفردة أو الاتحاد الأوروبي بشكل عام، ونظرا لما تحظى به الدبلوماسية السعودية ومواقفها المعتدلة والعاقلة صدر بيان عن اجتماع الأمير سعود الفيصل والرئيس الفرنسي يؤكد منح الفرصة لمصر لتطبيق خارطة المستقبل المصرية، وتابع قائلا «إن كلمة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وما تبعه من تأكيد بيان من دولة الإمارات حرك الموقف الأوروبي بفضل الثقل الإقليمي للمملكة وأنها العاصمة الثقافية والدينية في المنطقة إضافة إلى النفط أيضا»، وحول تأثير فرض العقوبات على مصر، قال الطيار وهو الأمين العام لغرفة التجارة العربية الفرنسية: التأثير لن يكون إلا بعد عدة أشهر، وقد تصل إلى ستة أشهر لو اتخذ القرار، مضيفاً بالقول: «أعتقد أن التعامل مع مصر سيكون مختلفا لأن الثمن الإقليمي لهذا سيكون باهظاً، وذلك لأن مصر حجر الزاوية وهو ما أكده الملك عبدالله في كلمته».
أهمية التحرك السعودي
•• من جانبه، أكد السفير حسين شكري، مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق في سورية، أن موقف وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والاتفاق معا على منح خارطة الطريق في مصر فرصة لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، هي جهود دبلوماسية تقوم بها المملكة العربية السعودية لإحساسها بالضرورة بأن تسترد مصر عافيتها وضرورة توقف العنف والإرهاب بسرعة خلال الفترة القادمة، وأشار شكري إلى أن هناك حملة دبلوماسية تريد أن تظهر للعالم ما يحدث في مصر لمواجهة الإرهاب على غير حقيقته، وبالتالي لابد أن يكون لمصر شبكة أمان عربية تستند إليها في مثل هذه المواقف العصيبة، ويجب علىنا أن نحافظ على صلابة الموقف العربي وضرورة رسم خارطة المستقبل وأن نستمر في تعريف العالم الخارجي أننا نواجه الإرهاب الداخلي الذي يعمل على زعزعة الأمور وعدم النهوض بمستقبل مصر المقبل.
•• وأشاد السفير حسين شكري بموقف المملكة واصفا إياها بأنها دولة شقيقة وساعدت مصر ووقفت إلى جوارها دوما، وأن التاريخ سيسجل هذا الموقف بجانب مواقف المملكة السابقة من مصر، فضلا عن رفضها تدخل العالم الغربي في شؤون مصر ودعم الإرهاب الذى يعتدي على الممتلكات والمؤسسات لتحقيق مطامعهم، متمنيا من كل الدول العربية أن تسير على نهج موقف المملكة وأن تدعم مصر في الظروف الراهنة.
تغيير ملموس للموقف الفرنسي
•• وتوجه محمد الأشقر، عضو المكتب التنفيذي لشباب جبهة الإنقاذ، بالتحية للمملكة والأمير سعود الفيصل على المجهود الذي قام به، ومحاولاته لإقناعه الأطراف الأوروبية التي لم تصلها الصورة كاملة عما يحدث في مصر، الأمر الذي أدى إلى تغيير الموقف الفرنسي، وإعلان خارجية باريس الترحيب بخارطة طريق المستقبل، لافتاً إلى أن مجهودات المملكة في الملف المصري تشعرنا بأنها تتعامل مع ملف سعودي خالص.
امتنان الأحزاب
•• وأعرب شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، عن امتنان الحزب وكل أعضائه وقياداته بموقف المملكة العربية السعودية الداعم لمصر في حربها ضد الإرهاب، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها. وأضاف لطالما كانت العلاقة المصرية ـــ السعودية تاريخية ومتميزة، والموقف السعودي في هذه اللحظات الحاسمة يبين المعدن الحقيقي للأشقاء المحبين للشعب المصري، بعيدا عن الساعين لتحقيق مصالحهم على حساب سيادة الدولة المصرية.
•• وأعرب حزب التجمع في بيان صادر عنه عن شكره للمملكة والإمارات على وقفتهم الشجاعة إلى جانب مصر وشعبها، قائلا إن الشعب المصري لن ينسى هذا الموقف الشجاع للعاهل السعودي ووزير خارجية المملكة والإخوة الإماراتيين، وعدد من الحكام وجميع الشعوب العربية، ومستمدا من هذا الدعم طاقة جديدة سيمضي شعبنا وجيشنا وشرطتنا إلى الأمام في بناء وطن وديمقراطية حقيقية، متمتعا بالعدل الاجتماعي، وسيركل كل الضغوط الإمبريالية التي تحاول عبثا مساندة الإرهاب الوحشي لجماعات التأسلم.
ترجمة التصريحات السعودية إلى فعل
•• واعتبر حسين هريدي مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، أن تحركات سمو الأمير سعود الفيصل، هي ترجمة فعلىة، لتصريحات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي غطى فيها ثلاثة محاور رئيسية أولاها دعوة الدول العربية لدعم ومساندة مصر في أزمتها الحالية، وثانيها توجيه رسالة واضحة محذرة للولايات المتحدة الأمريكية، التي جاءت عقب خطاب باراك أوباما الرئيس الأمريكي بيوم واحد والذي ألغي فيه مناورات النجم الساطع، حيث تضمن خطاب العاهل السعودي رفضا للتدخل الخارجي في الشؤون المصرية الداخلية والذي وصفة بأنه تدخل «يوقد الفتنة»، أما المحور الثالث في خطاب العاهل السعودي، فهو تأكيد على الوقوف بجانب مصر في أزمتها الراهنة بشكل واضح، قائلا: «الرياض ساندت مصر على امتداد أربعة عقود، تحديدا بعد الأزمتين وقت الحرب وبعد النكسة، أو بشكل غير مباشر في شكل مساعدات اقتصادية وسياسية وترسيخ الاستثمارات السعودية في مصر، فموقف السعودية الآن يتسق مع مواقفها التاريخية».
•• كما رحب الدكتور حلمي شعراوي، الخبير السياسي مدير مركز الدراسات العربية والأفريقية، بالخطوة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ودولة فرنسا بمنح خارطة الطريق في مصر فرصة لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، متوقعا أن يكون لتلك الخطوة تأثير على دول العالم التي تتخذ مواقف مناوئة للإرادة الشعبية المصرية.
نفوذ سعودي متزايد في العالم
•• وأكد شعراوي أن المملكة لها نفوذ قوي في دوائر عالمية كثيرة من ضمنها دول الاتحاد الأوروبي، متوقعا أن قرار المملكة بمنح خارطة الطريق في مصر فرصة سيكون له رد فعل عالمي يثني على أهداف ومطالب ثورة 30 يونيو.
•• وقال الدكتور عزازي علي عزازي، عضو مجلس أمناء التيار الشعبي المصري، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني، إن المملكة العربية السعودية لم تكتف بدعمها لمصر الدولة ضد الإرهاب، ولم تكتف بموقفها الداعم اقتصاديا لمصر في هذه المرحلة الصعبة، بل تخطت ذلك إلى مسار دبلوماسي مكثف في الدوائر الغربية مساندة للموقف المصري.
وأضاف عضو مجلس أمناء التيار الشعبي أن موقف السعودية من دعم مصر على كافة الأصعدة هو موقف مشرف وقوي وشجاع يليق بالمملكة والعاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وأوضح عزازي أن التحرك السعودي جاء تنفيذا لتوجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز الواضحة والقوية لدرجة لا تحمل شكا، خاصة أن خطاب خادم الحرمين جاء مبنيا على ثلاثة محاور رئيسية، الأول دعوته للدول العربية للوقوف بجانب مصر، الثانية توجيه رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي جاءت عقب خطاب باراك أوباما وبيان الخارجية الأمريكية، مؤكدا بأن تدخلها في الشؤون المصرية الداخلية، والتي وصفها بأنه تدخل «يوقد الفتنة»، المحور الثالث هو استعداده للوقوف بجانب الأزمة المصرية بشكل واضح ضد ما سماه «الإرهاب»، بعدما صرح أن استقرار مصر يتعرض لمحاولة فاشلة لضرب وحدته واستقراره وهو ما يؤكد دعم خادم الحرمين الشريفين بكل قوة لمصر في هذه المرحلة الخطيرة.