-A +A
عادل بترجي
أصبحت التقنية في القرن الحادي والعشرين جزءا لا يتجزأ من حياة الطلاب باختلاف أعمارهم، فالملاحظ أن استخدام الوسائط الإلكترونية مثل: الآي فون، والآي باد، والبلاك بري، أصبح في متناول شريحة مقدرة من طلاب التعليم العام. لقد أشرت في مقال سابق حول متطلبات التحول إلى المجتمع المعرفي، إلا أن جزءا من استراتيجية التحول تعتمد على توظيف التقنية في المسار التعليمي لطلاب التعليم العام، ومع أن الكثير من مدارسنا ليست مجهزة بوسائل التقنية المناسبة للقرن الذي نعيش فيه، إلا أن التحول السريع في قدرات الطلاب في التعامل مع التقنية ووسائطها، يحتم علينا عدم الانتظار، حتى تقوم مؤسسات الدولة التربوية بتفعيل ذلك الجزء من الاستراتيجية، بل بإمكان المعلم بذل شيء من الجهد؛ لدمج التقنية في المنهج، وخصوصا في المواد التي لا تتطلب معرفة عميقة باللغة الإنجليزية، مثل: الرياضيات، وبعض مواد العلوم الطبيعية.
تتلخص تجارب المعلمين الذين خاضوا في هذا المجال، في خمس نقاط، يمكن أن تكون مرشدا، لمن أراد أن يبدأ بالتطبيق مع بداية العام الدراسي الآتي عما قريب. أولى هذه الموجهات هي: البحث عن جزئية محددة من التقنية المتوفرة، والتي يمكن أن تعزز المنهج الذي يدرس في الفصل. ففي مجال الرياضيات مثلا، يتم البحث والعثور على موقع في الشبكة العنكبوتية، يقدم مادة إضافية بلغة بسيطة، يمكن أن تعين الطالب على التوسع في فهم الأسس التي يقوم عليها الدرس، وكذلك تطبيقات متنوعة حول المادة المعطاة، ويمكن للمعلم بعد شرح المحتوى العلمي في الحصة الدخول على الموقع، وتوجيه الطلاب نحو استخدام محتوياته في وقتهم الخاص للتعمق في الفهم والتطبيق، وتستخدم هذه المواقع عادة أسلوب التدرج في التعامل مع الطالب، فكلما أنجز مستوى ارتقى تلقائيا إلى المستوى الأكثر صعوبة. ومع وجود تغطية شبكات الاتصالات في الكثير من الأماكن العامة والخاصة، يستطيع الطالب أن يمارس عملية التعلم -في أغلب الأحيان- في أي مكان، وفي الوقت الذي يناسبه، مما يجعله يتحمل جزءا من مسؤولية تعلمه.

النصيحة الثانية: عدم التسرع في التطبيق، وفي استعجال النتائج، مع استخدام التقنية، لتحل محل بعض ما يستخدم في الحصة، أو خارجها، ولتحسين وسائل التعلم. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام مواقع الإنترنت، لحل مسائل حول الدرس بدلا من الورقة والقلم، وعادة ما تقوم تلك المواقع بتصحيح إجابة الطالب، وشرح تفاصيل الحل، مع الاحتفاظ بسجل تعامل الطالب مع الموقع.
النصيحة الثالثة: تدور حول النسج الكامل للمادة التي تعطى في الحصة، مع المواقع المستخدمة من الإنترنت، بحيث يستوعب الطالب، أن ما تقدمه التقنية يكمل ما يقدمه المعلم في الصف، وبالتالي تحصل الفائدة من كلا الأسلوبين.
النصيحة الرابعة: تخص مرحلة ما بعد تحقيق المكاسب الأولية، وتعود الطلاب على التفاعل مع التقنية، في عملية التعلم. ففي هذه المرحلة بإمكان المعلم توجيه الطلاب لاستخدام محركات البحث، ومراكز المعلومات المتوفرة رقميا على الإنترنت، في القيام ببحوث علمية حول جزئية مختارة بعناية من مادة الدرس، وبإمكان الطلاب تحقيق هذه الخطوة من خلال العمل في مجموعات صغيرة، وبذلك تتحقق فائدة أخرى توفرها التقنية، ويستطيع الطلاب في هذه المرحلة توظيف برامج التواصل الاجتماعي؛ لتبادل المعلومات، بدلا من اللقاء البدني الذي يتطلب الانتقال عبر أطراف المدينة المزدحمة، وبإمكان الطلاب إخراج نتائج أبحاثهم في قوالب حديثة، مثل: العروض المرئية، والفيديو كليب.
التوجيه الخامس، والأخير: يخص توفير معلومات حول أماكن توفر خدمات الإنترنت العامة، إن لم تكن متاحة للطالب في المدرسة، أو المنزل. فقد وجد أن من الوسائل المفيدة في هذا المجال، وضع خريطة للمدينة في الصف الدراسي، يبين المعلم عليها الأماكن العامة التي يمكن أن يقصدها الطالب الذي لا تتوفر لديه وسيلة خاصة للدخول على الشبكة، ومع وجود الوسائط المتنقلة، فإن حدة هذه المشكلة تخف كثيرا.
إن توظيف التقنية في مسارات الحياة العامة والخاصة، أصبح ضرورة ملحة في القرن الحادي والعشرين، وعنصرا لا غنى لنا عنه، ومهارة لا بد أن يتقنها أبناؤنا في بداية مراحل عمرهم الأولية، وتوظيف التقنية في التعلم يبعد الطلاب عن توظيفها في مسارات لها أبعاد سلبية عليهم، وعلى المجتمع.