-A +A
صالح عبدالعزيز الكريِّم
ليس من هناك ضمير يحتاج إلى تفعيل مثل ضمير المعلم لأن في ذمته أنفسا صغيرة وأرواحا بريئة وقلوبا غضة وهم كالعجينة في اليد يمكن تشكيلهم وتوجيههم وفق ما يريده المعلم، والمعلم معلم سواء كان معلم ابتدائية أو متوسطة أو ثانوية أو مرحلة جامعية لأن المسألة مسألة منهج دراسي يقوم بتدريسه المعلم، وأنا من أنصار التسمية بالمعلم لمن يقوم بمهمة التدريس وليس (استاذ) لأنها مهنة التعليم. والجانب الذي يراعى في تعيين المعلمين هو تدبير الوظيفة للخريجين فقط دون أي مراعاة للتخصص والدراية بالمنهج وقد يكون هناك كم لابأس به من هذه النوعية في المدارس خاصة المدارس الخاصة والأهلية، ويقولون إن المعلم هو يدبر حاله في معرفة المنهج وشرحه للطلاب، وتسود فكرة هذه المرحلة أساسا مافيها منهج، والأغرب أن هذه المدارس تؤكد أن المرحلة الابتدائية ممكن أن يقوم التعليم فيها للطلاب والطالبات بأي خريجين، وهذا له أثر سلبي بالغ لأن وضع الأساس وهندسته ومعرفة المقادير من حديد وخرسانة واسمنت ومستلزمات التأسيس المختلفة شيء ضروري تقوم عليه بقية الأدوار في البناء، والمعلمون عندما يكونون في المرحلة الابتدائية مما هب ودب وممن هم لايستوعبون ولايحضرون وقد يكونون لحداثة سنهم في بعض القضايا الأخلاقية مفرطين فإن طلابهم وطالباتهم سيعانون من تشوه في السلوك وضعف في العلم، لذلك فإن معظم المدارس العالمية في مثل هذه المرحلة ينتقي من المعلمين من هو في مرحلة سنية متقدمة ومن يكون ذا سيرة سلوكية سليمة فهم يختارون كبير السن لكن عنده من الشهادات مايثبت خلو سجله من الانحرافات السلوكية لأنه يستلم أطفالا صغارا وقد ينفرد بهم ولا يعلم إلا الله حاله معهم وهنا تكون أمانة المعلم وضميره وإنسانيته.. والجانب الآخر السيء في مدرس المرحلة الابتدائية عندما يكون صغيرا هو كونه متخرجا جديدا ولكل غربال جديد شدته وحزمه والأطفال الصغار أكثر مايكونون محتاجين إلى الرحمة والشفقة والحنان والعطف، وأتذكر إلى الآن عندما كنت أدرس في المرحلة الابتدائية جاءنا معلم من خريجي معهد المعلمين وكان «بزرة» عمره لايتجاوز ستة عشر عاما لأن معهد إعداد المعلمين في دفعاته الأولى كان يلتحق به طلاب الابتدائية وكم كان هذا المعلم شديدا ولايعرف إلا الصراخ والضرب والعنترية وكم كان سالخا للجلد وجلادا للظهر وطاردا من الفصل وذلك كله بسبب حداثة سنه وقد يكون لنقص عنده في التربية، وثالث الأمور رعاية في المدارس الابتدائية يجب أن يكون لدى المعلم «كورسات» تربوية لأن التربية اليوم علم وتخصصات ومدارس ومناهج وكتب وليس أي كلام، وينسحب شرط الفهم التربوي وضرورته على كل المعلمين لهذه المرحلة ولا يجب أن نزكي معلما دون معلم حتى معلم القرآن لايجب أن نسمح له بالتدريس دون أن يكون لديه إلمام بالناحية التربوية لأن سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وهو معلم القرآن الأول كان يقول : كنا تؤتى الإيمان قبل القرآن، فالتربية مهمة حتى في حياة معلم الحصص الفنية والرياضية. أما المرحلة الإعدادية (المتوسطة) إضافة لما سبق ذكره من أمور للمرحلة الابتدائية فإنه يجب أن يكون لدى المعلم إلمام تام في هذه المرحلة بكل ما يعزز الفهم السلوكي والهرموني الفسيولوجي لأن طلاب وطالبات هذه المرحلة تواجههم الحياة البيولوجية والإلحاح الفطري الداخلي فيبادرون بتصرفات «غصبا عنهم» تحتاج إلى مراعاة في التوجيه والمعالجة الأبوية أكثر من الحسم القضائي المدرسي. أما المرحلة الثانوية والجامعية فسنفرد لها مقالا آخر بإذن الله.

Prof.skarim@gmail.com