في حراك الحياة بمدينة جدة ثمة آهات مكتومة لنسوة جارت عليهن السنين بسبب طمع الازواج والذين يبادرون بهدم عش الزوجية بدافع الطمع، حيث يكشر الرجل عن أنيابه وتظهر حقيقته حينما يتعلق الأمر بالمال.
واجمعت عدد من الزوجات أن الطمع خرب بيوتهن، موضحات أن الرجل حينما يبدأ بطلب الاستحواذ على مخصصات زوجته المالية تبدأ المشكلات بين الزوجين، وحينما تحرم المرأة من التصرف في مرتبها أو إرثها فإن بعض الرجال يبادرون إلى طلاق الزوجة.
«عكاظ» لبست قفازات الشفافية والتقت بعدد من المطلقات في جدة بسبب طمع الأزواج، في البداية اوضحت نوال محمد بقولها لم اكن اعلم أن مسار حياتي سوف يتغير جملة وتفصيلا بعدما عشت حياة تلفها القناعة مع زوجي وكان دائما يردد أنه لا يهمه نصيبي من أبي في الميراث، إلى أن قدر الله ومات والدي وحصلت على مبلغ جيد وفكرت في شراء شقة تمليك تدر علي دخلا إضافيا لمشاركة زوجي في المتطلبات المعيشية، ولكن في نهاية المطاف تكشفت لي الكثير من الحقائق عندما بدأ يستحصل إيجار الشقة وأصبح يطلب مني سلفا من أجل تسديد ما عليه من ديون، الأمر الذي دفعني للشك في ماهية هذه الديون وبعد شد وجذب وجدت أنه متزوج من أخرى وتقدمت بطلب خلع لأنه رفض تطليقي وطالبته بكافة المديونيات.
وأضافت بقولها ليست القضية قضية دين مادي بقدر ما كشفت عن سوء استغلال ونوايا مبيتة للطمع في نصيبي من الإرث.
حجج واهية
وفي قصص أخرى لنماذج طلقت من أجل طمع الزوج في راتب وظيفة الزوجة، إذ تقول نهلة موظفة في إحدى قطاعات العمل، اتقاضى راتبا شهريا أفضل من دخل زوجي الشهري ومنذ البداية اتفقنا على عدم تدخله في راتبي ومطالبتي بالمشاركة في مصروفات المنزل إلا أنه بدأ يضع أمامي العراقيل والحجج الواهية بأنني غير قائمة على الوجه الأكمل برعايته وابننا الصغير وبدأ يمارس أساليب ضغط كثيرة، حيث كان يزعم أنه يحمل عبئا كبيرا ويتحمل تكاليف علاج والدته وإن علي مراعاة موقفه مع أسرته وتحمل مصاريف المنزل وعندما رفضت ان اتحمل كافة مصروفات المنزل خيرني بين استمرار الحياة الأسرية أو الطلاق وقال بعبارة صريحة ماذا أستفيد من راتبك.
وتستطرد نهلة لم اتردد في طلب الطلاق لأن كل خلافاتنا كانت على النواحي المادية مما جعلني انفصل عنه قرابة السنتين وبعد ذلك أخبر أسرتي بأنه طلقني، موضحة أن المشكلة التي تعاني منها غالبية الزوجات تتمثل في الاختيار بين الصرف على المنزل أو الأبناء أو المكافأة بورقة الطلاق.
أما حنان، موظفة، فتقول بعد انتظار للدخول في عش الزوجية ارتبطت برجل متزوج ولديه ابناء ومما دفعني للموافقة أنني ارغب في إنجاب أبناء يكونون لي سندا في الحياة وبدأ زوجي يوجهني بأهمية استثمار ما لدي من مبلغ مالي بدلا من إيداعه في البنك وعرض علي فكرة شراء أرضين لتحقيق استثمار من خلال البيع والشراء وقمت بإعطائه وكالة بذلك ولأنني لا علم لي بشكل كاف بالعقار وأسعار الأراضي كنت اثق في ما يبلغني به من أسعار لكن الأهم أنني قمت ببيع الأرض بعد فترة وطلب مني إقراضه من أجل الشراكة معه في شراء أرض أخرى ويتم سداد المبلغ المستحق عليه فيما بعد.
وتضيف حنان تم التصرف على هذا الأساس ولاحظت بعد فترة من الزمن أنه بدأ يقدم الحجج بأنه مريض وأن ابناءه يقومون برعايته وعندما أسأله متى سوف تعيد لي السلف من مبلغ مشاركته معي في الأرض يقول خير. وتفاجأت بعد تغيره التدريجي أنه أخبر أخي بطلاقي وطلب إعطاءه مهلة لإرجاع مبلغ السلف واعتزم التقدم بشكوى لاسترجاع المبلغ المالي.
بيئة العمل
فيما تروي أم عبدالله، موظفة، قصة أخرى لسبب طلاقها بسبب غيرة الزوج من طبيعة بيئة عملها، إذ تمضي قائلة بعدما انجبت ابني الأول كنت متفانية في العطاء والمشاركة مع زوجي في متطلبات الحياة من إيجار السكن والسفر في الإجازات وبدأت التخطيط لشراء أرض لبناء فيلا ولم افكر في أن يشاركني زوجي في البناء نظرا لراتبه الشهري المحدود وتضيف أن الاختلاف لم يكن على الأعباء المادية التي اتقاسمه معه بل بدأ يتدخل في طبيعة بيئة عملي التي تتطلب مواجهة المراجعات والمراجعين وبدأ يفتعل المشكلات ويزورني فجأة في مقر عملي بداعي زيارته لأحد أصدقائه المنومين في المستشفى إلى أن اعلنها صريحة وطلب مني أن أبحث عن وظيفة أخرى في حين أن اسرتي املت عليه شرط استمراري في العمل أثناء عقد النكاح وتم الزواج على هذا الأساس لكني اكتشفت أن زوجي مريض بالشك، الأمر الذي انعكس على أدائي الوظيفي لأنه كان يفتعل المشكلات صباحا قبل الذهاب إلى الدوام حتى تحسب علي ساعات تأخير، وتفسر تحول زوجها المفاجئ والضغط عليها لتغيير طبيعة عملها إلى الغيرة من نجاحها في العمل وشهادات التقدير التي تحصل عليها في حين أنه لا يسعى إلى التقدم في وظيفته، لكن واجهت ام عبدالله ضغوطاته الدائمة بالانفصال.
فيما ترى المستشارة الاجتماعية نورة آل الشيخ أن هذه الحالات التي تجعل من الوظيفة ذريعة للطلاق لديهم رغبة مسبقة نحو هذا الأمر لأن الأصل عند التقدم للزواج الإلمام ومعرفة طبيعة عمل الزوجة، ووصفت الحالات التي تخطو في هذا الاتجاه أنها حالات انسحابية ولا تقوى على تحمل تبعات ومسؤوليات العلاقة الزوجية والحياة الأسرية التي ينعكس على أفرادها تداعيات سلبية منها الإيذاء النفسي خاصة في حال وجود أطفال، وأشارت المستشارة الاجتماعية نورة آل الشيخ إلى أن بعض نماذج الأزواج الذين يتخذون من عدم تقبل طبيعة عمل المرأة مسوغات نحو الطلاق يعانون من سيطرة فكر وقناعة الآخرين عليهم تجاه وظيفة وعمل المرأة، حيث يعتبر هذه الحالات أن الزوج فقد سيطرته على الزوجة في حال استقلالها ماديا عنه فيبدأ في وضع خيارات أمامها بين استمرارية العمل أو الطلاق، وإزاء تلك الحالات ترى آل الشيخ أن المسألة ليست مجرد حلول فهذه قناعات وموروث ثقافي إذا ما كان الزوج يتعامل معه وفق قناعة فتصبح الأمور غير مجدية، فمتى ما بات الزوج على قناعة بأن المرأة شريك في التنمية بدءا من الصعيد الأسري وانتهاء بالمشاركة المجتمعية تصبح القناعات متوافقة بما يضمن استمرارية الحياة الأسرية بينهما فالمرأة في كل الأحوال تحت مظلة الرجل كمساند لها سواء زوج أو أخ أو أب، ومشاركتها ترتقي بمستوى تفكير ووعي الأسرة اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا.
ومن واقع حالات يباشرها مأذونو الأنكحة لرفض أزواج لطبيعة وظيفة عمل المرأة، يشير المأذون الشرعي الدكتور إبراهيم يحيى الزهراني إلى أن هناك حالات لا تتمم عقد النكاح في حال الاختلاف على طبيعة عمل المرأة أو أن اشتراطها للعمل ومطالبتها بتسجيله في شروط العقد أو حتى في ما يتعلق بمواصلة الدراسات العليا في الخارج وإزاء ذلك يرفض الرجل شروط العقد ولا يتم عقد النكاح حيث تمثل هذه الحالات نسبة 6 %.
وفي السياق نفسه يتابع المأذون الشرعي الدكتور إبراهيم الزهراني فيقول استمرارا لنماذج رفض الزوج لطبيعة عمل المرأة نجد انه توجد حالات تتنازل المرأة عن الوظيفة وتلبية طلب الزوج خاصة إذا كانت متأخرة في الزواج حيث تجد أن الزواج وتكوين حياة اجتماعية أفضل من الاستمرار في الوظيفة خاصة عندما يبدي الزوج رغبته في تلبية كافة متطلباتها المعيشية وبالتالي تأمل الزوجة في حياة هانئة طالما انتظرتها طويلا وعندما تبدأ الحياة العملية بين الطرفين تكتشف الزوجة بعد تنازلها عن الوظيفة ان الوعود مجرد كلام معسول يضعها بين خيارين إما أن تستمر في الزواج أو عندما تبدي رغبتها في العمل فيكافئها بالطلاق.
ويتابع الدكتور الزهراني بقوله ينبغي أن تتعامل المرأة في حال قدمت نماذج لها لطلب الزواج بواقعية مع الأمر وعدم الانسياق وراء وعود بلا ضمانات خاصة في ما يتعلق بمستقبلها الوظيفي.
شراكة تجارية
وبدوره أكد المستشار القانوني خالد حلواني أن من واقع القضايا التي ترد لهم كمتخصصين في القضايا الأسرية عدد من الحالات منها ما يتعلق بالأمور المالية بسبب راتب وظيفة الزوجة وقضايا شراكة تجارية بين الطرفين وعدد آخر لحالات قضايا تتعلق بطمع الزوج في ميراث الزوجة والتخطيط للحصول عليه، مشيرا إلى أن الوضع القانوني والقضاء ليس له علاقة برغبة او نية الزوج إلا في حالة واحدة وهي وجود الاتفاق على شرط بين الزوجين على جانب مادي فهنا يتدخل القضاء لحل الإشكالية ففي حال وافقت الزوجة على شرط تحمل نفقات ومصروفات الأسرة وبالمقابل يتحمل الزوج أجرة المنزل ومصروفات علاج الأبناء وبعد ذلك اخلت بشرط الاتفاق يتدخل القضاء في محاولة لإصلاح الوضع على ضوء الاتفاق منذ البداية وفي الوقت نفسه إذا اتفقت الزوجة مع الزوج بعدم تدخله في راتبها الشهري وأخل الزوج بذلك يتدخل القضاء ويلزم كلا الطرفين بالاتفاق .
ويستطرد المستشار القانوني خالد حلواني فيقول تنسحب هذه الإشكاليات على شرط عمل المراة فإذا أبدى الزوج موافقته على طبيعة عمل المرأة على سبيل المثال كطبيبة أو ممرضة وتم الاتفاق على الجوانب الرئيسية وفقا لطبيعة العمل في التعامل مع المرضى ومتطلبات المهنة وجاء الرجل بعد ذلك معترضا ففي هذه الحالة يتدخل القاضي.
أسباب متعددة
المستشار القانوني الحلواني يذكر أن الأسباب المفضية إلى الطلاق تتعدد، فهناك حالات لبعض من الرجال متعددي الزيجات يستغلون الوضع المادي للمرأة ويتم الارتباط طمعا في ما تملكه من مال وفي حال استغلال الزوج لأموال زوجته تستطيع المرأة أن تتقدم بمقاضاة الزوج، كمختلس لأموالها إلا في حال أعطت الزوجة المبالغ المادية للزوج بمحض رغبتها. ويزيد على ذلك بقوله تنسحب القضايا أيضا على الطلاق في حال استغلال بعض الأزواج للوكالات الشرعية من قبل الزوجة فيقوم باستخراج تأشيرات وما يترتب عليها من مشروع عمل في مؤسسات تجارية تترتب عليها تبعات مالية تروح ضحيتها الزوجة، لذا بات كتاب العدل الذين يصدرون الوكالات الشرعية يحملون على عاتقهم مسؤولية توعية المرأة بماهية الوكالات والصيغ المناسبة لكل حالة لرفع سقف وعي المرأة بالثقافة الحقوقية.