-A +A
حسين الشريف «جدة»

ارتبط نادي الاتحاد بتاريخ الرياضة السعودية على اعتباره حجر الزاوية الذي لا غنى عنه، فالاتحاد نواة الكرة السعودية ومستقبلها المشرق، ومنذ تأسيسه حتى وقتنا الحاضر يعتبر الاتحاد متربعا على عرش الأندية السعودية، وواحدا من أنجح الأندية التي شرفت الوطن في المحافل الخارجية، لكن تبدل الحال وتكاللت عليه الظروف وأرهقته الأزمات وسقط أمام تخلي أبنائه الأوفياء.

الاتحاد بات أسير الديون والعشوائية التي قادت النادي إلى مشارف الهاوية.. فكيف يستطيع الاتحاد النهوض مرة اخرى؟ أم أن للسقوط بقية؟ هذا ما سوف نعرفه في السطور التالية مع بعض رجالات الاتحاد الذين شخصوا الواقع وقدموا حلولا مقترحة.

علق رئيس نادي الاتحاد السابق وصاحب أعلى إنجازات في تاريخ رؤساء النادي أحمد مسعود الذي قال: «لابد أن يظهر صوت عاقل لتشخيص الاتحاد ومعالجة الأمور ولاسيما أن النادي يخضع لظروف قاهرة جدا، مما وضع النادي تحت ضغوطات كبيرة أثرت بشكل مباشر على مسيرة النادي بمختلف الألعاب، ولعل المديونية الكبيرة التي شلت حركة الإدارة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فللأسف الاتحاد استسلم لحالة الانهيار التي بدأت معه في أكثر من إدارة وتصاعدت لترهق الكيان في كافة جوانبه».

ونوه المسعود إلى أن «الأجواء العامة التي يعيشها النادي زرعت عدم الثقة في نجاح الحلول الوقتية بعدما تحولت الخلافات العملية التي تعد طبيعية من أجل الاتحاد إلى خلافات شخصية عمت على كل العلاقات بين الاتحاديين، وبات النادي يعيش حالة من التوهان، للأسف الرأي الحكيم غاب عن الاتحاد في إدارة الأزمات، فنحن لا نشاهد أفكارا وأراء سديدة متفقة، وإنما غرق النادي في خلافات في السياسة التي يدار بها النادي وانتقلت إلى خلافات مجموعات دفعت بالاتحاديين للابتعاد كثيرا عن النادي الذي بقي وحيدا، فما نشاهده الآن على مسرح الاتحاد هو إشكاليات متراكمة تجتر وراءها أشكالا أخرى أكثر تعقيدا وكل يوم تتكشف الأمور دون أن تكون هناك حلول جذرية وإنما انغمس الجميع على إيجاد حلول وقتية زادت من تفاقم المشكلات ولاسيما مع مرور الوقت».

وبين المسعود أن الحلول التي يبحث عنها الاتحاديون «لابد أولا أن تقام ورشة عمل لوقف هذا التدهور وهذا النزيف، ولاسيما في موضوع الديون التي تعد أكبر الإشكاليات التي تطفو على السطح، وأثارت مخاوف كثير من الاتحاديين لعدم وضوحها، ما دفعهم للابتعاد، الأمر الآخر عمل مركز مالي جديد للقضاء على نمو المديونية التي قفزت من 19 مليونا إلى 22 ومن ثم إلى 50 مليونا، وبرغم تأكيدات الإدارة على قدرتها على السيطرة إلا أنها وجدت نفسها أمام موضوع يزداد تعقيدا مع مرور الوقت، وهذا أمر خطير، فالضبابية التي تحيط بالنادي تبعد أي شخص يريد ان يخدم النادي لعدم اتضاح الصورة».

وأضاف المسعود أن الحل الثالث والمهم على حد تعبيره يكمن في الرئاسة العامة، التي ينتظر منها دور أكبر وأنشط تجاه مشكلات نادي الاتحاد، «حيث كان يفترض أن يكون هناك تفاعل وتجاوب مع مطالب الاتحاديين السابقة بالتحقيق في المديونية، إلا أن الرئاسة العامة لم تقم بواجبها في هذا الجانب تجاه نادي الاتحاد، لذا لابد من تشكيل للجنة من المختصين لإعادة صياغة التنظيم الخاصة بتولى الإدارات للأندية ومراقبة التنفيذ».

واستطرد المسعود حديثه قائلا: «من الصعب أن ننادي على أعضاء الشرف مع كل أزمة تحدث كما كان في السابق لأن المناخ الذي يحيط اجتماعات أعضاء الشرف اختلف عن السابق ولم يعد أعضاء الشرف أصحاب حلول جذرية، وذلك لاختلاف تركيبة أعضاء الشرف وأيضا لغياب الشخصية الكبيرة التي تحظى بإجماع الشرفيين والتي تؤثر فيهم لكبر سن أو المقام، أما الآن فالتوجه الشرفي لا يجد قبولا عند الكثير ولم يعد مقنعا كما أن الإدارات التي مرت على النادي ذات مدارس مختلفة، فهناك من يعمل على حل المديونية وتحقيق الربحية للنادي، وهناك من يبحث عن الربحية على حساب المديونية، بمعنى أن بعض الإدارات تعمل وفق منهجية قصيرة الأجل فقط، بغض النظر عن التخطيط لمستقبل النادي ولا يهمها مدى الديون التي تخلفها وراءها على كاهل النادي المهم أنها تنجح خلال فترة تواجدها حتى لو كلف ذلك النادي مضاعفات مالية في المستقبل، وهذا ما حدث بالفعل، الإدارة تحضر للنادي ثم تقوم بشراء اللاعبين وتصرف عليهم وتدفع رواتب كبيرة وفي نهاية الأمر بعد تفاقم الأمور تستقيل وتترك النادي دون أي التزام بسداد الديون، وبكل أمانة أغلب إدارات الأندية في الفترة الراهنة تعتمد على هذا الأسلوب لتجنب الضغط الجماهيري وهنا خلل كبير تتحمله الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهناك إدارت مؤمنة بأن القضاء على الديون جزء من مسؤوليتها، وبالتالي تعمل على تحقيق النجاح، وأعتقد أن مثل هذه الإدارة هي من ينبغى استمرارها ولكن أصبحت محدودة جدا وفي أندية معينة فقط».

مستقبل الاتحاد

طالب الدكتور خالد المرزوقي رئيس المجلس الشرفي لنادي الاتحاد أنصار ناديه بالتوقف عن المناقشات السلبية التي لا تثمر حلولا إيجابية تنصب في مصلحة النادي، والتنصل من المسؤولية تجاه النادي الذي يعد نادي الجميع، جاء ذلك خلال حديثه عن الحلول التي يراها من وجهة نظره، حيث قال: «علينا أن نفكر ونتشاور بهدوء للخروج من الأزمة، لذا فالحديث عن الماضي غير مفيد وإنما لابد أن نركز أكثر في إيجاد قنوات مستقبلية تخدم النادي لسنوات، وبالتالي لابد أن تكون هناك دراسة كاملة للوضع قبل اتخاذ الخطوة الأولى، حتى لا تتكرر الأخطاء، من ثم العمل على سبل زيادة موارد النادي وكذلك العمل على تقنين المصروفات وهذا لا يتحقق إلا بالعمل الجماعي.

وشدد المرزوقي في حديثه على أن «لا مفر من الصمود أمام الإشكاليات التي تواجه الاتحاد، ولاسيما إذا أوجدنا جيلا جديدا من الشباب الصاعدين على مستوى الفريق الأول بالنادي».

لا يوجد حلول

منير رفة تحدث عن الحلول المقترحة لخروج نادي الاتحاد من أزمته المالية الراهنة، حيث قال: «يعتقد الكثير أن الحلول عند أعضاء الشرف وهذا أمر غير صحيح، على اعتبار أن مرحلة أعضاء الشرف انتهت، فلم يعد العضو الشرفي قادرا على إيجاد حلول مالية في كل وقت وكل حين، مفاهيم الدعم تغيرت والقدرة المالية لدى الشخص اختلفت لذا الدور الكبير والمنتظر هو دور الجماهير بدعم الأندية، فالجمهور يستطيع أن يقوم بعملية تنظيم الأمور عن طريق وحدات أو جماعات أو روابط الجماهير من أجل الإشراف على عملية الدعم الجماهيري وهو الدعم الأقوى، في ظل وجود رقابة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب المطالبة هي الأخرى بإعادة النظر في الآلية التي تدار بها الأندية، ولاسيما في اتجاه الصرف داخل الأندية، حقيقة لا توجد هناك رقابة أو إشراف دقيق من قبل الرئاسة العامة، وعدم وضوح القنوات التي يتم من خلالها الصرف لأن من الصعب أن تجد أناسا يدعمون والصورة غير واضحة، ولا يمكن لأي نادٍ تعديل وضعه المالي ما لم تكن الإدارة حريصة على كل خطوة مالية تتخذها إلا إذا ربطت الاستقالة بالتزام الرئيس بما يترتب على إدارته، ويكون ملتزما بها حتى بعد الاستقالة، فترك الأمور بهذه الصورة لا يمكن أن يحقق نتائج إيجابية، ومهما وفرت من أموال فلا يمكن أن تغطي المصروفات أو حتى تقننها طالما لا تكون هناك رقابة على الأموال التي تدخل النادي وطرق صرفها.

وأضاف منير رفة أن «الأندية تحت تصرف الدولة وليس تصرف الأفراد على اعتبارها مرافق حكومية حالها كحال الجمعيات الخيرية التي تقع تحت وزارة الشؤون الاجتماعية التي بدورها تخصص محاسبا قانونيا لتدقيق الحسابات، وهذا الدور يجب أن تقوم به الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولا يجوز ترك مرفق حكومي يصل إلى هذا الحد من الغرق ولاسيما أنه مرفق رياضي يعتمد عليه شباب هذا الوطن والذي يشكل 65% من سكان المملكةن بالتالي المسألة خطيرة جدا».

واستبعد وجود حلول في الأفق «حتى لو استقالت الإدارة الحالية، فمن الصعب إيجاد إدارة بديلة، فالظروف الراهنة ربما لا تشجع أحدا للترشح إطلاقا».

وبين أن «الحلول الموجودة حاليا هي حلول مؤقتة من خلال التعاقد مع شركة راعية أو عضو شرف يسدد المديونية، ولكن أين الضمانات على عدم ظهور ديون أخرى؟ فالمسألة في النادي تأخذ أبعادا لأكثر من إدارة وليست محصورة بإدارة واحدة فقط، والموضوع مقعد لأنك لا تعرف الرقم الحقيقي لهذه الديون، كما أن أزمة الديون ليست متعلقة بمبلغ معين من الممكن أن يدفع، ولكن تأثيراتها السلبية كثيرة ومؤثرة على القيمة السوقية للنادي في حال تطبيق الخصخصة، لذا الجميع حريص على عدم الانزلاق في الموضوع وهو لا يدرك عمقه المالي وهو ليس حال نادي الاتحاد، وإنما كثير من الأندية تعاني من هذه المشكلة لكن ظاهرة بشكل كبير في نادي الاتحاد لأمرين الأول أن الاتحاد تحت الأضواء والأمر الآخر أن بعض الأندية لديها شخصية واحدة تحكم الأمور، أما الحل الآخر فهو وضع خط أحمر من ثم بناء ميزانية أخرى من الصفر وتسجيل كل المبالغ المثبتة سواء للنادي أو على النادي وكلما ظهر لك رقم مثبت تسجله حتى تكتمل الميزانية بأرقام حقيقية، والمبالغ غير المثبتة لابد أن يعاد فحصها ولا يمكن إدراجها إلا بعد إثباتها».

رحيمي: لا نحمل الإدارة فوق طاقتها

أما الدكتور مدني رحيمي فقد أشار إلى أن «أعضاء الشرف لنادي الاتحاد ليس بمقدورهم تحمل مديونية النادي (وما عندهم فلوس) والادارة ليس لديها الإمكانيات المالية التي تعالج بها أزمة الديون المتراكمة لأكثر من 10 سنوات وبالتالي لا نستطيع أن نحمل (الناس) فوق طاقتهم»، وبين رحيمي أن «على الاتحاد السعودي لكرة القدم مسؤولية الوقوف إلى جانب الأندية ولاسيما في أوقات الشدة على اعتبار أن سلامة النادي وحضوره القوي في المسابقات المحلية ركيزة أساسية لنجاح الرياضة لدينا، ولاسيما نادٍ كبير مثل الاتحاد، الأمر الآخر أن لنادي الاتحاد مستحقات مالية لدى اتحاد الكرة ومن الواجب على اتحاد الكرة ممثلا في لجنة الاحتراف بدلا من منع الاتحاد من تسجيل اللاعبين أن يقوم بتسديد النادي حتى يتمكن من تسجيل اللاعبين وليس العكس، أو يقوم الاتحاد السعودي باستقطاع المبالغ المتأخرة على نادي الاتحاد من حقوقه ويمنح المتضررين ضمانات ويسمح للاتحاد بتسجيل اللاعبين الأجانب».

واستبعد رحيمي خيار استقالة الإدارة الحالية من بين خيارات الحلول المتوقعة، حيث أوضح أن «من أهم الإشكاليات التي عانى منها نادي الاتحاد هي التغير المستمر للإدارات، فكل إدارة تحضر ثم تستقيل وهكذا حتى أصبح النادي بلا هوية وبلا تخطيط»، معترفا بوجود أخطاء واضحة من إدارة الفايز ولكن رحيلها لن يحل شيئا - على حد قوله.

وشدد على أن «إمكانية عضو شرف أو عضوين من الأعضاء الذين أنعم الله عليهم بأن يتصدى لهذه الأزمة من خلال رصد مبلغ معين للخروج منها، ويمنح هؤلاء خيارات، إما تبرعا منهم لناديهم الاتحاد، أو قرضا حسنا أو إعلانات لشركاتهم على اعتبار أن معظم أعضاء شرف الاتحاد هم رجال أعمال ولن يجدوا أفضل من نادي الاتحاد كمسوق لشركاتهم».

لافتا إلى ضرورة «إخلاص النية في العمل للاتحاد وليس كما نلمس من البعض هو محاولة إحراج الإدارة الحالية وعدم دعمها والخاسر في المقام الأول هو الاتحاد، لأن الواضح أن هناك من الأعضاء لا نية لديهم في الدفع، ومع ذلك يتحججون في أمور جانبية بالإمكان معالجتها فيما بعد، إلا أنهم متمسكون بها هربا من الدعم لكن بكل أسف أقولها: (اللي يحبوا الاتحاد ماتوا) كخالد بن محفوظ ويوسف الطويل وغيرهم أو ابتعدوا مثل عبدالمحسن آل الشيخ، أما الموجودون فالبعض منهم حضروا من أجل الإعلام فقط، وهناك من يحاول مثل منصور البلوي، عدا ذلك لا توجد حلول في الأفق لخروج الاتحاد من الأزمة، حتى لو استطعت أن تجدول الديون وسجلت اللاعبين الأجانب فسوف تظهر لك الأزمة مرة أخرى».