-A +A
عبدالإله ساعاتي
ذكر تقرير للبنك الدولي صدر حديثا أن المملكة تحتل حاليا أعلى معدل إنفاق على قطاع التعليم في العالم.
وأشار التقرير إلى أن المملكة أدركت أهمية تعزيز القطاع التعليمي، حيث تم توجيه 204 مليارات ريال من ميزانية العام 2013 م إلى هذا القطاع.. وهو ما يشكل 25% من الإنقاق الحكومي السنوي.. أي ما يقارب 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولا ريب أن حكومة المملكة تنفق على التعليم بسخاء كبير إيمانا منها بأن تنمية وبناء الإنسان يعد الركيزة الأساسية للتنمية الوطنية.. وأن «الإنسان» هو هدف هذه التنمية وأداتها في آن معا.
ولذلك، فإن هدف بناء الإنسان السعودي جاء في مقدمة أهداف خطط التنمية الخمسية منذ الخطة الأولى الصادرة في عام 1970 م وحتى الخطة الحالية.
ولكن المؤسف أنه ورغم هذا الإنفاق الضخم على التعليم.. الذي وضع المملكة في المرتبة الأولى على مستوى العالم.. إلا أن مستوى مخرجات مؤسسات التعليم العام في المملكة يعد متدنيا بشكل واضح.. كما أن البنية التحتية لهذه المؤسسات لا يمكن أن تتناسب مع هذا الإنقاق الهائل على التعليم.
ولقد تداولت وسائل الإعلام الجديد مؤخرا صورة سمو وزير التربية والتعليم وهو يتفقد بعض المدارس.. وتبدى في الصورة بوضوح الوضع المزري للفصل الدراسي والمبنى المدرسي.. مما يؤكد أن هناك الكثير من المباني المدرسية التي لا يصدق أنها في واحدة من أغنى دول العالم.. وفي أكثر دول العالم إنفاقا على التعليم!!.
كما ما زالت هناك نسبة عالية من المدارس في مبانٍ مستأجرة شيدت أساسا كمبانٍ سكنية وليست كمبانٍ مدرسية تربوية.. وذلك يعد من أكثر معوقات العملية التعليمية والتربوية.
هذا من ناحية البنى التحتية للقطاع التعليمي العام.. أما من حيث مخرجات التعليم العالم فحدث ولا حرج!!
وعلينا أن نكون صريحين وصادقين عندما نتحدث عن أمر التعليم لأهميته المطلقة للبلاد ومستقبلها.. ففي الولايات المتحدة، صدر في أواخر الثمانينات في عهد الرئيس كلينتون تقرير تقييم التعليم تحت عنوان صارخ ومدوي وهو: (A nation at risk) أو «أمة في خطر».. وذلك لتأكيد أن أي ضعف في التعليم يضع الأمة في خطر.
إن مخرجات التعليم العام لا يمكن بأي حال أن تعكس حجم الإنفاق الهائل على التعليم.. سواء الميزانية السنوية الضخمة.. أو مشروع تطوير التعليم العام الذي خصص له خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ (9) مليارات ريال.
يتبين ذلك بوضوح من خلال نتائج اختبارات (القياس) التي يعجز فيها خريجو الثانويات من الحصول على تقديرات تتناسب مع تقديراتهم في الثانوية!! فتجد الطالب يحصل على 95 % مثلا في الثانوية.. ولكنه يعجز عن تحقيق 60% في اختبار القدرات أو الاختبار التحصيلي.
ولهذا السبب وضعت الجامعات اختبارات القياس ضمن معايير القبول.. ولم تعد تعتمد على نتائج اختبارات الثانوية فقط!!.
ولكن ماذا يعني أن الطالب يحصل على هذا التقدير المرتفع في الثانوية ثم يخفق في الحصول على تقدير مماثل في اختبارات القياس.. رغم أن هذه الاختبارات تقيس محصلة ما درسه الطالب..
هذا ــ في تصوري ــ دليل على أكبر خلل في التعليم الثانوي!! حيث يعكس حصول الطالب على تقديرات لا تعتمد على حقيقة العلم الذي تعلمه واكتسبه.
ولذلك أشاهد من خلال عملي كعميد لكلية وأستاذ جامعي ــ تماما كما يشاهد غيري من الزملاء ــ المستويات المتدنية لخريجي الثانوية..
ويلمس أصحاب الأعمال كذلك مستوى خريجي الثانويات من خلال القادمين للعمل في المؤسسات المختلفة.
ولكن ورغم العبء الجسيم والواقع المرير.. إلا أن دائرة التفاؤل اتسعت بتولي سمو الأمير فيصل بن عبدالله مسؤولية التعليم.. بما يحمله من فكر مستنير ورؤى ثاقبة.. ونلمس خطوات جيدة في الطريق.. داعين المولى ــ عز وجل ــ أن يكلل جهوده وجهود بقية المسؤولين عن قطاع التعليم الحيوي لتحقيق التطلعات المأمولة.

assaati@gmail.com



للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة