-A +A
محمد بن محمد الحربي
تسعى المجتمعات المتحضرة لتحقيق التفوق في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والصناعية، لكنها لا تتوقف عند ذلك، بل تعمل على إبـراز منجزاتها وتسويقها محليا وعالميا بأفضل الوسائل وأكثرها تأثيرا، ليس من أهمها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
وفي هذا السياق؛ فإنه لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع، أو نقـرأ عن منجـز تحقـق في وطننا، أسهـمت فيه مؤسسات المجتمـع ومبدعيه؛ لكن هذه المنجزات تفتقر إلى الاحتفاء والتعريف بها من الجهات ذات العلاقة، من مجرد إضاءات سريعة وعابـرة، إلى ترسيخ لمبدأ رعاية كل مبدع وموهوب.

ولعل من المفارقات ألا نسمع بهؤلاء المبدعين إلا بعد أن تشيد بهم المؤسسات العالمية، التي احتضنت إبداعاتهم، ووفرت لهم الإمكانات المادية والمعنوية دون شروط، أو ميزانيات محددة.
وخلال الأيام الماضية تبنت إحدى الشركات السعودية مجموعة من المبدعين السعوديين الذين ذاع صيتهـم في المحافل الدولية، لم يسمع الكثيرون بهم قبلا، أو بإنجازاتهم، وقد يعود ذلك لانشغال وسائل الإعلام بأحداث رياضية وفنية تفوق أهميتها لدى البعض مكانة هؤلاء المبدعين!.
ومما يحـز في النفس بأن كثيرين (والكاتب أولهم) لا يعرفون جيدا مبدعين سعوديـين كالبروفيسور المبدع سعيد الزهراني أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة الملك سعود الحائـز على (15) بـراءة اختراع من أمريكا وأوروبا. وسارة العبد اللطيف، ورند توفيق صاحبتا مشروع قمـع أورام الخلايـا السرطانية الحائـز على المركز الرابـع في معرض أنتل Intel الدولي للعلوم والهندسة. وكذلك الإنجازات المتتالية للطلاب والطالبات السعوديين في المسابقات العالمية للعلوم والرياضيات. وآخر الإنجازات الرائـعة ما أعلنت عنه مدينة الملك عبدالعزيـز للعلوم والتقنية بنجاحها في إطلاق عدد من الأقـمار الصناعية، وتطويـر تقنية الفضاء والطـيران لديـها من خـلال تصنيـع طائـرات من دون طيار.
ومن هذا المنطلق، تحـتم التنافسية العالمية أن تبادر مؤسسات المجتمـع الحكومية والأهلية للعمل على تسويق منجزاتـها والاحتفاء، بحيث تكون الحاضن الرئيس للإبـداع والمبدعين، ودعم مشاريـعها ماديا ومعنويا، وذلك بإنشاء إدارات متخصصة تـتركز مهامها في التخطيط للتعريـف بمنجزاتـها على مستوى الأفراد والمؤسسة، وتبني رؤى استراتيجية لتسويقها محليا، وصولا لتحقيق الريادة والمنافسة عالميا.
* كلمـة أخـيرة:
تسويـق المنجـزات الحقيقـيـة والاحتفاء بها أدعى وأهـم للوطـن من تسويق المنجزات الوهمية!.