* قبل أيام.. تذكرتُ مقالاً قديماً للأديب المصري الراحل/ إبراهيم عبدالقادر المازني، كتبه في صحيفة «الجمهورية» القاهرية في ثمالة الخمسينات يوم كان كُتاب اليوميات بمستوى: طه حسين والعقاد، وكامل الشناوي، واسماعيل الحبروك، والمازني... فاحتفظتُ بقصاصته لمضمونه الذي شعرت بإرغاد نفسي مع كلماته، وكان يحكي عن «معاناته» يوم بدأ في الانتقال من شقة قديمة، وصفها بأنها: كانت مهده الذي تمرجَحت فيه طفولته وصباه وردحاً من شبابه.. فعاش هناك أجمل أيام انطلاقة شبابه، وأكل علقات «مأثورة» من والده، وتزوج فيها وأسكنه العسل المصفَّى!
تحولت تلك «الشقة» في مسيرة حياته إلى: تاريخ، وألبوم صور، وأصداء لأصوات من رحلوا من أهله، ورجع لموسيقى الزمان... فكيف لا يعزّ عليه أن ينتقل من كل هذه الذكريات الحافلة إلى بيت جديد، ويتنازل عن كل هذه (الأشياء) التي سمَّاها: رصيداً وكنوزاً في عمره؟!
* * *
* تذكرت ذلك المقال الذي تخفّى عني مكانه، وذلك حين كنت أُلملم بقايا أشياء مكتبتي في بيتي الذي صار قديماً، وقد عشتُ فيه حوالى العشر سنوات.. وطفقتُ أتأمل رفوف المكتبة التي نزحنا منها الكتب فبدا خشبها يتيماً.. وأتأمل بلاط الغرفة وقد تعرّى من فرشه القديم الذي صلّيت بسجادتي فوقه، ومددت ساقي مسترخياً أطالع شاشة التلفاز أمامي في لحظات قيلولتي.. وأتأمل المكتب الذي احتملني كل هذه السنين، أكتب على سطحه كلماتي التي أعجبت، والتي أحزنت، والتي خالفت رأياً أو اختلفت مع رأي... ورأيت بقايا من قلمي الرصاص الذي تريحني الكتابة به، وكأنه قلم بلا مفاصل، أصابه العي وافتقد ياقوت التأمل، وانكسر على رصيف خُصّص لاستدارة الأيام!!
تبدت لي حينئذ: أكذوبة التخصُّب بسحر التأمل، وافتراش ملح العمر لأضلعنا عندما تقترب من المسارب، والماء ينحسر!
حتى «جدار» غرفتي/ مكتبتي/ صومعتي: تلمَّستها وكأنها تحتفظ بما سمَّاها «برناردشو»: الرغبة الناقصة... فلا شيء يكتمل فوق جدار العمر، ولكننا نظل نركض نحو «حلم» من التمنّي تارة، ومن هذه الدهشة التي تبقى هي: كل حركة كوننا! وتناقلتُ في تركي لهذه الغرفة التي احتملت لعشر سنوات: صمتي الأطول، وثرثرتي الأقصر، واحتضنت تملك (الحلم) لأمنياتي وتأملاتي... حتى كأن الحلم تحول إلى «خاتم» زواج..... عتيق!!
* * *
* ولماذا أهجر البيت القديم إلى مسكن جديد؟!
- قلت أهمس لنفسي: إذا كنا قد فرّطنا في (بيت جدي) حسب تسمية وتصوير الشاعر الشعبي/ عبدالله دبلول... فمن الممكن التفريط أيضاً في بيت عصري... هنا يتجسد ما صوَّره أديب عربي فكتب عن ما نلامسه في الحياة بأنه: «سجن حدود ذات الآخر وجسده»!!
بما يعني: أن في أعماق كل واحد: ذلك (الآخر) الذي نسجن حدوده ما استطعنا، والذي تتبلور حدوده في داخلنا أحياناً إلى: صورة من رجفة، ورجفة لخطوة... حتى حدود الذات!!
مشوار.. يطول بحثاً عن: الأخذ والعطاء ما أمكن.. ويقصر: قراراً من حضور يؤجل الحلم والأمنية، وقد يُفسر الرؤية.
* إذن.. هذا هو «اقتراف» الانتماء لجدران وسقف... فهل تقوى الأرض تحتنا؟!
* * *
* آخر الكلام :
* من أقوال / لاوتسي:
- العاقل.. هو من يبتعد عن
التعقيد الحضاري، وعن هذا التيه
المفسد الموهن.. ويختفي في أحضان الطبيعة بعيداً عن المدن!!
تحولت تلك «الشقة» في مسيرة حياته إلى: تاريخ، وألبوم صور، وأصداء لأصوات من رحلوا من أهله، ورجع لموسيقى الزمان... فكيف لا يعزّ عليه أن ينتقل من كل هذه الذكريات الحافلة إلى بيت جديد، ويتنازل عن كل هذه (الأشياء) التي سمَّاها: رصيداً وكنوزاً في عمره؟!
* * *
* تذكرت ذلك المقال الذي تخفّى عني مكانه، وذلك حين كنت أُلملم بقايا أشياء مكتبتي في بيتي الذي صار قديماً، وقد عشتُ فيه حوالى العشر سنوات.. وطفقتُ أتأمل رفوف المكتبة التي نزحنا منها الكتب فبدا خشبها يتيماً.. وأتأمل بلاط الغرفة وقد تعرّى من فرشه القديم الذي صلّيت بسجادتي فوقه، ومددت ساقي مسترخياً أطالع شاشة التلفاز أمامي في لحظات قيلولتي.. وأتأمل المكتب الذي احتملني كل هذه السنين، أكتب على سطحه كلماتي التي أعجبت، والتي أحزنت، والتي خالفت رأياً أو اختلفت مع رأي... ورأيت بقايا من قلمي الرصاص الذي تريحني الكتابة به، وكأنه قلم بلا مفاصل، أصابه العي وافتقد ياقوت التأمل، وانكسر على رصيف خُصّص لاستدارة الأيام!!
تبدت لي حينئذ: أكذوبة التخصُّب بسحر التأمل، وافتراش ملح العمر لأضلعنا عندما تقترب من المسارب، والماء ينحسر!
حتى «جدار» غرفتي/ مكتبتي/ صومعتي: تلمَّستها وكأنها تحتفظ بما سمَّاها «برناردشو»: الرغبة الناقصة... فلا شيء يكتمل فوق جدار العمر، ولكننا نظل نركض نحو «حلم» من التمنّي تارة، ومن هذه الدهشة التي تبقى هي: كل حركة كوننا! وتناقلتُ في تركي لهذه الغرفة التي احتملت لعشر سنوات: صمتي الأطول، وثرثرتي الأقصر، واحتضنت تملك (الحلم) لأمنياتي وتأملاتي... حتى كأن الحلم تحول إلى «خاتم» زواج..... عتيق!!
* * *
* ولماذا أهجر البيت القديم إلى مسكن جديد؟!
- قلت أهمس لنفسي: إذا كنا قد فرّطنا في (بيت جدي) حسب تسمية وتصوير الشاعر الشعبي/ عبدالله دبلول... فمن الممكن التفريط أيضاً في بيت عصري... هنا يتجسد ما صوَّره أديب عربي فكتب عن ما نلامسه في الحياة بأنه: «سجن حدود ذات الآخر وجسده»!!
بما يعني: أن في أعماق كل واحد: ذلك (الآخر) الذي نسجن حدوده ما استطعنا، والذي تتبلور حدوده في داخلنا أحياناً إلى: صورة من رجفة، ورجفة لخطوة... حتى حدود الذات!!
مشوار.. يطول بحثاً عن: الأخذ والعطاء ما أمكن.. ويقصر: قراراً من حضور يؤجل الحلم والأمنية، وقد يُفسر الرؤية.
* إذن.. هذا هو «اقتراف» الانتماء لجدران وسقف... فهل تقوى الأرض تحتنا؟!
* * *
* آخر الكلام :
* من أقوال / لاوتسي:
- العاقل.. هو من يبتعد عن
التعقيد الحضاري، وعن هذا التيه
المفسد الموهن.. ويختفي في أحضان الطبيعة بعيداً عن المدن!!