تـثـير دهشتي حالة نفسية وظاهرة سلوكية غريبة تعتري بعض التنفيذيين أصحاب المناصب الإدارية من المسؤولين، إذ ما إن يغادر أحدهم المنصب في عملية التداول العادية للمسؤوليات، حتى تجده وقد أصيب بحالة من الإحباط الحاد تجعله يختفي من المشهد الاجتماعي، هذا إذا لم يختفِ من المشهد الأسري منزويا ومنكفئا على نفسه، وقد رأيت نوعيات ونماذج عديدة من معارفي وأصدقائي يمرون بهذه الحالة. ما جعلني أسأل نفسي: هل كان وجود هؤلاء الناس يستمدون قيمتهم من هذه الوظائف التي شغلوها ردحا من الزمن؟، هل كانت قيمتهم الاجتماعية تستند فقط على الوظيفة، فإذا ضاع المنصب ضاعت معه قيمتهم الإنسانية؟ هل كان يظن أحدهم بأنه باق ومخلد في هذا الكرسي الذي لم يجلس عليه إلا بعد أن غادره من سبقه؟. وإلا ما الذي يدعو إلى الحزن الذي يصل إلى مرحلة الإحباط النفسي، وكأن العالم أجمعه قد انهار بمغادرته هو لموقعه!.
نحن نرى بأن تقاعد المسؤول في الدول المتقدمة يعني بالنسبة إليه بدء مرحلة أخرى في حياته كان قد أعد لها منذ زمن بعيد، فنجد بعضهم يعملون كمستشارين في مؤسسات تحتاج إلى خبراتهم العلمية والعملية، بينما يتفرغ البعض للكتابة والتأليف، ويتجه آخرون إلى ميادين العمل الخاص، وقضي بعضهم أوقات فراغه من المسؤوليات المرهقة في إشباع هوايات حرمته منها الأعباء الوظيفية، أي أن مرحلة الترجل من الوظيفة تتحول إلى ربيع في عمر المتقاعد يحقق فيه طموحاته الشخصية المؤجلة، بينما تجد العكس تماما، إلى درجة أنك حينما تزور صديقا لك ترجل من كرسي المنصب الإداري مضطرا إلى تصنع التأثر والتجهم، وكأنك تعزيه في فقد عزيز، ومن ردة فعله تشعر بأنه بالفعل كان يحتاج للتعزية.
ومن واقع معايشة لصيقة وخبرة طويلة في العمل بالتدريس الجامعي لاحظت شيئا غريبا، وهو أن الأستاذ حين يكلف بمهام إدارية أكاديمية، فإنه يصاب بنفس الأعراض التي يصاب بها غيره من البيروقراطيين، وما هو أغرب من ذلك أنه بدون ترقية طالما هو على رأس العمل التدريسي، وهي وظيفته الأساسية، وتبدأ عجلته في الترقي في الدوران في منصبه الإداري، مع أن الترقية في السلم التعليمي تحدد بمعيار ساعات التدريس والنشاط الأكاديمي والبحوث العلمية، وليس بالعمل الإداري بعيدا عن مدرجات المحاضرات. ثم إن هذه الفئة ينبغي أن تكون أكثر من غيرها سعادة بالترجل من أعباء المناصب الإدارية؛ لأن هذه المناصب ومسؤولياتها في المقام الأول تتعارض مع نشاطها العلمي والأكاديمي والفكري الذي تجد فيه نفسها، وكما قال الشاعر الحكيم قديـما، وقد صـدق:
إن المناصـب لا تـدوم لأهلها ... إن كنت في شك فأين الأول؟
فاسع لنفسك بالجميل صنائعا ... فإذا عزلت فإنها لا تعزل.
فـفـيـم الحزن والاكتئاب والإحباط إذن ؟!.
www.binsabaan.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548
الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701
زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة
نحن نرى بأن تقاعد المسؤول في الدول المتقدمة يعني بالنسبة إليه بدء مرحلة أخرى في حياته كان قد أعد لها منذ زمن بعيد، فنجد بعضهم يعملون كمستشارين في مؤسسات تحتاج إلى خبراتهم العلمية والعملية، بينما يتفرغ البعض للكتابة والتأليف، ويتجه آخرون إلى ميادين العمل الخاص، وقضي بعضهم أوقات فراغه من المسؤوليات المرهقة في إشباع هوايات حرمته منها الأعباء الوظيفية، أي أن مرحلة الترجل من الوظيفة تتحول إلى ربيع في عمر المتقاعد يحقق فيه طموحاته الشخصية المؤجلة، بينما تجد العكس تماما، إلى درجة أنك حينما تزور صديقا لك ترجل من كرسي المنصب الإداري مضطرا إلى تصنع التأثر والتجهم، وكأنك تعزيه في فقد عزيز، ومن ردة فعله تشعر بأنه بالفعل كان يحتاج للتعزية.
ومن واقع معايشة لصيقة وخبرة طويلة في العمل بالتدريس الجامعي لاحظت شيئا غريبا، وهو أن الأستاذ حين يكلف بمهام إدارية أكاديمية، فإنه يصاب بنفس الأعراض التي يصاب بها غيره من البيروقراطيين، وما هو أغرب من ذلك أنه بدون ترقية طالما هو على رأس العمل التدريسي، وهي وظيفته الأساسية، وتبدأ عجلته في الترقي في الدوران في منصبه الإداري، مع أن الترقية في السلم التعليمي تحدد بمعيار ساعات التدريس والنشاط الأكاديمي والبحوث العلمية، وليس بالعمل الإداري بعيدا عن مدرجات المحاضرات. ثم إن هذه الفئة ينبغي أن تكون أكثر من غيرها سعادة بالترجل من أعباء المناصب الإدارية؛ لأن هذه المناصب ومسؤولياتها في المقام الأول تتعارض مع نشاطها العلمي والأكاديمي والفكري الذي تجد فيه نفسها، وكما قال الشاعر الحكيم قديـما، وقد صـدق:
إن المناصـب لا تـدوم لأهلها ... إن كنت في شك فأين الأول؟
فاسع لنفسك بالجميل صنائعا ... فإذا عزلت فإنها لا تعزل.
فـفـيـم الحزن والاكتئاب والإحباط إذن ؟!.
www.binsabaan.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548
الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701
زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة