في قصيدة رديئة في مستواها الفني تنسب إلى الشاعر الإسلامي الشهير عبدالرحمن العشماوي أبيات حول سوق عكاظ في الطائف كان مطلعها : ( أعكاظ لست الرمز والمثلا ... فارجع وراء الصمت منعزلا ) ويمضي في قصيدته مهاجما عكاظ في رمزيته الثقافية والتاريخية ومعددا مآثر التحول العربي إلى الإسلام، إلى أن يختمها بقوله : ( أما مفاخرنا فقد جمعت... في الدين لا نبغي به بدلا)
وبغض النظر عن مستوى العشماوي في شعريته الرديئة في مجمل قصائده، لولا التركيز على المشاعر الدينية في تلك القصائد أعطت عند المتعاطفين معه قيمة شعرية لا يستحقها بسبب ضعف قصائده من الناحية الفنية .. أقول : بغض النظر عن ذلك إلا أن هذه القصيدة تظهـر مدى إشكالية العشماوي (إن كانت له فعلا) حول المفهوم الثقافي الذي ينطلق منه لمهاجمة سوق شهير من أسواق العرب تـمت إعادة إحيائه من جديد في إطار عصري وثقافي يختلف منهجا وتنظيما عن سوق عكاظ الجاهلي.
يتكئ العشماوي في القصيدة على أنه سوق جاهلي جاء الإسلام ليبدلنا خيرا منه من الناحية القيمية والدينية، وهذا صحيح على المستوى العقائدي لكنه ليس صحيحا على المستوى الثقافي حيث إنه لا إشكالية في أن يعود سوق عكاظ إلى الواجهـة من جديد حيث كانت ظروف انتقال المركز من مكة والطائف إلى المدينة ثـم إلى الشام والعراق فيما بعد عاملا من عوامل اندثار هذا السوق حتى عاد المركز الثقافي إلى الجزيـرة العربية مرة أخرى ليتم إحياء السوق من جديد بحلة جديدة يتمثل كل العصور العربية جاهليتها وإسلاميتها ووسطيها وحديثها وذلك ما يجعل للسوق رؤية عصرية غابت تماما عن فكر العشماوي في قصيدته..
هناك أيضا تناقض عجيب في القصيدة، فعلى الرغم من هجوم العشماوي على عكاظ بوصفه جاهليا إلا أنه يحتفي كثيرا في قصيدته برموز جاهلية كالأعشى وزهير وغيرهما فلا أدري كيف وسـع العشماوي أن يحتفي برموز جاهلية.. بالتأكيد إنه يحفظ أشعارهم عن ظهـر قلب لكنه يرفض سوق عكاظ الذي خلدهـم لنا وكان عاملا من عوامل نهضة الشعر العربي وليس الجاهلي فقط!!.