-A +A
فتحي عطوة
حسب تقرير صدر مؤخرا لاستخبارات البحرية الأمريكية تمكنت الصين من تجربة واحدة من خمس غواصات نووية جديدة تستطيع إطلاق صواريخ بالستية مداها 8000 كيلو متر(5000 ميل) وتستطيع الوصول إلى قطع البحرية الأمريكية على الضفة الغربية للمحيط الهادي ، والوصول ايضاً إلى الغواصات الأمريكية وستدخل هذه الغواصات الخدمة مع بدايات عام 2008م وستمثل قوة ردع نووية كبيرة للصين .
وتأتي هذه التجارب الصينية في وقت تحتدم فيه الخلافات الأمريكية الإيرانية حول برنامج إيران النووي ، وهناك مداولات بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن حول الملف النووي الإيراني ، من أجل وضع الأطر العريضة لقرار عقوبات جديدة ستفرض على إيران جراء تمسكها بالبرنامج النووي.

في الوقت نفسه أعلنت باكستان أمس السبت عن تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ أرض-أرض قصير المدى. وهي التجربة الثانية خلال أقل من أسبوع من تجربة مماثلة على صاروخ “شاهين 2” الباليستي بعيد المدى. وكشف مصدر عسكري باكستاني، أن مدى الصاروخ الباليستي “هتف-2 عبدلي” 200 كيلومتر وأن التجربة تمت في موقع لم يكشف عنه . ويتمتع الصاروخ الباليستي بالقدرة على حمل رؤوس نووية.
وتعد الصواريخ بمختلف أنواعها من أخطر ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة من وسائل الدمار في المجال العسكري، وقد دخلت في العقود الأخيرة إلى حلبة التنافس بين الدول العظمى مئات من الصواريخ العابرة للقارات، ذات المدى الذي أصبح يقاس بعشرات الآلاف من الكيلومترات، التي تستطيع حمل الرؤوس النووية المدمرة، وتساندها عمليات توجيه أسبغت عليها طابع الدقة لتصل إلى أهدافها بلا أخطاء تذكر، وتعددت وسائل تحميل وطرق إطلاق هذه الصواريخ في ترسانات الأسلحة، بحيث أصبح بعضها يطلق من صوامع خرسانية جهزت تحت الأرض، أو من فوق منصات متحركة... وكل ذلك سانده تدخل تكنولوجيا الحواسب الالكترونية في تخزين المعلومات اللازمة لإحكام ودقة التوجيه والتحكم من المحطات الأرضية.
وتثير هذه التطورات التساؤل حول مستقبل السباق النووي وسباق التسلح في آسيا ، خاصة بعد التجارب النووية للهند وباكستان عام 1998م ، كما تثير التساؤل حول قوة الصين العسكرية التي أشيع عنها أن معدل تحديثها يسير بمعدل أبطأ من المعدلات الكورية واليابانية والتايوانية أيضا . خصوصاً بعدما انخفض حجم الجيش الصينى من أربعة ملايين ونصف فى الثمانينيات إلى حوالى ثلاثة ملايين فقط اليوم . كما تراجع حجم قواتها الجوية من أكثر من 6000 طائرة هجومية فى السنوات العشر الماضية إلى 5000 فقط .
وفيما يتعلق بالقوة البحرية الصينية نلاحظ نفس الأمر، إذ أن عدد الغواصات قد انخفض من 100 غواصة فى الثمانينيات إلى 60 غواصة. وقد قامت الصين فى عام 1981م بإنتاج غواصة قاذفة للصواريخ ذاتية الدفع ، إلا أنها لم تستمر فى الإنتاج بسبب فشل الغواصة ذاتها أو صواريخها. كما قامت بإنتاج خمس غواصات تعمل بالطاقة النووية من النوع المضاد للسفن ، ولكنها لم تستخدم بسبب ما تحدثه من ضوضاء . كما تردد أن الهوة بين الصين وتايوان سوف تزداد فى المستقبل القريب ، وذلك بسبب التطور فى القوات البحرية والطيران الخاصة بتايوان عن مثيلاتها فى الصين . ومن هنا فإن الغواصة النووية الجديدة ستشعل التنافس من جانب القوى الإقليمية والدولية على الأقل من جانب تايوان والولايات المتحدة كما ان ذلك يعكس ان الصين تسير باتجاه الكيف وليس الكم وإلى تطبيق التكنولوجيا المتقدمة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الامر قد أثار مخاوف دول العالم من سباق التسلح في مجال الصواريخ ، بعدما أقرت كل من الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، اليابان والمملكة المتحدة، في أبريل 1987م، نظام السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ، للحد من انتشار الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية، وقد صدر البيان المشترك في 10 فبراير 1990م لكل من وزير الخارجية الأمريكي السابق “ جيمس بيكر” والسوفيتي السابق “ادوارد شيفر نادزه” الذي أكد على الالتزام بسياسة جديدة لتصدير الصواريخ القادرة على حمل رؤوس تزن على الأقل 500 كجم ولمدى يصل إلى 300 كم.ودعا البيان كافة الدول التي لم تلتزم بذلك إلى أن تراعي روح هذه السياسة. وقد وصل عدد الدول الأعضاء المشتركة في نظام السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ MTCR إلى 16 دولة في أوائل عام 1991م ومع ذلك تبدو الأمور تسير بشكل آخر نحو السياق على التسلح النووي ولا سيما في منطقة جنوب شرق آسيا.. فماذا تحمل الايام القادمة؟!