تـزايـدت في الآونة الأخيرة معدلات نشر الأخبار الكاذبة والشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «تويتر» و «الفيس بوك» ، و «الواتس أب» وفي ومختلف المواقـع الإلكترونية بهدف إثارة الرأي العام والتأثير سلبيا على سلامة المجتمع. إلى ذلك أكد عـدد من الإعلاميين والمتخصصين رفضهـم القاطـع لنشر الأخبار الكاذبة في وسائل الإعلام بكل مسمياتها وعلى رأسها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، مطالبين بضرورة تفعيل نظام مكافحة جرائـم المعلوماتية من أجل حماية المجتمع من بعض أفـراده وربما من خارجه الذين يعملون ليل نهار على تـلفيـق وبث الأكاذيب واختلاق الشائعات بهدف البلبلة وإقلاق المسؤولين والمواطنين على حد سواء غير مدركين النتائج السلبية لأفعالهـم الطفولية التي لا تتماشى مـع واقعنا المعاش، ودعوا إلى سحب البساط من تحت أقدام الأشخاص الذين يستمرئون الكذب الإعلامي عبر إتاحة المعلومة الواضحة والسريعة عبر وسائل الإعلام الرسمية.
بدايـة قال الأمير الدكتور نايف بن ثنيان آل سعود أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الملك سعود: « إن الكذب يرفضه الإسلام ومحرم شرعا ولا يجوز أن نتداوله في المجتمـع المسلم كافة بل حتى لايجوز أن نستخدمه مـع الآخـر أيا كان هذا الآخر لأن الصدق من صفات الإنسان المسلـم، ولهذا فإن مصادر التشريـع «القرآن والسنة» بينت رفضها للكذب وأوضحت أنه من صفات المنافقين.
وزاد: لكن للأسف أن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد أصبحوا يستمرئون الكذب ونشر الشائعات وهي الوسائل التي كان من المفترض أن نتعامل فيها بـما يحقـق المصلحة العامة للجميـع ولكافة أفـراد المجتـمع» .
وقال : «إن الأكاديـميين يرفضون هذه الاستخدامات الخاطئة لوسائل الإعلام الجديد لأننا مجتمـع مسلـم لا يصح أن نتعامل فيه بطريقة خارجة عن إيضاح الحقائـق بما يدعم الوحدة الوطنية والترابط بيننا» .
وأضاف : «نحن وللـه الحمد مجتمـع فاضل ونسيج مترابط يتعامل بالحسنى ويعمل على كل ما يحقـق الخيريـة لأفراده وهذه الوسائل الحديثة من الواجب أن نتعامل بها التعامل الصحيح ويجب على كافة الأكاديـميين أن يكونوا يـدا واحدة ضد من يبث الأكاذيب والشائعات لأن وطننا يرفل بالأمن والأمان في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين» .
وخلص إلى القول : إن «من يتعامل بالكذب هم أصحاب النفوس الضعيفة والإشكالية أن أصحاب الكذب يـرون كذباتهـم حقائق وهذا يعود بالتأكيد لضلالهـم ولكن مهـما كذبوا فلن يستطيعوا أن يمـرروا أكاذيبهـم على المجتمـع السعودي الواعي لأن ولاة الأمر عودونا على الصدق والمصداقية وأخذ الحقائق من مصادرها الموثوقة. أما الإعلامي حمد القاضي أمين عام مجلس أمناء مؤسسة الشيخ حمد الجاسر وعضو مجلس الشورى السابق فقال: إنني أتساءل لماذا يتهافت البعض على اختلاق مثل هذه الأخبار التي تثير البلبلة ولا تخدم التنمية وتشغل المسؤول والمواطن ونحن مجتمع لدينا قيـم دينية والدين جعل الصدق في أعلى مراتب القيـم التي يجب على المسلم أن يتحلى بها فكيف يكذب البعض ويختلـق الشائعات، فلا بـد أن نتـثـبـت عندما نكتب مقالا أو نغـرد في «تويـتر» من أجل ترسيخ السلم الاجتماعي الذي نعيشه.
بدوره طالب الدكتور جبريـل العريشي أستاذ علم المعلومات بجامعة الملك سعود ونائب رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بمجلس الشورى بتفعيل نظام مكافحة جرائـم المعلوماتية، الذي يهدف إلى الحد من نشوء جرائـم المعلوماتية وتحديـث بعض موادة بما يلائـم متطلبات المرحلة التي نعيش في ظل الفوضى التي تشهدها مواقـع التواصل الاجتماعي وبقية المواقـع الإلكترونية الأخرى.
وقال الدكتور عريشي : «إلى جانب تفعيل النظام أرى أنه لابد من توعية المجتمـع وإرشاده إلى الطرق المثلى للاستفادة من النشر الإلكتروني بما لا يتعارض مع حقـوق الغير ويضر بأمن الوطن وسلامته» .. مشيرا إلى أن الذين يقومون بنشر الأكاذيب في حساباتـهـم الشخصية أو في مواقعهـم ومدوناتهـم الخاصة ينقسمون إلى ثلاث فئات، الأولى فئة مغرضة هدفها نشر البلبلة في المجتمع من أجل الوصول إلى هدفـها الشيطاني المتمثل بالإضرار بأمن الوطن والمواطن، وفئة ثانية تفتقد لثقافة المعلوماتية من ناحية ومن ناحية ثانية غير واعية لمخاطر إقدامها على نشر البلبلـة والأكاذيب نظرا لجهلـها بالعقوبات التي يمكن أن يـتـعرض لها من يـتعمـد نشر مثل هذه الأكاذيب والأراجيف من وقت لآخر.
أما المجموعـة الثالثـة فقال إنها فئة الشباب الذين لم يستوعبوا بعد أخلاقيات التعامل مع وسائل الإعلام الحديثة حيث يتعاملون معها بطريقة غير مسؤولة وهؤلاء يحتاجون إلى تـثقيف وتوعية بمخاطـر إقدامهـم على هذا النوع من العمل الذي أستطيع أن أسميه «عـبـثـا» ، ولكنه عبث يسيء لهم أولا وللوطن وسمعتـه ثانيا ولأمنه وسلامته ثالثا.
وفي ذات السياق قالت الكاتبة حصة آل الشيخ: إن انتشار الكذب في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «تويتر» ناتج عن غياب المعلومة السريعة من قبل أجهـزة الإعلام التي تتأخر عن النشر بالشكل المهني الصحيح تجاه أي قضية مجتمعية مهمة وبالذات تلك التي يصاحبها لغط كثير ، وضربت على سبيل المثال بالأخبار التي يتـم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وجه الخصوص «تويتر» ويتضح لاحقا أنها لم تكن سوى كذبات رخيصة، مشيرة إلى أن أسباب لجوء البعض إلى الكذب في وسائل مواقع التواصل تنتشر بهذا الشكل العجيب لأن صاحبها لم يتربِّ على ثقافة الحرية.. والمشكلة أن من يكتب بهذه الطريقة لايدري أنه يمس أهم فضيلة إنسانية على وجه الأرض وهي الحرية، ولهذا عندما يجد نفسه خلف الكيبورد وبين أربعة جدران نجده يوجه هجومه العنيف نحو الغير غير مدرك لعواقب ما يفعل على نفسه وعلى المجتمع برمته.
وعن دور وسائل الإعلام الرسمية في مواجهـة ماينشر من أكاذيب في مواقع التواصل الاجتماعي قال الدكتور سعود كاتب مديـر عام الإعلام الخارجي بمنطقة مكة المكرمة والأكاديمي المتخصص في الإعلام الجديد: إن وسائل الإعلام الرسمية غير قادرة على متابعة كل ماينشر في المواقع الإلكترونية وبالذات مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى رفضه المطلق للكذب أيا كان سواء في وسائل الإعلام بشقيه التقليدي والحديـث أم في الحياة العامة.
وقال: إن المستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي أصبح من واجبه التحري عن المعلومة الصحيحة من مصادرها الموثوقـة قبل نشرها لأن نشر الأكاذيب بهذه الطريقة له مساوىء تؤدي إلى أضـرار فادحة بالمجتمع وسلامته.
من جهتـها أرجعت الدكتورة منى الصواف استشاريـة الطب النفسي والخبيرة الدولية في الأمم المتحدة لعلاج الإدمان عند النساء أسباب الكذب في مواقع التواصل الاجتماعي إلى الناحية النفسية بقولها : إن بعض الناس يتخذون الخفاء للتعبير والتنفيس عن رغبات وأحـلام، منهـم الذين يقولون أشياء غير حقيقية، دون أن يعرفوا أن هذا يسمى «كذبـا» ولا يعتقدون أن القارىء لديه من الذكاء ما يمكنه من اكتشاف الحقيقة وتجد معظمـهـم يستخدم أسماء مستعارة «غير حقيقية» . وتضيف : " هؤلاء من الناحية النفسية يكون عندهم صفات شخصية تؤشر إلى عدم القدرة على مواجهة الواقع واستخدام الخيال أكثر من الحقائق، والجزء الآخر يكون عنده شخصية انطوائية وغير قادر على المواجهـة الصريحة، والبعض منهـم يدخل في الكذبة ويصدقها مثل أحلام اليقظة، والبعض الآخر يكون عنده شخصية إيذائيـة تميـل للأذى وهؤلاء هم الذين يقولون الناس وينطقونهم بغير ما قالوا ويكذبون عليهـم خاصة المسؤولين والمشاهير وعند مواجهتـهـم وتساؤلهم عن مصدر المعلومة يستخدمون عبارة شهـيـرة : «سمعـت» أو «قـالـوا» ، وجـزء آخـر لديهـم صفات عدم النضج الانفعالي والعاطفي ويبحثون عن الإثـارة بهدف لفت انتباه الآخرين والحصول على إعجابهـم حتى ولو كان ذلك عن طريق الكذب وهؤلاء دائما يقابلون المسؤولين والمشاهير وهـم في الحقيقة لم يخرجوا من أبواب بيوتهـم».
وتابعت قائلـة : «وهذا الفعـل يمثـل سلوك الطفولة في مرحلة الخمس سنوات الأولى من العمر عندما يأتي الطفل ويدعي بعمل أشياء خارقـة وغير حقيقية كالطيران مع سوبرمان أو مقابلته ويصدق ما يقوله. وهذه تـنـتـهي عند مرحلة النضج العمري..
إلا أن بعض الشخصيات لا يحصل عندها هذا النضج وتظل هذه الحالة تلازمها حتى الكبر وهذا ما يطلق عليه المجتمع لقب «فشار» .. والمـمـيـز في كذبـهـم أنه يثير الضحك والدهشة. لعدم تناسب هذا النوع من القصص مع الخلفيـة الحقيقيـة للشخص» .