رفض مجلس الشورى ثلاثة مقترحات بتوصيات تخص نظام التقاعد، كان من بينها اقتراح توصية بوضع حد أدنى لرواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين، بحيث يكون الحد الأدنى للمستفيد ثلاثة آلاف ريال، وبحسب الصحف الصادرة أمس فإن عضو المجلس خالد العقيل قال لزملائه محاولا إقناعهم بتبني التوصية: (إن أردتم أن تكونوا صوت من لا صوت له، عليكم النظر في أحوال هذه الفئة التي لا تطلب الناس إلحافا، بل عدم إخراج كرامتها في إبراز الإثباتات في مكاتب الضمان الاجتماعي، جعل الله ذلك في موازين حسناتكم)!. طبعا لم ترق قلوب أعضاء مجلسنا الموقر لهذا النداء الرحيم، فهم أعضاء عمليون لا مكان عندهم للعواطف، فبمجرد انتهاء العضو العقيل من مداخلته شكره رئيس المجلس على هذا (العرض المؤثر) وسط ضحك بعض الأعضاء من ذوي القلوب العملية غير الرحيمة، وكذلك قال له رئيس اللجنة المالية الدكتور سعد مارق الذي عارض التوصية: (شكرا لعاطفتك)، وبالطبع أسقط المجلس العملي هذه التوصية، وقد برر رئيس لجنة الموارد البشرية في المجلس الدكتور محمد آل ناجي سبب رفض التوصية بأنها: (عاطفية)!.
حسنا، نحن أمام مجلس شورى خال من العواطف، رغم أن هذه ليست دائما صفة إيجابية، خصوصا حين يتعلق الأمر بالفئات التي تستحق المساعدة، ولكن هذا مجلسنا، وبما أنه مجلس عملي ولا يعترف إلا بالأرقام كان الواجب على أعضائه أن لا يركزوا على ما أسموه بالجانب (العاطفي) في مداخلة زميلهم قدر تركيزهم على الجانب العملي، حيث عرض لهم الأرقام بصفته مختصا بالتحليل الاقتصادي : (لن تكون في زيادة المعاشات كلفة باهظة كما أفادت اللجنة المعنية بدرس تقرير المؤسسة العامة للتقاعد، إذ يشير تقريرها السنوي إلى أن الإيرادات بلغت 6.48 مليار ريال في عام 2012، في حين بلغت المصروفات 6.44 مليار ريال، بينما عدد المتقاعدين 570 ألف عسكري ومدني لن تؤثر زيادة معاشاتهم في قدرة الصندوق).. ولكن كل ذلك لم يكن مثيرا لاهتمام أعضاء مجلس الشورى لأنهم لا يريدون أن يعتقد الناس بأنهم عاطفيون!.
وهكذا بعد رفض وزارة المالية والمؤسسة العامة للتقاعد، جاء رفض مجلس الشورى إصدار توصية الحد الأدنى (المخفضة!) التي كان يمكن أن تدعم مطالب صغار المتقاعدين ليغلق الباب مجددا أمام فرصة تحسين الظروف المعيشية لهذه الفئة وورثتهم من بعدهم، ما لا يراه مجلس الشورى عمليا أن حل هذه المشكلة لا يبدأ من خلال تقليب تقارير المؤسسة العامة للتقاعد، بل النظر إلى ما هو أبعد من ذلك قليلا، فهي مشكلة تمتد وتتشعب لتنشأ عنها الكثير من المشاكل الاجتماعية والإنسانية التي قد لا تثير عواطف مجلس الشورى، ولكنها قد تثير عواطف الحجر الصوان، فالأب المتقاعد الذي يعول شبابا وبنات في الجامعة ويلاحق مصاريف الأولاد ويتقاضى راتبا تقاعديا لا يكاد يغطي فاتورة الجوال هو في الحقيقة يدير عالما كاملا من المشاكل الاجتماعية والتعليمية والتنموية والإنسانية التي تلقي بآثارها على كل مناحي الحياة، والأرملة التي تفتش ثبوتياتها أمام مكاتب الضمان الاجتماعي لثبت أن راتب زوجها التقاعدي لا يكفي الحاجة من حقها علينا وعلى مجلس الشورى (غير العاطفي) توفير الطريقة العصرية التي تضمن لها العيش الكريم دون بهذلة.. دعكم من العواطف وفكروا أيهما أكثر عملية أن تأخذ هذه الأرملة الراتب الضئيل من جهة واحدة هي المؤسسة العامة للتقاعد بعد إقرار الحد الأدنى، أم أن تأخذ نفس المبلغ تقريبا بعد أن (تتشحطط) بين مؤسسة التقاعد ومكاتب الضمان؟. الظاهر ــ والله أعلم ــ أن بعض أعضاء المجلس لا (عاطفيين) ولا (عمليين) ؟!.. بل شيء من هذا وشيء من ذاك: (عاطليين)!.
حسنا، نحن أمام مجلس شورى خال من العواطف، رغم أن هذه ليست دائما صفة إيجابية، خصوصا حين يتعلق الأمر بالفئات التي تستحق المساعدة، ولكن هذا مجلسنا، وبما أنه مجلس عملي ولا يعترف إلا بالأرقام كان الواجب على أعضائه أن لا يركزوا على ما أسموه بالجانب (العاطفي) في مداخلة زميلهم قدر تركيزهم على الجانب العملي، حيث عرض لهم الأرقام بصفته مختصا بالتحليل الاقتصادي : (لن تكون في زيادة المعاشات كلفة باهظة كما أفادت اللجنة المعنية بدرس تقرير المؤسسة العامة للتقاعد، إذ يشير تقريرها السنوي إلى أن الإيرادات بلغت 6.48 مليار ريال في عام 2012، في حين بلغت المصروفات 6.44 مليار ريال، بينما عدد المتقاعدين 570 ألف عسكري ومدني لن تؤثر زيادة معاشاتهم في قدرة الصندوق).. ولكن كل ذلك لم يكن مثيرا لاهتمام أعضاء مجلس الشورى لأنهم لا يريدون أن يعتقد الناس بأنهم عاطفيون!.
وهكذا بعد رفض وزارة المالية والمؤسسة العامة للتقاعد، جاء رفض مجلس الشورى إصدار توصية الحد الأدنى (المخفضة!) التي كان يمكن أن تدعم مطالب صغار المتقاعدين ليغلق الباب مجددا أمام فرصة تحسين الظروف المعيشية لهذه الفئة وورثتهم من بعدهم، ما لا يراه مجلس الشورى عمليا أن حل هذه المشكلة لا يبدأ من خلال تقليب تقارير المؤسسة العامة للتقاعد، بل النظر إلى ما هو أبعد من ذلك قليلا، فهي مشكلة تمتد وتتشعب لتنشأ عنها الكثير من المشاكل الاجتماعية والإنسانية التي قد لا تثير عواطف مجلس الشورى، ولكنها قد تثير عواطف الحجر الصوان، فالأب المتقاعد الذي يعول شبابا وبنات في الجامعة ويلاحق مصاريف الأولاد ويتقاضى راتبا تقاعديا لا يكاد يغطي فاتورة الجوال هو في الحقيقة يدير عالما كاملا من المشاكل الاجتماعية والتعليمية والتنموية والإنسانية التي تلقي بآثارها على كل مناحي الحياة، والأرملة التي تفتش ثبوتياتها أمام مكاتب الضمان الاجتماعي لثبت أن راتب زوجها التقاعدي لا يكفي الحاجة من حقها علينا وعلى مجلس الشورى (غير العاطفي) توفير الطريقة العصرية التي تضمن لها العيش الكريم دون بهذلة.. دعكم من العواطف وفكروا أيهما أكثر عملية أن تأخذ هذه الأرملة الراتب الضئيل من جهة واحدة هي المؤسسة العامة للتقاعد بعد إقرار الحد الأدنى، أم أن تأخذ نفس المبلغ تقريبا بعد أن (تتشحطط) بين مؤسسة التقاعد ومكاتب الضمان؟. الظاهر ــ والله أعلم ــ أن بعض أعضاء المجلس لا (عاطفيين) ولا (عمليين) ؟!.. بل شيء من هذا وشيء من ذاك: (عاطليين)!.