-A +A
ناصر مهنا اليحيوي
الواسطة جزء أصيل من ثقافتنا وتعاملنا حتى لو كان الذي تبحث عنه أو تعمل على تحقيقه من حقوقك المشروعة حتى ولو كان تحقيقه أمرا ميسوراً، ولكنها ثقافة مجتمع وكثيراً ما يلجأ البعض في البحث عن الواسطة قبل البدء في الإجراءات المطلوبة لتحقيق هدفك المشروع والذي هو من حقوقك التي كفلها لك النظام.
والسبب في تفشي هذه الظاهرة وتناميها هو أنها تجدي كثيراً مع من يملك الوجاهة والمكانة، ففي مكالمة واحدة قد تستغرق دقيقة واحدة قد يتحقق هدفك الذي (أُخذ منك شهوراً ولم تستطع تحقيقه !!!)، فكيف يحصل هذا؟؟ .

لاشك أن لتبادل المصالح دوراً في ذلك... ولا يمكن لعاقل أن ينكر وجـود هذه النوعية من الواسطة في (مجتمعنا)، وبالرغم أنها ليست وليدة اليوم إلا أننا وللأسف الشديد لم نستطع القضاء عليها مهما وضعنا من ضوابط ولوائح ... فالمسألة تتعلق بالقيم والمبادئ.
فإذا أردت أن تسجل ابنك في مدرسة فأول شيء تبحث عنه الواسطة، مع العلم أنه من الوارد جداً أن تسجله بدون داع (للواسطة) ولكنه التعود، ولو أردت حجز تذكرة فأنت تبحث عن واسطة. ولو كان لك معاملة في مرفق (ما) فقد تظل حبيسة ألادراج (شهوراً) ثم تتحرك بمجرد مكالمة أو كرت من (الواسطة) وقد تنتهي في نفس اليوم.
وهنا نسأل: لماذا نلجأ لأفراد الواسطة والبعض يعطيها مسمى (شفاعة حسنة)؟! ولماذا نعتبر ذلك تفضلاً طالما هذا حق مكتسب للمواطن.
الشيء المؤلم أن هذه الظاهرة لم تدرس بشكل علمي من قبل الجهات المختصة كالجامعات ومراكز الأبحاث الاجتماعية لتعالج كقضية اجتماعية لا يمكن أن تجدها في الدول (المتحضرة).. حيث كل فرد يعرف ماله من حقوق بأخذها بحكم القانون، وما عليه من واجبات يؤديها بحكم القانون أيضا.
فمتى يأتي اليوم الذي تصبح فيه هذه الظاهرة السيئة من (إرث الماضي) نحكيها للأجيال القادمة كنقطة سوداء في تاريخنا استطعنا تجاوزها، نتمنى ذلك وإن كنت أشك في حصوله قريباً.