-A +A
صالح بن سبعان
ردود الأفعال التي أثارها قرار السعودية برفض مقعدها في مجلس الأمن وحدها كافية لأن تجعل المجتمع الدولي يشعر بضرورة إعادة النظر في هذا المجلس، فعندما يثني الأمين الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي على الموقف السعودي ويصفه بالخطوة الإيجابية على طريق التفكير في إصلاح الأمم المتحدة، فإننا أمام شهادة شاهد كان على رأس المؤسسة الدولية.
والقرار الذي كما قال وزير خارجية الجزائر «لا سابق له منذ نشأة الهيئة قبل 56 عاما» في جانب منه يفضح هذا الخلل البنيوي في الأسس التي قامت عليها الهيئة الدولية، فهي كانت ومنذ نشأتها تعبر عن مصالح القوى التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية، وهي التي وضعت أطره القانونية وهياكله واختصاصاته، وبمنطق القوة ــ لا الحق ــ أعطت نفسها حق القرار الدولي النهائي واحتكرته دون سائر الدول وأعطت نفسها أيضا حق نقض أي قرار مهما أجمعت عليه سائر الدول ومهما كانت أهميته في تحقيق العدالة في العالم كله.
الاحتجاجات على هذا الوضع الدولي الجائر لم تبتدره المملكة العربية السعودية، إذ لم تنفك أقلام الشرفاء في العالم تشير إليه وتنادي بتغييره، بل إن بعض القادة جاهر بهذا الاحتجاج، إلا أنها المرة الأولى التي تتخذ فيها دولة لها دورها الدولي المشهود في العمل من أجل الاستقرار والسلم العالميين ومن أكبر الداعمين لبرامج الأمم المتحدة الإنسانية، موقفا معلنا برفضها مقعد، في مجلس، ترى بأنه لا يعمل على تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها. وكما قال رمضان العمامرة وزير الخارجية الجزائري بأن «اعتذار المملكة عن عدم قبول العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي حدث لا سابق له، يدفعنا إلى أن نستلهم منه لبعث التفكير لدى الجميع، لاسيما الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، حول كيف، ولماذا، وأين قصر مجلس الأمن في واجباته إلى درجة أن يبادر بلد برفض مقعده في هذه الهيئة»..
على كل قامت المملكة بما يمليه عليها ضميرها الإنساني وأعلنت رفضها التاريخي، وتركت لبقية أعضاء الأسرة الدولية أن يناقشوا نقاط رفضها الثلاث لهذه العضوية، وهي مبررات شاخصة أمام المجتمع الدولي ولا تحتاج إلى فريق تحقيق أممي، فالسلاح النووي موجود وإسرائيل موجودة والشعب الفلسطيني مشرد من أرضه، وآلة القتل والتدمير والاغتصاب في سوريا تعمل ليل نهار.

www.binsabaan.com