في محطة خريف موحش، وقبل أقل من أسبوعين شاء الله أن ترحل أمي الحبيبة، رحمها الله وتقبلها بأحسن قبول في دار الخلود. تزامن رحيلها مع رحيل أمهات جليلات للكثير من الصديقات والأصدقاء هذا العام. ورغم وجع الفقد وقسوة الرحيل كان لا بد أن ننهض من آلامنا وأحزاننا، تماما كما نهضت أمهاتنا منذ عقود، لنستكمل مسيرة البناء والعطاء التي بدأتها هؤلاء الأمهات الاستثنائيات مؤمنات بما آمن به من قيم ومبادئ وأخلاقيات.
أمهاتنا نساء أيقظن الحياة وبددن الخوف. هن نساء استثنائيات بكل المقاييس. تزوجن في أعمار مبكرة ولكنهن دافعن عن حق بناتهن في كسر عادة الزواج المبكر ووقفن ضد زواج القاصرات. أصبحن أمهات في عمر مبكر لكنهن آمن بأهمية النضج قبل الإنجاب. أنجبن العشرات من الأولاد والبنات لكنهن لم يرفضن أبدا تحديد عدد الأبناء. حرمن من التعليم لكنهن آمن به كشرط لمستقبل الأجيال. تغلبن على الجهل والأمية بصبر وعزيمة. تحدين الفقر وشظف العيش ليقدمن بالعمل الدؤوب كل متطلبات الحياة الكريمة لأسرهن. آمن بأهمية العمل من أجل كرامة الإنسان ولم يفرقن في ذلك بين البنات والأولاد. كن رائدات في مجال العمل الاجتماعي التطوعي وبناء المؤسسات الخيرية من أجل حياة أفضل. لم تزدهن المعاناة إلا إصرارا ولم يرضخن لوهم العادات التي تحرم المرأة من حقوقها في الحياة.
وإذا كنا اليوم نشهد آلافا من النساء والفتيات السعوديات المتميزات والمبدعات في الطب والهندسة والمحاماة والتعليم والأدب والإدارة والتجارة، فالفضل في ذلك كله يعود لأمهاتنا ممن خضن معركة الحياة والكفاح لنشر بذور العلم والحب والسلام والمساواة. خضن معارك لفرض الإصلاحات الاجتماعية دون ضجيج. فكم من أم خاضت معركة تعليم بناتها فكانت لها مساهمات فعالة في تغيير مكانة المرأة ومستقبلها. ومن منا ينسى أما حرصت على تعليم بناتها في زمن وقفت العادات الاجتماعية ضد تعليم البنات! من منا لا يذكر تضحيات أم لتوفير سبل العبور بأمان لابنة كادت تختطفها العادات في زواج مبكر. من منا لا يعرف أما حملت وأرضعت وربت أجيالا عبرت بهم إلى قمم النجاح. صحيح أن أمهاتنا لم تتح لهن الفرصة ليتفوقن في مجال البحث العلمي، لكنهن نجحن وبامتياز في تهيئة الأسباب لتفوق الأبناء والأحفاد، وسعين بشجاعتهن إلى تغيير ما حولهن من تخلف وجهل واستعباد، وكن في قلب الحياة بكل تحدياتها وصعوباتها.
إن الحديث عن دور أمهاتنا الاستثنائيات لن يكتمل إلا بأعمال توثيقية لمسيرة هؤلاء النساء ما من شأنه أن يحفظ لنا إسهاماتهن ويبقي صفحتهن مضيئة في تاريخ النساء السعوديات. لذا أجدها اليوم فرصة كي نوثق حياة أمهاتنا الاستثنائيات في كتب السيرة الذاتية وإسهامات النساء السعوديات لما لهن من أدوار محورية في تنمية المجتمع، ونتوج تلك المسيرات العظيمة لأمهاتنا بجوائز تكريمية تتبناها وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لتسليط الضوء على حياة أمهاتنا وما قدمنه من إنجازات ومساهمات في حياة مجتمعهن البسيط، فسيرهن هي المرجعيات الأساس والرهانات الكبرى في مجتمع يتشكل نحو غد أكثر إشراقا وانفتاحا.
رحم الله أمهاتنا الراحلات، ومتع الباقيات منهن بالصحة والعافية.
akashgary@gmail.com
أمهاتنا نساء أيقظن الحياة وبددن الخوف. هن نساء استثنائيات بكل المقاييس. تزوجن في أعمار مبكرة ولكنهن دافعن عن حق بناتهن في كسر عادة الزواج المبكر ووقفن ضد زواج القاصرات. أصبحن أمهات في عمر مبكر لكنهن آمن بأهمية النضج قبل الإنجاب. أنجبن العشرات من الأولاد والبنات لكنهن لم يرفضن أبدا تحديد عدد الأبناء. حرمن من التعليم لكنهن آمن به كشرط لمستقبل الأجيال. تغلبن على الجهل والأمية بصبر وعزيمة. تحدين الفقر وشظف العيش ليقدمن بالعمل الدؤوب كل متطلبات الحياة الكريمة لأسرهن. آمن بأهمية العمل من أجل كرامة الإنسان ولم يفرقن في ذلك بين البنات والأولاد. كن رائدات في مجال العمل الاجتماعي التطوعي وبناء المؤسسات الخيرية من أجل حياة أفضل. لم تزدهن المعاناة إلا إصرارا ولم يرضخن لوهم العادات التي تحرم المرأة من حقوقها في الحياة.
وإذا كنا اليوم نشهد آلافا من النساء والفتيات السعوديات المتميزات والمبدعات في الطب والهندسة والمحاماة والتعليم والأدب والإدارة والتجارة، فالفضل في ذلك كله يعود لأمهاتنا ممن خضن معركة الحياة والكفاح لنشر بذور العلم والحب والسلام والمساواة. خضن معارك لفرض الإصلاحات الاجتماعية دون ضجيج. فكم من أم خاضت معركة تعليم بناتها فكانت لها مساهمات فعالة في تغيير مكانة المرأة ومستقبلها. ومن منا ينسى أما حرصت على تعليم بناتها في زمن وقفت العادات الاجتماعية ضد تعليم البنات! من منا لا يذكر تضحيات أم لتوفير سبل العبور بأمان لابنة كادت تختطفها العادات في زواج مبكر. من منا لا يعرف أما حملت وأرضعت وربت أجيالا عبرت بهم إلى قمم النجاح. صحيح أن أمهاتنا لم تتح لهن الفرصة ليتفوقن في مجال البحث العلمي، لكنهن نجحن وبامتياز في تهيئة الأسباب لتفوق الأبناء والأحفاد، وسعين بشجاعتهن إلى تغيير ما حولهن من تخلف وجهل واستعباد، وكن في قلب الحياة بكل تحدياتها وصعوباتها.
إن الحديث عن دور أمهاتنا الاستثنائيات لن يكتمل إلا بأعمال توثيقية لمسيرة هؤلاء النساء ما من شأنه أن يحفظ لنا إسهاماتهن ويبقي صفحتهن مضيئة في تاريخ النساء السعوديات. لذا أجدها اليوم فرصة كي نوثق حياة أمهاتنا الاستثنائيات في كتب السيرة الذاتية وإسهامات النساء السعوديات لما لهن من أدوار محورية في تنمية المجتمع، ونتوج تلك المسيرات العظيمة لأمهاتنا بجوائز تكريمية تتبناها وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لتسليط الضوء على حياة أمهاتنا وما قدمنه من إنجازات ومساهمات في حياة مجتمعهن البسيط، فسيرهن هي المرجعيات الأساس والرهانات الكبرى في مجتمع يتشكل نحو غد أكثر إشراقا وانفتاحا.
رحم الله أمهاتنا الراحلات، ومتع الباقيات منهن بالصحة والعافية.
akashgary@gmail.com