-A +A
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
تعرض الأستاذ الدكتور عوض بن حمد القوزي لحادث سير مع نهاية إجازة عيد الحج، وهو قادم بطريق البر من بلدته القوز إلى جدة، حيث اصطدمت مركبتهم بجمل سائب لم يتبينوه في طريقهم ليلا، وهو طريق الجنوب الساحلي الممتد من القنفذة لجدة، والغريب أن هذا الطريق رغم أنه مزدوج، إلا أنه لم يحم بسياج يمنع المواشي من اجتيازه كغيره من الطرق السريعة.
عرفت الأستاذ القوزي ــ رحمه الله ــ عن قرب من عشر سنوات من خلال المشاركة الدائمة في خميسية الشيخ حمد الجاسر الثقافية، ومن لقاءات متفرقة مع بعض الأدباء في دار المفردات للنشر بضيافة الشاعر والصديق عبدالرحيم الأحمدي، ومن لقاءات أخرى في مجلس الأستاذ الدكتور مرزوق بن تنباك زميله وصديقه ورفيقه الأثير إلى نفسه. وترافقنا عند حضور اجتماع جمعية لسان العرب في القاهرة عام 2006م، والتي استضيف فيها الأستاذ الدكتور عبدالمحسن بن فراج القحطاني. لقد كان نعم الرفيق في سفره وحضره يتمتع بروح خفيفة مرحة وبطلاقة وبشاشة بالوجه وصدق وجد في المناقشة والحوار الهادئ.. قدمت له قبل بضع سنوات نسخة من كتابي (الفكر والرقيب) بطبعته الأولى، وفاجأني بعد أيام معيدا الكتاب بعد تصويب بعض الأخطاء اللغوية، ومطالبا بنسخة أخرى، وفعلا أخذت بتعديلاته في الطبعات اللاحقة، وعند إعدادي لكتاب جديد أسميته (بداياتهم مع الكتابة) طلب مني.. بأريحيته المعتادة أن يطلع عليه قبل الطبع.

وفعلا، عرضت عليه المسودة، فأعادها بعد أشهر رغم مشاغله الأكاديمية وغيرها بعد أن راجعها لغويا وأخضعها لما هو متبع في البحوث الأكاديمية المتعارف عليها في التوثيق وثبت المراجع والمصادر وغيرها، وقد طلبت منه برجاء أن يقدم له، ولكنه اعتذر بلباقة بأنه لم يتخصص بالأدب العربي، ولكنه معني باللغة العربية من نحو وصرف ونحوها، وقال إن لكل فن فرسانه، ولهذا أنصحك بأساتذة الأدب العربي، فهم الأقدر والأجود، وفعلا عرضته على الدكتور معجب الزهراني، فاستجاب مشكورا، والكتاب سيرى النور قريبا.
والأستاذ الدكتور عوض من مواليد مدينة القوز بمنطقة القنفذة عام 1363هـ، بدأ كغيره من أبناء الأرياف في صغره مزارعا وراعيا للأغنام، والتحق بالتعليم متأخرا، وسريعا ما حصل على الدكتوراه في النحو والصرف واللغة من جامعة أكسفورد بإنجلترا عام 1985م، والتحق من وقتها كعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بالرياض. وهو إلى جانب عمله له مشاركات فاعلة في المجامع والجمعيات والمؤتمرات أذكر منها:
• عضوية مجمعي اللغة العربية بالقاهرة ودمشق.
• عضوية جمعيات عدة منها: لسان العرب، وحماة اللغة العربية، والجمعية اللغوية السعودية.
• ومشاركاته في الكثير من المؤتمرات الأدبية والثقافية محليا وخارجيا عربيا وإسلاميا.
• وله مؤلفات في مجال اللغة أذكر منها:
• ما يحتمل الشعر من الضرورة لأبي سعيد السيرافي (تحقيق).
• التعليقة على كتاب سيبويه لأبي علي الفارسي (6 أجزاء) (تحقيق).
• معاني القراءات لأبي منصور الأزهري (تحقيق بالاشتراك) (3 أجزاء).
لقد بلغ من لطفه وحسن معشره ودماثة أخلاقه أن يمازحني في بعض المواقف والاستراحات، وكان يذكر بعض الطرف والمواقف المزعجة، والتي تدل أحيانا على سطحية وقلة ثقافة البعض، ومنها أن أحد طلابه في الدراسات العليا سأله لماذا ينتهي اسمك بالقوز؟، فرد عليه نسبة إلى بلدي! فقاله محاوره وأين القوز؟ فأجابه بمنطقة القنفذة؟ والعجيب أن سائله أبدى استغرابه بعدم معرفته أو سماعه باسم القنفذة!!
وغيرها من القصص والمواقف التي لا يحسن ذكرها في هذا الوقت.
هذا وقد أحسن مركز حمد الجاسر الثقافي صنعا بإبلاغ رواده بما تعرض له للدعاء له. كما علمت بمتابعة صديقه الأثير مرزوق بن تنباك لحالته وزياراته له رغم بعد الشقة.