-A +A
صالح بن سبعان
قبل شهـر على وجه التقريـب عطس الاقتصاد الأمريكي، فأصيب بالحمى الاقتصاد الأوروبي، فالمسألة لم تكن فقط مشاكسة داخلية بين جماعة الشاي وغيرهـم من الجماعات الأخرى، وإنما هناك واقع أن 20% من الاقتصاد العالمي كان ينتظـر نهاية هذا الصـراع الأمريكي الداخلي، وهذا شيء يقلق القارة العجوز أكثر من غيرها، وربما يدعو القادة إلى مراجعة هيكلـية الاقتصاد العالمي على نحو يقـلل من النفوذ الأمريكي في قيادتـه.
لذا فإن موجة الغضب الأوروبية على فضيحة التجسس الأمريكي على القادة الأوروبيين، جاءت في الوقت الذي لم يفـرغ فيه الأوروبيون بعد من نتائج وعدوى الصدمة الاقتصادية التي تسبب فيـها الدولار. ومن هذا المنظور فإن الغضب الأوروبي ربما يتعدى وقائـع التجسس إلى الحقائـق الموضوعية التي تقف وراءه، وهي أن الولايات المتحدة تكاد تحتكـر قيادة الثورة الصناعية الثالثة بما فيها من أقمار صناعية كثـيفة قادرة على التجسس والتحكم في الاتصالات العالمـية.
ويعـزز هذا الواقع بكل احتمالاتـه الاقتصادية والأمنية حقيقة أنه لا يوجد في جعبة المنظومة الأوروبية مقابـل عالمي آخر منافس لشركات «أبل» و «مايكروسوفت» و «غوغل» و «ياهو» وغيرها من العمالقة الذين يتحكمون في محركات الاتصالات العالمية كلها أو أغلبها، بعد أن جرت إزاحة «نوكيا» و «سوني» ، وهذه المنظومة من الشركات الأمريكية، وبوفرة أرباحها قادرة دوما على التجديد والاختراع والاستحواذ على الشركات الأوروبية الأقـل قدرة.
بعض الحلفاء في الاتحاد الأوروبي بدأت أصواتهـم ترتفع بل إن بعضهـم في الناتو اقترح فض الشراكة مع الولايات المتحدة، ولا أحد يعرف ما إذا كان هذا سيحدث بالإجماع الأوروبي أم لا، ولكن المؤكد أن السيادة الوطنية لهذه الدول أصبحت واقعة في اختبار كبير، ولا يوجد لدى الولايات المتحدة ما يساعدها على التعامـل مع الواقـع التكنولوجي الذي توحش عالميا إلى الدرجة التي ربـما سوف يستحيـل معها التحكم فيه، ولا يبدو أن إدارتـها لديـها القدرة على كبح جماح ما وصلت إليه أجهـزة تجسسها من تطور لا يصيب الأعداء فقط، وإنما يصيب الأصدقاء أيضا..
أقول هذا وعيني على مستقبـل علاقات دول الخليج العربية، والسعودية في مقدمتـها، بالولايات المتحدة، مع التبايـن الذي تـتسع رقعته بينـنا وبيـنهـم في العديـد من الملفات والرؤى.


www.binsabaan.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة