-A +A
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
في الوقت الذي كان يقودنا ــ مجموعة من ضيوف المهرجان الثقافي الرابع بعنيزة 22 ــ 26/12/1434هـ، والذي ينظمه كل سنتين مركز صالح بن صالح الاجتماعي ــ الأستاذ صالح بن محمد الغذامي أمين عام الجمعية الخيرية الصالحية بعربة مخصصة لنقل كبار السن، وكنت برفقة الأصدقاء عدنان العوامي وشبر القصاب وإبراهيم التركي (أبو قصي)، وعبدالله القبلان، وكلنا متقاربو الخطأ.. وقد تجاوزنا الكهولة.. والجولة بهم داخل المركز الجديد والمتعدد الأغراض والمهام والقاعات.
لقد بهرنا بحق وتمنينا استنساخ مثل هذا المشروع الحيوي بكل مدينة، ورغم أن مدة الزيارة الصباحية قصيرة ومحدودة وعاجلة؛ لكونها صباحا خالية من أخواتنا وبناتنا، فقد عرفنا من أبي حازم ما سرنا وأعجبنا أن هذا المركز امتداد للفرع النسائي في الجمعية الخيرية الصالحية، وأن مهمته الأساسية تنمية المهارات وصقل القدرات لدى أفراد المجتمع، وخصوصا النساء بتدريبهن باستغلال أوقات فراغهن بما يفيد وينفع، وذلك من خلال مناشط متعددة منها: تعليم اللغات الأجنبية والحاسب الآلي، واكتساب الحرف التي تعود عليهن بمردود معنوي ومادي مثل: الخياطة، وأعمال سف الخوص، والسدو. إضافة إلى تقديم الدورات التأهيلية في مجال الإدارة، وتطوير الذات، والإرشاد الاجتماعي، وغير ذلك من الأعمال الاجتماعية الأخرى.
وقبل أن ندخل بوصف تفصيلي تقريبي لهذا المبنى الرائع، فلنعرف أولا بمن سميت به هذه المنشأة الضخمة: فهي الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل، والتي كان يعتز بها أخوها مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز ــ رحمهم الله ــ فقد كان يوليها اهتمامه بسماع رأيها ويستمد منها الرأي والمشورة، وكان الملك عبدالعزيز دائما ما يعتزي بها بقوله: (أنا أخو نورة).
بدأت الفكرة في الحفل الذي نظمه الفرع النسائي بالجمعية بمركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض في 24/11/1421هـ بتدشين كتاب (الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل) الذي أعدته الدكتورة نورة الصالح الشملان عضو الجمعية والأستاذ بجامعة الملك سعود. فاتجهت النية لإيجاد مشروع يحمل اسم الأميرة نورة له طابع اجتماعي يخدم الأسرة في منطقة القصيم بشكل عام، وسريعا ما عرض الموضوع على سمو أمير المنطقة فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، فأيد الفكرة، فبدأ باتخاذ الخطوات التنفيذية بتشكيل اللجان من أعضاء مجلس الجمعية الصالحية وغيرهم، مع لجنة نسائية برئاسة الأميرة نورة بنت محمد بن سعود حرم أمير القصيم، وهكذا بجهود صادقة ومتواصلة اكتمل المشروع الذي نحن بصدد الحديث عنه، والذي بدأ عمله قبل عشر سنوات من الآن وبمقر مؤقت وبدأ نشاطه من خلال وحدات محددة الأهداف والمناشط مثل: وحدة الإرشاد الأسري، ومركز التدريب النسائي بعقد دورات حرفية مثل: السدو، والسف، والخزف، والخياطة، والتطريز، والتصوير، والرسم وغيرها. ودورات تطويرية للعلاقات والسكرتارية وتطوير الذات وغيرها، ويخصص قسم للحرف والمشغولات اليدوية المتنوعة، وتكوين مكتبة نسائية تعد هي الأولى بمنطقة القصيم، وتحتوي على ما يزيد على 25 ألف عنوان إضافة للدوريات والمواد السمعية والبصرية وأقراص الليزر مع تخصيص قسم خاص لمكتبة الطفل، وكذا قسم للبرامج والأنشطة يشمل المحاضرات والندوات والأمسيات والمعارض وتبادل الزيارات وإقامة المراكز الصيفية والدورات والملتقيات... إلخ.
إضافة لقسم خاص بالرياضة واللياقة الصحية وقسم كبير يضم المطعم والمقهى وأماكن الترفية ومضمار للجري والمشي.
هذا، باختصار، ما شاهدناه بجولتنا والذي بدأها دليلنا الماهر ــ الغذامي ــ بجولة بالمسرح الحديث، والذي يشتمل على جميع خدماته، والذي يتسع لسبعمائة متفرج مع مستلزماته وخدماته إضافة لـ (البازار)، والمكون من وحدات متحركة تحدد الأماكن المناسبة لعروض المنتجات الغذائية والمنسوجات والأعمال اليدوية الأخرى، والتي تقام للبيع في أوقات محددة يعلن عنها في وقتها، أما الصالة الرياضية بما فيها من وحدات وآلة للياقة والسباحة والعناية الصحية وأعمال المكياج وتسريح الشعر وغيرها، والمطعم والمقهى والمضمار، وخصص مكان للمكتبة بقسميها العام والخاص بالطفل بمرسمه ومسرحه وتدريبه على الابتكار وتنمية المهارات. والموقع الجديد والمبهر ــ كما قلت ــ تبلغ مساحته 37500 متر مربع، فالدور الأرضي وهو الذي شاهدناه على عجل، فيتكون ــ كما قلت ــ من: قاعة للعرض المسرحي وإقامة المحاضرات وبهو المدخل الرئيسي وقاعة الطعام وقسم الإنتاج الحرفي ونادي الصحة واللياقة، وقال دليلنا إن الدور الأول يتكون من قسم الإرشاد الأسري ومركز التدريب النسائي وإدارة المركز وقاعة الاجتماعات، كل هذا تم على هامش مهرجان عنيزة الرابع للثقافة وللمهرجان شعار يتخذه لكل دورة، فكان شعار هذه الدورة (أبناؤنا بناؤنا)، والذي افتتحه سمو أمير منطقة القصيم، مساء يوم الأحد 22/12/1434هـ، وكان لي فيه مشاركة متواضعة عبارة عن إلقاء محاضرة عن بدايات صحفية لعدد من أبناء عنيزة الذين بدؤوا الكتابة في الصحافة قبل 50 عاما، وحضور بعض فعاليات المهرجان، وبالذات الندوة التي تحدث فيها بعض الأساتذة عن المكرمين من الرواد، وهم: محمد الفهد العيسى ومحمد الناصر العبودي وعبدالرحمن السليمان العثيمين وعلي عبدالله الدفاع وعبدالله يوسف الشبل، وفي الليلة التالية حضور ندوة (شبابنا واللغة العربية) تحدث بها الأساتذة: محمد الهدلق وإبراهيم الشمسان وعبدالله الوشمي، وأدارها عبدالله العود، وكان بالإمكان الاسترسال، ولكن المساحة المخصصة لا تتسع ولهذا لا بد من الإشادة وذكر وشكر القائمين على هذا المركز الحيوي المتجدد والإشادة بكل الجنود المجهولين والمعلومين بوقوفهم وراء هذا العمل الرائع.
ولا ننسى اختيار مكان لسكن بعض الضيوف أشبه بالمنتجع الصحي الجميل، وخارج المدينة في قرية (العوشزية) بني على طراز شعبي تقليدي حديث، وقد لفت نظري أن أغلب من يعمل به من شبابنا وحتى بناتنا هن من يتولى طبخ الوجبات، بما فيها الأكلات الشعبية التقليدية وغيرها مما جد واسمه (الملفي) وله من اسمه نصيب!.

Abo-yarob.kashami@hotmail.com