-A +A
زياد عيتاني (بيروت)
بعد إطلالات متقطعة ومتباعدة زمنيا، أطل أمين عام حزب الله حسن نصر الله للمرة الأولى منذ العام 2006 وتحديدا منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو ليومين متتاليين مباشرة على جمهوره، متجاوزا كل المخاوف الأمنية والتهديدات الاسرائيلية المباشرة له «وضع خطين ملونين تحت كلمة التهديدات»، وذلك وفقا لما اعتاد إعلامه وكوادره على ترويجه، منذ أن اضطر للجوء إلى سكن مجهول في ضاحية بيروت الجنوبية وإلى الخطابة عبر شاشة تلفزيونية.
فالحدث ليس بالمواقف التي أطلقها نصر الله في هاتين الإطلاتين، بل في هذه المخاطر الأمنية التي أقدم عليها بخروجه إلى جمهوره شخصيا، ولذلك أسباب وأسباب تبدأ من نقطة القلق لتدور دورة كاملة شاملة الفشل الحكومي لحزبه وحلفائه، مرورا بالتورط في الجريمة الكبرى التي ترتكب بحق الشعب السوري والصورة المهشمة لحزبه داخليا وخارجيا بسبب حبوب الكبتاجون والتهريب عبر المرافئ واللائحة تطول لتنتهي عند النقطة نفسها وهي القلق... إنه القلق وحده الذي يسيطر على ذهنية نصر الله وحزبه هذه الأيام، القلق من الصفقة الأمريكية الإيرانية المرتقبة وما ستحمله من ضحايا وأثمان، القلق من الحفرة السورية التي وقع فيها وها هي تتسع يوما بعد يوم، القلق من صمود خصومه في الداخل اللبناني ورفضهم مشاركته حكومة تبرئ القاتل في سوريا، القلق من قلق مؤيديه الذي بدأ يتململ وهو يستقبل يوميا قتلى ريف دمشق وحلب وحمص.

نصر الله وبخروجه مرتين متتاليتين واقترافه فعلا لم يقترفه منذ سبع سنوات هو أشبه بمن يسمع جلبة كبيرة خارج منزله فيستيقظ مرتعبا ويخرج مسرعا إلى باب داره ليرى ما يحصل وليعلم ما لا يعلمه فلا يرى أحدا فيعود حاملا خوفه إلى داخل منزله منتظرا ما سيحدث. جملة واحدة قالها نصر الله في الخطابين عبر الإطلالتين يمكنها اختصار كل الحكاية من البداية إلى النهاية حيث قال: «حلفاؤنا لن يتخلوا عنا هذا لم يحصل من قبل ولن يحصل الآن».
وهنا يبرز تساؤل مهم يوجهه لنصر الله نفسه، ومن قال إن حلفاءك تخلوا عنك أو سيتخلون؟ هل هم خصومك أم قلقك؟ وبما أن الخصوم لم يتحدثوا بذلك فإن قلقه هو محدثه وعندما يقلق الإنسان يقلق وحينها تفقد الأمور توازنها.