-A +A
هاشم الجحدلـــي
لا أعرف، ولا أعتقد أن هناك بلداً في العالم يعاني مثلما نعاني من قلة الأمطار وندرة المياه الجوفية وغير الجوفية، ويعتمد اعتماداً كاملاً أو شبه كامل على المياه المحلاة القادمة من الخليج أو البحر عبر محطات التحلية، هذه حقيقة أولية لا أعتقد أن هناك من يشكك فيها أو يقلل من أهميتها حتى ولو أثبت بكل الأقمار الصناعية أن هناك أنهاراً توازي النيل والأمازون تجري تحت صحراء النفوذ أو صحراء الربع الخالي..
أما الحقيقة الأساسية أو التالية أو بمعنى أدق الأخيرة، فهي إننا برغم إدراكنا لمشكلتنا المائية ومعرفتنا أن الحروب القادمة هي حروب على موارد المياه، وأن هذه المحطات وبهذه المواصفات، والإمكانات تجعلنا أسرى الدول المنتجة، فالمحروم من الغذاء يجد التمر أما المحروم من الماء فلن يسف التراب بل سيتآكل كأشجار الحنظل في صحراء الإسمنت ومفازات الحديد.

وحتى لا نصل إلى هذه المرحلة من اليأس أو الموت، ونتجاوز هزل نكتة المترفين الذين أجابوا على من تشكّى من عدم وصول المياه إلى قراهم بقولهم لماذا لا تشربوا (مياه غازية) يجب علينا أن نبدأ في قراءة المستقبل فالماضي والحاضر مرّا بعيداً عن حدود سيطرتنا.. ولهذا فإن الحل الأوحد من وجهة نظري ونظرنا نحن الواقفون على حدود العطش لن يكون إلا بقيام مشروع وطني لتحلية المياه يبدأ من مركز أبحاث تستقدم وتستقطب له كل العقول أو على الأقل أهم العقول في مجال تحلية المياه ومواجهة كوارث الجفاف والتعامل مع قلة الموارد المائية..
ومن هذا المركز تنبثق بعد ذلك كليات في جامعاتنا، ومعاهد متخصصة في تخريج دفعات ودفعات من المؤهلين في التعامل مع هذه المحطات التي من المفترض أن تنتج وتصنع عندنا وباختراعات خاصة بنا وبمواصفات ملائمة لحاجتنا، وبمواد أولية وغير أولية من إنتاجنا.
نحن مع الماء الحلو في معركة ولذلك علينا أن نملك كل أدواتها.. لا أن نستورد كل شيء لمواجهتها من الخارج إلى حد أن نستورد من يشغّلها لنا..!! وإذا تعرضت إلى أي خلل علينا أن ننتظر العقل القادم من الخارج ليحل هذا الخلل ويصلحه لنا..!
الماء.. الماء.. ولا شيء سوى الماء هو مشكلتنا الأولى والأخيرة.. آسف هناك قائمة طويلة من المشاكل ولكن لماذا لا نبدأ من الماء..
الماء العذب.. الحلو.. معنى وأصل الحياة.. وبعد ذلك لكل عقدة حلال.. مادمنا امتلكنا القدرة على الحياة حتى لا نكون كما قال رائدنا محمد العلي (لاماء.. في الماء).