تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لدينا أظهر الحجم الحقيقي للمشكلة، فنحن مجتمع واقتصاد اعتاد على هذه العمالة واعتمد عليها لعشرات السنين، وهكذا نمت أعدادها وتضخم دورها داخل اقتصادنا ومجتمعنا إلى حد قد يصعب تغييره، ولذلك فإن عمليات التصحيح الحالية واجهت وستواجه صعوبات، والأهم من ذلك أن لها آثارا قوية على الاقتصاد وعلى المجتمع وقد يصعب حصرها، ولكن لنبدأ بأكثرها وضوحا، وهو ارتفاع أسعار العمالة وكل ما كان ينتج منها، فهذه الملايين من العمالة المخالفة كانت موجودة لدينا لسبب، فاقتصادنا ومجتمعنا استقبلها وحضنها لأنه كان يستخدمها للإنتاج وأعمال مختلفة، وبالتالي فإن ترحيلها الآن يعني توقف أي عمل كانوا يقيمون به، وضرورة البحث عن بديل، وحتى لو لم يتم ترحيل هذه العمالة، فإن تصحيح أوضاعها أو تغير أعمالها ووظائفها كله يضع تكاليف إضافية على الإنتاج، ما يؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار في أي سلعة كانت هذه العمالة تنتجها أو تساهم في إنتاجها، فالمعروض من هذه السلع والخدمات سوف ينخفض، وكما نعلم فإن أي انخفاض في العرض سوف يؤدي إلى زيادة في السعر.
بالطبع، ممكن أن نقول ــ في المقابل ــ أن خروج أعداد كبيرة من هذه العمالة سوف يؤدي إلى انخفاض الطلب كما أدى إلى انخفاض العرض، فهذه العمالة كما كانت منتجة فهي أيضا مستهلكة، وخروجها يعني انخفاض الطلب على أي سلعة استخدموها من أكل إلى مسكن إلى غيره، وهذا بصفة عامة صحيح، وقد نتوقع أن يكون هناك انخفاض في الطلب على بعض الأمور كمساكن هذه العمالة ــ على سبيل المثال، وانخفاض الطلب يؤدي إلى انخفاض الأسعار، ولكن هناك اختلافات جذرية ما بين التغير الذي حدث ويحدث في الطلب وفي العرض، فهذه العمالة الوافدة كانت بصفة عامة لدينا هنا لتعمل وليس لكي تستهلك، وبالتالي فإن إنتاجهم وتأثيرهم على العرض يفوق بأضعاف مقدار استهلاكهم وتأثيرهم على الطلب، وكدليل واضح على ذلك نجد تحويلات سنوية منهم للخارج بمئة مليار ريال أو أكثر، وهذا المبلغ الضخم يشير إلى حجم إنتاج هذه العمالة الوافدة، وهكذا فإن خروجهم يؤثر على هذا الإنتاج أو العرض أكثر مما يؤثر على الاستهلاك أو الطلب، وبالتالي من المتوقع أن ترتفع الأسعار، فهذه نتيجة حتمية أو على الأقل فإنها نتيجة حتمية في الوقت الحالي، ولكن بالنسبة للمستقبل فهناك عدة تغيرات قد تساعد على إعادة الأمور لنصابها، ومن أهمها أن حركة تصحيح العمالة هذه وبخلاف أهدافها الأمنية الواضحة والعامة، إلا أن لها أهدافا اقتصادية لا تقل أهمية، ومنها إتاحة الفرصة للعمالة الوطنية، وخصوصا في قطاعات أعمال هامة أصبحت وكأنها حكر على العمالة الوافدة، وبالتالي إن نجحت حملة التصحيح في استقطاب العمالة الوطنية لشغل ما شغر من وظائف بخروج العمالة الوافدة، فإن هذا يحقق عدة أهداف في حركة واحدة، إذ يتم مكافحة البطالة لدينا ويتم الحفاظ على رواتب وعوائد هؤلاء العاملين داخل اقتصادنا، والأهم من ذلك أنه يتم تثقيف وتدريب السعوديين بمهارات العمل، ما يفتح لهم الأبواب ــ بإذن الله ــ لوظائف أفضل وحياة أفضل، وهذه جميعها عوامل مفيدة لاقتصادنا ولمجتمعنا، ولكن ــ للأسف ــ فإن مع كل هذه ستظل الأسعار مرتفعة، إذ أنه حتى لو نجحنا في استقطاب عمالة سعودية لتحل مكان العمالة الوافدة، فإن تكلفتها أعلى وإنتاجيتها بصفة عامة أقل، ولذلك ستظل الأسعار مرتفعة على الأقل في المدى القريب إلى حين تتحسن إنتاجية العمالة السعودية أو تقل تكاليفها، أما إن لم ننجح في استقطاب العمالة السعودية، فإن الوضع سيكون أصعب، إذ أننا سنضطر للعودة للعمالة الوافدة، وبالتالي فإن الفيصل في الموضوع والذي سيحدد نجاح حملة التصحيح هذه وتحقيقها لأهداف اقتصادية كما حققت أهدافها الأمنية يقع على عاتق العمالة الوطنية، فالميدان أمامهم الآن، وأرجو أن ينجحوا ـــ بإذن الله ــ في إثبات وجودهم.
بالطبع، ممكن أن نقول ــ في المقابل ــ أن خروج أعداد كبيرة من هذه العمالة سوف يؤدي إلى انخفاض الطلب كما أدى إلى انخفاض العرض، فهذه العمالة كما كانت منتجة فهي أيضا مستهلكة، وخروجها يعني انخفاض الطلب على أي سلعة استخدموها من أكل إلى مسكن إلى غيره، وهذا بصفة عامة صحيح، وقد نتوقع أن يكون هناك انخفاض في الطلب على بعض الأمور كمساكن هذه العمالة ــ على سبيل المثال، وانخفاض الطلب يؤدي إلى انخفاض الأسعار، ولكن هناك اختلافات جذرية ما بين التغير الذي حدث ويحدث في الطلب وفي العرض، فهذه العمالة الوافدة كانت بصفة عامة لدينا هنا لتعمل وليس لكي تستهلك، وبالتالي فإن إنتاجهم وتأثيرهم على العرض يفوق بأضعاف مقدار استهلاكهم وتأثيرهم على الطلب، وكدليل واضح على ذلك نجد تحويلات سنوية منهم للخارج بمئة مليار ريال أو أكثر، وهذا المبلغ الضخم يشير إلى حجم إنتاج هذه العمالة الوافدة، وهكذا فإن خروجهم يؤثر على هذا الإنتاج أو العرض أكثر مما يؤثر على الاستهلاك أو الطلب، وبالتالي من المتوقع أن ترتفع الأسعار، فهذه نتيجة حتمية أو على الأقل فإنها نتيجة حتمية في الوقت الحالي، ولكن بالنسبة للمستقبل فهناك عدة تغيرات قد تساعد على إعادة الأمور لنصابها، ومن أهمها أن حركة تصحيح العمالة هذه وبخلاف أهدافها الأمنية الواضحة والعامة، إلا أن لها أهدافا اقتصادية لا تقل أهمية، ومنها إتاحة الفرصة للعمالة الوطنية، وخصوصا في قطاعات أعمال هامة أصبحت وكأنها حكر على العمالة الوافدة، وبالتالي إن نجحت حملة التصحيح في استقطاب العمالة الوطنية لشغل ما شغر من وظائف بخروج العمالة الوافدة، فإن هذا يحقق عدة أهداف في حركة واحدة، إذ يتم مكافحة البطالة لدينا ويتم الحفاظ على رواتب وعوائد هؤلاء العاملين داخل اقتصادنا، والأهم من ذلك أنه يتم تثقيف وتدريب السعوديين بمهارات العمل، ما يفتح لهم الأبواب ــ بإذن الله ــ لوظائف أفضل وحياة أفضل، وهذه جميعها عوامل مفيدة لاقتصادنا ولمجتمعنا، ولكن ــ للأسف ــ فإن مع كل هذه ستظل الأسعار مرتفعة، إذ أنه حتى لو نجحنا في استقطاب عمالة سعودية لتحل مكان العمالة الوافدة، فإن تكلفتها أعلى وإنتاجيتها بصفة عامة أقل، ولذلك ستظل الأسعار مرتفعة على الأقل في المدى القريب إلى حين تتحسن إنتاجية العمالة السعودية أو تقل تكاليفها، أما إن لم ننجح في استقطاب العمالة السعودية، فإن الوضع سيكون أصعب، إذ أننا سنضطر للعودة للعمالة الوافدة، وبالتالي فإن الفيصل في الموضوع والذي سيحدد نجاح حملة التصحيح هذه وتحقيقها لأهداف اقتصادية كما حققت أهدافها الأمنية يقع على عاتق العمالة الوطنية، فالميدان أمامهم الآن، وأرجو أن ينجحوا ـــ بإذن الله ــ في إثبات وجودهم.