-A +A
احمد عائل فقيهي
تحولت حملة التصحيح على المخالفين من العمالة الوافدة إلى قضية رأي، وأصبحت مثار أسئلة وحوارات ونقاش داخل المجتمع وفي وسائل الإعلام، فثمة من يرى بأن حملة التصحيح كان ينبغي أن يسبقها حملة إعلامية وتوعوية، وثمة من رأى بأنه كان يجب مراعاة الكثير مما يتصل بتركيبة المخالفين.. ومستوياتهم.
لكن وبالرغم من أن الحملة حققت أهدافها وإلى حد كبير، إلا أنها بحاجة إلى تكثيف دورها ومهمتها.. بأساليب أكثر حرفية ومهنية، ذلك أن هناك من اتخذ من حملة تصحيح المخالفين من العمالة الوافدة والسائبة فرصة لتصعيد هذه الأخطاء واستغلالها من قبل وسائل الإعلام الأجنبية التي ترى في هذه الحملة إضرارا بمصالحها التجارية والشخصية وحتى من قال بأن فيها وبغباء شديد رائحة عنصرية.

من هنا لابد من وجود وعي هام بأهمية هذه الحملة وانعكاساتها اجتماعيا وبيئيا وإعلاميا.. بأساليب مدروسة ومرسومة أيضا.
ذلك أن إعادة النظر في وجود العمالة الوافدة على أرض المملكة يقتضي معه طرح هذه الأسئلة:
ماذا نريد من هذه العمالة؟.. وما الفائدة التي يمكن أن تحققها للمجتمع؟.. وهل وجودها ضرورة؟.. وما هي المواقع التي ينبغي أن تتواجد وتعمل فيها؟.
ما أراه أن المجتمع بحاجة إلى العنصر المفيد والنافع من الوافدين عربا وأجانب، العنصر الذي لا يشكل عبئا على هذا المجتمع.. بل يشكل إضافة للمجتمع سواء على المستوى المهني أو العلمي أو المعرفي.. ذلك أن الأوطان والمجتمعات دائما بحاجة ماسة وضرورية إلى العناصر والكوادر والقدرات غير الوطنية للاستفادة من خبرات الآخرين في كل المجالات والميادين.. وأن الأوطان والمجتمعات لا تنهض في مسيرة ومنظومة البناء والتنمية إلا بوجود عقول وقدرات وافدة تساعد وتساند العقول والقدرات الوطنية في النهوض والتقدم.. وهذه حالة ليست مقتصرة على الحالة السعودية والخليجية بخاصة والعربية والإسلامية بعامة، ولكنها حالة عالمية.. ومن ينظر إلى الغرب سوف يجد أن هذا الغرب علميا وثقافيا وعسكريا وتقنيا وفنيا واقتصاديا لم يتقدم بوجود العناصر والكوادر الوطنية فقط بل بوجود العناصر والكوادر.. والعقول العظيمة التي جاءت من خارج دول الغرب لتكون من العقول النافعة والمضيئة.. بل إن الغرب ساهم في اكتشاف كثير من العقول المهاجرة له للبحث عن موقع وعن مساحة للإنتاج والعمل والإبداع.. من أجل صناعة ثقافة التعدد.
إن مجتمعنا بحاجة إلى العامل الوافد المفيد والنافع وإلى العقول العربية الإسلامية والأجنبية المضيئة والخلاقة لا أن يتحول مجتمعنا إلى ملاذ وملجأ للهاربين والعاطلين في بلدانهم على حساب الكادر الوطني وعلى حساب الهوية الوطنية الذين شوهوا الملامح الحضارية والاجتماعية لمجتمعات الخليج بعامة وبلادنا بخاصة.. ومن هنا لابد من الحفاظ على المكون الحضاري والاجتماعي والثقافي للمجتمع.