ذكرنا الأسبوع الماضي أنه منذ تحولت جدة من مدينة مشاة بنيت للإنسان وعلى مقاييسه، إلى مدينة للسيارات والآليات، وأُغفلت حركة المشاة، لا تزال مشاكل المرور قائمة وحتى إشعار آخر. وقلنا إن منظومة المرور التي تتكون من السائق، والسيارة، والطرقات (بمختلف تجهيزاتها)، وجهاز المرور نفسه، جميعها في حاجة إلى دراسة وفحص وإعادة تأهيل. فإذا اختل عنصر واحد من هذه العناصر اختلت المنظومة كلها أو تعطلت، فما بالنا إذا اختل أكثر من عنصر؟
وكما نلاحظ فإن عنصر السائق مثلا أصبح أمراً ميؤوساً منه، وحدث ولا حرج. لدينا للأسف أسوأ السائقين في العالم، يمتازون بالجهل والرعونة، والاستهتار بالأنظمة وآداب المرور، وبضيق الخلق وقلة الصبر. وهذا العنصر على وجه الخصوص في أشد الحاجة إلى علاج جذري صارم، وإلا فلن يفيد أي علاج.
واقعنا للأسف يشير إلى أن خطوط الحركة والمواصلات في جدة هي الآن من أخطر وأغرب خطوط الحركة في أي مدينة عصرية أخرى، نتيجة الخلل الواضح في جميع عناصر منظومة المرور.
حركة المرور مثلا في أحد أكبر شرايين الحركة في جدة، طريق الملك عبدالعزيز، تثير الفزع والارتباك. فقد ألغيت إشارات المرور، والتقاطعات والتفرعات، وحتى الميادين، وطبقت فكرة الدوران والالتفاف لتغيير اتجاه السير، وذلك فقط لتحويل هذا الشريان الرئيسي الذى يخترق المدينة من جنوبها إلى شمالها، إلى طريق داخلي سريع توفيراً للوقت.
وقد اقترح أحد الأصدقاء متهكماً أن يسارع صاحب هذه الفكرة العجيبة إلى تسجيلها تحت نظام «براءة حق الاختراع»، إذ لا يوجد لها نظير في العالم أجمع.
هذه الفكرة أريد بها حل مشكلة واحدة، ولكنها خلقت عشر مشاكل جديدة، وهي مشاكل في غاية الخطورة، وتضاعف من إمكانية التعرض للحوادث الخطرة أو القاتلة، وتؤدي إلى تكدس مزعج وفوضى عجيبة، وتلوث بيئي بكل أشكاله.
لا أعلم إن كان الذي وضع هذه الأفكار على علم بالفعل بهندسة النقل والمرور والحركة في تخطيط المدن، أو توقع حدوث مثل هذا التكدس والفوضى البشعة على هذا الشريان المزدحم.
إذا أردنا تحويل هذا الشريان الرئيسي إلى طريق داخلي سريع، فليكن كذلك، ولا داعي لأنصاف الحلول. أليس من الأفضل، على سبيل المثال، وضع ميادين جميلة وعملية على مسافات متباعدة على هذا الشريان السريع (لنقل كل عشرة كيلومترات أو أكثر) يتم عن طريقها تغيير الاتجاه والوصول إلى الطرقات الفرعية، مع إلغاء جميع التقاطعات والتفرعات الثانوية.. إلخ، بدلا من نقاط الدوران المتعددة والمتقاربة والخطرة في شريان رئيسي سريع، مع الاستعانة بإشارات المرور الضوئية لتنظيم وتوقيت حركة المرور في الميادين وعند الحاجة فقط؟
الآن وعلى طول هذا الشريان الرئيسي، نرى سيارات تتطوح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبسرعات عالية، وفي نفس الوقت سيارات تنقض من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وسيارات تزاحم من اليسار للدخول في خط السير، وأخرى تزاحم من اليمين لتدخل في أحد «الدورانات»، وأخرى تأتيك من الخلف بسرعة مذهلة، وغيرها من أمامك تغير مسارها فجأة لتنحرف إلى اليمين أو اليسار، ويتحول منظر المرور بهذا إلى ما يشبه أسراب الجراد التي تطير في كل اتجاه ومن كل اتجاه، أمر مخيف بالفعل وفي غاية الخطورة.
أضف إلى ذلك تلك التلال الصغيرة من المطبات الاصطناعية التي صممت لكبح السرعة في بعض الطرقات الرئيسية، التي تظهر لك فجأة دون إشارة تحذير أو سابق إنذار وكأنها وضعت للعقاب وليس للحد من السرعة، فأعاقت سيولة حركة المركبات، وتحول شكل المرور في تلك الطرقات وكأننا في قافلة من الجمال.
كل هذا لم يساعد على حل نظام مشكلة المرور بل ضاعف من خطورتها، كما أنه تسبب في تشويه المنظر العام لمدينة جدة بسبب انتشار وكثرة البلوكات الأسمنتية والحواجز المعدنية، مما يثير شفقة خبراء تخطيط المدن.
لا غرابة إذاً في انتشار أمراض ضغط الدم والسكر بين أفراد الشعب السعودي، فهذا من أهم مسبباته هو قيادة السيارة. وإذا كانت هناك إحصائية رسمية تفيد بعدد القتلى والجرحى في حوادث مرور السيارات، فليت لدينا أيضاً دراسة عملية عن أعداد المصابين بالسكر وارتفاع ضغط الدم بسبب قيادة السيارة داخل المدن. في جميع أنحاء العالم تقريباً، أول شيء تفعله عند دخولك سيارتك هو أن تربط حزام الأمان. في جدة، أول شيء أفعله عندما أدخل سيارتي هو أن أسمي بالله، ثم أحوقل، ثم أتشهد، وأخيراً أربط الحزام.
وكما نلاحظ فإن عنصر السائق مثلا أصبح أمراً ميؤوساً منه، وحدث ولا حرج. لدينا للأسف أسوأ السائقين في العالم، يمتازون بالجهل والرعونة، والاستهتار بالأنظمة وآداب المرور، وبضيق الخلق وقلة الصبر. وهذا العنصر على وجه الخصوص في أشد الحاجة إلى علاج جذري صارم، وإلا فلن يفيد أي علاج.
واقعنا للأسف يشير إلى أن خطوط الحركة والمواصلات في جدة هي الآن من أخطر وأغرب خطوط الحركة في أي مدينة عصرية أخرى، نتيجة الخلل الواضح في جميع عناصر منظومة المرور.
حركة المرور مثلا في أحد أكبر شرايين الحركة في جدة، طريق الملك عبدالعزيز، تثير الفزع والارتباك. فقد ألغيت إشارات المرور، والتقاطعات والتفرعات، وحتى الميادين، وطبقت فكرة الدوران والالتفاف لتغيير اتجاه السير، وذلك فقط لتحويل هذا الشريان الرئيسي الذى يخترق المدينة من جنوبها إلى شمالها، إلى طريق داخلي سريع توفيراً للوقت.
وقد اقترح أحد الأصدقاء متهكماً أن يسارع صاحب هذه الفكرة العجيبة إلى تسجيلها تحت نظام «براءة حق الاختراع»، إذ لا يوجد لها نظير في العالم أجمع.
هذه الفكرة أريد بها حل مشكلة واحدة، ولكنها خلقت عشر مشاكل جديدة، وهي مشاكل في غاية الخطورة، وتضاعف من إمكانية التعرض للحوادث الخطرة أو القاتلة، وتؤدي إلى تكدس مزعج وفوضى عجيبة، وتلوث بيئي بكل أشكاله.
لا أعلم إن كان الذي وضع هذه الأفكار على علم بالفعل بهندسة النقل والمرور والحركة في تخطيط المدن، أو توقع حدوث مثل هذا التكدس والفوضى البشعة على هذا الشريان المزدحم.
إذا أردنا تحويل هذا الشريان الرئيسي إلى طريق داخلي سريع، فليكن كذلك، ولا داعي لأنصاف الحلول. أليس من الأفضل، على سبيل المثال، وضع ميادين جميلة وعملية على مسافات متباعدة على هذا الشريان السريع (لنقل كل عشرة كيلومترات أو أكثر) يتم عن طريقها تغيير الاتجاه والوصول إلى الطرقات الفرعية، مع إلغاء جميع التقاطعات والتفرعات الثانوية.. إلخ، بدلا من نقاط الدوران المتعددة والمتقاربة والخطرة في شريان رئيسي سريع، مع الاستعانة بإشارات المرور الضوئية لتنظيم وتوقيت حركة المرور في الميادين وعند الحاجة فقط؟
الآن وعلى طول هذا الشريان الرئيسي، نرى سيارات تتطوح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبسرعات عالية، وفي نفس الوقت سيارات تنقض من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وسيارات تزاحم من اليسار للدخول في خط السير، وأخرى تزاحم من اليمين لتدخل في أحد «الدورانات»، وأخرى تأتيك من الخلف بسرعة مذهلة، وغيرها من أمامك تغير مسارها فجأة لتنحرف إلى اليمين أو اليسار، ويتحول منظر المرور بهذا إلى ما يشبه أسراب الجراد التي تطير في كل اتجاه ومن كل اتجاه، أمر مخيف بالفعل وفي غاية الخطورة.
أضف إلى ذلك تلك التلال الصغيرة من المطبات الاصطناعية التي صممت لكبح السرعة في بعض الطرقات الرئيسية، التي تظهر لك فجأة دون إشارة تحذير أو سابق إنذار وكأنها وضعت للعقاب وليس للحد من السرعة، فأعاقت سيولة حركة المركبات، وتحول شكل المرور في تلك الطرقات وكأننا في قافلة من الجمال.
كل هذا لم يساعد على حل نظام مشكلة المرور بل ضاعف من خطورتها، كما أنه تسبب في تشويه المنظر العام لمدينة جدة بسبب انتشار وكثرة البلوكات الأسمنتية والحواجز المعدنية، مما يثير شفقة خبراء تخطيط المدن.
لا غرابة إذاً في انتشار أمراض ضغط الدم والسكر بين أفراد الشعب السعودي، فهذا من أهم مسبباته هو قيادة السيارة. وإذا كانت هناك إحصائية رسمية تفيد بعدد القتلى والجرحى في حوادث مرور السيارات، فليت لدينا أيضاً دراسة عملية عن أعداد المصابين بالسكر وارتفاع ضغط الدم بسبب قيادة السيارة داخل المدن. في جميع أنحاء العالم تقريباً، أول شيء تفعله عند دخولك سيارتك هو أن تربط حزام الأمان. في جدة، أول شيء أفعله عندما أدخل سيارتي هو أن أسمي بالله، ثم أحوقل، ثم أتشهد، وأخيراً أربط الحزام.