-A +A
علي الرباعي (الباحة)
تبنى رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في منطقة الباحة أحمد الشدوي تأسيس عدد من المشاريع التنموية في بيئة لا زالت تسكنه شقشقات عصافيرها منذ طفولته وتتراقص أمام ناظريه سنابل حقولها وتتمرأى في ذاكرته خضرة أراضيها «وغضاريف» لوزها، غادرها مبكّراً إلا أن نوارس أفكاره لم تكن تحلّق مترعة بالبياض وحسن الانتماء إلا في سمائها ولا يلذّ لرئتيه إلا عبق هواءها ولا تتمسرح في عقله الباطن سوى صور وملامح الأجداد بوجوههم التي قُدّت من اخضرار عرعر الجبل وقلوبهم الطريّة بحب الأرض، وعلى هامش ملتقى الباحة الإعلامي التقته «عكاظ» فكان هذا الحوار:

• ما أوّل ما حفزك على العودة إلى مسقط الرأس ؟
• حين خرجنا من منطقتنا مبكراً وغادرنا مهاجرين للعمل في المدن الكبرى وصورة الباحة حين فارقناها لم تبرح مخيلتنا كانت غابة وغيل ماء وخضرة سنابل وأهازيج مزارعين وحُداء رعاة، وغبنا عنها زمناً وعدنا لنجدها تفقد الكثير من مواهبها وقدراتها فكان لزاماً ألا نقف موقف متفرج وأن نسهم في إعادة إحيائها ولاءً لمن سبق وانتماءً للوطن الذي نحن في الباحة جزء من منظومته الجماعية.


تأهيل الأراضي
• بماذا تعود إلى معشوقتك «الباحة»؟
بدأت بفكرة استحسنها أفراد عائلتنا تمثّلت في الدخول بممتلكات العائلة من الأراضي الزراعية في تأسيس شركة أولى مساهمة للتنمية الزراعية، كل أسهمها بعدد أمتار من الأرض ووفق قسمة المواريث الشرعية بحيث يدخل معنا الذكور والإناث أسسنا شركة ذات مسؤولية محدودة وتم اعتماد محاسب قانوني لاعتماد ميزانيتها ومتابعة كل شؤونها وقمنا بزراعة 2000 شجرة زيتون وسنزيد العدد كل ما زادت المساحة وهدفي إعادة إحياء وتأهيل أراضي القرية والقرى المجاورة في القبيلة بل وبقية القبائل والتي هجرها أهلها وأهملوها منذ ما يقارب ستين عاماً، وبدأتُ الإنفاق عليها في حدود 500 ألف ريال واليوم ربما قارب الإنفاق 2 مليوني ريال.
• كيف يمكن إقناع كل الأهالي بالمساهمة في الشركة الزراعية الأولى؟
أنا أراهن على الوعي فمثلا لو كنا في الباحة نقارب 45 قبيلة وفي كل قبيلة عشر قرى إذن سيكون الشركاء عرفاء وأهالي القرى بمعدل 450 شريكاً وكل ما نقوم به توفير أشجار الزيتون وإقامة سدود صغيرة من الحجر بارتفاع مترين تقريباً لحفظ مياه الأمطار وإعمار المدرجات (العثّري)، وكل أهالي المنطقة يتطلعون إلى خضرة دائمة جاذبة للاستثمار السياحي والدوائي فلو عادت الباحة رقعة خضراء ستأتي مصانع الأدوية وعشاق الصيد ومتسلقو الجبال وكل هذه الأنشطة مرتبطة باخضرار الأراضي وتوسيع المحميات.

• ألا ترى أن هذه الفكرة تقليدية نوعاً ما؟
العبرة ليست في تقليدية الفكرة أم حداثتها فالمعوّل عليه دوماً الجدوى الاقتصادية والمردود الإيجابي نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، فالآن في المنطقة عمالة وافدة تستأجر مزارعنا «مخابرة» مقابل جزء من الربح والمخابرة الشرعية معروفة في منطقتنا بـ(الخِبْر).
• ماذا عن المشاريع المعاصرة في المنطقة؟
تم تأسيس شركة تنمية الباحة وهي شركة مساهمة مقفلة وقابلة للتوسع ودخول شركاء جدد ورأسمالها الحالي 17 مليون ريال قابل للزيادة، وأول ما سنقوم به خلال الأيام المقبلة تأسيس مركز أعمال يضم مكاتب للشركة ويفعّل ويسهّل وصول المستثمرين من خلال تقديم برامج وأفكار ونستضيف الراغب في الاستثمار ونعرض عليه الفرص، وجزء من المركز سيكون مول تجاري يضم أسواقا وقاعة محاضرات ومناطق ألعاب ترفيهية.
مشفى للاستجمام
• هل من مشاريع أخرى وضعتموها في خططكم المستقبلية؟
عندما ننجح في استصلاح مساحات واسعة بالزراعة خصوصاً الزيتون سنبدأ في تنفيذ مشفى للاستجمام الصحي، ولدينا مشاريع قيد الدراسة وسنفتح باب الاكتتاب في الشركة ومن خلال علاوة الإصدار سنبدأ في تنفيذ مشاريع حيوية وفاعلة وملموسة على أرض الواقع.
• ألا ترى أن الطموحات كبيرة إلا أن الواقع يمكن أن يخذلك ويُثبّطك؟
إن كنت تعتقد أنك تستطيع فأنت تستطيع، وإن كنت تعتقد أنك لا تستطيع فأنت لا تستطيع وفي كلتا الحالتين أنت صائب.
• بصفتك رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية في الباحة ماذا لديكم من أفكار خلاقة لتنمية المنطقة؟
خلال 5 أعوام مقبلة سنوفر مشاريع تقدر قيمتها بثلاثة بلايين ريال بإذن الله، وسنؤسس شركات مساهمة يمكن أن يكتتب فيها ذوو الدخل المحدود ويصبح جميع أهالي المنطقة مساهمين وسنحدد قيمة السهم بأحد عشر ريالاً ومن يدخل بأسهم يصبح له الحق في العمل والإدارة والتسويق ومساءلة مجلس إدارة الشركة ومحاسبته أيضاً.
• كيف تتعامل مع اتهام البعض للغرفة التجارية بالتقصير في حق رجال الأعمال والتجار والحرفيين؟
الغرفة التجارية وسيلة اتصال بين التاجر ومحيطه ومنطقته وما يؤخذ منه يُصرف فيما فيه فائدة له ولمنطقته ووطنه فالعملية تدويرية، ونحن نخدم رجال الأعمال من ناحية قانونية ونثبت مصداقيتهم في السوق ونقدم برامج ومشاريع لتنمية وتطوير المهارات والأفكار، إضافة إلى تأسيس صندوق للمناسبات في المنطقة، وجمعية أصدقاء المرضى.
• ماذا ينقصكم في غرفة الباحة؟
ينقصنا تفعيل اللجان وتواصل رجال الأعمال معنا فمجلس الغرفة شكل عدداً من اللجان وكل لجنة بها 12 عضوا إلا أنهم يحتاجون من رجال الأعمال والمتطوعين مثل عددهم في كل لجنة وأكثر لتفعيل عمل اللجان بصورة يرضى عنها الجميع.

منحة سنوية
• هل قدمت للمجتمع خدمة تطوعية بعيداً عن الربحية المادية؟
أقدم منحة سنوية بمليون ريال لـ104 طلاب وطالبات من أبناء وبنات المستفيدين من الضمان الاجتماعي إذ يدرسون الحاسب واللغة الإنجليزية على مدى فصلين دراسيين كل عام وهذا مشروع تنموي لخدمة الإنسان وتأهيله لسوق العمل.
• ماذا تريد أن تعطيك الباحة مقابل ما تعطيها؟
نحن يا أخي خرجنا من الباحة صغاراً وفتح الله علينا بالعمل في أرامكو والابتعاث وبعدها الاستثمار في مشاريع عدة كان مردودها بحمد الله وفيراً وأي رجل أعمال يملك الوعي ولديه انتماء لجذوره ووطنه سيأتي عليه يوم يفكر من خلاله في العطاء لا الأخذ، فالعطاء أقوى ما يخلد ذكر الإنسان، وأعد نفسي اليوم ممن يفكرون في العطاء عملياً من خلال كل ما أسهم به في خدمة منطقتي وأهلي في الباحة.