-A +A
سعيد السريحي
ومصيح الضحى عند البادية مجرم لا تحميه عشيرته، ولا تؤويه أي عشيرة أخرى، ولا تناله شفاعة أحد، ولا نصيب له في تسامح معه أو عفو عنه، وعليه أن يواجه مصيره وحيدا منبوذا لا فرار له من أن يلقى عقابه ويتحمل بعد ذلك خزي جرمه بقية حياته.
ومصيح الضحى هو من يدفع بامرأة أو بجملة من النساء لأن يصحن ويصرخن طالبات النجدة والغوث لتعديه عليهن ومحاولة إلحاق الأذى بهن، ومما يضاعف في جرمه ويشدد في وجوب عقابه اختياره وقت الضحى للقيام بما يقوم به، وهو الوقت الذي تكون فيه النسوة وحدهن في البيوت أو بقرب البيوت حين ينصرف أزواجهن وآباؤهن وإخوانهن للعمل في المزارع أو المراعي.
ولم تكن البادية التي كانت صارمة في هذا المجال تتهاون في عقاب من يقدم على مثل هذا الجرم، فإضافة إلى تخلي الجميع عنه بمن فيهم أهله وعشيرته، فإن عقابه يأخذ طابعا يجمع بين إلحاق الأذى به، إضافة إلى التشهير الذي يجعل منه عبرة لكل من تسول له نفسه أن يقدم على ما أقدم عليه.
عقوبة مصيح الضحى «تشليخه» بالسيف، وهي عبارة عن ضربات متعددة بالسيف تحدث جروحا عديدة في جسده لا تؤدي إلى موته، بل إلى معاناته الشديدة من الآلام حتى يشفى، وينتهي «التشليخ» بضربة محددة بالسيف في وسط الجبين يسمونها «التسطية»، يبقى أثرها في وجهه طوال حياته يراها كل من يقابلهم من الناس تشهد عليه بأنه قد أقدم على الاعتداء على امرأة ذات يوم.
هذا هو القانون الصارم الذي سنته البادية لمنع الاعتداء على النساء أو التحرش بهن، وهو القانون الذي جعل للمرأة حرمة لا يجرؤ أحد على النيل منها أو التعرض لها بالأذى، تصبح للمرأة حرمة جعلت المرأة «حرمة» في ذاتها، وهذا هو معنى أن تتم تسمية المرأة «حرمة» لمن شاء أن يعرف.
والخلاصة تتمثل في أن ما نعتقده من سيادة أخلاق وآداب عامة إنما يتحقق من خلال القوانين والنظم الضابطة والمعروفة والواضحة والعقوبات الرادعة كذلك، ولذلك كله فإن حماية النساء من التحرش والمتحرشين أمر لا يمكن أن يتحقق بدون وجود القوانين الضابطة والعقوبات الرادعة.


Suraihi@gmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة