مع كل موسم صيف تنشط الحركة السياحية من المصطافين باتجاه مدن الجنوب، التي حباها الله بطبيعة خلابة وأجواء ساحرة، لكن واقع الخدمات الصحية في المناطق الجنوبية للأسف لم يكن مرضيا للأهالي المقيمين فيها، ناهيك عن مواكبة الأعداد الكبيرة من المراجعين المصطافين، مما يخلق الكثير من علامات الاستفهام، حيث إن المدن السياحية يجب أن تتوفر فيها أبسط المقومات الصحية، لا لتجذب المزيد من السائحين، بل لتحافظ على القدر الأدنى من هذا العدد.
هناك في مدن الجنوب، يعيش الكثيرون معاناة حقيقية –حسب قولهم- في الجانب الصحي، فالطوارئ ما زالت دون المستوى، وهي التي تشهد إقبالا منقطع النظير، فلا أجهزة كافية ولا عدد كافيا من الأطباء، وقبل ذلك الموقع يعج بالمراجعين، ولا أمل في توفير أدنى المتطلبات
يعتقد الكثير من المراجعين لطوارئ المستشفيات في جازان، أن تلك الأقسام فقدت ثقتهم، إلى الدرجة التي فضلوا عدم مراجعتها مهما حدث، واستبدلوها بالمستوصفات الخاصة، التي من المفترض أن تقل عنها عتادا وأجهزة وإمكانيات.
هم يدعون أن تلك المستشفيات ما زالت عاجزة عن توفير الحد الأدنى للمتطلبات الصحية، والخدمات الطبية الأساسية لهم، في ظل النقص الواضح في السعة السريرية والكوادر والأجهزة، مما تسبب في طوابير الانتظار للمرضى، ما دفع البعض منهم لافتراش الممرات في انتظار خلو سرير ليتمكن من العلاج وسط فوضى في التنظيم وعشوائية في تقديم الخدمات العلاجية، ويقولون أن الكادر الطبي الموجود في أقسام الطوارئ لا يتناسب مع حجم الإقبال المتزايد، بحثا عن ما يخفف آلامهم ويعالج جراحهم داخل طوارئ مستشفى الملك فهد المركزي ومستشفيات جازان العام وأبو عريش واحد المسارحة ومستشفى صامطة والعارضة، كان واضح حجم المعاناة والصرخات من المرضى والمراجعين، والذين يتفقون على أن الطوارئ هناك لا تتناسب مع حجمها من خلال قلة السرر والنقص في الأدوية وتعطل عدد من أجهزة الأشعة والمختبر وقلة الكادر الطبي. يقول محمد حسين عطيف إنهم فقدوا الثقة في قسم الطوارئ في مستشفى جازان المركزي، مشيرا إلى أن معاناتهم تتفاقم حين يراجعونه لأنهم على حد قوله لا يجدون فيه الرعاية والاهتمام، على الرغم من أنه يعد أكبر مستشفى في منطقة جازان، ومع ذلك لا يوجد فيه سوى طبيب طوارئ واحد وفني للمختبر عاجزين للأسف عن تقديم الخدمات الطبية للمرضى، مشددا على أهمية العمل على تطوير القسم لأنه يخدم أبناء المنطقة ومصابي حوادث الطرق. ويروي أحمد عبدالله أحد المراجعين لقسم الطوارئ في مستشفى أبو عريش العام قصة شقيقه الذي راجع المستشفى للعلاج من آلام في البطن وارتفاع في درجة الحرارة، مبينا أنه انتظر أكثر من نصف ساعة في انتظار الطبيب للحضور للكشف على شقيقه، إلا أنه لم يحضر مما اضطرني للتوجه إلى أحد المستوصفات الخاصة على الرغم من المعانات التي يشهدها شقيقي، داعيا الشؤون الصحية بجازان إلى محاسبة الأطباء الذين لا يتواجدون في غرف الكشف، وتطوير قسم الطوارئ لإنهاء معاناتهم، خاصة أن المستشفى يشهد استقبال الكثير من حالات الحوادث المرورية، الأمر الذي يقلص الخدمات للمرضى الآخرين، والذين هم أيضا في حاجة ماسة للعلاج، متسائلا عن السبب في تأخير دعم القسم بالأجهزة والكوادر الطبية. فيما يجلس عبدالله طوهري أحد المرضى المراجعين لقسم الطوارئ في مستشفى أحد المسارحة على كرسي متحرك في انتظار أن يوضع له مغذي في الوريد لارتفاع درجة حرارته، بعد أن كشف عليه الطبيب وصرف له محلول، ودعاه إلى التوجه للممرض ليضع له المحلول، إلا أن جميع السرر ممتلئة بالمرضى، فانتظر على الكرسي المتحرك، على أمل أن يجد سريرا شاغرا.
وفيما يعتبر البعض أن مرضى الحوادث ربما كانوا أوفر حظا في الحصول على الخدمات يرى موسى كادومي الذي تعرض لحادث مروري عكس ذلك، حيث تم نقله إلى طوارئ مستشفى صبيا العام، تم وضعي على أحد السرر فأصبت بحالة من الغثيان نتيجة رائحة كريهة وعند طلبي من شقيقي الذي كان برفقتي معرفة مصدر تلك الروائح الكريهة اكتشف أنها تصدر من السرير الذي أرقد عليه، وعند التفتيش عثر على دماء في المفرش مضى عليه مدة طويلة مما اضطرت لمغادرة المستشفى على مسؤوليتي والتوجه إلى مستشفى خاص. ويشير خالد أحمد إلى أنه راجع بزوجته طوارئ مستشفى صامطة العام، والتي كانت تعاني من آلام شديدة في البطن، وبعد الكشف عليها أخبرتها الطبيبة أن الدواء غير متوفر في صيدلية المستشفى، وعليها الحصول عليه من صيدلية خارجية.
ولم تكن أم نايف أفضل حالا في طوارئ مستشفى جازان المركزي، حيث كتبت لها الطبيبة الوصفة الطبية على ورقة إعلانات.
لكن المتحدث الإعلامي في صحة منطقة جازان محمد صميلي، أكد عكس كل ما يقال، مبينا أن هناك تزايد في عدد الأسرة في طوارئ مستشفيات المنطقة مع بداية كل عام، وأن أقسام الطوارئ تعمل بطاقتها القصوى في خدمة المرضى.
وقال: «سوف يتم افتتاح أقسام للطوارئ في مستشفى الأمير محمد بن ناصر وفي مستشفيات الخوبة والعيدابي وبيش سوف تساهم في فك الضغط على المستشفيات العاملة.
نقص في أحد رفيدة
لا يختلف الحال في طوارئ مستشفيات أحد رفيدة بمنطقة عسير، عن نظيرتها في جازان، حسب تأكيدات المراجعين، والذين يؤكدون أنهم يشتكون من حال المستشفى المتواضع منذ ربع قرن، والذي لا يتناسب مع خدمة أكثر من 150 ألف نسمة، فضلا عن آلاف المصطافين ممن يتوافدون كل موسم صيف، على المحافظة لتمتعها بأجواء ساحرة. ويعتبر المستشفى العام الحكومي الوحيد بالمحافظة وغير المكتمل في العديد من العيادات والأجهزة والكوادر الطبية والذي يزيد الطين بله أنه يوجد فقط مركزين للرعاية الصحية الأولية تقدم خدماتها لعشرات الآلاف من المواطنين وتعاني الزحام الشديد. ويقول علي أبو حاصل وعبدالله أبو دبيل وعلي مشعوف وفهد مسند وناصر يحيى ومفرح جابر، إن المستشفى يعاني من نقص كبير في الكادر الطبي والأدهى من ذلك أن قسم الطوارئ يقصده يوميا أكثر من 150 شخص، ولا يتوفر فيه إلا طبيب واحد في معظم الأوقات، وتشهد ممراته طوابير الانتظار في الوقت الذي يمثل فيه غياب طبيبة نساء، وينسحب القصور في الكادر الطبي على البنية الأساسية والتجهيزات، فمحدودية الأسرة ألقت بظلالها على نوعية التشخيص ومجمل الخدمات في المستشفى متواضعة.
وأوضحوا أن أحد رفيدة يجب أن ينظر إليها على أساس آخر، فهي تحتضن مرافق سياحية تعد مستقر سياح المملكة ودول الخليج وتزيد أعدادهم خلال موسم الصيف بعشرات الآلاف، مضيفين: «نشعر بالغبن حين يتطرق الحديث عن مستشفيات المحافظتين الجارتين سراة عبيدة وظهران الجنوب، حيث المبنيين النموذجيين والتجهيزات المتميزة والأثاث الراقي والكوادر الطبية المكتملة، وفيهما تتوفر أجهزة الأشعة المقطعية (CT-Scan) البالغة الأهمية في التشخيصات المتقدمة، وخاصة للحالات الطارئة والصعبة، فيما لا تتوفر هذه الأجهزة في مستشفى أحد رفيدة، مما يحرمه القدرة على التعامل مع الكثير من الحالات الطارئة والخطيرة، ويشيع جوا من عدم الثقة لدى الأهالي.
وأشاروا إلى أن الحاجة لوجود مستشفى متكامل الخدمات، مما يبعث الطمأنينة في نفوس السكان والزائرين والسياح أما حال محافظتنا، وخاصة مع غياب أجهزة الأشعة المهمة فإن مستشفاها يمكنه معالجة نزلة معوية أو رشح ولكنه لا يمثل لدى الأهالي الحل للمشكلات الأصعب.
وأكد جابر ومحمد وأحمد القحطاني – مرضى فشل كلوي- ضعف الخدمات المقدمة في وحدة الكلى، مشيرين إلى أن غالبية أجهزة الغسيل الكلوي قديمة ومتهالكة وتتعرض لأعطال دائمة خلال فترات الغسيل، إضافة إلى سوء تكييف ونظافة قسم الكلى، مضيفا أن عدد الأشخاص الذين يخضعون للغسيل الكلوي بالعشرات، وسبق أن تقدم الكثيرون عدة شكاوى لزيادة عدد الأجهزة منذ سنوات، ولم يتم توفير إلا أجهزة قليلة لا تفي بالغرض.
استهتار في نجران
يتطلع عدد من المرضى ومراجعي أقسام الطوارئ في مستشفيات منطقة نجران، إلى أن تحظى بالاهتمام المنشود، من خلال زيادة السعة السريرة للتخفيف على المرضى والانتظار لساعات طويلة في الممرات رغم أن حالات البعض منهم حرجة، وتدعو للتدخل السريع.
وكشفت جولة «عكاظ» داخل قسم الطوارئ بمستشفى الملك خالد والذي يعد من أكبر المستشفيات بالمنطقة تذمر عدد من المراجعين من طول الانتظار بالساعات ليتمكنوا من شرح معاناتهم للأطباء، مشيرين إلى أن هذا ينعكس سلبا على أحوالهم الصحية ويزيدها سوءا، وأوضحوا بأن من يلجأ إلى قسم الطوارئ هم من أصحاب الحالات الصعبة والحرجة، ويحتاجون للرعاية الطبية والعلاج بأقصى سرعة، ومن المفترض مباشرة الحالات، ومن ثم تحديد ما يحتاج إلى تدخل عاجل أو ما هو غير عاجل.
ويلاحظ داخل الطوارئ تكدس المراجعين وتحلق المرافقين حول الأطباء عند مباشرة الكشف على أي مريض مما يعيق الأطباء عن مباشرة دورهم في الكشف والتشخيص، مطالبين الجهات المعنية بضرورة العمل على توفير حلول جذرية لهذه المشكلة، وتمكين المرضى من سرعة الوصول إلى الأطباء وتجنيبهم مشقة الانتظار الطويل، ومناشدين وزارة الصحة بالتدخل لحل أزمة الانتظار والازدحام، خاصة وأن بعض الحالات غادرت الطوارئ نتيجة طول الانتظار والألم يعتصرهم. وأبدى معيض آل شرية من داخل قسم الطوارئ بالمستشفى انزعاجه من عدم استقبال حالة عمه التي تستوجب العلاج على الفور، حيث يعاني من تقيء دم شديد، وقال العاملين في قسم الطوارئ لا يعطون المريض أي اهتمام سواء كانت حالته بسيطة أو حرجة، حيث انتظرت ما يقارب الساعة وحالته تزداد سوء خاصة وأنه كبير في السن ومناعته ضعيفة، وتساءل: لماذا كل هذا الانتظار، مطالبا بضرورة مراعاة الحالات الطبية المستعجلة وتوفير كادر طبي لاستقبالها. وقال محمد علي حنظل، الخدمات المقدمة عن طريق قسم الطوارئ متواضعة، الأمر الذي يضطر بعض المراجعين إلى الذهاب للمستشفيات الخاصة، ودفع المبالغ الباهظة للعلاج، مضيفا أنهم يعانون من تواضع الخدمات المقدمة عن طريق أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية والتي لا تقارن بما ينفق عليها من مليارات من أجل رفاهية وراحة المواطن، وتوفير الخدمات الصحية الجيدة له، وطالب بزيادة الكوادر الطبية في هذه الأقسام. وأشار محمد الهمامي إلى أن الوضع في الطوارئ غير مريح ويحتاج إلى حل عاجل، خاصة من حيث نقص الأطباء وعدم العناية بأحوال المرضى، موضحا أنه راجع طوارئ في مستشفى الملك خالد برفقة أخيه الذي يعاني من شلل أعصاب في الوجه (العصب السابع) بسبب البرد وأنه وبعد انتظار لساعات أفهمه الطبيب بأنه لا يستطيع تشخيص الحالة، وبعد انتظار لأكثر من ساعتين اتصل بأحد الأطباء في قسم الأعصاب وزودني برقم هاتفه، وعندما اتصلت به رد ببرود: انتظر اتصال أخيك لكي أشخص حالته رافضا الحضور إلى قسم الطوارئ، مشيرا إلى أن أهم مطالب المواطنين أن يتم التركيز على الطوارئ وتطوير أداء العاملين فيها، ومراقبة سير العمل داخل غرفها. من جانبه، كشف مدير مستشفى الملك خالد بنجران الدكتور عبده الزبيدي لـ «عكاظ» عن استحداث برنامج جديد للتشغيل الذاتي لأقسام الطوارئ بالمنطقة الجنوبية، وطوارئ مستشفى الملك خالد بنجران ستكون ضمن هذا البرنامج، واعتبر البرنامج طريقا لتطوير الخدمة المقدمة للمرضى والمراجعين. وأضاف هناك خطة مستقبلية قريبة على مستوى الوزارة واهتمام كبير بأقسام الطوارئ وتوسعتها واستقطاب أطباء متخصصين في هذا المجال، وسيتم ذلك قريبا في مستشفى الملك خالد بنجران، وأوضح أنه يوجد بقسم الطوارئ أكثر من 40 سريرا، تشمل عيادات تقييم الحالات وأسرة الإنعاش القلبي الرئوي وأسرة الحوادث والحالات الخطرة، وأخرى لملاحظة الرجال والنساء، إضافة إلى قسم متكامل للأشعة السينية والمقطعية خاصة بالطوارئ، وآخر مستقل للمختبرات والصيدلية.
وبين أنه من المفترض أن تكون طوارئ مستشفى الملك خالد كونه المستشفى المركزي والمرجعي للمنطقة ويقدم خدمه من الدرجه الثالثة، مخصصة للحوادث والإصابات وأمراض القلب والأمراض الأخرى الخطرة، أما الحالات العادية والباردة فمن المفترض أن يذهب مراجعيها للمراكز الصحية الأولية أو المستشفيات الأخرى التي تقدم خدمة من الدرجة الثانية والتي أثبتت الإحصائيات والدراسات التي أجريت بقسم الجودة بالمستشفى أنها تمثل 92 % من مرضى الطوارئ.
هناك في مدن الجنوب، يعيش الكثيرون معاناة حقيقية –حسب قولهم- في الجانب الصحي، فالطوارئ ما زالت دون المستوى، وهي التي تشهد إقبالا منقطع النظير، فلا أجهزة كافية ولا عدد كافيا من الأطباء، وقبل ذلك الموقع يعج بالمراجعين، ولا أمل في توفير أدنى المتطلبات
يعتقد الكثير من المراجعين لطوارئ المستشفيات في جازان، أن تلك الأقسام فقدت ثقتهم، إلى الدرجة التي فضلوا عدم مراجعتها مهما حدث، واستبدلوها بالمستوصفات الخاصة، التي من المفترض أن تقل عنها عتادا وأجهزة وإمكانيات.
هم يدعون أن تلك المستشفيات ما زالت عاجزة عن توفير الحد الأدنى للمتطلبات الصحية، والخدمات الطبية الأساسية لهم، في ظل النقص الواضح في السعة السريرية والكوادر والأجهزة، مما تسبب في طوابير الانتظار للمرضى، ما دفع البعض منهم لافتراش الممرات في انتظار خلو سرير ليتمكن من العلاج وسط فوضى في التنظيم وعشوائية في تقديم الخدمات العلاجية، ويقولون أن الكادر الطبي الموجود في أقسام الطوارئ لا يتناسب مع حجم الإقبال المتزايد، بحثا عن ما يخفف آلامهم ويعالج جراحهم داخل طوارئ مستشفى الملك فهد المركزي ومستشفيات جازان العام وأبو عريش واحد المسارحة ومستشفى صامطة والعارضة، كان واضح حجم المعاناة والصرخات من المرضى والمراجعين، والذين يتفقون على أن الطوارئ هناك لا تتناسب مع حجمها من خلال قلة السرر والنقص في الأدوية وتعطل عدد من أجهزة الأشعة والمختبر وقلة الكادر الطبي. يقول محمد حسين عطيف إنهم فقدوا الثقة في قسم الطوارئ في مستشفى جازان المركزي، مشيرا إلى أن معاناتهم تتفاقم حين يراجعونه لأنهم على حد قوله لا يجدون فيه الرعاية والاهتمام، على الرغم من أنه يعد أكبر مستشفى في منطقة جازان، ومع ذلك لا يوجد فيه سوى طبيب طوارئ واحد وفني للمختبر عاجزين للأسف عن تقديم الخدمات الطبية للمرضى، مشددا على أهمية العمل على تطوير القسم لأنه يخدم أبناء المنطقة ومصابي حوادث الطرق. ويروي أحمد عبدالله أحد المراجعين لقسم الطوارئ في مستشفى أبو عريش العام قصة شقيقه الذي راجع المستشفى للعلاج من آلام في البطن وارتفاع في درجة الحرارة، مبينا أنه انتظر أكثر من نصف ساعة في انتظار الطبيب للحضور للكشف على شقيقه، إلا أنه لم يحضر مما اضطرني للتوجه إلى أحد المستوصفات الخاصة على الرغم من المعانات التي يشهدها شقيقي، داعيا الشؤون الصحية بجازان إلى محاسبة الأطباء الذين لا يتواجدون في غرف الكشف، وتطوير قسم الطوارئ لإنهاء معاناتهم، خاصة أن المستشفى يشهد استقبال الكثير من حالات الحوادث المرورية، الأمر الذي يقلص الخدمات للمرضى الآخرين، والذين هم أيضا في حاجة ماسة للعلاج، متسائلا عن السبب في تأخير دعم القسم بالأجهزة والكوادر الطبية. فيما يجلس عبدالله طوهري أحد المرضى المراجعين لقسم الطوارئ في مستشفى أحد المسارحة على كرسي متحرك في انتظار أن يوضع له مغذي في الوريد لارتفاع درجة حرارته، بعد أن كشف عليه الطبيب وصرف له محلول، ودعاه إلى التوجه للممرض ليضع له المحلول، إلا أن جميع السرر ممتلئة بالمرضى، فانتظر على الكرسي المتحرك، على أمل أن يجد سريرا شاغرا.
وفيما يعتبر البعض أن مرضى الحوادث ربما كانوا أوفر حظا في الحصول على الخدمات يرى موسى كادومي الذي تعرض لحادث مروري عكس ذلك، حيث تم نقله إلى طوارئ مستشفى صبيا العام، تم وضعي على أحد السرر فأصبت بحالة من الغثيان نتيجة رائحة كريهة وعند طلبي من شقيقي الذي كان برفقتي معرفة مصدر تلك الروائح الكريهة اكتشف أنها تصدر من السرير الذي أرقد عليه، وعند التفتيش عثر على دماء في المفرش مضى عليه مدة طويلة مما اضطرت لمغادرة المستشفى على مسؤوليتي والتوجه إلى مستشفى خاص. ويشير خالد أحمد إلى أنه راجع بزوجته طوارئ مستشفى صامطة العام، والتي كانت تعاني من آلام شديدة في البطن، وبعد الكشف عليها أخبرتها الطبيبة أن الدواء غير متوفر في صيدلية المستشفى، وعليها الحصول عليه من صيدلية خارجية.
ولم تكن أم نايف أفضل حالا في طوارئ مستشفى جازان المركزي، حيث كتبت لها الطبيبة الوصفة الطبية على ورقة إعلانات.
لكن المتحدث الإعلامي في صحة منطقة جازان محمد صميلي، أكد عكس كل ما يقال، مبينا أن هناك تزايد في عدد الأسرة في طوارئ مستشفيات المنطقة مع بداية كل عام، وأن أقسام الطوارئ تعمل بطاقتها القصوى في خدمة المرضى.
وقال: «سوف يتم افتتاح أقسام للطوارئ في مستشفى الأمير محمد بن ناصر وفي مستشفيات الخوبة والعيدابي وبيش سوف تساهم في فك الضغط على المستشفيات العاملة.
نقص في أحد رفيدة
لا يختلف الحال في طوارئ مستشفيات أحد رفيدة بمنطقة عسير، عن نظيرتها في جازان، حسب تأكيدات المراجعين، والذين يؤكدون أنهم يشتكون من حال المستشفى المتواضع منذ ربع قرن، والذي لا يتناسب مع خدمة أكثر من 150 ألف نسمة، فضلا عن آلاف المصطافين ممن يتوافدون كل موسم صيف، على المحافظة لتمتعها بأجواء ساحرة. ويعتبر المستشفى العام الحكومي الوحيد بالمحافظة وغير المكتمل في العديد من العيادات والأجهزة والكوادر الطبية والذي يزيد الطين بله أنه يوجد فقط مركزين للرعاية الصحية الأولية تقدم خدماتها لعشرات الآلاف من المواطنين وتعاني الزحام الشديد. ويقول علي أبو حاصل وعبدالله أبو دبيل وعلي مشعوف وفهد مسند وناصر يحيى ومفرح جابر، إن المستشفى يعاني من نقص كبير في الكادر الطبي والأدهى من ذلك أن قسم الطوارئ يقصده يوميا أكثر من 150 شخص، ولا يتوفر فيه إلا طبيب واحد في معظم الأوقات، وتشهد ممراته طوابير الانتظار في الوقت الذي يمثل فيه غياب طبيبة نساء، وينسحب القصور في الكادر الطبي على البنية الأساسية والتجهيزات، فمحدودية الأسرة ألقت بظلالها على نوعية التشخيص ومجمل الخدمات في المستشفى متواضعة.
وأوضحوا أن أحد رفيدة يجب أن ينظر إليها على أساس آخر، فهي تحتضن مرافق سياحية تعد مستقر سياح المملكة ودول الخليج وتزيد أعدادهم خلال موسم الصيف بعشرات الآلاف، مضيفين: «نشعر بالغبن حين يتطرق الحديث عن مستشفيات المحافظتين الجارتين سراة عبيدة وظهران الجنوب، حيث المبنيين النموذجيين والتجهيزات المتميزة والأثاث الراقي والكوادر الطبية المكتملة، وفيهما تتوفر أجهزة الأشعة المقطعية (CT-Scan) البالغة الأهمية في التشخيصات المتقدمة، وخاصة للحالات الطارئة والصعبة، فيما لا تتوفر هذه الأجهزة في مستشفى أحد رفيدة، مما يحرمه القدرة على التعامل مع الكثير من الحالات الطارئة والخطيرة، ويشيع جوا من عدم الثقة لدى الأهالي.
وأشاروا إلى أن الحاجة لوجود مستشفى متكامل الخدمات، مما يبعث الطمأنينة في نفوس السكان والزائرين والسياح أما حال محافظتنا، وخاصة مع غياب أجهزة الأشعة المهمة فإن مستشفاها يمكنه معالجة نزلة معوية أو رشح ولكنه لا يمثل لدى الأهالي الحل للمشكلات الأصعب.
وأكد جابر ومحمد وأحمد القحطاني – مرضى فشل كلوي- ضعف الخدمات المقدمة في وحدة الكلى، مشيرين إلى أن غالبية أجهزة الغسيل الكلوي قديمة ومتهالكة وتتعرض لأعطال دائمة خلال فترات الغسيل، إضافة إلى سوء تكييف ونظافة قسم الكلى، مضيفا أن عدد الأشخاص الذين يخضعون للغسيل الكلوي بالعشرات، وسبق أن تقدم الكثيرون عدة شكاوى لزيادة عدد الأجهزة منذ سنوات، ولم يتم توفير إلا أجهزة قليلة لا تفي بالغرض.
استهتار في نجران
يتطلع عدد من المرضى ومراجعي أقسام الطوارئ في مستشفيات منطقة نجران، إلى أن تحظى بالاهتمام المنشود، من خلال زيادة السعة السريرة للتخفيف على المرضى والانتظار لساعات طويلة في الممرات رغم أن حالات البعض منهم حرجة، وتدعو للتدخل السريع.
وكشفت جولة «عكاظ» داخل قسم الطوارئ بمستشفى الملك خالد والذي يعد من أكبر المستشفيات بالمنطقة تذمر عدد من المراجعين من طول الانتظار بالساعات ليتمكنوا من شرح معاناتهم للأطباء، مشيرين إلى أن هذا ينعكس سلبا على أحوالهم الصحية ويزيدها سوءا، وأوضحوا بأن من يلجأ إلى قسم الطوارئ هم من أصحاب الحالات الصعبة والحرجة، ويحتاجون للرعاية الطبية والعلاج بأقصى سرعة، ومن المفترض مباشرة الحالات، ومن ثم تحديد ما يحتاج إلى تدخل عاجل أو ما هو غير عاجل.
ويلاحظ داخل الطوارئ تكدس المراجعين وتحلق المرافقين حول الأطباء عند مباشرة الكشف على أي مريض مما يعيق الأطباء عن مباشرة دورهم في الكشف والتشخيص، مطالبين الجهات المعنية بضرورة العمل على توفير حلول جذرية لهذه المشكلة، وتمكين المرضى من سرعة الوصول إلى الأطباء وتجنيبهم مشقة الانتظار الطويل، ومناشدين وزارة الصحة بالتدخل لحل أزمة الانتظار والازدحام، خاصة وأن بعض الحالات غادرت الطوارئ نتيجة طول الانتظار والألم يعتصرهم. وأبدى معيض آل شرية من داخل قسم الطوارئ بالمستشفى انزعاجه من عدم استقبال حالة عمه التي تستوجب العلاج على الفور، حيث يعاني من تقيء دم شديد، وقال العاملين في قسم الطوارئ لا يعطون المريض أي اهتمام سواء كانت حالته بسيطة أو حرجة، حيث انتظرت ما يقارب الساعة وحالته تزداد سوء خاصة وأنه كبير في السن ومناعته ضعيفة، وتساءل: لماذا كل هذا الانتظار، مطالبا بضرورة مراعاة الحالات الطبية المستعجلة وتوفير كادر طبي لاستقبالها. وقال محمد علي حنظل، الخدمات المقدمة عن طريق قسم الطوارئ متواضعة، الأمر الذي يضطر بعض المراجعين إلى الذهاب للمستشفيات الخاصة، ودفع المبالغ الباهظة للعلاج، مضيفا أنهم يعانون من تواضع الخدمات المقدمة عن طريق أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية والتي لا تقارن بما ينفق عليها من مليارات من أجل رفاهية وراحة المواطن، وتوفير الخدمات الصحية الجيدة له، وطالب بزيادة الكوادر الطبية في هذه الأقسام. وأشار محمد الهمامي إلى أن الوضع في الطوارئ غير مريح ويحتاج إلى حل عاجل، خاصة من حيث نقص الأطباء وعدم العناية بأحوال المرضى، موضحا أنه راجع طوارئ في مستشفى الملك خالد برفقة أخيه الذي يعاني من شلل أعصاب في الوجه (العصب السابع) بسبب البرد وأنه وبعد انتظار لساعات أفهمه الطبيب بأنه لا يستطيع تشخيص الحالة، وبعد انتظار لأكثر من ساعتين اتصل بأحد الأطباء في قسم الأعصاب وزودني برقم هاتفه، وعندما اتصلت به رد ببرود: انتظر اتصال أخيك لكي أشخص حالته رافضا الحضور إلى قسم الطوارئ، مشيرا إلى أن أهم مطالب المواطنين أن يتم التركيز على الطوارئ وتطوير أداء العاملين فيها، ومراقبة سير العمل داخل غرفها. من جانبه، كشف مدير مستشفى الملك خالد بنجران الدكتور عبده الزبيدي لـ «عكاظ» عن استحداث برنامج جديد للتشغيل الذاتي لأقسام الطوارئ بالمنطقة الجنوبية، وطوارئ مستشفى الملك خالد بنجران ستكون ضمن هذا البرنامج، واعتبر البرنامج طريقا لتطوير الخدمة المقدمة للمرضى والمراجعين. وأضاف هناك خطة مستقبلية قريبة على مستوى الوزارة واهتمام كبير بأقسام الطوارئ وتوسعتها واستقطاب أطباء متخصصين في هذا المجال، وسيتم ذلك قريبا في مستشفى الملك خالد بنجران، وأوضح أنه يوجد بقسم الطوارئ أكثر من 40 سريرا، تشمل عيادات تقييم الحالات وأسرة الإنعاش القلبي الرئوي وأسرة الحوادث والحالات الخطرة، وأخرى لملاحظة الرجال والنساء، إضافة إلى قسم متكامل للأشعة السينية والمقطعية خاصة بالطوارئ، وآخر مستقل للمختبرات والصيدلية.
وبين أنه من المفترض أن تكون طوارئ مستشفى الملك خالد كونه المستشفى المركزي والمرجعي للمنطقة ويقدم خدمه من الدرجه الثالثة، مخصصة للحوادث والإصابات وأمراض القلب والأمراض الأخرى الخطرة، أما الحالات العادية والباردة فمن المفترض أن يذهب مراجعيها للمراكز الصحية الأولية أو المستشفيات الأخرى التي تقدم خدمة من الدرجة الثانية والتي أثبتت الإحصائيات والدراسات التي أجريت بقسم الجودة بالمستشفى أنها تمثل 92 % من مرضى الطوارئ.