-A +A
محمد المختار الفال
شيء محزن وصادم أن تنتهي لجنة في مجلس الشورى، مكلفة بدراسة مشكلة البطالة، إلى أنه لا يوجد عاطلون عن العمل في المملكة، ولكن يوجد أشخاص لا يقبلون العمل وغير مؤهلين!!.. معقول هذا؟.. أين يعيش أعضاء هذه اللجنة؟.. أليس لهم أقارب ومعارف وجيران ليسألوهم عن ماذا يفعل أبناؤهم وبناتهم المتخرجون في الجامعات المختلفة؟.. هل من المعقول أن يكون الوطن، بكل أجهزته الرسمية ومؤسساته البحثية ومنشآته الأهلية ووسائله الإعلامية، يعيش في «غيبوبة» لا يدري ما حوله، وتصور له خيالاته أن البطالة وهم، وأن خططه وبرامجه لمواجهتها هدر للطاقات وضياع للوقت، وأن هؤلاء الأعضاء المحترمين هم وحدهم من يعرف حقيقة خريطة العمل ومؤهلات الباحثين عنه في السوق المحلي، ولديهم من الشجاعة والصدق ما يدفعهم للقول إن مئات الآلاف من الشباب، من الجنسين، لا يرغبون في العمل؟ أين هذه اللجنة من الإحصاءات الرسمية المتاحة؟ وأين هي من مشروع السعودة، بكل تجاربه الناجحة والمتعثرة منذ بداية التطبيق؟ ألم تطلع على بيانات وزارة العمل وتصريحات مسؤوليها المتكررة ونطاقاتها الملونة وما طرحته من أسئلة؟
بصراحة، هذا كلام مستفز ما كنت أظنه يصدر عن «مشاغب يبحث عن شهرة زائفة»، ناهيك عن لجنة متخصصة في مجلس يضم نخبة من رجال ونساء هذا الوطن، وفيه من الكفاءات والخبرات والتخصصات ما يطمئن بأن كل ما يصدر عنه أو يناقش فيه لا يخرج عن إطار المعقول والمقبول حتى وإن اختلفت الآراء حوله. ولعل اعتراض غالبية المجلس على ما انتهت إليه «لجنة العجائب» يؤكد هذه الصورة الذهنية عن المجلس.
ويذكر أن هذه اللجنة المحترمة كانت مكلفة بدراسة مشروع مقترح لمكافحة البطالة، كانت لجنة الموارد البشرية في المجلس قد أوصت بعدم ملاءمته من الدورة الماضية. والقضية هنا ليست مناقشة مدى وجاهة المقترح أو سلامة مضمونه أو رفضه، فهذا مجال لاختلاف وجهات النظر وتباين التقدير، لكن المسألة المفزعة أن لجنة علمية في مجلس استشاري يشترك في التخطيط لمستقبل الوطن تظهر على الملأ لتقول إنه لا توجد بطالة، وأن كل طالبي العمل هم أشخاص يرفضونه وغير مؤهلين له. فهل يعتقد أعضاء اللجنة أن هذا الكلام سيصدقه الناس وهم يرون الواقع أمامهم يكذبه؟. لعلها زلة لسان من لجنة محترمة نستفيد منها درسا مهما، وهو أن الناس لم تعد تنتظر التصريحات لتأخذ منها المعلومات، بل تنتظرها لتقيس صدق أصحابها ومدى تفهمهم لواقع الحياة.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 151 مسافة ثم الرسالة