-A +A
سعود الجراد
ما حدث في دول الربيع العربي من ثورة بيضاء بصدور عارية، قامت على أكتاف شباب غير مؤدلج، ومتعلم ومثقف يعرف طريق قنوات التواصل الاجتماعي والتدوين، وكان يطمح إلى الحرية والتغيير وخلق أوطان تكافؤ الفرص التي تعني العيش بكرامة بعيدا عن إذلال أصحاب الضمائر الخربة وتجار الفساد والإفساد.. بينما رجالات أحزاب العجائز ذات التنظيم الخطير كجماعة الأخوان المسلمين في مصر، كانت ترقب المشهد والحراك الشعبي من بعيد، خوفا من فشل أحلام الشباب الثائر بسبب بطش النظام.. ولم تدخل إلا متأخرة بعد أن تأكدت أن النصر قادم لا محالة بعد أن بدأت سلسلة تنازلات النظام الحاكم.
وصولهم إلى سدة الحكم ما كان ليحدث إلا بسبب الدهاء والمكر السياسيين الذي لم يخل من غباء، خصوصا أثناء حكم البلاد والعباد، وبسبب الأموال التي تهطل عليهم والأهم اختلاف توجهات ووجهات نظر التيارات الوطنية/ المدنية وعدم التنسيق فيما بينها على مرشح واحد، خصوصا عندما انحصر الخيار والسباق الرئاسي بين (العسكري) ممثل السلطة السابق، وبين (المدني) الذي يمثل التيار الديني. لكن تجربة حكم الإخوان الفاشلة في مصر، ستجعل البعض غير المنتمي لهم سياسيا، والذي صوت لهم في السابق من أجل إنجاح فكرة الثورة، سيفكر ألف مرة في خياره الذي قد ينعكس سلبا على الوطن الذي عرفه.
لكن من أطرف ما قيل أخيرا من نقد لا يخلو من الحقيقة، وذلك بعد سنة العسل التي لم تدم طويلا كما كان يحلم البعض، هو ما قاله (كيري) وزير الخارجية الأمريكي، في زيارته الأخيرة لمصر، عندما قال إن (الثورة سرقت من قبل كيان كان الأكثر تنظيما في البلاد)، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
لكن لا تزال مشكلة الإخوان قائمة ما دام رؤى الحرس القديم هي المسيطرة، تلك التي لم تقم بقراءة نقدية لأخطاء التجربة والمواقف المصاحبة والمتشنجة هنا وهناك، وتعليق كل الأخطاء على الغير المتآمر والمنقلب. القراءة النقدية لا بد أن تدرس مواقف بعض الدول القوية ضد هذا التنظيم الظلامي. وهل له علاقة بتطاول غرور الجماعة، واعتقادها بأن دولة الخلافة الإسلامية قادمة؟! وهل له علاقة بالذهاب السافر والبعيد، بتهديد أهل الجيرة والجيران الذين احتضنوهم أيام التشرد والضياع؟! سقوط الجماعة السريع سيؤدي بالتأكيد إلى تحجيمها في داخل مصر، وإلى انحسار نفوذ ذلك التيار في الخارج، في ظل غياب النقد الذاتي.


saudaljarad@hotmail.com



للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 113 مسافة ثم الرسالة