-A +A
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
يدور الجدل دائما حول كل جديد يطرأ في حياتنا بين مؤيد ومعارض، فقد أخذت ثقافتنا العربية بكل ما يطرأ في المجتمعات في المغرب والمشرق، منذ العصور الإسلامية الأولى، فقد أخذنا من الثقافة اليونانية، وأسست دار الحكمة في عصر المأمون، وترجمت أمهات الكتب، وأرسلوا البعثات لنقلها إلى اللغة العربية، وخصصت مدارس للترجمة، ومن أبرزها مدرسة حنين بن إسحاق فترجموا عن السريانية والفارسية وغيرها وأنشأوا ما يسمى بحق العلم والفلسفة العربيين، كل هذا والغرب لا يزال في ظلام دامس، وهو ما يسمى بالعصور الوسطى فأخذوا عن الحضارة العربية الإسلامية، فأصبحت الحضارة الأوربية الحديثة مدينة للحضارة الإسلامية.
إلا أن المسلمين والعرب بشكل عام وبعد طردهم من الأندلس انكفؤوا على أنفسهم لقرون حتى بداية العصر الحديث.. بدأت البعوث إلى فرنسا بدءا بأول بعثة طلابية من مصر برئاسة أستاذ الأزهر رفاعة رافع الطهطاوي عام 1826م، فبدأ الترجمة من الفرنسية إلى العربية، وتلتها من الإنجليزية، وذلك في أخريات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فلهذا اتجهت النية بسبب الحاجة الملحة إلى قيام هيئة متخصصة تقوم على أمر هذه الترجمة، فتأسست في مصر لجنة تعنى بالتأليف والترجمة والنشر في الثلاثينات، أي منذ ما يقرب من خمسة وثمانين عاما، وكان للرواد أمثال لطفي السيد أول مدير للجامعة المصرية دور بارز في هذا المجال، إذ وجه في العقد الثاني من القرن العشرين بترجمة أعمال (أرسطو) إلى اللغة العربية، ثم اتجه المعنيون لإحياء كتب التراث العربي في أواخر القرن التاسع عشر مع بداية وصول الطباعة الحديثة، بدءا بمطابع بولاق ثم جاءت (الكتبخانة المصرية)، والتي تحولت فيما بعد إلى (دار الكتب) فحققت أمهات الكتب مثل: الأغاني والعقد الفريد وصبح الأعشى ثم تحولت دار الكتب أخيرا إلى الهيئة المصرية العامة للكتاب، ولا ننسى الجهود الفردية في هذا الجانب، ومن أشهرها دور النشر الخاصة كدار المعارف والبابي الحلبي التي اهتمت بكتب التراث، ويأتي بعدها جهود شخصية قام بها المرحوم طه حسين عندما كان وزيرا للمعارف، والذي بعث إلى اليمن من يبحث عن المخطوطات العربية القديمة ويوجه بشكل جاد إلى إحياء التراث ونشره بدءا برسالته للدكتوراه (إحياء ذكرى أبي العلاء المعري). وبالمناسبة فهو أول من يحصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة المصرية عام 1914م، وينفتح الباب له ليسافر إلى فرنسا لدراسة العلوم التاريخية والفلسفة، كما درس اللغات الفرنسية واليونانية واللاتينية ليعود إلى مصر بعد ذلك ويصبح له شأن وأي شأن..
وبسبب هذه الجهود الفردية أنشأ (معهد المخطوطات العربية)، ثم المنظمة العربية للتربية والثقافة، ومحاولة الجامعات لجمع ما يمكن جمعه من مخطوطات عربية قديمة موزعة بين الشرق والغرب، وعلى الأخص مكتبات إسطنبول التي تحوي الكم الهائل منها.


Abo-yarob.kashami@hotmail.com



للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة