أوضح وزير خارجية مملكة البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن قيام الاتحاد الخليجي بعدد دول أقل من الدول الست في مجلس التعاون أمر وارد، مشددا على أن مجلس التعاون الخليجي باقٍ وسيتطور ووجوده.
وأضاف الوزير، في حديث له خلال زيارته مركز «الأيام» الإعلامي التقى خلالها مع رئيس مجلس الإدارة نجيب بن يعقوب الحمر ورئيس التحرير عيسى الشايجي وهيئة التحرير، أن التباين بالآراء بين دول المجلس حول المسائل المرتبطة بالانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد لا تشكل خلافا بين دول المجلس، معتبرا أن التصريحات التي أطلقت من قبل وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي خلال «حوار المنامة» جاءت كردة فعل على كلام آخر، دون أن يتم التطرق إليه خلال قمة الكويت.
ونفى الشيخ خالد أن تكون عمان قد طرحت أي تحفظات محددة خلال قمة الكويت حول موضوع الاتحاد، لافتا إلى أن عمان كانت من أوائل الدول الخليجية التي طرحت الاتحاد ومقومات التكامل بين دول الخليج، ولا سيما في المجالات العسكرية.
وجدد الوزير حرص دول الخليج على بعضها البعض بالقول «عمان منا وفينا»، مشددا على أن قيام الاتحاد لن يمس سيادة أي دولة بأي شكل من الأشكال، متسائلا حول واقعية المخاوف التي تطلق بين الحين والآخر حول قيام الاتحاد بمقابل شعوب خليجية تتطلع دوما لإزالة الحواجز والارتقاء بهذه المنظومة التي تملك كافة مقومات التكامل.. وفيما يلي نص الحــوار:
• ثمة ترقب خليجي كان قائما من قمة الكويت للخروج بمشروع الاتحاد الخليجي.. فما الذي أخر ذلك؟
ــ تعتبر هذه القمة من أنجح القمم الخليجية ولعدة أسباب، لكن الكلام واللغط الذي أثير قبل القمة وتحديدا خلال انعقاد قمة الأمن الإقليمي «حوار المنامة» نقل أجواء لم تعكس حقيقة جدول أعمال القمة، فقد كانت أعمال القمة تسير بشكل جيد، أما بالنسبة لما ورد في بيان القمة حول الاتحاد، فهي العبارات ذاتها التي وردت في قمة «الصخير» التي عقدت في البحرين العام 2012، بل وأضيف لها أن يحضر الاجتماعات رئيس الهيئة المكلفة بتدارس الانتقال إلى الاتحاد، وتم الإشارة إلى بيان قمة «الصخير» ولم يعترض أحد من الأشقاء.
أما بالنسبة لسلطنة عمان، فدعوني أوضح أنها كانت من أوائل الدول التي دعت إلى مشاريع وحدوية، ومنها الجيش الموحد وغيرها من المشاريع التكاملية، وأهم مشروع تكاملي حيوي أمامنا اليوم هو مشروع الربط المائي، ومحطات التحلية موجودة في سلطنة عمان نفسها.
أما مسألة أن هناك ما يهدد وجود مجلس التعاون، فهذا غير صحيح، فهذا الكيان موجود وسيبقى وسيتطور، إذا سألت حول وجود تباين بوجهات النظر حول عدة مشاريع، سأقول: نعم هناك تباين بوجهات النظر داخل المجلس، لكن لا يوجد خلاف، فالجميع يقول وجهات نظره بصراحة داخل المجلس دون أن يشكل هذا التباين خلافا أو يهدد وجود المجلس.
أما بالنسبة لما تم تناوله في القمة، فهناك الاتفاقية الدفاعية المشتركة ــ ونواة هذه الاتفاقية ليست جديدة ــ حيث سبق أن حدث تعاون دفاعي مشترك مع بعض الدول الشقيقة، ومنها ــ على سبيل المثال ــ عندما غزا صدام حسين الكويت في العام 1990، وكذلك عندما تعرضت البحرين للتهديد العام 2011 تم أيضا تفعيل الاتفاقية من خلال قوات درع الجزيرة، لكن ما حدث الآن هو أن الاتفاقية أصبحت أكثر تنظيما عبر الإطار الرسمي الذي تم التوافق عليه من قبل الدول الست، أما المشروع الآخر فهو الشرطة الخليجية أو ما يمكن اعتباره «إنتربولا» خليجيا، من أجل تبادل المعلومات والمطلوبين، وتم التوافق عليه من قبل الدول الست.
فمشروع الاتحاد باقٍ، والجميع يتعامل معه بجدية، وسيتم مواصلة مناقشته.
• شكلت التصريحات التي أطلقت من قبل وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي عبدالله شيئا من الإحساس بـ«خيبة الأمل» لدى المواطن الخليجي.. هل تعتقدون أن سلطنة عمان قد تنسحب من مجلس التعاون الخليجي في حال انتقل من التعاون إلى الاتحاد؟
جميعنا حريصون على بعضنا البعض، ولا نرتضي ــ بأي شكل من الأشكال ــ أن نسمع أن هناك دولة خليجية تريد أن تنسحب، عمان «منا وفينا»، وعمان دولة من الدول المؤسسة للمجلس، ووجودها مهم وعضو أساسي بالمجلس، وإن شاء الله مسيرة المجلس ستتطور على هذا الأساس، أما أن نربط المعطيات المستقبلية بتصريحات أو كلمة خرجت كردة فعل، فأتمنى أن نضع الأمور بإطارها الواقعي.
• هناك تقارير تتحدث عن إمكانية قيام الاتحاد بين دولتين ــ كمرحلة مبدئية ــ ومن ثم تنضم دول أخرى، إلى أي مدى ترون واقعية ما تطرحه هذه التقارير؟
ــ التقارير تتحدث عن إمكانية قيام الاتحاد بين دولتين أو أربع دول أو ما بين الجميع، لأن الإعلان لم يحدد أصلا أن الاتحاد يجب أن يعلن بين الدول الست، نعم عندما نتحدث عن الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، فإننا نقصد الدول الست، لكن ليس هناك ما يشير في الإعلان إلى منع البدء بالانتقال إلى الاتحاد بين دولتين أو أكثر، وقد صدرت تصريحات من مسؤولين عدة حول ما إذا ارتأت دول خليجية أن تنشئ بينها كيانا اتحاديا ضمن مجلس التعاون، فهذا لا يتعارض مع إعلان الاتحاد، وهذا أمر وارد، ولو تطلعنا إلى التجربة الأوروبية نجد أن هناك دولا ضمن الاتحاد الأوروبي لديها صياغة اتحادية «بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ»، وهذا بالطبع لم يتعارض مع إطار الاتحاد الأوروبي، أما مسألة قيام الاتحاد بين دولتين أو ثلاث ــ أي أقل من الست دول ـــ فهو أمر وارد، لكن لا أستطيع أن أحدد عدد الدول.
وأود هنا الرجوع إلى تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل قبل حوالي عام من الآن عن الاتحاد، عندما قال إن الاتحاد هو تطوير للتنظيم السياسي لمجلس التعاون، بحيث يضم أربع لجان «سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية» ومجلسا خليجيا مهمته تنظيم العمل والسياسيات بين الدول الخليجية، أما مسألة السيادة لكل دولة، فلن تمس بأي شكل من الأشكال، وكل دولة ستبقى قائمة ــ بحد ذاتها ــ ولها حكومتها، ونأخذ دول الاتحاد الأوروبي كمثال واضح أمامنا، إذ لم تفقد أي من دول الاتحاد الأوروبي سيادتها وكيانها المستقل وحكومتها بفعل انضمامها للاتحاد الأوروبي، رغم أن ما طرح خليجيا تبدو تفاصيله أقل مما هو مطبق حاليا بين دول الاتحاد الأوروبي.
• هل طرحت سلطنة عمان تحفظاتها حول الاتحاد بشكل واضح على طاولة قمة الكويت؟
ــ لم تطرح عمان أي تحفظات حول الاتحاد خلال قمة الكويت، كما أن الدراسة حول الانتقال من التعاون إلى الاتحاد لم تنته بعد، هناك دول قطعت شوطا كبيرا بتدارس الانتقال إلى الاتحاد، ودول أخرى ترتئي الانتظار، هذا هو الفرق، لكن أن تكون هناك تحفظات محددة يتم على أساسها رفض الاتحاد، فهذا لم يطرح على الإطلاق.
• برز التكامل الدفاعي كـ«عنوان» رئيسي يتصدر أولويات المجلس، ولا سيما خلال القمة الأخيرة مقارنة بالموضوعات الأخرى، هل الاتجاه نحو الاتحاد حاجة دفاعية في الدرجة الأولى؟
ــ كان «عنوانا» واحدا دفاعيا، أما بقية الملفات فلم تكن دفاعية، برنامج الشباب ليس دفاعيا، والربط المائي ليس دفاعيا، نعم تم الانتهاء من موضوع الاتفاقية الدفاعية المشتركة بهذه القمة، لكن هذا لا يعني أنها لم تكن مطروحة بالقمم السابقة، أما إذا كان سؤالكم حول الدفاع، فالظروف المحيطة بنا تحتم أن نركز على المسائل الدفاعية، وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل جاء إلى «حوار المنامة»، وتناول خطابة ثلاث نقاط رئيسية، وهي التطلع نحو مظلة صاروخية مع دول الخليج، وتطلع الولايات المتحدة للتعامل مع مبيعات السلاح لدول الخليج كـ«منظمة» ممثلة بمجلس التعاون الخليجي ــ وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها عن اتفاقيات مبيعات السلاح لدول الخليج ــ كمنظمة ــ وليس لدول بشكل ثنائي، وتناول أيضا مسألة اجتماعات وزراء الدفاع التي تعقد مرة كل عام، وقدم اقتراحا مفاده أن تتم كل ستة أشهر، أيضا فيما يتعلق بمسألة الدفاع دعني هنا أشير إلى اجتماعي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك الذي تحدثنا فيه حول عدة قضايا، وكان اجتماعا جيدا وإن حمل بعض التحفظات، أو دعني أسميه بعض «التريث» حيال بعض المسائل، لكن بشكل عام كان اجتماعا جيدا، لقد قال الوزير ظريف: «يجب أن نبني الأمور خطوة بخطوة كي نكون متأكدين منها تماما»، وهذا أرى فيه دبلوماسية عقلانية، وقبل ذلك كان لي عدة اجتماعات مع وزير الخارجية الإيراني الأسبق منوشهر متكي تناول بعضها موضوع الدفاع، وأتذكر في أحد الاجتماعات في طهران قال لي الوزير متكي «ما هذه الأساطيل التي تملأ الخليج»؟ واجبته حينها بالقول «هذه الأساطيل انت أيضا مستفيد من وجودها»، فالسفن الإيرانية المحملة بالنفط تبحر بسهولة وبسلامة، له أيضا يجب ألا تتعامل إيران مع هذه الأساطيل كمصدر تهديد، لأن أي شيء يهدد أمن إيران حتما سيشكل تهديدا لأمن دولنا، أتذكر يومها خرجت من اجتماعي مع الوزير متكي إلى مؤتمر صحفي، وطرح علي السؤال ذاته حول الأساطيل التي تملأ مياه الخليج وتتمركز قيادتها في البحرين وما تشكله من تهديد لأمن إيران، وأجبت حينها بالقول «لولا هذه الأساطيل ــ التي نتمنى أن يصبح أسطول الجمهورية الإسلامية الإيرانية واحدا منها ــ لأصبح خليجنا مثل خليج عدن الذي يعاني من عمليات القرصنة»، هذا التعاطي الصريح الذي انتهجناه بالتعامل مع جيراننا.
وبالعودة إلى السؤال، نعم الظروف المحيطة بنا تحتم منا التركيز على مسألة الدفاع، انظروا حولنا، العراق يعاني من عمليات إرهابية، وسورية التي يعاني شعبها الأمرين، ولا سيما خلال الفترة الأخيرة والظروف الجوية التي تمر بها المنطقة، لقد زرت مخيم الزعتري ـــ شمال الأردن ـــ برفقة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، ورأيت هناك أناسا تركوا بيوتهم ووطنهم بفعل ظروف سيئة للغاية. كذلك اليمن الذي يعاني من عدة مشاكل، سواء القضية الانفصالية، أو قضية «القاعدة»، أو قضية «الحوثيين»، أو قضية خليج عدن ونزوح الصوماليين، وكذلك نزوح مئات الآلاف من الأفارقة، اليوم أكثر بلد يعاني من الهجرات غير الشرعية في المنطقة هو اليمن، لأنه الممر الرئيسي بين السعودية وأفريقيا، نحن نتحدث عن بلد يعاني من عدة مشاكل وتراكمات بفعل سياسيات خاطئة ارتكبت بالماضي وجعلت من الجنوب اليمني يشعر بأنه لا ينتمي إلى اليمن، كل هذه المشاكل من حولنا ولا تريدون أن يكون الدفاع أولوية؟ هذه الظروف تجعل من الدفاع أولوية قصوى.
• هناك من يرى أن مسألة الاتحاد جاءت كـ«ردة فعل» حيال ما مرت به البحرين خلال العام 2011، وأن الاتجاه للاتحاد هو فقط لتأمين احتياج دفاعي للبحرين.. كيف تعلق على ذلك الرأي؟
ــ هذا غير صحيح، ولو كان الاتجاه للاتحاد لتأمين احتياج دفاعي لدولة محددة من دول الخليج كان من الأجدر الاتجاه إليه بعد أن غزا صدام حسيين الكويت في العام 1990، وتم احتلال دولة خليجية بأكملها، ما حدث أنه على مدار العشرة أعوام الماضية قدمت عدة مقترحات، ومن بينها ورقة تقدمت بها دولة الكويت وكانت تحمل نظرة تكاملية، وكذلك البحرين وقطر قدمتا مقترحاتهما حول ذلك، وقبل ذلك كان هناك طرح من قبل الشيخ زايد آل نهيان ـــ رحمه الله ـــ وكذلك كان هناك طرح من قبل السلطان قابوس يحمل نظرة تكاملية، وتناول مسألة الجيش الخليجي والسياسة الدفاعية المشتركة، وكان طرحا واضحا حول التكامل، هذا بالإضافة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد قدم من قبل طرحا تكامليا لحد ما، وعندما نضع جميع الأطروحات التي تقدمت بها دول المجلس تجدون أنه من الواضح أنها تحمل تطلعا واضحا نحو التكامل، ثم جاء طرح خادم الحرمين الشريفين الأخير حول الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد؛ لأنه قرأ أنه أكبر مطلب شعبي في المنطقة، وقبل كل قمة خليجية يكثر الحديث عن أهمية الارتقاء بالمجلس والتكامل وإزالة العوائق... إلخ، سواء بالصحافة الخليجية أو بالشارع الخليجي بشكل عام، وهذا معناه أن الناس تتطلع نحو التكامل، وبنفس الوقت تأتي الظروف حولنا والضغوط لتحتم هي الأخرى الاتجاه نحو الاتحاد، ووتيرة الأحداث اليوم ليست هي ذاتها قبل عشرة أعوام، ووتيرة الأحداث قبل عشرة أعوام ليست هي ذاتها قبل عشرين عاما، فلو عدنا إلى السبعينات نجد أن البحرين واجهت تحديا كبيرا بعد الانسحاب البريطاني، تمثل بالمطالبة بها من قبل إيران، وأول من وقف إلى جانبها ــ آنذاك ــ أشقاؤها وعلى رأسهم المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، عندما قال لشاه إيران: «نحن حلفاؤكم، لكن إن أتيت إلى البحرين ستجدني قبلك»، وتم الاتجاه بعدها نحو إيحاد حل عبر المباحثات التي جرت ــ آنذاك ــ في «جنيف»، وتم التوافق بعد هذه المباحثات على أن يتم الاتجاه للأمم المتحدة، وبالفعل جاء دبلوماسي إيطالي وأقام في فندق الخليج، وكان لديه مرافقون دبلوماسيون، هم علي المحروس، وعبدالرحمن بن فارس ـــ رحمه الله ـــ وعلى مدار ستة أسابيع اختار خلالها مبعوث الأمم المتحدة التحدث إلى أشخاص بشكل عشوائي ومن مختلف مناطق البحرين، وبعدها قدم الدبلوماسي تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة جاء فيه أن البحرينيين بغالبيتهم الساحقة يريدون دولة عربية مستقلة، وبالفعل خرجنا من هذه الأزمة، لكن أيضا كان هناك دور كبير لأشقائنا؛ لذا أعود وأؤكد على أن مسألة الاتحاد لم تأت كـ«ردة فعل» على أحداث، قد تكون الأحداث التي مرت بها البحرين جعلت من هذا الاتحاد أولوية، لكن الانتقال من التعاون إلى الاتحاد لم يأت من فراغ، بل كان هناك عدة مقترحات ومن جميع دول الخليج.
• هل تمت مناقشة ملف «حزب الله» على طاولة قمة الكويت؟
ــ نعم، تمت مناقشته، وقد تمت الموافقة على قرارات وزراء الداخلية الخليجيين المتعلقة بالتضييق على مصالح «حزب الله» بدول المجلس، حيث ما زال حزب الله ــ تبعا للعديد من التحركات التي يقوم بها ــ منظمة إرهابية، ونحن في البحرين نصنفه كـ«منظمة إرهابية»، والإجراءات قائمة، وأي مصالح تتعلق بالحزب تقع تحت طائلة القانون.
• حمل خطاب وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل خلال القمة الأمنية الإقليمية «حـوار المنامة» تطمينات كثيرة تتعلق بعلاقة أمريكا بدول المنطقة، بحسب تقديرك هل هذا يشير إلى أن الولايات المتحدة أعادت قراءتها للمنطقة؟، أم أن هذه التطمينات جاءت للرد على مطالب دول المنطقة بضرورة إشراكها بمباحثات 5+1 مع إيران؟
ــ أي مسالة تتعلق بالمنطقة فلدينا رأي فيها، وعندما تمت مباحثات 5+1 مع إيران أبلغناهم أن أي تناول لشؤون المنطقة فنحن معهم على طاولة المباحثات؛ لأننا أيضا في المنطقة، وهم ــ بدورهم ــ أكدوا أن المباحثات ستتركز على الملف النووي الإيراني، لكن الملف النووي لا يعني فقط التسليح، فالواقع يقول إن هناك أكثر من حوالي سبعة مفاعلات نووية تعتزم إيران بناءها على ساحل الخليج، فهل يعقل ألا يكون لنا كلمة بذلك؟ هل قامت إيران بمشاورتنا حيال ذلك؟ لو أخذنا في الاعتبار أن المباحثات حول النووي الإيراني مع مجموعة 5+ 1 ما زالت جارية، لكن يبقى السؤال ماذا لو حدثت كارثة بسبب هذه المفاعلات، وليس بالضرورة أن تكون الكارثة ناجمة عن أنشطة عسكرية؟ قد تحدث الكوارث نتيجة لتسرب، ماذا سيحدث حينها؟
نحن نريد أن نبني حالة ثقة، وبالدرجة الأولى مع إيران، فلماذا هذا الاعتراض على وجود دول المنطقة على طاولة المباحثات؟ ألا تطرح إيران دوما أن المسؤول عن شؤون الخليج هم الدول الثمان المطلة على الخليج، ورغم أننا نختلف مع هذا الطرح لأنه غير واقعي على اعتبار أن منطقة الخليج فيها مصالح دولية ــ إلا أننا نتساءل: كيف يمكن الأخذ بهذا الطرح الإيراني وإيران نفسها لم تراع سلامة أهل الخليج؟ إذا كانت إيران لا تراعي سلامة شعوبها هناك، فعلى الأقل تراعي سلامة جيرانها ومخاوفهم حيال هذه الأنشطة النووية، لذلك طلبنا موجود، لكن اللغط الذي ثار جاء بعد الاتفاق، وهو ما قامت به الصحافة، وقد كان موقفنا واضحا حيال الاتفاق الذي كنا من أوائل الدول التي رحبت به، وموقف البحرين كان دائما واضحا أمام الأمم المتحدة حول منطقة شرق أوسط خالية من الأسلحة النووية، وهذا ما ينسجم أصلا مع الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه، وما نأمل به هو التوصل نحو اتفاق شامل عن الملف النووي الإيراني يغطي جميع الجوانب.
وأقولها ــ بصراحة: اتفاق حول الملف النووي الإيراني يأخذ بعين الاعتبار كافة الجوانب، ومنها السلامة النووية وعدم التهديد وأمور كثيرة، هو أمر جيد ومهم لكل المنطقة، لكن لنكن واقعيين وصريحين؛ مشكلتنا مع إيران ليست فقط الملف النووي أو التسلح النووي، لدينا خلافات مع إيران حول تدخلاتها بالدول الخليجية ودعمها لبعض المجاميع الإرهابية بالمنطقة، ونقولها للإيرانيين بصراحة، لأنهم جيراننا ويجب أن نكون صريحين معهم.
• هل لامست تغييرا كبيرا بالسياسات ما بين رئاسة الرئيس محمود أحمدي نجاد والرئيس حسن روحاني؟
ــ بالنسبة لسياساتها إزاء البحرين فلم يتغير شيء، ربما لغتهم العلانية خفت بعض الشيء إلا في مسألة واحدة ما زالت لغتهم هي ذاتها، وهي أنه وكلما تحدثوا عن سورية أقحموا البحرين في هذه المسألة، وقد تحدثت لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف حول ذلك، وقال إنه ــ بلا شك ــ أن أوضاع البلدين مختلفة تماما، فأشرت إليه حول مقابلة الرئيس الإيراني لـ«واشنطن بوست» التي أشار فيها إلى البحرين بهذا السياق، فاعتذر عن عدم إمكانية تغيير كلمة الرئيس؛ لأن الوقت لم يكن ليتيح ذلك، بالمحصلة، لقد رأينا منهم حديثا إيجابيا، وسألناهم عن سفيرهم في البحرين ـــ حيث يوجد حاليا دبلوماسي وهو قائم بالأعمال وهذا بدوره لا يرقى لمستوى العلاقات بين البلدين وأن كان هناك خلافات بين البلدين ـــ نحن كنا قد استدعينا سفيرنا خلال الأزمة وقمنا بإرجاعه قبل عدة شهور إلى طهران، وهذه الخطوة اتخذت خلال فترة رئاسة الرئيس السابق نجاد، لأن السفير ــ بطبيعة الحال ــ لديه مهمة يقوم بها أهم بكثير من مسألة إرسال رسالة سياسية ذات مغزى ما، وهم ــ بدورهم ــ ارتأوا، بل وصرحوا بأنهم لا يريدون أن يكون لديهم سفير في البحرين طالما البحرين تمر بظروف معينة، وقد صرحوا بذلك بلغة غير مقبولة، ونحن ــ بدورنا ــ نرى أن بين الدول هناك خطوات، ولا بد أن ننتظر، وإذا رأينا منهم هذه الخطوات سنرد بإيجابية؛ لأنه بنهاية الأمر إيران دولة موجودة ومجاورة لنا، إيران بلد يهمنا استقراره وسلامته، وآخر شيء ممكن أن يقف معه أي من أهل الخليج هو الاعتداء على إيران؛ لأن هذا الشيء لا يرضينا وضد مصالحنا.
• في ذات السياق، وضع الرئيس باراك أوباما البحرين بمقارنة مع سورية والعراق في خطابه أمام الأمم المتحدة.. كيف كانت ردة الفعل البحرينية إزاء ذلك؟
ــ لقد قمنا على الفور بالرد على هذا الخطاب، لقد وضعنا في ذات الخانة مع دولتين تعانيان من إرهاب دموي ووضع طائفي مقيت، أعتقد أن هذا الإقحام يدلل على عدم وجود قراءة صحيحة للمجتمع البحريني، لنكن واقعيين، نعم هناك طائفية في المنطقة، والطائفية مؤثرة وقديمة، والمجتمع البحريني مجتمع محافظ ومتمسك بدينه ومذاهبه، لكن ليست هناك طائفية تؤدي لقتل الآخر.
• ألا يمكن أن يكون هذا «الإقحام» ناتجا عن انطباعات نقلها سفير الولايات المتحدة لدى المنامة توماس كراجيسكي للرئيس الأمريكي أوباما، وهو ما أشار إليه بعض أعضاء مجلس النواب البحريني، وانتقدوا أيضا وزارة الخارجية حيال تدخلات السفير كراجيسكي؟
ــ أرجو أن لا نلام بهذا الشيء، فعندما تحدث تدخلات من أي سفيرــ سواء السفير الأمريكي أو غيره ــ نتواصل معه على الفور ونبلغه بأن هذا الأمر غير مقبول، لكن لا ننسى أن العلاقات مع الدول تحمل جانبا عاما وجانبا رسميا، والجانب الرسمي يوزن بأدق الموازين ويأخذ بالاعتبار مصالحنا ومصالح دول الخليج وعلاقاتها مع الدول الأخرى؛ لذا نحرص على أن نضع الأمور بحجمها الطبيعي، نحن مستعدون لأن نتحمل الضغط، لكن إذا تماشينا مع هذا الضغط وخرج الأمر عن حجمه وتجاوز حدوده ووصل إلى أزمة دبلوماسية بالنهاية سنتحمل مسؤوليتها، لماذا نوصل الأمور إلى أزمة دبلوماسية طالما هناك ضغط شعبي ــ ونحن نحترمه ونقدره ــ لكن أيضا علينا مسؤولية ألا ندخل البلد إلى أزمة مع أي دولة.
• بعد الأزمة التي مرت بها البحرين خلال العام 2011 برز الحديث بشكل قوي عن انضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي، وبعدها بدأ الحديث يختفي شيئا فشيئا حول هذه المسألة، هل كان الأمر «ردة فعل» إزاء تحديات ظرفية أم أن التقارب فقط بمجالات عسكرية؟
ــ أولا، التقارب لم يكن ردة فعل أو ناتجا عن ظرف ما، وخلال قمة الكويت كان هناك حضور أردني ومغربي، والذي طرح في السابق لم يكن انضمام بل شراكة، وهذا ما أرادته الأردن ومن بعدها المغرب، وهناك علاقة اقتصادية ومشاريع مشتركة، ونحن والأردن لدينا نظرة واحدة ورؤية مشتركة حيال معظم القضايا، وهذا أمر ليس بحديث، بل منذ أيام الملك حسين ــ رحمه الله ــ واستقرار الأردن الاقتصادي مسألة حيوية بالنسبة لنا كدولة مجاورة للخليج ولديها علاقات طيبة مع دول المجلس، والاتفاق وضع الأطر وسهل أمورا كثيرة، لكن لم يكن هناك طلب انضمام من قبل الأردن من الأساس، وبالتالي لم يطرح كي نقول اختفى الحديث عنه، والعلاقة مع الأردن علاقة استراتيجية، ومن أمتن الأسس التي قام عليها مجلس التعاون هو العلاقات الطيبة مع الدول المجاورة والدول الشقيقة، نحن لسنا مجموعة عدائية، بل نطمح دائما لعلاقات طيبة مع الجميع، ولدينا مع تركيا حوار استراتيجي، وكذلك علاقاتنا باليمن أيضا استراتيجية، ودول عربية أخرى، وهذا الأساس الذي تبنى عليه دول المجلس علاقاتها بالدول، وبالنسبة للبحرين المسألة ليست ثروة نفطية، بل المسألة تقاس بمقياس التنمية البشرية، ونحن ــ الحمد لله ــ فخورون بمعدلات التنمية البشرية بفضل هذا الشعب المجتهد وبفضل السياسات المتبعة.
• أشار وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي نزار بن عبيد مدني في كلمته في «حوار المنامة» إلى عدم إمكانية الاستمرار بالاعتماد على الخارج لتأمين أمن وحماية المنطقة، هذا الخطاب جاء بعد أقل من 24 ساعة على كلمة وزير الدفاع الأمريكي هيغل الذي جاء ليؤكد على التزام بلاده بحماية أمن المنطقة، كيف تقرأ هذا الاختلاف بين الخطابين؟
ــ كلام الوزير السعودي جاء في محله، وكلام الوزير الأمريكي هو كلام حليف يتحدث لحلفائه، وقد جاء حديثهم في أهم منتدى بالمنطقة، قولوا لي من هي الدول التي تريد أن تبقى تعتمد على الخارج بحمايتها؟ نحن بمجلس التعاون لدينا كافة مقومات التكامل، بحيث نكون كيانا مستقلا لا يستغل دون أن يتعارض ذلك مع وجود تحالفات، ونريد أن نصل بهذا التكامل إلى أفضل المستويات؛ لذلك لا أرى هناك أي تعارض بين كلام الوزير السعودي وكلام وزير الدفاع الأمريكي، فكثير من المجموعات تبني قوتها ثم تصبح مكملة للقوات الأخرى.
• نجحت بعض دول الخليج بالتوصل إلى حرية السفر إلى دول مثل بريطانيا وفق تسهيلات كبيرة تتعلق بتأشيرات الزيارة بعد تحرك خليجي في هذا الاتجاه، فيما لا يزال المواطن البحريني يواجه صعوبات بالحصول على تأشيرة بريطانيا، وكذلك «الشنغن» لزيارة فرنسا.. كيف تعلقون على هذا الأمر؟
ــ لقد كنا من أوائل الدول التي تم الحديث معها في هذا الشأن منذ العام 2010، وقد قطعنا شوطا كبيرا نحو الوصول إلى مذكرة تفاهم، وفي العام 2011 تباطأوا فيها، الآن هناك نوعان من الجوازات، إذ يوجد الجوازات الخاصة أو الدبلوماسية، وبالفعل انتهوا من التسهيلات لبعض الدول، وبقيت الجوازات العادية، بعض الدول منحوها ما يعرف بـ «فيزا لايت»، وهي تمنح خلال 48 ساعة عبر الإنترنت ولسفرة واحدة فقط، وهذا ما يعتزمون الانتهاء منه، ما أستطيع تأكيده أنه نتيجة للظروف التي مرت بها البحرين حدث تباطؤ حيال التسهيلات المتعلقة بالتأشيرات لكنها قادمة، والتسهيلات التي حصلت عليها بعض الدول الخليجية حول تأشيرة المملكة المتحدة نحن الآن في طور الانتهاء منها.
• هناك بعض الأقاويل التي يتم تداولها أن بريطانيا قد منحت التسهيلات لرعايا البحرين، إلا أن التحفظات جاءت من الجانب البحريني.. ما مدى صحة ذلك؟
ــ هذا غير صحيح.
• ألا يوجد تحفظات بسبب من يقومون بتقديم طلبات اللجوء السياسي إلى بريطانيا؟، وما التسهيلات التي ستمنحها تأشيرة الزيارة لمن يعتزم تقديم طلب اللجوء السياسي؟
ــ هذا الكلام غير واقعي على الإطلاق، أي شخص اليوم يستطيع أن يرسل جوازه إلى السفارة البريطانية ويحصل على تأشيرة خلال أسبوع، الفرق الوحيد أن التسهيلات تمنح التأشيرة خلال 48 ساعة عبر الإنترنت، وفي الوضع الحالي تحصل على التأشيرة خلال أسبوع، نحن أكثر طرف يسعى لأن تشمل هذه التسهيلات البحرينيين، لدينا اليوم اتفاق مع فرنسا يغطي الجوازات الدبلوماسية، لكن من ناحية جوازات المواطنين لا يوجد اتفاق لارتباطهم بتأشيرة الاتحاد الأوروبي «الشنغن»، لكن مع بريطانيا ما أستطيع تأكيده هو أننا بصدد الانتهاء من اتفاق يتعلق بتسهيل تأشيرة زيارة المملكة المتحدة.
• منحت المملكة المتحدة، مؤخرا، حق اللجوء السياسي لبعض الأشخاص ليضافوا إلى آخرين حصلوا في فترة سابقة على حق اللجوء السياسي.. كيف تنظرون إلى هذا القرار؟
ــ بصراحة، أنا لا أرى سببا واقعيا لمنح هؤلاء حق اللجوء السياسي، أستطيع أن أتفهم أن تمنح دولة حق اللجوء السياسي لشخص هارب من بلد ما أو غادرها بشكل غير قانوني هربا من ملاحقة أمنية أو ما شابه، لكن ليس لشخص اشترى تذكرة وغادر المطار بشكل طبيعي ودون أي ملاحقة أمنية ثم وصل إلى بريطانيا ليقدم لاحقا طلب اللجوء السياسي، هؤلاء جميعا غير مطلوبين لأي جهات أمنية، وعندما نتحدث مع الجانب البريطاني حول هذه المسألة يقولون إن هذه القضية ليست سياسية بل قضائية، فهناك محامون متخصصون يتقاضون مبالغ جيدة مقابل الحصول لهؤلاء على حق اللجوء السياسي عبر استغلال ثغرات قانونية، بينما هؤلاء الأشخاص ليسوا مطاردين أو ملاحقين أمنيا في البحرين، أما بالنسبة لمسألة سحب الجنسية من البعض، فهذا ليس سببا للحصول على اللجوء السياسي؛ لأن سحب الجنسية لا يجعلهم مطلوبين أمنيا، كان بإمكانهم إعطاءهم الجنسية وليس اللجوء السياسي الذي يحمل دلالات تتعلق بالملاحقة والمطاردة الأمنية، وهذا لا ينطبق على أشخاص غادروا مطار البحرين دون أن يعترضهم أحد، لا أعتقد أن البحرين تستحق منهم هذه الإساءات، لقد كانت البحرين عبر تاريخها ملجأ للآخرين.
• ماذا عن أنشطة هؤلاء وغيرهم من الموجودين في بريطانيا وجميعها أنشطة ضد البحرين وتحمل إساءات وتحريضا على أعمال العنف؟ هل تتناولون هذه القضية مع الجانب البريطاني؟
ــ دائما نثير هذا الموضوع، وبالأخص الأنشطة التي تحرض على العنف، والجماعة الموجودة في لندن لم يتوقف نشاطها، دعونا نضع الأمور في إطارها الطبيعي، لا يوجد لدينا مشكلة مع أي شخص يختار أن يعيش في أي بلد يختاره، وأي شخص منا قد يقرر غدا أن يذهب ليعيش بقية حياته في بلد يحبه أو يرغب أسلوب الحياة فيه، لكن المشكلة عندما يحيط رغبته الشخصية بمزاعم غير صحيحة للحصول على حق اللجوء السياسي في بلد ما، ثم أبدأ إرسال رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحرض فيها على العنف وأعمال الإرهاب، ونحن ــ بدورنا ــ دائما على تواصل مع الجانب البريطاني حول ذلك؛ لأن هذا هو واجبنا وإذا لم نقم بذلك نكون مقصرين، بالطبع يتم عبر الجهات الأمنية وليس عبر السفارة.
• تخرج بين الحين والآخر اتهامات من قبل أعضاء في مجلس النواب البحريني يتهمون فيها وزارة الخارجية بـ«التقصير» بشرح قضية البحرين في الخارج، وأن سفارات البحرين بالخارج تعاني من نقص بالكوادر العاملة، فيما لم يستخدم من الميزانية المخصصة لمشاريع الوزارة سوى 1%.. كيف تعلق على ذلك؟
ــ بالنسبة لميزانية المشاريع بالفعل يتم تخصيصها، لكن الإجراءات التي تتبع هذا التخصيص يتم الإشراف عليها من قبل وزارة الأشغال ووزارة المالية، وهذه الإجراءات لم تسيّر حتى الآن، بصراحة، لدينا رغبة كبيرة لبناء سفاراتنا في الرياض والدوحة وأبوظبي والكويت، وعدا سفارتنا في الرياض ــ وهو مبنى صغير جدا ــ فجميع سفاراتنا أبنية مستأجرة، أما بالنسبة لجانب التقصير، فدعوني أقولها بصراحة: دائما كنا نسمع هذه الانتقادات والاتهامات بالتقصير حتى قبل العام 2011، وأنا أعتبره إجحافا كبيرا بحق موظفينا بالخارج المغتربين عن وطنهم ولا يحصلون إلا على إجازة واحدة في السنة، ويمارسون عملهم بالخارج بكل إخلاص، نعم نعترف أن عدد دبلوماسيينا بالخارج محدود جدا، لكن أحد أهم العوائق التي تواجهنا اليوم كوزارة خارجية هي محدودية عدد الدبلوماسيين ومحدودية الميزانية، ميزانية الخارجية من أقل الميزانيات في الدولة، وعدد سفاراتنا بالخارج لا يرقى لعدد السفارات التي يفترض أن تمثلنا بالخارج، أعطي لكم مثالا: هناك 12 دولة أوروبية فيها جميع سفارات دول مجلس التعاون باستثناء البحرين، أيضا من دول «جي تونتي»، وهي عشرين دولة، منها عشر دول فيها سفارات للبحرين والدول العشر الأخرى لا يوجد فيها سفارات للبحرين رغم أهميتها الاقتصادية، كذلك أقل دولة من الدول الخليجية، من حيث عدد السفارات في الخارج هي البحرين، والسبب هو أنه ليس لدينا ميزانية كافية، في السنوات الأخيرة افتتحنا ست سفارات في الخارج، منها سفارة نيودلهي ــ بعد أن كان لدينا قنصلية فقط في بومبي حتى قبل خمسة أعوام من الآن ــ وإسلام أباد ــ أيضا كان هناك قنصلية في كراتشي ــ وأنقرة وبروكسل وبانكوك جميعها عواصم مهمة، لماذا نذهب إلى أمثلة في دول آسيوية وغربية، في السعودية والتي تحتل أهمية كبيرة، ولا سيما عندما نتحدث عن أهمية خدمة الحجاج والمعتمرين ــ كان لدينا سفارة في جدة، وبعدها انتقلنا إلى العاصمة الرياض، ونتيجة للحاجة الكبيرة عملنا على افتتاح قنصلية في جدة، أيضا الأمر ذاته بالنسبة للنجف والأعداد الكبيرة من البحرينيين التي تزور هذه المدينة، ولا يعقل أن لا تتوفر قنصلية لخدمتهم، فقمنا بفتح قنصلية لنا في النجف، والآن نتطلع لافتتاح سفارة في «جاكرتا»، وهي عاصمة الأسيان وأكبر دولة مسلمة ومن دول (جي تونتي)، بصراحة، نحن نواجه تحديا كبيرا يتعلق بالميزانية، وهو يعيق تحركنا لزيادة عدد سفاراتنا في الخارج، أما بالنسبة للكوادر العاملة فأقولها بصدق إن الذي يبعث على التفاؤل أن معظم الفئات العمرية التي تعمل الآن بوزارة الخارجية هم من الشباب، صحيح أننا نواجه تحديا بنقص هذه الكوادر ــ وأنا هنا لا أتحدث عن السفراء باعتبار أن تعيين السفير يأتي بقرار سياسي من رأس الدولة وفي كل أنحاء العالم ــ إنما أتحدث عن الطواقم التي تعمل بالسفارات، وهذا ما نواجهه من نقص كبير بعددها، ونعمل حاليا على زيادتها من خلال التوظيف بعد اجتياز الامتحانات المطلوبة، والحمد لله، هناك طاقات جيدة اجتازت هذا الامتحان، ونأمل أن يكون هناك زيادة كبيرة بعدد طواقم السفارات في الخارج خلال السنوات القليلة القادمة، أيضا عندما يكون لدينا حدث كبير في البحرين نستعين بطلبة جامعة البحرين، وهؤلاء الطلبة يعتزون كثيرا بالشهادات التي تمنح لهم نتيجة عملهم بتنظيم الأحداث في البحرين، أنا متفائل جدا بالكوادر الشابة التي ستنضم لطواقم وزارة الخارجية، نعم أنا لا أنفي التقصير؛ لذلك أحاول أن أفتح مساحة مع الناس عبر شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»، لكن ما نريده أن نتمكن من تقديم كافة أوجه المساعدة الممكنة للبحريني في الخارج، وهذا ما نتطلع إليه.
• هل هناك حركة لنقل السفراء، وهل ستشمل عواصم رئيسية؟
ــ نعم، قريبا هناك حركة تنقل السفراء، وستشمل مختلف أنحاء العالم.
• تم الاتجاه خلال العام الحالي نحو تعيين ملحقين إعلاميين في بعض سفارات البحرين في الخارج.. هل ستستمر هذه الخطوة؟
ــ هناك تعاون مع هيئة شؤون الإعلام، والملحق الإعلامي لا يتبع وزارة الخارجية، وإذا أرادت الهيئة أن ترسل ملحقا إعلاميا لبلد ما فهذه خطوة جيدة، لكن بشكل عام اليوم التكنولوجيا تطورت، فإذا كان الهدف منه هو إيصال رسالة إعلامية ما، فنحن قادرون على إيصالها، أما إذا كان الدور هو التواصل مع وسائل الإعلام والناس في بلد ما، فهذا أمر مرحب به، لدينا الآن ملحق إعلامي في واشنطن، لكن من الضروري أن يتم تطوير الفكرة، وتدارسها بشكل كبير، وأن يكون الملحق لديه معلومات كثيرة ووافية، نحن حاليا نقوم بهذا الدور عبر سفارتنا في الخارج، ودائما لدينا تقارير يومية ترسل إلى السفارات وكذلك تقارير أسبوعية، وبالتالي يتم إطلاع السفير على كافة المعلومات التي يستطيع توفيرها للإعلام، لكن إذا كان الملحق الإعلامي سيقوم بتعزيز العلاقات مع وسائل الإعلام فحتما هذا أمر مرحب به.
• بعض الآراء ترى أن الشيخ خالد بن أحمد يخلط أحيانا بين موقفه الشخصي وبين الموقف الرسمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدا عبر صفحتك على موقع «تويتر».. كيف تعلق على هذا الرأي؟
ــ هناك حدود والجميع يعرفها، قد تخرج أحيانا تغريدات شخصية ومناقشات عفوية، بلا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي أسقطت حواجز كثيرة، وأصبحت هذه الوسائل أسرع مصدر للأخبار، أنا ــ شخصيا ــ بدأت مع «تويتر» منذ العام 2009 عندما كانت الأحاديث عبر تويتر تحمل جانبا من البساطة دون تشنج، لكن اليوم «تويتر» تغير كثيرا وأصبح يحمل تغريدات معظمها سياسية وبعضها متشنج، في المقابل هناك مواطنون بسطاء يشعر بعضهم أن المسؤول يجلس على برج لا يمكن الوصول إليه، واليوم بفعل «تويتر» أصبح 140 حرفا قادرا على إيصال صوتهم، أحيانا أدخل في نقاشات عبر تويتر وأتعامل مع رأي الآخر بعفوية، لكن البعض يدخل بنقاشات متشنجة وتحمل بعضها عبارات غير لائقة وأضطر لأغلاق باب النقاش، لكن بشكل عام أرى في وسائل التواصل الاجتماعي أسرع الوسائل لاستقاء المعلومة في عصرنا الحالي، وبفضل «تويتر» تعرفت على شباب بحرينيين من مختلف الأطياف والأعمار واطلعت على طاقات وأفكار.
• لقد أثبتم عبر مشواركم المهني الطويل جدارة كبيرة بالعمل الدبلوماسي، والجميع يشهد لشخصكم بدماثة الخلق وسعة الصدر مع جميع الناس، لكن هناك أخبارا تواردت حول أنكم تشعرون بالتعب، وبالتالي قد ترغبون بالتوقف عن مشواركم العملي، ما مدى صحة هذه الأقاويل؟
ــ سمعت أن هناك من قال إنني «تعبت» من مواصلة العمل الدبلوماسي، أنا لم أتعب من خدمة الملك، والذي يعرف توجهاته وما يطمح إليه من أجل بلاده ومن أجل استقرار البحرين ورفعته وتقدمه لا يشعر بالتعب؛ لذا هذا الكلام غير صحيح، ونحن رهن إشارة صاحب الجلالة، والبحرين مليئة بالطاقات ومن مختلف المجالات، لكن حقيقة أن من يعرف تماما ما يطمح إليه جلالة الملك لأجلنا كبحرينيين لا يشعر بالتعب.