-A +A
صالح إبراهيم الطريقي
.. وأكمل مع ما بدأته بالأمس «بعد الصلح بين وزارة المالية والمقاولين» أو بعد اعتراف المقاولين بصحة ما قالته وزارة المالية، وأن مشاكل صرف المستحقات المسؤول عنها الوزارات المالكة للمشاريع والممثلين الماليين، فسؤال الأمس «ماذا لو تأخر التسليم أو لم يطابق تنفيذ المشروع ما اتفق عليه بالعقد؟»، يفرض نفسه من جديد بعد بيان «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» الذي كشف عن أرقام يخيل لي أنها مرعبة، أو هكذا أراها.
«فالبيان» كشف أن نسبة المشاريع «الفاسدة أو غير النزيهة» أو المعطلة بسبب الفساد المالي والإداري أو عدم مطابقتها للمواصفات، هي: 77 % تقريبا.

وللتوضيح رقميا: البيان يؤكد أن أكثر من 400 مشروع تابعته «نزاهة»، المعطل أو الفاسد 306 مشاريع، 30 مشروعا أحيل إلى «هيئة التحقيق والادعاء العام» كقضية لينظر فيها، 64 أحيل لوزير الصحة، 59 أحيل لوزير الشؤون البلدية والقروية وأمناء المناطق، 58 لوزير التربية والتعليم، 30 لوزير المياه والكهرباء، 23 لوزير النقل، 12 لوزير الداخلية والجهات التابعة للوزارة، 6 لوزير التعليم العالي ومديري الجامعات، ومثلها لوزير العمل والجهات التابعة للوزارة، 4 لوزير الشؤون الإسلامية، وواحدة لكل من وزير الزراعة ووزير الشؤون الاجتماعية، و8 قضايا تم إحالتها إلى جهات أخرى.
البيان لا يكشف بدقة الأسباب، ربما لاختلاف وتنوع الفساد في كل مشروع، لكن المقاولين وإن اعترفوا بخطئهم تجاه وزارة المالية، مازالوا يتهمون «بيروقراطية» الوزارات وممثليها ومراقبيها، ويلمحون أن ممثلي الوزارات قادرون على تعطيل صرف الدفعات مؤكدين «لأسباب يعرفها الجميع»، فيما الوزارات أو ممثليها يتحدثون عن الإخلال بالمواصفات والقياس والجودة المتفق عليها بالعقد، والجميع لا يطالب بتطبيق الشرط الجزائي على الوزارات إن لم تسدد الدفعات بتاريخ الاستحقاق، أو على المقاولين إن لم ينفذوا المواصفات ؟
هذا البيان وإن حدد لنا نسبة الفساد، إلا أنه لم يحدد المسؤول، وسيترك الرأي العام منقسما بين المقاول والوزارة، وهذا الانقسام يوفر مناخا جيدا ورائعا لنمو «الفساد»، إذ يتشرذم الرأي العام.
ولن يتغير هذا المناخ ما لم يفرض على كل وزارة نشر العقود التي وقعتها على موقعها الرسمي، ليطلع الرأي العام عليها، فيعرف من المسؤول، ويضغط لاستصدار قرار ضد المفسدين بالأرض.