-A +A
شتيوي الغيثي
هذا المقال الثاني حول جمعية الرأي، كان الأول يدور حول سؤال الحرية، أما هنا فأتطرق إلى مسألة استقلالية الجمعية عن وزارة الثقافة والإعلام، والاستقلالية مرتبطة في تأكيد مبدأ الحرية، ولكن ــ للأسف ــ فإننا لا نجد شيئا يمكن الاحتكام إليه من هذه الناحية مطلقا، بل بالعكس تماما، حيث إن هذه الجمعية أوحت بأنها تتبع الوزارة رغم أنها قامت على المبدأ الانتخابي، ولكن تحت مظلة وزارة الثقافة، ولذلك يصعب هنا الحديث عن استقلالية تامة، فقد تتدخل الوزارة لفرض بعض الأمور من هنا أو هناك، فاستقلاليتها شكلية أو شبه شكلية لا تحقق الهدف الأكبر منها.
عدم الاستقلالية هذا يطرح على الجمعية سؤالا مهما، وهو مدى قدرتهم على الدفاع عن حقوق الكتاب. لنفترض مثلا أن كاتبا منع من الكتابة لأي سبب كان، فما هي الآليات التي يمكن الوقوف عليها للدفاع عن حقه ورفع المنع عنه؟ لا نجد أي بند من بنود الجمعية يوضح مثل هذه المسائل. ربما لكونها لا تزال في بداية الطريق وتحتاج إلى تعديلات طويلة، ولكن ما لم يكن هناك حرص على توضيح الأمور من البداية، فإن الكثير من القضايا سوف تصعب، فليس من المعقول البناء على أساس ليس بتلك القوة المطلوبة. وإلا ما معنى وجود الجمعية من أساسه إذا لم تتطرق إلى هذه الزاوية بشكل صريح وواضح؟! وما هو مصير الذين لم يدخلوا في الجمعية العمومية. هل ستدافع عنهم أم يبقون في طي النسيان؟ الجمعية أساس لمفهوم حرية التعبير والدفاع عنها بغض النظر عن التوجهات، أو الاشتراطات، أو الأشخاص، أو كون هذا الكاتب رسميا أو غير رسمي، أو يحمل عضوية أم لا. كل هذه القضايا لا توضحها الجمعية، ولا تتطرق إليها لا من قريب ولا من بعيد.

في الأخير.. أذكر أن أحد أعضاء الجمعية البارزين فيها عند نشأتها قال ــ في حديث شخصي مع أحد الأصدقاء، وكنت واقفا معهما أستمع لحديثهما ــ بضرورة الاستعجال في التسجيل بالعضوية، إذ يمكن أن يمنع من الكتابة من لا ينضم إليها. وهذا إن صدق فإننا أمام عملية استبدادية جديدة من خلال هذه الجمعية، ولكن أتوقع أن كلامه ليس إلا تشجيعا مع بعض المبالغات الثقافية التي نعرفها كثيرا في الوسط الثقافي والإعلامي.