-A +A
شتيوي الغيثي
الدراسات العليا في الجامعات السعودية ذات قيمة فعلية في تفعيل الحراك الفكري والثقافي والتعليمي في السعودية. أقول ذلك وأنا أعي تماما كل المشاكل التي يواجهها الطلاب في الدراسات العليا من قبل أستاذتهم والطرائق الفكرية التي تمارس عليهم، بحيث تغيب شخصيتهم العلمية تماما، إلى درجة الخوف من الحديث بحرية علمية داخل قاعة الدرس، ومع هذه المشاكل، إلا أنني أعتبر أن الدراسات العليا لها دور في تعزيز القضايا الفكرية وتحريك المياه الراكدة على الأقل فيما يخص الجوانب العلمية.
وغالبية ما يدرسه الطلاب، في الدراسات العليا تحديدا، هي قضايا يفترض أن يكون الطالب تجاوزها في مرحلة البكالوريوس، بحيث تصنع منه باحثا يثري الساحة العلمية والثقافية. وبحسب بعض ما يدرس في الجامعات، حتى تلك الإسلامية منها، لها أصول منطقية يحتاج دراساتها الطالب ليعي الأصول التي تقوم عليها تلك المسائل، القضايا النقدية في البلاغة لها أصول منطقية منذ عهد أرسطو، وكذلك الحال لمن درس في أصول الفقه وغيرها، وإذا كان الحال كذلك في العلوم الإنسانية، فما بالك في العلوم التطبيقية التي تقوم جلها على المنطق، فالمعادلات الرياضية ذات أصول منطقية، لكن يتم الفصل بينها وبين تلك المعادلات بشكل غريب، فيؤخذ العلم مبتور السياق، مما يولد إشكاليات في الوعي والفهم لدى الطلاب بشكل عام، فما بالك بطلاب الدراسات العليا التي لا يدرسونها لا من قريب ولا من بعيد، ما يجعل غالبية هؤلاء أقرب إلى شخصيات ممسوخة الشخصية من الناحية العلمية ويصعب عليه فهم الكثير من القضايا العلمية داخل الدرس العلمي أو خارجه.

من هنا، فإن دراسة العلوم المنطقية مهمة للطلاب جميعا، فإذا كان من الصعوبة تدريسها للطلاب في البكالوريوس، فمن المهم وجودها كمادة مستقلة في الدراسات العليا.