•• بات من المؤكد «قبول» ثم ترشح الفريق أول ركن عبدالفتاح السيسي (وزير الدفاع والإنتاج الحربي) للرئاسة المصرية في الانتخابات القادمة التي سيتم الإعلان عن تقديمها على الانتخابات البرلمانية اليوم أو غدا من قبل رئيس الجمهورية المستشار «عدلي منصور».. بالرغم من احتشاد البعض واعتراضهم على استمرارية العمل بخارطة المستقبل.. أو الإقدام على تغييرها.
سيناريوهات الرئاسة القادمة
•• وسوف يتم ذلك عبر السيناريوهات التالية:
• أولا: إصدار الرئيس قرارا جمهوريا ينص على تقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات البرلمانية وتحديد الموعد الملائم لذلك بناء على المعطيات التالية:
(1) إرادة الشعب المصري التي عبرت عنها معظم الفعاليات والقوى السياسية والمدنية والحقوقية في البلاد خلال لقاء مختلف الفعاليات به الشهر الماضي وتأكيدها له على أن مصلحة مصر تقضي بضرورة هذا التقديم.. وإصرارها على تعديل «خارطة المستقبل» المعلنة بتاريخ 3/يوليو/2013م.. في ظل هذا التقديم..
(2) الاستجابة للمصلحة العامة التي تفرض توفير جميع الأسباب المؤدية إلى استقرار البلاد وعودة الحياة الطبيعية الكاملة إليها وذلك بالشروع في عملية بناء الدولة المصرية المدنية القوية القائمة على المؤسساتية وفرض القانون.
(3) إنجاز الدستور بأغلبية ساحقة وغير مسبوقة وضرورة الإسراع بالبدء في تطبيقه وتفعيل مواده وتبني جميع استحقاقاته وفي مقدمتها إعادة صياغة مؤسسات الحكم على أسس قوية وجديدة وعادلة.
وبناء على ذلك يقوم الرئيس «منصور» بدعوة الجميع إلى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وفقا للشروط والمتطلبات التي حددها الدستور الجديد ممارسة للحقوق المشروعة وفقا لنصوصه المعتمدة.
• ثانيا: تدفق ملايين الشعب المصري في جميع المحافظات المصرية يوم غد السبت للاحتفال بالعيد الأول لثورة (25 يناير 2011) و(3 يوليو 2013) وكذلك بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة أيضا.. ومطالبتها لوزير الدفاع الفريق أول ركن عبدالفتاح السيسي بالترشح الفوري للرئاسة ودعمها المطلق له في الوصول إلى سدة الحكم وتقلد المسؤولية وقيادة مصر في المرحلة العصيبة القادمة.
• ثالثا: استجابة الفريق السيسي الفورية لنداء الشعب وظهوره عليه وإعلانه القبول بهذا التكليف والتشريف الشعبي.. والإعلان في نفس الوقت عن استقالته من جميع مناصبه العسكرية والمدنية وفقا لمقتضيات الدستور تمهيدا للترشح للانتخابات الرئاسية وفقا لإرادة الشعب.
السيسي يخاطب الشعب
•• لكن «السيسي» لن يفوت هذه الفرصة دون مناشدة الشعب المصري بدعم أي مرشح يختاره لتقلد هذه المسؤولية وحثه على التعاون مع الرئيس الجديد ومناشدته للجميع بضرورة التوجه للعمل والتوقف عن كل الأعمال والممارسات المخلة بالأمن والاستقرار والمؤدية إلى تعطيل الحياة اليومية والتأثير على الاقتصاد.. وكذلك دعوته للمجتمع الدولي ولأمتيه العربية والإسلامية بالوقوف إلى جانب مصر ومرشح الشعب المصري لتقلد سلطة الرئاسة في المرحلة القادمة وإعطاء وعود والتزامات مطمئنة للأسرة الدولية وتحديدا للقوى الكبرى التي ترددت في القبول باختيارات الشعب المصري في البداية.. ودعوة الأسرة الدولية إلى مد اليد لمصر لكي تواصل أدوارها الإيجابية والبناءة في تعزيز الأمن والاستقرار في هذا العالم.. كل ذلك بهدف إعادة بناء الثقة بين مصر ودول ومجتمعات العالم وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة تقوم على أسس التعاون المتبادل وتعزيز الأواصر القائمة وتأكيد الالتزام بالمعاهدات والمواثيق المبرمة بين مصر والدول الأخرى بما فيها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (دون ذكرها بصورة مباشرة وصريحة في هذه المرحلة).
•• كما أن الفريق السيسي سوف يخاطب كافة الفعاليات والأحزاب والتكتلات والمؤسسات المصرية إلى إنجاح الانتخابات الرئاسية القادمة.. ودعوة جميع المرشحين إلى دخول حلبة المنافسة الشريفة من أجل مصر.. ولصالح الشعب المصري وإخراج عملية انتخابية نظيفة ونزيهة.. يحترم الجميع نتائجها سلفا ويمدون يدهم إلى يد بعضهم البعض ويقفون خلف من تختاره الإرادة الشعبية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان.. وهو حين يقول بهذا فإنه لا يقوله لتأكده من الفوز.. وإنما لأنه حريص على سرعة تعافي مصر من أمراضها..
•• وبهذا الخطاب الذكي والعاقل والموضوعي سوف يحقق السيسي المزيد من الأرصدة الشعبية حتى من خارج من اختاروه وخرجوا إلى الميادين لدعوته للترشح ومنهم بعض القوى السياسية التي تحالفت من قبل مع «الإخوان المسلمين» أو التي وجدت نفسها معترضة على بعض القوانين والأنظمة والإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية منذ الإعلان عن «خارطة المستقبل» وحتى الآن.. وكذلك فئة الشباب التي تتحسب من «حكم العسكر» أو تلك التي وجدت نفسها في قفص الاتهام.. أو خارج دائرة حسابات الدولة في الوقت الراهن.
الأخطار المحتملة
•• هذه السيناريوهات المتوقعة لا تفترض عدم حدوث «إشكاليات» كبيرة غدا السبت تثيرها بعض الجماعات أو القوى المعارضة لاستمرار خارطة المستقبل في تنفيذ بقية الاستحقاقات التي انطوت عليها.. بل على العكس من ذلك.. فإن من المتوقع أن يدفع الشعب المصري في هذا اليوم ثمنا آخر من أرواح أبنائه.. بفعل الأعمال المؤسفة التي ستصاحب بعض مظاهر الفوضى واستخدام القوة بهدف الحيلولة دون دخول مصر مرحلة انتقالية سلسة وبصورة أكثر تحديدا للحيلولة دون ترشح الفريق أول «عبدالفتاح السيسي» للرئاسة لأنهم وبالذات «الإخوان» يتحسبون من مغبة ما قد تؤدي إليه المرحلة القادمة من إجراءات إضافية تجاههم ولاسيما بعد تصنيف الجماعة على أنها إرهابية.. وما قد يعقبه من خطوات تجهز على التنظيم بامتداداته الداخلية والخارجية.
•• غير أن خروج أغلبية شعبية ساحقة تطالب باستكمال المسيرة.. بل وتدعو -بصورة متجاوزة حتى للقوانين- إلى عدم الحاجة إلى الانتخابات واختيار السيسي بالتزكية المطلقة رئيسا لجمهورية مصر العربية.. واختصار فترة ثلاثة أشهر من الزمن.. بحجة حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن.. وحاجتها إلى ترسيخ وتعزيز دواعي السلامة وعودة الانتعاش والتفرغ لبناء مؤسسات الدولة بصورة غير مسبوقة.
•• ومع أن المزاج العام المصري مع هذا التوجه إلا أن السلطة الحالية بما فيها «الجيش» وعلى رأسه الفريق عبدالفتاح السيسي.. لن يوافقوا على اختزال المسألة بمثل هذه الصورة العاطفية.. تجنبا لأي اعتراضات وتحقيقا لأهداف سياسية بعيدة المدى تحرص على طمأنة الشعب واستقطاب المزيد من القبول من الرأي العام العالمي للخطوات القانونية الطبيعية التي تسير عليها البلاد بصورة منظمة وعقلانية ومحسوبة.. ولذلك فإن السلطة سوف تصر على إتمام الانتخابات وفقا للخطوات الإجرائية المنصوص عليها في الدستور وبقية القوانين المنظمة لذلك.
•••
مرشحو الرئاسة الآخرون
•• عند هذا الحد نقف لنسأل:
•• من الذين سيتقدمون للترشح للرئاسة.. ولماذا يتقدمون لها وهم يدركون أن نتيجتها باتت محسومة من قبل أغلبية أبناء الشعب المصري وبمباركة ضمنية من قبل المجتمع الدولي إلا القليل الذي مازال يقدم رجلا ويؤخر أخرى؟
•• السؤال بمثل هذه الصيغة سؤال مشروع.. ووارد.
•• أما الإجابة عليه فإنها تفترض التالي:
• أولا: أن ترشح البعض هو من باب التأكيد على أنه موجود.. وليس أكثر..
• ثانيا: أن البعض الآخر يريد بهذا الترشح أن تكون له ولأنصاره حصة من كعكة المرحلة القادمة ليس أكثر.
• ثالثا: أما البعض الثالث.. فإنه لا يريد الخروج من المشهد نهائيا.. ولا يريد أن يتعرض في المستقبل لأي تصفيات أو محاسبات لا قبل له بها.
•• ورابعا: أن البعض الآخر.. يهدف بترشحه هذا إلى تصدر قائمة المعارضة في المرحلة القادمة لتحسين فرصه في المستقبل.. وعدم الخروج - بصورة نهائية - من الواجهة السياسية.
•• لكن النتيجة النهائية تظل هي.. أن جميع المرشحين ولا أعتقد أنهم سوف يزيدون على (3) أشخاص يمثلون تكتلات ضعيفة وبالتالي فإنهم.. سوف لن يحققوا أي عائد من وراء ترشحهم.. بقدر ما سوف يساعدون على إضفاء الشرعية المطلقة على قيام نظام الحكم القادم ويزكون من سيفوز بالرئاسة بمنطق الدستور وفي ظل إرادة الأغلبية الشعبية المطلقة.
زعامة لكل المصريين
•• وإن كانت المفاجأة التي لا أستبعدها هي.. أن الفريق السيسي الذي سيكون المصريون قد اختاروه بإرادتهم سوف يؤكد في الخطاب الأول الذي سوف يلقيه بعد إعلان نتيجة الانتخابات بأنه زعيم كل المصريين وأن على الجميع أن يتناسوا الماضي.. وأن يتشاركوا في تحمل المسؤولية لبناء مصر جديدة تقوم على التنوع والتعددية وعدم الإقصاء وتحت مظلة العدالة واحترام القانون.
•• هذا الإعلان المبكر عن أجندة الحكم لمصر في المرحلة القادمة.. سيكون إعلانا سياسيا بامتياز وإن استثار البعض.. وإن أزعج البعض الآخر.. وإن وجد ردة فعل عنيفة حتى من بعض أنصاره..
•• لكن «السيسي» سوف يمضي في هذا التوجه.. ويؤكد على دعوة كل المصريين إلى نبذ الكراهية والتوجه نحو الحب.. الحب لمصر.. والحب لبعضهم البعض.. والحب للعمل من أجل مصر في ظل الإخاء والتوحد والالتفاف حول مصر.. ومصير مصر.. ومستقبل مصر.
•• فماذا تعني هذه الدعوة.. وإلى أي مدى سوف يتقبلها المصريون.. بعد أن أصبح الإخوان المسلمون -تحديدا- خارج دائرة المنظومة القانونية المقبولة شعبيا ورسميا؟
الانقسام مجددا.. إلى أين؟
•• المتوقع هو..
•• أن ينقسم الشعب المصري إلى (3) فئات:
•• فئة تقول نعم لكل ما يريده الرئيس لأنها اختارته بناء على ثقة مطلقة به.. ومن غير المتوقع أن تخالف توجهه هذا.. إن هي لم تدعمه بقوة لأنها تجد فيه الخير لمصر ولكل المصريين.. ولا تجد حلا أمثل غيره للخروج من حالة الاحتقان الحالية..
•• وفئة تعارض بشدة هذا التوجه نحو دمج الإخوان المسلمين في الحياة المصرية بصورة كاملة.. وبالتالي فإنها قد تجد نفسها قريبة ممن يعترضون على اختيار السيسي نفسه لأسباب مختلفة.. وسوف يبدأون حملة تشكيك مبكرة في نواياه.. وتوجهاته.. وإنجازاته الموعودة..
•• وفئة ثالثة سوف تستثمر حالة الانشقاق هذه وتوسع دائرة الفوضى في البلاد وتواصل حملات التشكيك في المسار العام للدولة المصرية.. وفي شرعية النظام وسوف تؤلب الشعب للقيام بثورة ثالثة.. وتتشكل هذه الفئة من الإخوان.. وأنصارهم المعروفين وكذلك من الفئات الرافضة -من حيث المبدأ- عودة الإخوان إلى الحظيرة المصرية.. والطعن في شرعية التوجه نحو العفو عنهم أو حتى التصالح معهم.. وتلك مفارقة غريبة أن يجتمع الإخوان وأعداء الإخوان على مواجهة الرئيس الجديد.. بكل ما سيؤدي إليه هذا التوافق «العجيب» من مشكلات بوجه الدولة المصرية الجديدة.
أولويات خطة الرئاسة الجديدة
•• غير أن حسابات «السيسي» وفريق عمله الذي رسم حتى الآن مسارات واضحة وموفقة لمستقبل مصر.. سوف تتخطى هذه العقبة بكل تأكيد.. عبر اتخاذ سلسلة من الخطوات والإجراءات العملية.. وفي مقدمتها توجه الرئاسة نحو تحقيق اللحمة بين المصريين بهدف احتواء المصريين الذين انتموا في وقت من الأوقات إلى الإخوان المسلمين في ظروف مختلفة ساهمت فيها الحكومات السابقة.. وكذلك الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بمصر.. وأن عملية الاحتواء هذه بغرض استرداد ولاء كل المصريين لمصر وليس للتنظيم، لا تشمل بكل تأكيد كل من تلطخت يده بدماء الشعب.. أو شارك من أي موقع من مواقع المسؤولية أو العمل في حزب الحرية والعدالة ما لم ينسحب من هذه العضوية أو مارس عملا إجراميا بحد ذاته ضد المصريين..
•• وبمعنى آخر فإن هذا التوجه لن يشمل من يحاكمون الآن أو المطلوبين منهم للعدالة بأي حال من الأحوال.. لأن مصير هؤلاء يحدده القضاء المصري وتبت فيه نتائج المحاكمات القائمة.. أما بقية الشعب المصري من المنتمين إلى الإخوان فإن الدولة المصرية ستمنحهم فرصة كافية للعودة إلى النسيج الوطني العام وتأكيد الانتماء لمصر أولا وأخيرا..
•• وبكل تأكيد فإن هذا المنطق المتزن والعاقل والواثق سوف يلقى القبول عند فئات كبيرة من المصريين الذين يدركون أهمية التوحد في مثل هذه الظروف لوضع لبنات حقيقية في عملية إعادة بناء الدولة المصرية المستقرة بصرف النظر عن تصرفات التنظيم.. وعن مدى تفهمه لخطوة نابهة كهذه..
•• هذه الشكوك وتلك المخاوف وإن كانت كبيرة إلا أنها لن تكون عائقا من وجهة نظر الدولة المصرية الجديدة دون بذل المزيد من الجهود واتخاذ بعض الإجراءات وإصدار القوانين التي تضع حدا للخروج عليها في المستقبل تحقيقا للتوازن المنشود وتهدئة الأوضاع ودفع الجميع نحو الإنتاج.. والمشاركة في تعزيز قدرة الدولة على فرض سيطرة النظام وبسطها على الحياة العامة تمهيدا للدخول في مرحلة تالية من العمل المنظم في إطار قيام دولة جديدة تعالج كل الأعراض المرضية وحالات التسوس التي عرّضت البلاد لتهديد خطير بالانهيار التام.. لتردي مختلف أوجه الحياة من تعليمية إلى صحية إلى اجتماعية إلى ثقافية إلى أمنية بسبب انتشار الفساد.. والبيروقراطية.. وغياب القانون.. وهو ما سوف يحرص الرئيس «السيسي» على معالجته في إطار أجندته الحافلة بالكثير من القضايا والمشكلات المعقدة والصعبة والتي قد يضطر في مرحلة من المراحل إلى اتخاذ قرارات مؤلمة لا بد وأن يتحملها الشعب المصري (الآن) من أجل تصحيح مسار بلاده.. وتحقيقا للمستقبل الأفضل للأجيال القادمة.
•• والشعب المصري يدرك هذا جيدا.. ولاسيما النخب والفعاليات الرئيسة.. كما يدركون جميعا أيضا أنهم مطالبون بتقديم تضحيات كبيرة إذا ما أرادوا لبلادهم أن تعود أقوى وأصلب عودا من ذي قبل إذا هم ساهموا في تحمل ما سيترتب على إعادة البناء في المرحلة القادمة من تضحيات حقيقية ووضعوا يدهم في يد السلطة.. ووضعوا مصلحة بلادهم فوق مصالحهم الضيقة والمحدودة.. لتجنيب مصر احتمالات الانهيار التي شارفت على الوصول إليها في وقت من الأوقات وإن كان هذا التهديد مازال قائما حتى الآن.
لا.. للمزايدات.. ونعم للحمة الشعب
•• مصر إذن تمر بمرحلة مفصلية.. لا تحتمل أي شكل من أشكال المزايدات.. أو المراهنات.. وإنما هي بحاجة ملحة إلى الثقة بالحاكم الجديد.. وإلى التفهم لطبيعة الظرف الذي سوف يعمل فيه.. وإلى إدراك حجم التحديات التي تقف في وجهه.. بفعل «الشرخ» القوي داخل هذا المجتمع وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي والأمني المهزوز في الداخل.. وكذلك بفعل الضغوط الدولية وحتى الإقليمية الشديدة.
•• هذا الوضع المحتقن بشدة يفرض على الرئيس «السيسي» اتباع تلك السياسات «العاقلة» و«الرشيدة» و«الحكيمة» حتى يبدأ العمل في بيئة «تصالحية» نظيفة لثلاثة أسباب مهمة هي:
(1) أن الرئيس مسؤول عن كل البلد لأنه رئيس جميع المصريين.
(2) أن سياسة الإقصاء والاستبعاد واستبدالها بسياسة «الأخونة» التي اتبعها الرئيس المخلوع السابق.. وثار عليها المصريون في 3/يوليو/2013م هي سياسة ممقوتة مرفوضة.. ولا يمكن العودة إليها وممارستها.
(3) أن الوطنية المصرية وفقا للمادة (4) من (الباب الأول) من الدستور الجديد تنص على أن «السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين» بعيدا عن الانتماءات الدينية أو الحزبية.
•• إذا توفرت هذه الأرضية.. وتحقق الالتفاف الأشمل حول الدولة المصرية.. وتضامن الجميع معها.. فإن الرئيس.. والحكومة، التي سيجري اختيارها وتشكيلها بعد ذلك بعناية لكي تتولى الأعداد للانتخابات البرلمانية القادمة.. ويكتمل تكوين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.. سيكونون عندها قادرين على تحقيق نقلة نوعية في الحياة المصرية.. تبدأ بمعالجة الأوضاع الاقتصادية بالغة الصعوبة.. وتعزيز الاحتياطي العام للدولة.. وحل مشكلات البطالة وتحريك عجلة الإنتاج.. وتنمية السياحة.. وجذب الاستثمارات الخارجية.. وزيادة مكاسب «البورصة».
•• أما المهمة الثالثة التي تأتي على رأس أولويات الدولة المصرية الجديدة فإنها ترتبط بمعالجة أوضاع الإدارة في البلاد وهي عملية معقدة ومستمرة ولا يمكن التوصل فيها إلى نتائج كبيرة وملموسة إلا باتخاذ قرارات وإجراءات وعمليات جراحية بالغة التعقيد وكبيرة التكاليف وقاسية -بعض الشيء- على المجتمع المصري ولكنها ضرورية لتجاوز مصر لمشكلات كبيرة وشديدة التأثير على مستوى المعيشة للفرد المصري.
قضايا أساسية كبرى أمام السيسي
•• وبكل تأكيد فإن مؤسسات الدولة المصرية كلها العسكرية منها والمدنية ستكون في حالة استنفار قصوى لمعالجة وضعين هامين للغاية يشكلان ضغطا شديدا على الدولة المصرية بشكل عام وهما:
(1) الوضع الأمني في سيناء بكل امتداداته الداخلية والخارجية.. الأمنية.. والسياسية.. والاقتصادية. والاجتماعية.
•• فالوضع هناك شديد التعقيد والتداخل.. فمن ناحية تشعر تلك المناطق بالتهميش من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة.. وهذا الوضع يطرح على الحكومة المصرية القادمة هذه المسألة كأولوية مطلقة.. كي تعكف على تبني الخطوط العريضة التي رسمها الفريق السيسي قبل مجيئه إلى سدة الحكم والتي توازن بين تحقيق تنمية شاملة في هذه المنطقة بالذات.. وبين تجسير الفجوات الموجودة بين مصر وكل من منظمة حماس.. وإسرائيل على حد سواء.. وبما يساهم في إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي وإلى سيطرة الدولة المصرية الكاملة على هذه المنطقة الملتهبة على الدوام في ظل سيادة وطنية كاملة وقوية.
(2) حل مشكلة «سد النهضة» بشكل عملي وبناء ليس فقط مع إثيوبيا فحسب.. وإنما مع بقية الدول الأفريقية الأخرى التي تشارك مصر في الاهتمام بهذا الموضوع ومن ورائها أفريقيا بكاملها.. وبما يحفظ لمصر وللمصريين حقوقهم في التدفق الآمن لمياه النيل وفي تجنب أي مشكلات أو توترات مع جيرانها وبما يخفف من حدة الجفوة الحالية بينها وبين هؤلاء الجيران في آن معا.
دعم شعبي وخليجي ودولي مطلوب
•• وكما هو معروف فإن هذه التحديات وتلك الأخطار من الضخامة بحيث تفوق إمكانات وطاقات مصر الحالية.
•• ومهما كانت كفاءة الحكم فيها.. ومهما كانت قدراته الخاصة.. ومهما كانت رؤيته الواضحة لأبعاد المستقبل إلا أنه سيظل بحاجة ماسة إلى:
(1) تضامن الشعب المصري معه بكافة طوائفه وفئاته ومستوياته.. واستعدادها لمشاركته الكاملة في تحمل المسؤولية ولكل ما تقتضيه المرحلة من تغيير.
(2) استمرار الدعم العربي والخليجي على وجه التحديد لبلاده على المستويين السياسي والمادي.. بالشكل الذي يساعد الرئيس على تنفيذ خططه وبرامجه بصورة عاجلة وملموسة للشعب المصري تأكيدا لسلامة اختياره له ومراهنته عليه.. وثقته به.
وذلك بكل تأكيد أمر متحقق لأن المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجيات ولاسيما الكويت والإمارات العربية المتحدة كانوا ومازالوا وسوف يستمرون في تمويل خطط وبرامج مصر لسنوات قادمة ومساعدتها على النهوض من جديد ودون أعباء أو التزامات أو استحقاقات أخرى.
(3) تفهم دولي أفضل يؤدي إلى انفراج حقيقي في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا وتركيا وسواها.. وذلك سوف يتوقف على مدى أداء الحكومة القادمة وأجهزة السلطة المختلفة كل من موقعه لمعالجة الإشكالات القائمة بين مصر وتلك الدول.. بهدف استرداد ثقة المجتمع الدولي في مؤسسة الحكم في مصر.. وتأكيد حرصها على المضي في مسيرتها نحو مزيد من الديمقراطية وتكريس العدالة في الداخل والسعي إلى توافق المصالح وتقاربها مع دول العالم الأخرى ومجتمعاتها.
•• لكن الأساس في كل هذا هو التفاف الشعب المصري بكامله حول قياداته الجديدة وحرصه على الانتقال بها إلى مرحلة جديدة تقود المنطقة كلها إلى الاستقرار وتبعد عنها أشباح الدمار والخراب وصولا إلى الانهيار الكامل.
الخلط بين الحاجة لدولة قوية وبين دولة العسكر
•• بقيت مسألة أخرى تثيرها بعض الفئات.. وقد تعبر عنها يوم غد السبت بشكل أو بآخر هي: أن مصر ضد قيام دولة العسكر فيها.. باعتبار أن الفريق السيسي -من وجهة نظرهم- سوف يدير بلاده وفق نظام «استبدادي» بالرغم من معرفتهم أن الترشح للرئاسة قد تم بعد أن انتهت علاقته بالمؤسسة العسكرية.. وأن ترشحه هذا سوف يتم بناء على إرادة أغلبية كبيرة من هذا الشعب قررت منذ تحيز لها في 30/يونيو/2013 ووقف والقوات المسلحة إلى جانبها وأطلق ثورتها.. بمباركة ومشاركة كافة مؤسسات وفعاليات وزعامات مصر العربية وكذلك عندما تحدث في 3 يوليو 2013م عن «خارطة المستقبل» ولخصها في (8) نقاط معروفة بوجود الفعاليات الوطنية الأبرز. وسارت هذه الخطة -حتى الآن- في الطريق المرسوم لها بدقة ونجاح لافتين.
•• لكن ما يجب الاتفاق عليه بين الجميع هو «أن مصر بحاجة إلى قيادة قوية» في هذه المرحلة الدقيقة كما قال رئيس الوزراء الحالي «حازم الببلاوي» وكما يشعر بضرورته المصريون وغير المصريين.. سواء كانت خلفية هذا الرئيس «عسكرية» أو كانت «مدنية» لأن الأهم من ذلك هو تقيده بالأنظمة والقوانين والأعراف الدولية في إدارة شؤون بلاده والمحافظة على سلامتها.. تماما كما حكم الإسكندر الثالث المقدوني «بلاده» وهو من أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ.. وكذلك «بطرس الأكبر» قيصر روسيا الخامس الذي أدار شؤون بلاده بنجاح في أوقات صعبة، والرئيس الأمريكي «جورج واشنطن» أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية وكان قائدا عاما للقوات المسلحة والجيش القاري والرئيس الفرنسي التاريخي «شارل ديجول» أول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة.. وكذلك الرئيس الأمريكي الرابع والثلاثين في حكم أمريكا «دوايت آيزنهاور» خلال الفترة من 1953م وحتى 1961م وشهدت أمريكا في عهده ولادة أمريكا الحديثة وانطلاقتها نحو الصدارة كقوة عظمى في هذا العالم.
دور القوات المسلحة في تأمين مصر
•• فالاصل في الاختيار لقيادة مصرية قوية إذن هو: أهليتها لتحمل أعباء هذه المرحلة الصعبة.. ورجاحة عقلها وتوازنها وقدرتها على أن توحد المصريين وتجمع شتاتهم..
•• وليس هناك من يختلف على أن «الفريق عبدالفتاح السيسي» قد قدم نفسه للمصريين.. وغيرهم .. تقديما مثيرا للتفاؤل بإمكانية خروج مصر من وضعها الراهن إلى المستقبل الأفضل.. وبمصداقيته التي أكدها من خلال جميع الخطوات التي بدأتها القوات المسلحة المصرية تحت قيادته بالإعلان في 23/يونيو 2013م بأن القوات المسلحة ستتدخل لمنع الاقتتال الداخلي.. وأن الجيش لن يصمت أمام تخويف وترويع المصريين.. وتأكيده على أن «إرادة الشعب المصري هي التي تحكمنا بشرف ونزاهة ونحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدي على إرادة الشعب» وإعطائه في هذا البيان مهلة أسبوع لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها.. وهي المهلة التي انتهت دون تجاوب أي من الأطراف المعنية.. مما دفع القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية إلى إصدار بيان آخر في 1 يوليو 2013م قالت فيه «لقد استشعرت القوات المسلحة مبكرا خطورة الظرف الراهن وما تحمله في طياته من مطالب للشعب المصري العظيم.. ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوع لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أي بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذي أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي».
•• وكما هو معروف فإنه وبصدور هذا البيان فإن القوات المسلحة المصرية أصبحت حاضرة في المشهد قبل وبعد رحيل الرئيس محمد مرسي.
•• وفي الثالث من يوليو من نفس الشهر أصدر «السيسي» خارطة المستقبل بحضور رموز مصر السياسية والدينية والعسكرية في نقاطها الثمان كما سبقت الإشارة إلى ذلك.. مؤكدا على بداية مرحلة جديدة من التغيير الشامل.
•• واليوم وقد أصبح «السيسي» على مقربة من كرسي السلطة.. فإن شبه الإجماع عليه يرقى إلى مستوى التكليف وليس التشريف لأن قيادة بلد في ظروف صعبة كالتي تمر بها مصر العربية عملية غير هينة ولا يمكن أن يتصدى لها إلا من يؤمن بحق الوطن في الأمان الذي افتقده خلال (3) أعوام.. وهي مهمة تحوطها الكثير من المخاطر.. والتحديات الصعبة.. والتي لا يمكن أن يتصدى لها إلا إنسان يملك كل خصائص القيادة وشروطها وحب الوطن والاستعداد الكامل للتضحية من أجله.. وهي ولا شك عملية انتحارية بالغة الخطورة.
•• وإذا وجد «السيسي» من الشعب المصري التعاون والالتفاف الذي يفرضه الظرف وتوجبه روح المواطنة ومسؤوليتها فإنه يستطيع أن يمضي بنجاح في «تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات» كما نصت على ذلك «خارطة المستقبل» في الإجراءات والخطوات المقترحة في البند السادس من هذه الخارطة وبالتالي تدخل مصر مرحلة تغيير حقيقية وشاملة.. وهو التغيير الذي سيفرضه الشعب المصري غدا السبت ويدفع إليه الجميع وتبدأ معه مصر تحولا حقيقيا تشارك فيه كل دول المنطقة والعالم المحبة للسلام والاستقرار والراغبة في درء الكثير من المخاطر المحدقة بالجميع إذا ما سمح لقوى التخريب والتدمير والقتل بتنفيذ مخططهم الرامي ليس فقط إلى إغراق مصر وحدها في الفوضى وإسقاط الدولة المصرية وإنما تهدف إلى تصفية وجود الأمة وزوالها من الخارطة السياسية والجغرافية والإنسانية على حد سواء.
رئيس الوزراء القادم:
•• يبقى السؤال الأخير الذي يشغل الكثير من داخل مصر وخارجها.. ألا هو: إذا كان الفريق عبدالفتاح السيسي هو المرشح الأول دون منازع لتقلد السلطة في مصر.. فأي حكومة تنتظرها البلاد.. ومن سيكون على رأس هذه الحكومة؟
•• والإجابة التي تتردد الآن في أوساط المراقبين والمتابعين للمشهد المصري لا يستبعدون تكليف «عمرو موسى» بهذه المهمة المعقدة في المرحلة القادمة باعتباره الشخصية الأبرز في مصر الآن بعد السيسي.. بالرغم من اتفاق أو اختلاف البعض حوله.. وتوقع اختيار الرئيس لحكومة جديدة وشابة يقوم عليها رئيس وزراء جديد وغير تقليدي.