لو طلب منك أحد الأصدقاء اليوم أن تشربا القهوة سويا فما هي الصورة التي ستنطبع في مخيلتك على الفور عن مكان اللقاء؟ على أغلب الظن سوف تفكر في أحد الكافيهات العالمية المنتشرة في فرانشايزات ضخمة حول العالم ــ مثل ستاربكس أو كاريبو كافيه أو كوستا أو غيرها الكثير.
والآن ــ ماذا لو رجعنا بالزمن عقدا من الزمان أو أكثر قليلا ــ كيف كان مفهوم اللقاء على كوب قهوة؟ ربما في منزلك أو منزل الصديق أو في قهوة محلية لا تحمل منتجاتها الأسماء المنمقة مثل: سكيني لاتيه أو فرابوتشينو أو ماكياتو أو اسبريسو أو ريستريتو.
ماذا حدث؟ هل هذه هي العولمة ــ التي جاءت بها وسائل التواصل الحديثة وأدت إلى تمازج الثقافات والمنتجات ومظاهر الثقافة الأخرى بطريقة أثرت على الظواهر الاجتماعية والثقافية للشعوب؟ لا نستطيع إنكار ذلك.
لنأخذ كوب القهوة ــ كمثال بسيط، ففي أنحاء كثيرة من العالم تقدم القهوة بطرق مختلفة مطبوعة بطابع المحلية. وإعداد القهوة وتناولها له طقوس يعرفها الذواقة ــ ولنا في القهوة العربية المشبعة برائحة الهيل الزكية أجمل مثال ــ فالعارفون بالأمور يؤكدون أن القهوة المعدة ببطء على جمرات حنونات بطيئات ــ هي المتعة الحقيقية وليس «كل من صف صواني يسمى حلواني»
أتت العولمة لتدخل مفاهيم استهلاكية بل وأنماطا معيشية جديدة ــ وأذكر نقاشا عن العولمة دار ذات يوم بيني وبين بروفيسورة جامعية من النمسا. قلت لها بأن العولمة واقع يجب أن نتقبله وله منافع كثيرة، ولكنني مستاءة من بعض جوانب العولمة ــ وهذا رأي شخصي ــ فمثلا انتشار الفرانشايز العالمية وموت المشاريع المحلية جانب محزن للعولمة.
قلت لها عن قهوة صغيرة كنت أحبها في مدينة لوزان السويسرية الهادئة والجميلة ــ كانت في ساحة سان فرانسوا في قلب المدينة القديمة المرصوفة بالحجر ــ وكانت تطل على الكاتدرائية العتيقة وتملكها عائلة تعمل كلها في الكافيه. وكانوا يقدمون أكوابا من الحليب بالشوكولا الساخنة لم أذق مثلها في حياتي. كانت تجربة احتساء الشوكولا في حد ذاتها ممتعة في مكان يطل على تاريخ قديم وكان كل شيء في المحيط يعبق «بكاريكتر» مميز، فالشجر قديم معمر والمبانِي أثرية عتيقة، وكأن الزمن تجمد في سلام جميل. وذات مرة عدت إلى المكان ــ لأصدم بلائحة تحمل «لوجو» أحد الفرانشايزات العالمية في تعدٍّ واضح وسافر لخصوصية الموقع المكانية والزمانية وصدمت جدا لهذا الحدث، فقد ذهبت خصوصية المكان للأبد. شعرت بأنني أنظر لكافيه رأيت مثلها تماما من قبل بنفس الروح والديكور والموسيقى والأكواب والمنتجات ــ هي نفسها تراها في نيويورك أو سيدني أو طوكيو أو روما أو دبي.
والآن ــ ماذا لو رجعنا بالزمن عقدا من الزمان أو أكثر قليلا ــ كيف كان مفهوم اللقاء على كوب قهوة؟ ربما في منزلك أو منزل الصديق أو في قهوة محلية لا تحمل منتجاتها الأسماء المنمقة مثل: سكيني لاتيه أو فرابوتشينو أو ماكياتو أو اسبريسو أو ريستريتو.
ماذا حدث؟ هل هذه هي العولمة ــ التي جاءت بها وسائل التواصل الحديثة وأدت إلى تمازج الثقافات والمنتجات ومظاهر الثقافة الأخرى بطريقة أثرت على الظواهر الاجتماعية والثقافية للشعوب؟ لا نستطيع إنكار ذلك.
لنأخذ كوب القهوة ــ كمثال بسيط، ففي أنحاء كثيرة من العالم تقدم القهوة بطرق مختلفة مطبوعة بطابع المحلية. وإعداد القهوة وتناولها له طقوس يعرفها الذواقة ــ ولنا في القهوة العربية المشبعة برائحة الهيل الزكية أجمل مثال ــ فالعارفون بالأمور يؤكدون أن القهوة المعدة ببطء على جمرات حنونات بطيئات ــ هي المتعة الحقيقية وليس «كل من صف صواني يسمى حلواني»
أتت العولمة لتدخل مفاهيم استهلاكية بل وأنماطا معيشية جديدة ــ وأذكر نقاشا عن العولمة دار ذات يوم بيني وبين بروفيسورة جامعية من النمسا. قلت لها بأن العولمة واقع يجب أن نتقبله وله منافع كثيرة، ولكنني مستاءة من بعض جوانب العولمة ــ وهذا رأي شخصي ــ فمثلا انتشار الفرانشايز العالمية وموت المشاريع المحلية جانب محزن للعولمة.
قلت لها عن قهوة صغيرة كنت أحبها في مدينة لوزان السويسرية الهادئة والجميلة ــ كانت في ساحة سان فرانسوا في قلب المدينة القديمة المرصوفة بالحجر ــ وكانت تطل على الكاتدرائية العتيقة وتملكها عائلة تعمل كلها في الكافيه. وكانوا يقدمون أكوابا من الحليب بالشوكولا الساخنة لم أذق مثلها في حياتي. كانت تجربة احتساء الشوكولا في حد ذاتها ممتعة في مكان يطل على تاريخ قديم وكان كل شيء في المحيط يعبق «بكاريكتر» مميز، فالشجر قديم معمر والمبانِي أثرية عتيقة، وكأن الزمن تجمد في سلام جميل. وذات مرة عدت إلى المكان ــ لأصدم بلائحة تحمل «لوجو» أحد الفرانشايزات العالمية في تعدٍّ واضح وسافر لخصوصية الموقع المكانية والزمانية وصدمت جدا لهذا الحدث، فقد ذهبت خصوصية المكان للأبد. شعرت بأنني أنظر لكافيه رأيت مثلها تماما من قبل بنفس الروح والديكور والموسيقى والأكواب والمنتجات ــ هي نفسها تراها في نيويورك أو سيدني أو طوكيو أو روما أو دبي.