-A +A
شتيوي الغيثي
من المعروف للمتابعين للحركات الإسلامية المنظوية تحت مسميات الجهاد في سوريا أنها تعود لمصدر واحد في تسلسلها التنظيمي هذا غير كونها تعود لمرجعية دينية واحدة تحمل ذات المقولات التي تحملها السلفيات الجهادية منذ بدء تشكلها سواء تلك التي تشكلت في الأوساط الجهادية كسنوات الجهاد الأفغاني كونه أكثر بؤر التشكل الجهادي الذي منه انطلقت التنظيمات الجهادية المسلحة، أو تلك التي تشكلت في الأوساط العلمية المنتشرة في الخليج، وخصوصا في السعودية منذ أكثر من ثلاثين عاما كالقطبية، أو السرورية، وإلى حد ما الألبانية، والتقليدية، ويعود الاختلاف بينها في الإطار العملي للمقولات الدارجة في مدى إسقاطها عمليا على أرض الواقع تمهيدا لتغييره سياسيا حيث تميل القطبية والسرورية إلى الإسقاط العملي في حين تميل الأخريات إلى الاكتفاء بالإطار العلمي المدرسي دون العملي الإسقاطي.
على مستوى التنظيم كانت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) قد انشقت عن جبهة النصرة في الشام بعد أن ألغى زعيم تنظيم القاعد أيمن الظواهري داعش واستمرار العمل على بدولة العراق الإسلامية ضمن حدود العراق وجبهة النصرة لأهل الشام في حدودها بسوريا. كما أنه أوضح أن جبهة النصرة فرع مستقل لتنظيم القاعدة وولايته المكانية في سوريا الأمر الذي أفرز لاحقا انشقاق داعش بقيادة أبو بكر البغدادي عن جبهة النصرة أفضى إلى الاقتتال بين التنظيم داخل الأراضي السورية إلى الآن فضلا عن اقتتالهم ضد الجيش الحر. هذا يعني أن داعش كانت فرع من فروع القاعدة لكنها انفصلت عنها.
وعلى رغم وضوح هذا التسلسل في تكوين التنظيمين والانشقاقات التي حصلت والاقتتال إلا أنه خرجت تصريحات مثيرة لبعض المشايخ حول حقيقة داعش كانت مفاجأة لنا بأن لها أيادي إيرانية، الأمر الذي جعل دولة داعش تحت النقد الواسع من قبل المجتمعات الخليجية. الشيخ عبدالعزيز الفوزان صرح في أكثر من لقاء بأن داعش صنيعة إيرانية، كما أن الداعية الكويتي شافي العجمي شن هجومه على داعش معتبرا أنه جماعة مغتصبة. وبحسب ما نقلته الـ cnn بالعربية فقد «ندد العجمي برد البغدادي على زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، الذي طلب منه عدم دمج فروع التنظيم في العراق وسوريا بالقول: «إذا كانوا يردون على الظواهري وكل من خالفهم، فلا تعجبوا في ردهم على كل هيئة شرعية أو شيخ يخالفهم في توسعهم».
وفي تسجيل يويتوب ينتقد الشيخ سليمان العلوان استفراد البغدادي بالبيعة وأنه ليس من حقه ذلك لأنه ليست لهم بيعة عامة حيث أن شروط البيعة أن ينتخبه أهل الحل والعقد والبغدادي لم يحصل له ذلك أما أن يطلب البيعة من الآخرين فإن لم يبايعوه قاتلهم فهذا عمل البغاة.
وليس المشايخ من صرح بذلك بل إن أمين سر الجيش السوري الحر النقيب عمار الواوي حسب ما نقلته العربية نت بأن: «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف بـ «داعش» هو عصابات تتبع أنظمة سوريا والعراق وإيران، يعمل تحت راية لا ينفذ شيئا من شعارها «لا إله إلا الله»، ولكنه يهدف إلى حرف الثورة السورية عن مسارها».
كما أن أبا محمد المقدسي ــ الذي كانت له كتب تكفيرية ــ ممن انتقد تنظيم داعش فبحسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط في عددها 1283 الصادر بتاريخ 15 يناير 2014 فقد قال مانصه : «إنني مستاء جدا، ويتملكني الحزن، حيال الفتاوى والتصريحات المنشورة على المواقع، والتي تسيء للجهاد على أرض الشام، وتتحيز إلى فئة دون أخرى، والتي في مآلاتها استحلال لدماء المسلمين، وتحريض على مخالفة المرجعيات، خصوصا الشيخ الدكتور أيمن الظواهري» . كما أضاف قائلا : «لم أكن أتوقع أبدا أن تصدر مثل هذه الفتاوى مهما كان تبريرها لا سيما تلك الخاصة بجواز قتال من لا يبايع الدولة والفتاوى التي تلزم المسلمين ببيعة البغدادي، بيعة إمارة كبرى».
ومع كل هذا النقد الذي نجده لتنظيم داعش فإننا لا نجد ما يقابله من نقد لجبهة النصرة رغم أن القتال حاصل بين الاثنين في سوريا، ورغم أن النصرة تنظيم من التنظيمات التي تعود إلى القاعدة حسب تصريحات الظواهري السابقة الذكر..
يتكىء تنظيم النصرة على ذات الإرث الديني والتنظيمي الذي يتكىء عليه تنظيم داعش وعملية الفصل هنا تثير بعض الأسئلة التي ربما تختفي تحت مصالح سياسية عديدة لا تنكشف إلا بعد فترة.



للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 402 مسافة ثم الرسالة