-A +A
أعدها: أحمد الشميري

يظل نجل الرئيس اليمني السابق السفير أحمد علي عبد الله صالح رجل الظل والخفي رغم كل ما عرضناه في السابق من بعض ملامح حياته البارزة لكنه في الأول والأخير سيظل بعيداً عن الأنظار وقد يغيب عن محبيه خاصة أن معظم جوانب حياته لا تزال مخفية حد وصف الكثير الذين يعيشون حوله. «عكاظ الأسبوعية» تستكمل في الحلقة الثانية مع «دولة أحمد علي عبد الله صالح من دهاليز الجيش إلى أروقة الدبلوماسية» ملامح من نشأته التي من المؤكد أنها كانت تحتوي الكثير من الحقائق خاصة علاقته بالقبيلة والسلطة والعسكرية. أحمد بدأ دراسته الثانوية في إحدى المدارس بالحي السكني ولم تتغير طباعه فهو خجول وعاطفي ويتأثر سريعاً مع أنه أصبح لاحقا قائدا عسكريا.

والده كان ولا يزال يرفض أن يترشح ابنه أحمد لمنصب الرئاسة، ويرى بأنه لا يملك قدرة على إدارة حكم الشعب اليمني فلقد عمل جاهداً على إبعاده عن الحياة السياسية وعن الصراعات التي تتربص به وبطموحاته وأفكاره الكثيرة.
وأجمع مراقبون سياسيون مقربون من صالح ونجله أن البعض كان يرغب في تعكير علاقة الأب صالح مع الابن أحمد.
وكانوا يقدمون النصيحة لعلي عبد الله صالح بدعم أفكار ولده والكثير منهم كانوا يفكرون بالإفصاح عن رؤاهم بإيلاء القضية الجنوبية في بداية نشوئها لأحمد لحلها نظراً لسياسته العسكرية الصارمة بالتعامل مع قضايا الانتهاكات بما فيها قضايا السطو على ممتلكات الغير وقدرته الفائقة على حلها لكنهم اصطدموا بالرفض والمساءلة من صالح نفسه لهم.
وثيقة ويكليكس هي الأخرى وكذا المركز الاستخباراتي التابع للسفارة الأمريكية أبديا أيضا قلقهما من أن يكون الرئيس السابق علي عبد الله صالح يهيئ نجله لخلافته، ونقلت الوثيقة عن محادثات بين فارس السنباني سكرتير الرئيس السابق الخاص في العقد الماضي مع حاكم ولاية كارولينا الجنوبية السابق ديفيد بيسلي، قائلا له إن شخصا يدعى «النمر» يتم تدارس احتمالية أن يكون هو الخليفة؛ فأحمد علي شخصية ضعيفة وغير جاهز بعد لتسلم السلطة ناهيك عن تذمر قيادات في الجيش من طرح اسمه كوريث.
دور الإعلام
لقد شهدت الأعوام الممتدة بين 2000م إلى 2006م نشاطا إعلاميا يشير لتوجس البعض من أن تكون خطوات صالح في منح ولده الثقة والرتب والمراكز العسكرية تهيئة لتوريثه للسلطة، وذهبت إحدى الكاتبات التي حالياً هي أكثر المقربين لوالده (رحمة حجيرة) في أحد مقالاتها تخاطبه بأن لديها 19شقيقا وباستطاعتها أن تصبح رئيسة لليمن أسوة بصالح وأشقائها الكثر وتعرضت فيه حينها للشتائم عبر صحف محسوبة على صالح وحزبه وأحدثت محاكمات وخلافات كبيرة في الوسط الصحفي نفسه والمؤسسات الصحفية داخل اليمن وخارجها، كانت يومها الأحزاب اليمنية أشبه بالمخدرة أو النائمة أو الخائفة؛ فحرب الإرهاب وكذا الحوثيون يستخدمون في نفس التوجه المحارب للإعلام مما عمد بإعلاميين وسفراء في تلك الحقبة لطلب اللجوء السياسي في دول غربية.
الصراعات
اكتملت تشكيلة القوات والحرس وتجهيزاتها لتبرز خلافات بين شركاء الحكم أنذاك علي عبد الله صالح واللواء علي محسن رجل الدولة الخفي وكذا صالح «علي صالح الأحمر» قائد الحرس الخاص له فتلك المماحكات والصراعات التي بدأت بوادرها خفية فمحافظة صعدة شمال صنعاء وخاصة في جبال مران التي يتمترس فيها زعيم الحركة الحوثية الصريع حسين بدر الدين الحوثي وظفت في إطار المماحكات والتصفيات بين طرفي النزاع الجنرال «علي محسن والعميد «أحمد» حيث كان أحمد يطالب والده بمنحه المنطقة الشمالية الغربية وقيادة الفرقة أولى مدرع لمدة ثلاثة أشهر فقط لتصفية التمرد في صعدة والقضاء على الحركة الحوثية التي زادت قوتها لأنها تستغل بطريقة سياسية وفي إطار الأسرة الواحدة «بيت الأحمر الرئاسية لليمن».
ويقول رئيس مركز دراسات المستقبل «فارس السقاف» أن صعود أحمد علي عبد الله صالح المستمر واجهه تحد أكبر في عام 2003م وخاصة مع الحرب الأولى مع الحوثيين وإسناد الأمر للواء علي محسن الأحمر مع تقليص المهام المسندة إليه وهذا الأمر أثار حفيظة الكثيرين وجعلهم يخافون من أن يتولى أحمد رئاسة اليمن نظراً للاهتمام الزائد الذي يحظى به من قبل والده، مضيفاً: «ظل صالح يردد في كل المحافل رفضه لمبدأ التوريث وغير راض أن يظل حكم اليمن محصوراً به وأبنائه مدى الحياة، مؤكداً على ديمقراطية الحكم ومع هذا ظل الكل خائفا ومترقباً».
منافسة متوارثة
ومنذ عام 2001م تلقت المكونات السياسية والقبلية ضربات متواصلة حيث عمد صالح إلى تعيين نجل شقيقه يحيى محمد عبد الله صالح بديلا لوالده الذي كان قائدا لقوات الأمن المركزي وهذا بحد ذاته نوعاً من التوريث للمؤسسات الحكومية وتواصلت خططه الخفية والمثيرة للقلق في إسناد المهام الكبيرة والقيادية لأقاربه من أبناء أخوته وأبنائه بشكل مستمر طيلة العقد الماضي من حقبة حكمه، ولم يقتصر فقط على أحمد علي عبد الله صالح.
تلك الخطوات التي اتخذها صالح قلبت الموازين ليس لدى الشركاء الكبار لوالده (العسكر والقبليين) بل بين أسرة صالح نفسه الذي كان نجل شقيقه علي صالح الأحمر أكبر منافس لأحمد والذي لا يعرف مصيره حتى الآن، إلى جانب أبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر (حميد، وحمير، وصادق، حسين، هاشم) الذين كانوا يرون أن أحمد وعددا من أبناء عمه ليسوا بأفضل منهم حتى يتم تعيينهم في مراكز قيادية كبيرة ويبقى لهم فقط البرلمان وقيادات عسكرية في إطار الألوية التي يقودها أصلا أحمد لذا تصاعدت حدت الخلاف بينهما وبعضهم فضل تقديم استقالته.
وفي احتفالية للأمن المركزي قبل وفاة الشيخ عبد الله الأحمر تحدث نجله «حميد» إلى علي عبد الله صالح قائلا: «أنت تريد أن تصعد أحمد علي عبد الله صالح رئيساً لليمن على جنبيتي» (خنجره) لكن الشيخ عبد الله استدرك الحديث وخاطب صالح قائلا: «لا تأخذ عليه يا علي هؤلاء جهال»، فليست تلك فقط بل أن أحمد نفسه كان يشعر بموقف والده الذي يعتبر أنه ابن لأمراة متواضعة والدها شيخ قبيلة معروف، فأحمد لم ييأس بل يتعامل مع والده تعامل المتعلم والمثقف للبدوي فيعمل على تقديم مقترحاته بشكل شفهي إلى والده أولا بأول حتى أنه وأبناء عمومته كانوا يفكرون بآلية أخرى لحل إشكالية الربيع العربي لكن حادثة الرئاسة أحبطتهم.
«الدكتور السقاف» الذي كان من المقربين لكافة الأطراف قال: «إن جميع جهود وتحركات الرئيس السابق صالح في تلك الحقبة تفسر بل وتؤكد أنه يسعى إلى تحويل نظام الحكم إلى نظام عائلي ولهذا كانت التعيينات وإسناد المهام لولده مثيرة للسخرية والقلق في تلك المرحلة».
محاولات لاغتياله
تلك المرحلة بطبيعتها كانت حساسة بالنسبة لأحمد علي حيث كشفت وسائل إعلامية عن تعرضه لمحاولتي اغتيال إحداهما داخل معسكر السواد التابع للحرس الخاص الذي يقوده من قبل ضابط يدعى (المروني) وكان مصدرها وكالة أنباء أردنية قيل في حينه أنه أسعف إلى أحد مستشفيات الأردن مصاباً في كتفه برصاصة مسدس للعلاج.
وأفادت التناولات الإعلامية والتسريبات في حينه أن أحمد هدد الضابط بخلع رتبته إذا لم يلتزم بالقانون العسكري جراء قيامه ببعض الممارسات والمخالفات للقوانين العسكرية التي ألفوها نتيجة للتسيب، غير أن الرئاسة اليمنية في تلك الفترة نفت التسريبات الإعلامية واتهمت مراسلي وكالات وصحف عربية بالوقوف وراء تلك الشائعات وتم احتجاز مراسلين وملاحقة عدد منهم أحدهم «سعيد ثابت» عرض على المحكمة وصدر حكم ضده بمنعه من الكتابة وغرامات مالية وهو ما دفعه لاستئناف الحكم ولا يزال الملف مفتوحاً حتى اليوم، فيما تعرض لمحاولة اغتيال أخرى أثناء عودته من منطقة سنحان «موطن والده» لكنه لم يصب بأذى لتندلع عقبها صراعات مريرة بين الشركاء الأخلاء أبناء تلك المنطقة (علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر وعلي صالح الأحمر) تتحدث المعلومات أنها وصلت إلى ثارات وبعدها تصدعت العلاقات أكثر.
قائد الاقتصاد
ومع تطور الوضع وعزم الدول الخليجية دعم اليمن في إطار تأهيلها لعضوية مجلس التعاون الخليجي أسند صالح في حينه مسؤولية الإشراف على الجانب الاقتصادي والاستثماري لنجله أحمد الذي كان يشرف بشكل مباشر على الاستثمارات الخارجية والهيئة العامة للاستثمار وعين مديريها من المقربين له وزملائه في الدراسة بأمريكا والأردن بالتناوب في محاولة لبسط السيطرة على الإدارة وموارد الاقتصاد اليمني ــ على حد وصف الكثير من معارضي والده، وهي في الحقيقة كفاءات شابة ومؤهلة إلى جانب أنها من أبناء القيادات التي شاركت والده في إدارة البلد في ثمانينات القرن الماضي أبرزهم ابن رئيس الوزراء الأسبق (محسن العيني) ولهذا حققت نجاحاً ملموساً أسهم في دعم الاقتصاد اليمني وأحدث طفرة اقتصادية وصفت في حينها بأنها أفضل مراحل الاقتصاد اليمني ازدهارا، حيث بدأت الشركات والمؤسسات ورؤوس الأموال بالعودة إلى اليمن سواء من الدول الأوروبية والغربية أو من الدول الخليجية بما فيها الرأس المال اليمني المهاجر.
ويقول السقاف «الرئيس السابق صالح في عام 2004م أسند مهمة الإشراف على الاستثمار وملف الاقتصاد في البلاد لنجله أحمد في خطوة لتحويله نحو العمل الحكومي الممنهج».
من جهة أخرى، سيطر الحرس الرئاسي ومكتب الأمن القومي، إلى جانب القوات الخاصة التابعة لأحمد علي على الموارد التي أصبحت جزءاً من الاقتصاد السياسي للجيش، في سياق «الحرب على الإرهاب»، مما أثر على توازن القوى داخل النخبة الحاكمة، من خلال تعزيز ودعم موقف أقارب صالح في الجيش.
استغل هذا الجيل الجديد، أيضا، عملية تحرير الاقتصاد، لبناء مصالح تجارية واسعة، بدءاًمن السيطرة على المؤسسات الحكومية. ففي 2008، تحالف أحمد علي مع أنصاره «التكنوقراطيين»،وأسسوا شركة «شبام القابضة»، بوصفها المطور العقاري الداعم للدولة، وذلك بدعم من البنك الدولي.
وأخذت الهيئة الجديدة السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها «المؤسسة الاقتصادية» (YECO)، والمؤسسات الحكومية الأخرى، وتصرفت على حد سواء كشريكة في مشروع مشترك لمطوري العقارات، ومستشارة للحكومة بشأن تنظيم قطاعات العقارات، كما تمت السيطرة على الهيئة العامة للاستثمار، الجانب الآخر الذي يحقق وظيفة ثنائية تنظيمية واستشارية للمستثمرين.
فلقد أنشأ أحمد علي عبد الله صالح وإحدى شقيقاته مؤسسة أطلق عليها مؤسسة الصالح الخيرية وتولى أحمد رئاسة مجلس إدارتها وتعنى بالأعمال الخيرية ودعم الشباب في تلك الحقبة ولا تزال حتى اليوم تعمل، كما قام باستقطاب الكثير من الكتاب والصحفيين إلى جواره.
قضايا فساد
غير أن ذلك لم يطل مع أحمد علي عبد الله صالح الذي حاول بشكل مستمر تعزيز موقعه ابتداء من الحرس الجمهوري ثم القوات الخاص والاقتصاد فلقد برزت محاولات عديدة لاغتياله سواء في منطقة سنحان أو داخل العاصمة صنعاء لكنه بحسب متابعين ومراقبين إعلاميين وسياسيين كان ينجو منها بأعجوبة ولهذا ظل نفوذه بالتوسع وتزداد معها شعبيته لتثير سخط الكثير ممن لا يرغبون بأن يصل إلى سدة الحكم ليعمدوا إلى حياكة الكثير من قضايا والاتهامات بالفساد والاختلاس والرشوة وأبرزها قضية الاتهام الذي أصدرته محكمة أمريكية بالضلوع في قضية فساد ورشوة لإحدى شركات الاتصال الأمريكية لتعود بعد أيام وتبرئه.
وتعليقاً على ذلك قال السقاف: «أنا أوكد لك أن القضية استهداف لشخصه فأولاد صالح وأقاربه الذين كانوا يسعون للثراء لم يكونوا ضالعين فيها ولكن السماسرة من كانوا في الوسط وطبيعة الأنظمة العربية يلعب السماسرة دور الوسطاء وأحياناً ما يورطون الرؤساء وأبناء الرؤساء في زلاتهم كما أن المبلغ كان مثيراً للسخرية أصلاً»، .. مضيفا: «مهما كانت المصالح التي تنشأ دائما حول السلطة ولا يوجد ما يمكن إثباته إلى القضاء مع أن الفساد بالمليارات يحدث وبشكل جلي».
الكفاح
ويقول القيادي في حزب المؤتمر ياسر اليماني في منشوراته: القائد أحمد علي عبد الله صالح رجل مخلص تحمل على عاتقه مسؤولية تاريخية وفي وقت عصيب وفي عمر مبكر مسؤولية عسكرية وسياسية في آن واحد.
وأضاف: لقد أبدع في تأسيس قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، كان له شرف عظيم في تأهيلها وجعل منها قوة ضاربة يعتز بها كل يمني ينتمي إلى اليمن فهو يتمتع بالحنكة في ظل الأزمة وكانت قواته بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها كل المؤامرات وتصدى للعديد من الخيانات ضد اليمن وأهله».
الربيع العربي
استمرت الحروب والتمردات لكن أحمد أثبت جدارة في دعم والده في تعزيز الأمن والاستقرار وتأمين خليجي 20 في نهاية عام 2010م وقبل اندلاع الربيع العربي في عام 2011م التي كانت اليمن واحدة من الدول المستهدفة، كانت هذه الرياح الجديدة متنفسا لخصوم أحمد علي عبد الله صالح سواء من القبائل أو العسكر نظراً لفرض أحمد رأيه على والده بإيقاف مخصصات القبائل وفرض سلطة الدولة.
الأحداث أسهمت في إظهار الشرخ القوي بين قطبي النظام علي عبد الله صالح وعلي الأحمر؛ فلقد عمد عسكر الأحمر والقبيلة إلى إعلان تأييدهم للثورة الشعبية الشبابية وتكفلهم بحمايتها، في حين أسندت مهمة حماية الشرعية الدستورية المناهضة للثورة لقوات أحمد وابن عمه يحيى ووزعت المهام الأخرى بين أبناء صالح وأبناء عمومتهم فالكثير من عامة الشعب كان ينتظر جنوح نجل صالح عن والده وتأييده للثورة أو انقلابه عليه لكنه لم يفعلها مع أن شقيقته بلقيس واجهت أباها وطلبت منه أن يسلم السلطة وأن يسمح لهم بالعمل في الجانب التجاري فقط ولم يستجب لها بل وجه أحمد بأن يأخذها ويسافر بها إلى ألمانيا حيث استثمارات الأسرة.
وفيما كانت المواجهات تشتعل في الحصبة بين أبناء الشيخ الأحمر من جهة وقوات الشريك العسكري اللواء علي محسن الأحمر وأحمد في ألمانيا تعرض علي عبد الله صالح لمحاولة اغتيال من خلال تفجير مسجد دار الرئاسة أثناء صلاة الجمعة في 3 من يونيو والتي نقل علي إثرها بطائرة إخلاء مع عدد من القيادات العسكرية إلى الرياض لكن عملية النقل لم تحدث إلا بعد أن وصل أحمد الذي التقى به في مطار صنعاء الدولي وكانا بين مغادر وعائد لتلقي الابن الحزين الغاضب من والده تحذيرات بعدم الإقدام على أي عمل عسكري والعمل على إيقاف العمليات العسكرية المتواصلة والتوصل إلى هدنة والخضوع والطاعة لنائب الرئيس في حينه الرئيس عبد ربه منصور هادي وهو ما التزم به.
مخاض السلطة
وكانت المبادرة الخليجية تعيش مرحلة مخاض لكن تلك الجهود نجحت في نوفمبر من عام 2011م في التوصل إلى حل نهائي ومخرج مشرف وأبعدت اليمن من الحرب الأهلية. وفي مرحلة ما بعد صالح تم إقصاء أحمد من المنظومة العسكرية التي بناها والمتمثلة بالقوات الخاصة وتوزيعها داخل فصائل وألوية الجيش اليمني، هذا القرار لقي امتعاضا من الكثير من أفراد الأسرة بعكس أحمد الذي اعتبره إجراء طبيعيا.
وقال أحد أقارب صالح: «الأسرة لم تعد تفكر بالسلطة ولا بالسياسة البتة ولا نريد أي مسؤوليات بمن فينا أحمد علي وموافقته على منصب سفير لليمن لدى الإمارات ما هي إلا إرضاء لمحبينا مع أنه كان رافضاً ويرى أن الحياة المدنية أفضل من الحياة السياسية والعسكرية التي تكبل الإنسان وتحمله مسؤوليات عظاما».
ففي تلك الفترة ظل أقارب صالح يرفضون تسليم مراكزهم لقرابة ثلاثة أشهر والمفاوضات مستمرة منذ صدور القرارات بداية عام 2012م، لكنهم في الأخير خضعوا لإرادة الدولة، أما أحمد الذي صدر قرار بإحلال قواته لم يكن معارضاً بل وأكد أن القرار إجراء طبيعي وهو تواق للمدنية ليخلع البزة العسكرية.
فحسب المعلومات كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأسرته وأعوانه أكثر قلقاً على مصير أحمد علي عبد الله صالح في تلك الفترة جراء قرارات الإقالات والتنقلات التي يصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي وهو ما دفع بصالح للاتصال بخلفه الرئيس عبد ربه منصور هادي لمناقشة مستقبل أحمد علي عبد الله صالح خاصة أن الحملات الإعلامية التي كانت تشن ضده تلمح إلى أن أحمد واللواء الأحمر سيكونان مستشارين له أو ما يطلق عليه في اليمن (معلقين أو مهملين)، لكن الرئيس عبد ربه منصور هادي أبلغ سلفه أنه ينظر إلى أحمد كأحد أبنائه ولا صحة لتلك التناولات الإعلامية فهناك مركز محترم سيسند لأحمد فلا داعي للقلق.
كان لقاء أحمد بقياداته للتشاور معهم في أبريل 2012م هي الفاصل وطالبهم بالتحلي بالصبر وعرض عليهم قناعته بأنه لم يعد يفكر بالعسكرية ولا بالسلطة قائلا: «أملنا في قدرة وحكمة الرئيس المشير عبد ربه منصور للاتجاه بالبلاد نحو المستقبل وواجبنا الوطني يقتضي أن نحمي وطننا وقائدنا ونسعى بكل ما أوتينا من قوة لتثبيت أركان السلام»، ولم تمض أيام قلائل من الشهر نفسه ليصدر هادي قراراً بتعيين أحمد سفيرا دائماً لليمن لدى الإمارات والذي لقي ترحيباً منه لكن والده الذي دائماً يقف عقبة أمام أحلامه وطموحاته رفضه ولذا ظلت المحاولات لقرابة خمسة أشهر من وسطاء محليين ودوليين وهي تتواصل معه وتعمل بشكل مستمر لإقناعه ووالده لتولي هذا المنصب.. كان عذر صالح أنه يريد أن يستغل فترة المدنية لتأهيله للترشح للفترة القادمة.
أحمد يومها أعلن عبر مقربيه وبرز بالزي المدني في مكتبه بمؤسسة الصالح «أنه لم يعد يرغب بالعسكرية وقد تخلص من هم كان يؤرق حياته وأنه وصف الحياة المدنية بالجميلة وقام بممارسة أعماله المدنية بالدوام في مؤسسة الصالح التي يرأس مجلس إدارتها».
مستشار الرئيس اليمني الحالي «السقاف» أعتبر أن عودة أحمد إلى الحكم نوعاً من المكايدات والابتزاز وفي الواقع لا يمكن أن يعود البتة في المرحلة القادمة، مبيناً بأن الاختفاء الإعلامي له ودور والده والخلافات التي دخلت فيها اليمن ليست في صالحه للعودة إلى الحكم، موضحاً بأن الحوار الوطني وضع قوانين وأسسا وشروطا تمنع القيادات العسكرية من الترشح لليمن إلا بعد عشرة أعوام من تركهم للعمل العسكري، مشيراً إلى أن اختفاء أحمد عن الإعلام يؤكد جديته في عدم رغبته بالسلطة أو سعيه لها.
ولا تزال قيادات في المؤتمر ترى أنها هي أولى بأن تكون بدلا عن أحمد في رئاسة اليمن فهناك هادي والإرياني والبركاني ينافسونه في حزب المؤتمر حالياً مع أن والده يدفع بدماء جديدة لقيادة الحزب الذي يوصف بالوسطية السياسية وأداة الوزن للديمقراطية في اليمن مع أحزاب أخرى منافسة.
ياسر اليماني يرى أن أحمد تعرض للمكر والطعن هو وقواته في الخاصرة، وهذا يعد إقصاء سياسيا؛ ففي حال بقائه في اليمن فإنه سيظل خطرا عليهم نظرا لحب الناس الكبير له وما يحظى به من مكانة سياسية واجتماعية في قلوبهم وعقولهم.
الكل في حديثي معهم أكدوا أن ترشيح أحمد علي عبد الله صالح لرئاسة اليمن في الفترة القادمة مستبعداً في ظل بقاء والده الذي دائماً يرى فيه الشخصية العاطفية والطيبة والخجولة التي لا تتوفر في أي رئيس لليمن يستطيع إدارة بلد عصيب وألفت على عقليات مثل والده الذي تجيد كل الوسائل والطرق التي تمكنه من التغلب على التحديات التي تواجه أي رئيس يمني.