معظم أسماء الأشخاص في ثقافتنا العربية تحمل إسقاطات اجتماعية أو إيديولوجية تعكس توجه أصحابها، أو توجه منطلقات مذهبية أو اجتماعية. والأمر في ظاهره يحمل حرية الاختيار، لكنه يعكس أحيانا حالة من التعبئة الذهنية ضد الآخر، وأحيانا لتأكيد هوية مذهبية أو قومية. وفي كل الأحوال لا يخلو أن يكون الاسم مفتاحا لمعرفة جزء من فضاء الشخصية، بل وفضاء المجتمع الثقافي.
في عصر ما قبل الإسلام اعتاد العرب تسمية أبنائهم بأسماء تدل على الغلظة والشدة والبأس مثل فهر وصخر وحنظلة ومرة وحرب، ويتخيرون ألطف الأسماء وأرقها لمواليهم مثل جوهر وفرح ورباح، ويعللون ذلك بقولهم (إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وموالينا لأنفسنا). فوراء أسماء الأبناء أحيانا شحنات من المواقف ضد الآخر، وافتراض العداوة، وتربية الفرد على أن يكون متحفزا بدلا من أن يكون متعايشا.
مع مجيء الإسلام، تهذبت الأسماء وداخلتها لمسة إنسانية ودينية تعكس الفضاء الثقافي للإسلام، وماتزال المجتمعات العربية تأخذ بهذا المبدأ من تسمية أبنائها بأسماء الرسل والأنبياء أو أسماء العبودية لله. وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم استقباحه لأسماء ونقلها لخانة الاستحسان. فسمى عاصية باسم جميلة، وسمى حزن باسم سهل، وقد رفض حزن أن يغير اسما سماه إياه أباه. أما زيد الخيل فقد استطاب ما استحبه الرسول وهو زيد الخير، وهذا المنحى يؤكد النزعة الإنسانية التي ينشدها الإسلام في أتباعه. وعليه، فبعض هذه التسميات التي استحبها الرسول منحازة لقيم الجمال والتفاؤل والاستبشار أكثر من كونها مجرد نزعة إيديولوجية تحدد هوية الشخص الدينية.
لم يدم هذا البعد الإنساني في التسميات، بل تكرست النزعة الإيديولوجية تبعا للاختلافات المذهبية. وأمكن بحكم هذه التسميات سهولة اختراق حجب المذهبيات والتعرف على انتماء الشخص المذهبي، وعليه يبدأ التغير في أنماط التعامل. وصار في حكم الأنساق الثقافية فواصل تبدأ بالاسم الدال على الهوية المذهبية أكثر من الدلالة المحايدة.
في العصر العربي الحديث ظهرت نزعة التسمية القومية تبعا للتعلق بالبطل الفرد، أو البطل المخلص. ففي خمسينيات وستينيات القرن العشرين استكثر العرب من تسمية أبنائهم باسم جمال تيمنا بشخصية الرئيس جمال عبدالناصر. وهذا النوع من التسميات يدل على شغف بالخلاص مثلته وعود عبدالناصر للعرب في تحقيق حلم الانتصار على العدو، والتنادي بحلم الوحدة العربية التي رآها العرب في عصره قاب قوسين أو أدنى. إذن فالشغف بالاسم لم يكن لذاته، بل بما يوحي به من انعكاس لشخصية جمال عبدالناصر القومية على المجتمعات العربية الطامعة في الوحدة.
وتكرر هذا التنادي القومي في شخصية صدام حسين، وإن على صورة أقل، حيث وجد فيه بعض العرب شخصية مخلصة، شخصية تنتصر للأنفة العربية. فكان اسم صدام مقدما على غيره. هذا النوع من التسميات يمكن أن يعزى لحالة العجز السائدة، ورغبة في الاحتماء، وتعلقا بالوعد أكثر من مجرد تسميات بريئة.
وولدت تبعية العرب للغرب موجة من التسميات الدالة على التأثر بالآخر الغربي تحت وطأة الانبهار، فجاءت تسميات مثل سوزان، وسالي، ولارا، وغيرها. ولعل أطرف ما في الأمر ورود التسميات ذات الطابع الغربي في حق الإناث أكثر من الذكور المسلمين، بل لا أكاد أذكر اسما من أسماء الذكور على صورة غربية. فعلام يدل قبول هذه التسميات الغربية للإناث دون الذكور؟! هل لشح في الأسماء التقليدية، أم لرغبة في الظهور بمظهر العصرنة، أم لجهل بما وراء الأسماء؟!
في الوقت الذي يتسمى فيه البعض بأسماء غربية، فإن هناك من يرى في التسميات الدينية على غير الطابع المذهبي فرصة لتأكيد الهوية الدينية دون الوقوع في الانحياز. فجاءت أسماء البنات على صيغ مختلفة مثل إيمان، وآية، وملاك، وتقوى، وغيرها من الأسماء. غير أن هناك ما يدل على عدم قبولها من قبل إدارة الأحوال رغم تسويغها شرعا. وهو ما شكل علامة استغراب لدى الكثير في ظل عدم وجود نص صريح في النهي عن هذه التسميات.
اختيار الاسم أمانة، وهو مسؤولية غير صاحبه، لكن من يحمل تبعاته ليس إلا صاحبه، ولعل أخطر ما في التسمية هو إسقاط مدلولات إيديولوجية قد تكون سببا في تنازع بين الذات واسمها.
في عصر ما قبل الإسلام اعتاد العرب تسمية أبنائهم بأسماء تدل على الغلظة والشدة والبأس مثل فهر وصخر وحنظلة ومرة وحرب، ويتخيرون ألطف الأسماء وأرقها لمواليهم مثل جوهر وفرح ورباح، ويعللون ذلك بقولهم (إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وموالينا لأنفسنا). فوراء أسماء الأبناء أحيانا شحنات من المواقف ضد الآخر، وافتراض العداوة، وتربية الفرد على أن يكون متحفزا بدلا من أن يكون متعايشا.
مع مجيء الإسلام، تهذبت الأسماء وداخلتها لمسة إنسانية ودينية تعكس الفضاء الثقافي للإسلام، وماتزال المجتمعات العربية تأخذ بهذا المبدأ من تسمية أبنائها بأسماء الرسل والأنبياء أو أسماء العبودية لله. وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم استقباحه لأسماء ونقلها لخانة الاستحسان. فسمى عاصية باسم جميلة، وسمى حزن باسم سهل، وقد رفض حزن أن يغير اسما سماه إياه أباه. أما زيد الخيل فقد استطاب ما استحبه الرسول وهو زيد الخير، وهذا المنحى يؤكد النزعة الإنسانية التي ينشدها الإسلام في أتباعه. وعليه، فبعض هذه التسميات التي استحبها الرسول منحازة لقيم الجمال والتفاؤل والاستبشار أكثر من كونها مجرد نزعة إيديولوجية تحدد هوية الشخص الدينية.
لم يدم هذا البعد الإنساني في التسميات، بل تكرست النزعة الإيديولوجية تبعا للاختلافات المذهبية. وأمكن بحكم هذه التسميات سهولة اختراق حجب المذهبيات والتعرف على انتماء الشخص المذهبي، وعليه يبدأ التغير في أنماط التعامل. وصار في حكم الأنساق الثقافية فواصل تبدأ بالاسم الدال على الهوية المذهبية أكثر من الدلالة المحايدة.
في العصر العربي الحديث ظهرت نزعة التسمية القومية تبعا للتعلق بالبطل الفرد، أو البطل المخلص. ففي خمسينيات وستينيات القرن العشرين استكثر العرب من تسمية أبنائهم باسم جمال تيمنا بشخصية الرئيس جمال عبدالناصر. وهذا النوع من التسميات يدل على شغف بالخلاص مثلته وعود عبدالناصر للعرب في تحقيق حلم الانتصار على العدو، والتنادي بحلم الوحدة العربية التي رآها العرب في عصره قاب قوسين أو أدنى. إذن فالشغف بالاسم لم يكن لذاته، بل بما يوحي به من انعكاس لشخصية جمال عبدالناصر القومية على المجتمعات العربية الطامعة في الوحدة.
وتكرر هذا التنادي القومي في شخصية صدام حسين، وإن على صورة أقل، حيث وجد فيه بعض العرب شخصية مخلصة، شخصية تنتصر للأنفة العربية. فكان اسم صدام مقدما على غيره. هذا النوع من التسميات يمكن أن يعزى لحالة العجز السائدة، ورغبة في الاحتماء، وتعلقا بالوعد أكثر من مجرد تسميات بريئة.
وولدت تبعية العرب للغرب موجة من التسميات الدالة على التأثر بالآخر الغربي تحت وطأة الانبهار، فجاءت تسميات مثل سوزان، وسالي، ولارا، وغيرها. ولعل أطرف ما في الأمر ورود التسميات ذات الطابع الغربي في حق الإناث أكثر من الذكور المسلمين، بل لا أكاد أذكر اسما من أسماء الذكور على صورة غربية. فعلام يدل قبول هذه التسميات الغربية للإناث دون الذكور؟! هل لشح في الأسماء التقليدية، أم لرغبة في الظهور بمظهر العصرنة، أم لجهل بما وراء الأسماء؟!
في الوقت الذي يتسمى فيه البعض بأسماء غربية، فإن هناك من يرى في التسميات الدينية على غير الطابع المذهبي فرصة لتأكيد الهوية الدينية دون الوقوع في الانحياز. فجاءت أسماء البنات على صيغ مختلفة مثل إيمان، وآية، وملاك، وتقوى، وغيرها من الأسماء. غير أن هناك ما يدل على عدم قبولها من قبل إدارة الأحوال رغم تسويغها شرعا. وهو ما شكل علامة استغراب لدى الكثير في ظل عدم وجود نص صريح في النهي عن هذه التسميات.
اختيار الاسم أمانة، وهو مسؤولية غير صاحبه، لكن من يحمل تبعاته ليس إلا صاحبه، ولعل أخطر ما في التسمية هو إسقاط مدلولات إيديولوجية قد تكون سببا في تنازع بين الذات واسمها.